Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ضبط الحدود اللبنانية - السورية غير ممكن مطلقا تهريبا ونزوحا

شكلت الفيديوهات الملتقطة لحركة التنقل بين الجهتين صدمة للرأي العام لكثافة أعداد الوافدين

ملخص

تتصدر قضية "دخول السوريين خلسة إلى لبنان عبر المعابر غير الشرعية المشهد الإعلامي والسياسي"

بعد مرور 12 سنة على اندلاع الأزمة السورية يشهد لبنان موجة لجوء ثانية يتخللها عبور آلاف السوريين خلسة إلى أراضيه عبر المعابر غير الشرعية، وبأساليب مبتكرة من المهربين، وخلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي 2023، بلغ عدد الموقوفين 22820 سورياً.

تمتد الحدود البرية اللبنانية - السورية على طول 378 كيلومتراً، وتتولى مهمة ضبطها من الجانب اللبناني أربعة أفواج تابعة للجيش اللبناني، وتعد الحدود الممتدة من العريضة إلى وادي خالد (شمال) المنطقة الأنشط لناحية عبور الآلاف خلسة عبر سهل عكار، وبصورة تصاعدية مقارنة مع باقي المناطق الحدودية الجبلية والوعرة جغرافياً. ومن أجل إطلاع الرأي العام بالصعوبات التي تعترض القوى العسكرية اللبنانية، نظم الجيش اللبناني جولة ميدانية لممثلي وسائل الإعلام المحلية والدولية، ونقلت حافلاته عشرات من المراسلين والمصورين إلى معبر "سامر أبو جحاش"، وهو أحد المعابر غير الشرعية الأكثر نشاطاً، إضافة إلى زيارة واحد من 40 برجاً مهيأة بدعم دولي لمراقبة الحركة على طول الحدود اللبنانية - السورية.

 

الجولة الميدانية على المعابر

بدأت الجولة من مركز القوة المشتركة لمراقبة وضبط الحدود - فوج الحدود البرية الأول التابع للجيش اللبناني في منطقة شدرا - عكار، والتي تبعد نحو ساعتين، شمال مدينة طرابلس، مركز محافظة شمال لبنان. وقبل الانتقال للمعاينة الميدانية لأنشط المعابر غير الشرعية عند نقطة "الشركة المتحدة" للدواجن، استعرض ضابط العمليات الرائد محمد صلاح الصعوبات التي يعانيها فوج التدخل الأول خلال عمله على الحدود ضمن 56 بلدة لبنانية، ومحاولة قمع عمليات التسلل، إذ إن هناك صعوبات بشرية ولوجيستية خارجة عن إرادة الجيش اللبناني. وأكد صلاح "تزايد أعداد النازحين السوريين غير الشرعيين بفعل الظروف الاقتصادية السيئة في بلادهم". وأشار إلى صعوبات في عمليات التقصي والملاحقة بفعل إقامة معظم السوريين في تجمعات سكنية، فيما توجد الأقلية منهم ضمن 15 مخيماً في نطاق حدود فوج التدخل البري الأول، وبحسب تقديرات الفوج، "يبلغ عدد السوريين في نطاق عمله 80 ألف سوري، وهو قريب من عدد المقيمين اللبنانيين البالغ 95 ألف لبناني ضمن قطاع عمل الفوج".

كثرة المعابر غير الشرعية

من ناحية ثانية، كان تشديد الرائد صلاح على التفاوت بين حجم الفوج والمساحة البرية الواجب حمايتها، وطبيعتها السهلة، حيث تمتد الحدود اللبنانية - السورية في عكار على طول 110 كيلومترات، وبسبب سهولتها، يمكن للمهربين إحداث فجوة في أي مكان وتحويلها إلى معبر غير شرعي للتهريب. في المقابل، فإن عدد عناصر الفوج يبلغ نحو 1200 عنصر، يوجد 600 منهم في الخدمة الفعلية اليومية لأن هناك قسماً من العناصر يستفيدون من الإجازات أو في التدريب، لافتاً إلى توزع العناصر على 31 مركزاً من ضمنها 10 أبراج مراقبة مجهزة بكاميرات متطورة نهارية وليلية حرارية.

 

وخلال العرض، أكد صلاح الحاجة إلى 10 أضعاف القوة الراهنة لضبط الحدود في الظروف العادية، قائلاً "بحسب المعدلات التكتيكية العسكرية، يغطي الفوج مساحة بين ثمانية إلى 10 كيلومترات في الأحوال الطبيعية، بالتالي فإن مساحة 110 كيلومترات تفترض وجود 10 أفواج"، أما في موضوع التوقيفات للداخلين خلسة، فقد تمكن الجيش من توقيف 20325 سورياً دخلوا خلسة الأراضي اللبنانية، خلال عام 2022، وفي الأشهر التسعة الأولى من عام 2023، أوقف الجيش عدداً أكبر، وبلغت التوقيفات 22820 سورياً، وفي أغسطس (آب) وحده، أوقف الجيش 8000 سوري.

ولمح الرائد صلاح إلى خطورة الفئة العمرية الشبابية للداخلين خلسة، "فهم في الغالب من فئة الشباب بين 18-25 سنة"، متطرقاً إلى إعادتهم إلى بلادهم عبر المعابر بالتنسيق مع جيش النظام السوري، ومشدداً على "التزام الجيش اللبناني القانون الدولي الإنساني وعدم إطلاق النار على المدنيين الأبرياء".

