Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خلاف بين لبنان ومفوضية اللاجئين عنوانه "الدولرة" وبيانات النازحين

ميقاتي يتهم "التيار الوطني الحر" بإثارة هذا الملف لتحويل الأنظار عن استحقاق انتخاب رئيس جمهورية

رجال من مديرية الأمن العام اللبناني يدونون معلومات عن نازحين سوريين عند إحدى النقاط الحدودية (أ ب)

ملخص

"دولرة" المساعدات للنازحين السوريين وداتا البينات ملفان إشكاليان بين مفوضية اللاجئين والسلطات اللبنانية

جاء قرار "دولرة" المساعدات النقدية للنازحين السوريين في لبنان، ليكشف بوضوح التباين في الرؤى حول آلية التعاطي مع هذا الملف الإنساني، بين موقف مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، والجهات الرسمية اللبنانية.

ما إن تكشَف قرار "دولرة" المساعدات النقدية التي يتقاضاها السوريون عبر المصارف اللبنانية من مفوضية الأمم المتحدة، حتى بدأت التساؤلات حول النوايا، والتوقيت، والخلفيات الكامنة ورائه. وانقسمت وجهات النظر بين من يعتبرها خطوة ضرورية، ونتيجة تلقائية لظاهرة الدولرة التي طاولت سائر النشاطات الاقتصادية في لبنان، وبين من يضعها في خانة تشجيعهم على البقاء رغماً عن بوادر الانفتاح السوري- العربي، وأثرها على التركيبة الديمغرافية اللبنانية المعقَدة.

ترافق القرار مع حالة من التخبط الحكومي، ومحاولة رفع المسؤولية، وبرزت النبرة العالية لوزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار، حيث أعرب عن سخطه، ورفضه للقرار الأممي. وفي أعقاب لقاءات تشاورية بين المفوضية الأممية والحكومة اللبنانية، وصولاً إلى صدور بيان عن المفوضية يعلن تعليق المساعدات بالعملتين.

جاء الإعلان الأممي في أعقاب لقاءات تشاورية مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والوزير حجار. وأشار بيان صادر عن المفوضية العليا للاجئين إلى استمرار المناقشات حول الآلية المناسبة الممكن إتباعها. كما جددت الأمم المتحدة إلتزامها بالمبادئ الإنسانية في دعم الحكومة اللبنانية لمساعدة أولئك الأكثر ضعفاً في كل أنحاء لبنان. وأكد الوقوف مع شعب لبنان وحكومته في ظل الأوقات الصعبة، و"تعزيز بيئة تعاونية في خدمة من هم في أمسَ الحاجة للمساعدة، بمن فيهم اللاجئين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في سياق متصل، أوضحت أوساط مفوضية اللاجئين في تصريحات صحافية أن المساعدات لن تتوقف بصورة كلية عن اللاجئين، وإنما سيستمر دفعها بالليرة اللبنانية من خلال المصارف التجارية. وتجدر الإشارة إلى أن المساعدة الشهرية، تصل في حدها الأقصى إلى 140 دولاراً لكل عائلة.

خلفيات القرار الأممي

في سياق متصل، عقد الوزير هيكتور حجار نهار الجمعة في 26 مايو (أيار) مؤتمراً صحافياً، وتضمن كلامه توضيحاً لبعض ملابسات قرار دولرة المساعدات. حيث تحدث عن تلقيه في شهر مارس (آذار) 2023 طلباً من الجهات الدولية المانحة للموافقة على رفع قيمة المساعدات من خلال "دولرتها"، بحجة وجود صعوبة في تأمين كميات كبيرة من السيولة النقدية بالليرة اللبنانية داخل ماكينات الصراف الآلي. ولفت إلى اختلاف في وجهات النظر مع المفوضية، التي أصرت على منح 40 دولاراً لكل لعائلة نازحة، و20 دولاراً إضافية لكل فرد، أي ما يوازي 140 دولاراً. فجاء الرفض اللبناني، من منطلق أن "المبلغ أكبر بكثير من راتب موظف فئة أولى في القطاع العام"، كما أن "الرأي العام اللبناني يرفض بغالبيته النزوح السوري، ويقارن بين المساعدات التي يحصل عليها النازحون وبين المساعدات البسيطة التي يحصل عليها اللبنانيون من البرنامج الوطني لدعم الأسر الكثر فقراً"، ناهيك عن المطالبة بتحريك عجلة العودة، ولأن "دولرة" المساعدات ستزيد التوتر بينهم وبين اللبنانيين على الأرض بحسب الوزير حجار.

وتساءل حجار عن كيفية صدور القرار في ظل رفض وزارة الشؤون الاجتماعية له، وهي المسؤولة عن الملف، و"من هي الجهات الرسمية ومن وقع وأين المستند الرسمي"؟   

لا علاقة لرئيس الحكومة

طاولت الاتهامات بسهامها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وبدأت معالم السجال حول "دولرة مساعدات اللاجئين"، عندما نقلت قناة "أل بي سي" عن مصادرها أن "رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وافق على دولرة المساعدات النقدية للنازحين السوريين في لبنان بناء على طلب مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة"، وبدء تطبيق القرار بناء لموافقة مصرف لبنان على طلب المفوضية.

