Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مواجهات عنيفة في الخرطوم وأم درمان ونيالا

"الوضع العسكري يتأرجح بين التصعيد والركود وكل طرف يحتفظ بمناطق سيطرته"

الجيش السوداني صدّ هجوماً استهدف معسكر المهندسين في منطقة العيلفون شرق الخرطوم (أ ب)

تتواصل المواجهات في السودان بين طرفي الصراع، الجيش وقوات الدعم السريع، ويستمر القصف الجوي المتبادل والمكثف والعنيف في مدينتي الخرطوم وأم درمان.

وبحسب مصادر عسكرية فإن "مسيرات الجيش السوداني نفذت، أمس الخميس، غارات جوية على مواقع قوات الدعم السريع في أحياء الشجرة وجبرة والصحافة الواقعة في محيط سلاح المدرعات، فضلاً عن المدينة الرياضية وأرض المعسكرات جنوب الخرطوم، وكذلك أحياء الرياض والطائف شرق العاصمة مما تسبب في انفجارات قوية، فيما ردت الأخيرة بقصف مدفعي استهدف مقر الفرقة التاسعة مظلات التابع للجيش شمال أم درمان، إضافة إلى قصفها الحارة 61 بالثورة شمال أم درمان، الأمر الذي أدى إلى سقوط جرحى بين المواطنين".

وأشارت المصادر نفسها إلى أن الجيش السوداني صد هجوماً على معسكر المهندسين التابع له في منطقة العيلفون شرق الخرطوم نفذته قوة من "الدعم السريع" كانت تهدف إلى السيطرة، وتم تدمير عدد من المركبات القتالية التابعة للقوة المهاجمة.

وفي كردفان ذكر شهود بأن الفرقة العاشرة التابعة للجيش السوداني بجنوب كردفان صدت هجوماً قادته قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو على منطقة مرنج التابعة لمحلية قدير، وكبدت تلك القوات المهاجمة خسائر في الأرواح، إلى جانب الاستيلاء على عدد من الأسلحة الثقيلة.

معارك في نيالا

وفي دارفور، أدت اشتباكات عنيفة وقعت أمس بين الجيش و"الدعم السريع" في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور إلى مقتل سبعة مدنيين وإصابة 10 آخرين. ووفقاً لمصادر طبية فإن الإصابات وقعت في حي الجبر شمال غربي المدينة وأن المعارك تواصلت لليوم الثاني على التوالي.

وبينت تلك المصادر بأن تجدد هذه الاشتباكات في هذه المدينة من وقت لآخر منذ اندلاع الحرب، في منتصف أبريل (نيسان)، يأتي في إطار المحاولة الحثيثة من قبل قوات الدعم السريع للسيطرة على مقر قيادة الجيش فيها.

في حين أشار شهود إلى هدوء الأحوال في مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور، حيث بدأت الأسواق تعمل بنسبة 85 في المئة في ظل وجود وفرة في المواد والسلع الاستهلاكية والبترولية، لكن تعطل المصارف عن العمل تسبب في إيجاد أزمة سيولة مما سبب معاناة كبيرة بخاصة بالنسبة إلى شريحة المعاشيين.

وتابع الشهود "هناك مشكلات في الجانب الصحي فالمستشفيات والمراكز الصحية العامة محدودة للغاية وتعمل بدوام جزئي، فضلاً عن انقطاع الكهرباء والمياه في ظل ارتفاع حالات الإصابة بالملاريا وظهور إصابات بحمى الضنك".

تصفية بالرصاص

في الأثناء أثار فيديو بثته قوات الدعم السريع يظهر أفراداً سمتهم بكتائب حزب المؤتمر الوطني المحلول يصفون ثلاثة من جنودها بعد عصب أعينهم وإجبارهم على النزول إلى حفرة، جدلاً واسعاً وسط عامة السودانيين في مواقع التواصل الاجتماعي، كما تبادل طرفا النزاع الاتهامات بالتورط في هذه الحادثة البشعة.

وأبان المتحدث باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبدالله أن قوات الدعم السريع قتلت أسرى للجيش بدم بارد، ونشرت مقطعاً مصوراً لقواتها بزي القوات المسلحة في محاولة تضليل مكشوفة.