 

"إبداع المهربين"

وتضمن العرض إيجازاً في شأن أهم عمليات التهريب التي قام بها الجيش خلال أغسطس وسبتمبر (أيلول)، وتحدث الرائد صلاح عن "إبداع المهربين" في مقابل زيادة خبرة عناصر الحواجز على التدقيق في السيارات العابرة، فقد طور المهربون أدواتهم دونما نظر إلى خطورتها على حياة الهاربين إلى لبنان، فقد حاول أحدهم بتهريب مجموعة مؤلفة من 30 فرداً داخل صهريج للغاز، فيما قام آخر بتصميم شاحنة للتهريب من طبقتين، حيث وضع الأشخاص في الطبقة السفلى، وملأ الطبقة العلوية بالحجارة للتمويه، أو حتى القيام بتهريبهم من خلال "وضعهم تحت فرش السيارة".

"سامر أبو جحاش" الأكثر نشاطاً

وبعد استعراض الصعوبات التي يواجهها فوج مراقبة الحدود، انتقل المراسلون من ثكنة "شدرا" (شمال) إلى معبر "سامر أبو جحاش" للاطلاع على أعمال التهريب ميدانياً. خلال الطريق، نشهد التداخل الشديد بين الأراضي اللبنانية والسورية، نعبر في مشتى حمود ومشتى حسن وأجزاء من وادي خالد، وقبل الوصول إلى وجهتنا، نمر بمعبر شرعي في "جسر قمار"، حيث كانت الحركة خفيفة، ولا يوجد سوى بعض العابرين سيراً على الأقدام، وبعد دقائق وجيزة، نصل إلى معبر الشركة المتحدة حيث توقفت الحافلات، وترجل المراسلون واتجهوا في طريق وعرة يفترض عبور عمليات التهريب عليها، ووصلوا إلى نقطة النهر الكبير، حيث لا يحتاج أي شخص لأي جهد للعبور نحو الأراضي اللبنانية أو بالعكس. وأكد العميد الركن إلياس عاد مدير التخطيط للتواصل الاستراتيجي عدم وجود عوائق حدودية اصطناعية بين وادي خالد والقرى السورية المقابلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وسلط عاد الضوء على كيفية إعادة الموقوفين من خلال معبر "سامر أبو جحاش"، حيث يتركون هناك بعد الطلب إليهم العودة من حيث جاؤوا، علماً أن ليس هناك أي ضمانة بعدم عودتهم إلى لبنان. وأشار عاد إلى تنسيق مع جيش النظام السوري، "في إطار متابعة أي حوادث حدودية، حيث يوجد مكتب للتعاون والتنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري، أما بالنسبة إلى التنسيق على أعلى المستويات مع دمشق فهو رهن قرار السياسي من الحكومة اللبنانية".

وتحدث عاد عن المصاعب التي يواجهها الجيش اللبناني في مواجهة أعمال تهريب البشر "فالبعض منها يعود إلى قلة العنصر البشري، وآخر يتصل بالتضاريس وسهولة العبور، وبالتأكيد هناك العلاقات الاجتماعية المتداخلة وصلات القربى على طرفي الحدود"، وشدد على ضرورة تعزيز أوضاع الجيش اللبناني بالعدة والعديد، وإقامة البنى التحتية من أجل تعزيز وضع الجيش في مواجهة مهربين "يطلقون الرصاص باتجاه القوى العسكرية من أجل إنجاح عملياتهم"، مشيراً إلى مساعدات يحصل عليها الجيش اللبناني من الدول الأجنبية الصديقة لضبط الحدود البرية، لكنها تبقى غير كافية بسبب الأعداد الكبيرة للمتسللين".

أبراج متطورة بأعداد محدودة

وبعد المعاينة على الأرض، انتقلت الجولة إلى أحد أبراج المراقبة التي يديرها فوج التدخل البري الأول، وهو يقع قبالة بلدة بنى صخر اللبنانية، والتي تقع بدورها مباشرة إلى جانب تل كلخ السورية، وحدهما مجرى النهر وجسر سكة الحديد القديمة اللذان يمكن رؤيتهما من أعلى البرج الذي يعد واحداً من 10 أبراج يديرها فوج التدخل البري الأول، ومن ضمن 40 برجاً طورت بالتعاون مع بريطانيا، من أجل مراقبة الحدود البرية اللبنانية - السورية.

وشرح مصدر مطلع في المنطقة آلية العمل، فالأبراج مزودة بكاميرات نهارية وليلية حرارية، مرتبطة بغرفة عمليات تابعة لقيادة الجيش اللبناني، و"يمكنها التقاط الحركة بدقة متناهية على بعد 20 كيلومتراً، حتى خلال الليل وفترات الضباب"، ويتمكن الفوج من خلالها من مراقبة محاولات التسلل في الليل والنهار، ويحاول الاستجابة لها على قدر الإمكانات المتوافرة لديه، إما من خلال تسيير دوريات ثابتة وراجلة أو حواجز طيارة مفاجئة. وقال عن كيفية التعامل مع الموقوفين المتسللين "بعد توقيفهم، يتم استجوابهم، والتدقيق بهوياتهم، وضم بياناتهم إلى قاعدة البيانات، قبل إعادتهم إلى الجانب السوري". وأكد المصدر نفسه أن "الأبراج الـ10 غير كافية نظراً لطبيعة الحدود الطويلة والتضاريس السهلة في نطاق عمل الفوج"، مقراً "بأن العبور مسألة تاريخية، وهي موجودة بين مختلف الدول، وهو يحصل في الاتجاهين، وأحياناً قد نتغاضى مع العابرين بالاتجاه السوري لأنهم عائدون إلى بلادهم، ولكن نحرص للتشدد مع القادمين إلى لبنان لأنهم يتسببون في مشكلة داخلية".

المزيد من العالم العربي