Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تستطيع المنظمات الدولية إيقاف جرائم "طالبان"؟

انتهاكات جسيمة ارتكبتها الحركة بأفغانستان تشمل جرائم ضد الإنسانية وتحرشاً جنسياً

أفغانيات يحملن لافتات مناهضة لحكومة طالبان في إسلام آباد (أ ف ب)

ملخص

تقارير أعدها المقرر الخاص لحقوق الإنسان في أفغانستان خلال العامين الماضيين تحدثت عن انتهاك حقوق الإنسان والقتل والاعتقال والتعذيب والتحرش الجنسي

في العامين الماضيين خلصت جميع اجتماعات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حول أفغانستان إلى حقيقة واحدة مفادها أن "طالبان" انتهكت جميع قيم حقوق الإنسان وأنها ارتكبت جرائم ضد الإنسانية. وفي الاجتماع الدوري الأخير لمجلس حقوق الإنسان الذي عقد بحضور المقرر الخاص في أفغانستان ريتشارد بينيت، دان الأخير بشدة انتهاك حركة "طالبان" حقوق الإنسان.

بينيت قال إن الانتهاكات التي ترتكبها حركة "طالبان" تؤثر بشدة في حقوق وفرص وكرامة النساء والفتيات الأفغانيات، مطالباً الحركة بتغيير سياساتها القمعية والسماح للنساء بالعمل والتجارة والتعليم.

جميع التقارير، التي أعدها المقرر الخاص لحقوق الإنسان في أفغانستان ونشرها خلال العامين الماضيين، كانت تتحدث عن انتهاك حقوق الإنسان والقتل والاعتقال والتعذيب. ونظراً إلى تركيز هذه التقارير على الجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات التي خطط لها والممنهجة التي تستهدف حقوق الإنسان في أفغانستان من قبل حركة "طالبان"، فإن دور مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مهم ومؤثر للغاية.

ولهذا يمكن لمجلس حقوق الإنسان ومن خلال إنشاء آلية مستقلة بالتوازي مع عمل المقرر الخاص لحقوق الإنسان في أفغانستان، أن يساعد في ضمان المساءلة عن التحرش الجنسي وغيره من التمييز الممنهج الواسع في هذا المجال.

وبالنظر إلى الأوضاع الجديدة في أفغانستان، وسع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في عام 2022 مهام المقرر الخاص بأفغانستان، لتشمل تقصي الحقائق والتحليل القانوني والطب الشرعي وحقوق النساء والفتيات والأقليات والتعليم والتحقيق في حالات التعذيب وحقوق الأطفال وترجمة الوثائق وجمع المعلومات والأدلة وغيرها من القضايا الأخرى.

ولم يكن لدى أي مقرر خاص لحقوق الإنسان مثل هذه المهام والموارد المالية والوظائف والتحقيق، وهذا يظهر جلياً أن أوضاع حقوق الإنسان في أفغانستان مزرية وغير معقولة.

وأدت التقارير الكثيرة للمقرر الخاص لحقوق الإنسان في أفغانستان إلى رفع الستار عن عديد من الجرائم التي ترتكبها حركة "طالبان". وكشفت هذه التقارير عن عديد من عمليات القتل الجماعي واعتقال المواطنين وتعذيبهم بتهم واهية وحرمان المرأة من جميع حقوقها. وأظهرت هذه التقارير أن حركة "طالبان" خلافاً لمزاعمها بإعلان العفو العام واحترام حقوق الإنسان، فإنها ليست صادقة ولم تلتزم أياً من هذه القيم الإنسانية.

المحكمة الجنائية الدولية

ومن ناحية أخرى فإن المحكمة الجنائية الدولية ومن خلال مكتب المدعي العام تستطيع أن توثق القضايا التي تعتبر جرائم ضد الإنسانية ومحاسبة حركة "طالبان". وبالنظر إلى أن أفغانستان هي من الدول الموقعة على اتفاقية روما وأن المحكمة الجنائية الدولية تحقق حالياً في الوضع بأفغانستان، فمن الممكن اعتبار سلوك حركة "طالبان" وتصرفاتها بأنها جريمة ضد الإنسانية.

واستناداً إلى الأدلة الموجودة وتقارير مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في أفغانستان، فإن الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها حركة "طالبان" خلال العامين الماضيين تندرج في إطار الجرائم الإنسانية والتحرش الجنسي. ومن ثم فإن الإجراءات التي ترتكبها حركة "طالبان" إلى جانب الإجراءات التمييزية السابقة ضد النساء والفتيات التي فرضتها الحركة، يمكن تقييمها على أنها تحرش جنسي.

منذ سيطرة "طالبان" على أفغانستان راقب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة سلوك حركة "طالبان" بشكل دقيق ومنتظم من خلال عقد عديد من الاجتماعات والمؤتمرات. وكانت الإجراءات التي اتخذها المجتمع الدولي رداً على سلوك حركة "طالبان" وتصرفاتها معتدلة ومرنة تقريباً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم اعتقاد المجتمع الدولي أنه من الممكن تغيير "طالبان" سلوكها وتصرفاتها مع مرور الوقت، فإنه ومع الأسف الشديد في العامين الماضيين لم نر أي تحسن في مجال حقوق الإنسان في أفغانستان، بخاصة في ما يتعلق بحقوق المرأة. وفي العامين الماضيين كثفت حركة "طالبان" من سياساتها وتصرفاتها التقييدية تجاه المرأة وحقوقها.

وفرضت حركة "طالبان" سياسات شديدة للغاية في التمييز بين الجنسين، وبررت هذه السلوكيات والقرارات بالادعاء بأنها متوافقة مع الشريعة الإسلامية.

وفي هذا السياق أظهرت التحقيقات التي أجراها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أنه في الفترة من 18 سبتمبر (أيلول) 2022 إلى مايو (أيار) 2023، أصدرت حركة "طالبان" 50 مرسوماً ضد الحقوق والحريات المتعلقة بالنساء والفتيات الأفغانيات ونفذتها جميعها، كما أظهرت هذه الفترة من سيطرة الحركة أن أفغانستان مقبلة على مزيد من التضييق على الحريات الفردية، وإضعاف المساواة بين الجنسين.

ولعل إدراك العواقب المحتملة لهذا الوضع ومعالجتها أمر مهم للغاية بالنسبة إلى المجتمع الدولي، كما يتحمل المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية مسؤولية ضمان عدم تحول هذه السلوكيات والتصرفات الرجعية إلى أمور طبيعية. من المؤسف أن الخطوات التي اتخذها المجتمع الدولي لهذه اللحظة لم تكن كافية للتعامل بفعالية مع التحديات القائمة ولم تتمكن من إرغام حركة "طالبان" على تغيير سلوكها وتصرفاتها.

وعليه يتحمل كل من مجلس حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية الدولية المسؤولية عن حث المجتمع الدولي بقوة على اتخاذ جملة من التدابير العقابية ضد حركة "طالبان" وقادتها، وإلا فإن السلوك الذي تتبعه هذه الحركة في تعاملها مع حقوق الإنسان لن يتغير أبداً.

نقلاً عن "اندبندنت فارسية"

المزيد من متابعات