وأكد المتحدث في بيان له أن الجيش ليس له علاقة بالفيديو من جهة مكان التصوير وأسلوب المتحدثين الذي يشير بوضوح إلى أنهم من عناصر "الدعم السريع". مضيفاً "الحقيقة أن الأسرى الذين تمت تصفيتهم هم جنود يتبعون للقوات المسلحة قامت الميليشيات بأسرهم في أوقات سابقة"، فيما قالت قوات الدعم السريع إن "هذه الجريمة ترقى إلى مستوى جرائم حرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، وأنها تمت على أساس عرقي، ومحاولة لتحويل الصراع إلى حرب أهلية شاملة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضحت، في بيان على منصة "إكس"، أن "عملية التصفية الجسدية التي نفذتها العناصر الإرهابية وهي تردد التكبير والتهليل عمل إرهابي بكل ما تحمل الكلمة من معنى، يعيد إلى الأذهان جرائم داعش التي تحمل ذات الطابع، كما تكشف خطورة الخيارات المتعمدة التي تتجه لها قوات الجيش وكتائب المؤتمر الوطني بتحويل البلاد إلى ساحة إرهاب بعد خسارتها للحرب التي أشعلتها".

وحض البيان على إدراج حزب المؤتمر الوطني وكتائبه المتطرفة ضمن قوائم الإرهاب الدولية، وملاحقة قياداته باعتبارهم مجرمي حرب.

مؤشر خطر

من جهته أكد المركز الحقوقي الموحد في السودان أنه يتقصى حول ملابسات حادثة التصفية بالرصاص، مبيناً أن حالات تصفية مشابهة وقعت من طرفي النزاع مما يعد مؤشراً خطراً لوصول مستويات العنف إلى مراحل مروعة.

وحث المركز في بيان له قيادة الجيش على التحفظ على الأفراد الذين ظهروا في المقطع والتحقيق في الحادثة، وفقاً للإجراءات القانونية المتبعة وإعلان نتائج التحقيق وتقديمهم للعدالة.

وحمل البيان قيادتي طرفي النزاع مسؤوليتهم بالكامل عن كل الانتهاكات المرتكبة بواسطة أفراد يعملون تحت إمرتهم بموجب القانون الدولي الإنساني، منوهاً بأن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم وأن ملاحقة أطرافها من الشأن الدولي.

ونوه البيان بأن هذه الحادثة تعد جريمة مثل حالات مشابهة أخرى ارتكبها طرفا النزاع في سياق خطابات التعبئة والكراهية القائمة على أسس اجتماعية وجهوية وقبلية، مما يؤكد وجود كارثة إنسانية كنتيجة حتمية لانفلات آلة العنف.

وحذر من أن الإعدام خارج نطاق القضاء يعد تعسفاً وجريمة محظورة ويخالف العهود والاتفاقات الدولية الداعية لمراعاة قواعد الشرف الحربي عند الاستسلام.

كر وفر

وحول تطورات ومسار العمليات العسكرية، فضلاً عن الأوضاع الحياتية والحلول السلمية لهذا الصراع، قال أستاذ الاقتصاد السياسي في الجامعات السودانية الحاج حمد لـ"اندبندنت عربية" أن "الوضع العسكري طوال فترة الستة أشهر من الحرب ما زال يتأرجح بين التصعيد والركود لأن العمل الجاري لم يلامس المناطق الاستراتيجية، لذلك كل طرف محتفظ بمناطق سيطرته من دون أن يكون هناك تغيير لصالح أي طرف، وغالب المعارك عبارة عن كر وفر".

وواصل حمد "اعتاد السودانيون سواء السياسيين أو العسكريين على الاعتماد على الخارج في حل خلافاتهم، وواضح أن الوساطة الدولية المتمثلة في منبر جدة الذي ترعاه السعودية والولايات المتحدة كشفت عن أنه كان هناك تعنت من قبل طرفي الحرب، والحقيقة أن الوساطة قدمت كل ما تستطيع أن تقدمه في هذا المنبر، لكن المؤسف أن الوسطاء السودانيين الآخرين كانوا في حالة من التحزب إما لطرف العسكريين أو الدعم السريع، ومن ثم لم يعودوا وسطاء وليس بإمكانهم التحرك إلا من خلال الخطوط الحمراء التي يضعها كل طرف، وظلت الوساطة التي دعمتها كل المنظمات والهيئات الدولية والمبادرات الإقليمية الأخرى مجمدة بسبب غير مقنع".

وزاد أستاذ الاقتصاد السياسي "على رغم الأوضاع المأسوية التي يمر بها سكان مدن العاصمة الثلاث الذين تراوح عددهم حالياً ما بين 30 و35 في المئة من إجمالي السكان، فإن هناك حالة من التآلف والتواصل الاجتماعي العالي داخل أحياء هذه المدن، وأبرز الإشكاليات تتمثل في صعوبة توفر مخدمي الخدمات عند انقطاع خدمات الكهرباء والمياه بسبب العمليات العسكرية المستمرة، فضلاً عن نقص الإمداد في المواد الغذائية".

المزيد من متابعات