وما هي إلا ساعات حتى تزايدت حدة الاتهامات حول خلفيات القرار، فما كان من الرئيس ميقاتي إلا أن أصدر بياناً عالي اللهجة، نفى فيه ما أسماه "مزاعم (التيار الوطني الحر) أن رئيس الحكومة وافق على دفع المساعدات المالية المخصصة للنازحين بالدولار الأميركي بناء على طلب المفوضية العليا للاجئين"، كما انتقد ميقاتي "التيار الوطني الحر" بإطلاق البالونات الإعلامية، لتحويل الأنظار عن المأزق الحقيقي بعدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وأضاف ميقاتي "إن زعم (التيار الوطني الحر) أن رئيس الحكومة يخضع لرغبات الخارج بإبقاء النازحين في لبنان مجرد افتراء لا يمت بصلة".

من جهته، يطالب النائب السابق علي درويش (المقرب من الرئيس نجيب ميقاتي) بعدم تسييس الملف، ووضعه في الإطار الصحيح لعدم الدخول في جدل لا حدود له، لافتاً إلى أن "القرار يعود لمفوضية اللاجئين وليس لأي جهة أخرى، لأنها المعنية بتقديم المساعدات للاجئين السوريين حصراً، وهي صاحبة الحق في تحديد العملة التي تدفع المساعدات على أساسها، والجهة اللبنانية تلعب دوراً مساعداً لأن الأموال ترصد من خلال منظمات الأمم المتحدة، وتحوَل إلى الحسابات المصرفية وفق الآلية المتبعة من خلال شبكة المصارف التجارية"، كما أن "القرارات ليست وليدة اللحظة، بل تمت في عهد حكومات سابقة، وليست في ظل الحكومة الحالية التي يرأسها ميقاتي". كما يدعو درويش الوزراء إلى مناقشة القضايا مع رئيس الحكومة بالمباشر، وليس من خلال الإعلام، لأن نهج السجال لا يوصل إلى نتيجة عملية لأي من الملفات العالقة.

يكرر درويش أن المستجد هو المطالبة بتعديل آلية العمل المعتمدة في صرف المساعدات، وتعديل كمية المبالغ التي تُدفع للسوريين. ولا يستبعد درويش وجود نوايا خارجية للضغط على الحكومة اللبنانية في ملف اللجوء السوري، لأن "ربما هناك رغبة لإبقائهم على الأراضي اللبنانية"، مطالباً بزيادة المساعدات للعائلات اللبنانية المحتاجة.

رداً على سؤال حول ورود حوالات المفوضية بالدولار "الفريش" من الخارج إلى مصرف لبنان، والمصارف التجارية، ومن ثم حق المستفيد سحبها وفق العملة الأصلية، يجيب درويش "في بعض الأحيان قد يدخل مصرف لبنان في تفاوض مع الجهات المانحة، ويشترط بأن يحصل الدفع بالليرة، وعوضاً عن سحب 100 دولار فريش، يسحبها وفق منصة "صيرفة" حيث الدولار يبلغ حالياً 86300 ليرة لبنانية"، كما أن القرار النهائي يعود للمفوضية لأنها صاحبة المبلغ، ولها الحق بتوزيعه، رافضاً حجة عدم وجود مبالغ كافية بالليرة اللبنانية لدفع المساعدات، لأن مصرف لبنان يمتلك كتلة هائلة من الأوراق النقدية بالعملة الوطنية التي سحبها من السوق خلال الفترة الماضية.          

البيانات والخلاف الدائم

يبدو أن هامش الخلاف بين مفوضية اللاجئين والحكومة اللبنانية في اتساع، ولا يقتصر على مسألة "دولرة" المساعدات للسوريين، وإنما يتجاوزه إلى موضوع أساسي، ألا وهو قاعدة البيانات بسبب وقف الدولة اللبنانية عملية التسجيل في 2015، فيما استمرت المنظمة الدولية بعملية التسجيل. وأخيراً تكررت مطالبة عدد من المسؤولين اللبنانيين بضرورة أن تسلم المفوضية البيانات، وفي مقدمهم وزير الداخلية بسام مولوي عندما تحدث في 5 مايو الجاري، عن رفض منح إقامات للنازحين السوريين في لبنان، مكرراً مطالبته بتسليم الداتا لأنه قرار سيادي. من جهته، يؤكد الوزير هيكتور حجار في اتصال هاتفي، أن الحكومة اللبنانية لم تتسلم بعد قاعدة بيانات النازحين من مفوضية الأمم المتحدة، رافضاً الخوض في آليات الضغط الممكنة التي تمتلكها الحكومة اللبنانية.   

اقرأ المزيد

المزيد من الأخبار