ملخص
يضم 240 عملا لـ 23 رساما من أجيال مختلفة ويقدم صورة شاملة عن الأساليب
تُشير كلمة سكتش "Sketch" إلى الرسوم التي تلتقط الجوهر أو العناصر الأساسية في الموضوع، وهي رسوم تتسم غالباً بأداء مختزل وسريع. لا تقتصر كلمة سكتش على الرسم فقط، بل تشمل مجالات أخرى كالغناء والمسرح أو حتى الكتابة، لكنها تحتفظ رغم اختلاف هذه الوسائط، بدلالتها التي تعني التمثيل السريع أو الاستكشاف الأولي أو غير النهائي.
وفقاً لهذا المعنى قد يبدو السكتش عملاً غير مكتمل، أو مجرد مرحلة أولية في سبيل إنجاز عمل آخر أكثر أهمية. يتسرب بلا شك من هذا المفهوم شعور غير مريح، فالمعنى هنا يحوم حول دلالات التبعية أو الانتقاص من مكانة هذه الرسوم. ولكن، إذا كان السكتش عملاً غير مكتمل، فما هو العمل المكتمل؟ وهل يوجد أصلاً؟ ألا يمكن أن تكون هذه الرسوم السريعة المختزلة أكثر صدقاً وحيوية من أخرى صيغت بتمهل ومهارة؟
هذه الاسئلة وغيرها قد نعثر لها على إجوبة بين هذه التجارب الفنية التي يستضيفها غاليري أفق 1 في متحف محمد محمود خليل وحرمه في القاهرة حتى 20 الشهر المقبل. يقام المعرض تحت عنوان "سكتش" ويضم أعمالاً لـ 23 من الفنانين المصريين. 240 عملاً فنياً ترسم معاً خارطة لعدد من الأساليب المتبعة لرسم السكتش. يصاحب العرض كتاب مصور يضم مجموعة من النصوص النقدية للكُتاب والنقاد المتخصصين في الكتابة الفنية، يعرضون رؤيتهم حول طبيعة السكتش كممارسة إبداعية مستقلة.
معرض "سكتش" هوغير نمطي كما يصفه البيان المصاحب للأعمال، وهو يطرح إشكالية الوعي بالاصطلاح وتفسيره وماهيته وانعكاسه على التجربة الإبداعية للفنانين المشاركين.
في هذه الرسوم السريعة قد تكفي بضع خطوط لتسجيل الفكرة أو الشكل، فلا يحتاج الفنان لكثير من الجهد أو الإعداد، لإبراز العناصر الرئيسية. يتيح له هذا الأمر أن يطلق ليديه العنان، من دون مبالغة في تجنب المحاذير أو الالتزام المفرط بالقواعد. على الفنان فقط امتلاك المهارة اللازمة لضبط حدود المشهد، أما التفاصيل الدقيقة فلا أهمية لها، أو يمكن إضافتها وتأكيدها لاحقاً. المهم هنا اقتناص تلك الأفكار والمشاعر العابرة قبل تسربها من الذاكرة.
قد يوظف الفنان في سبيله إلى ذلك، أقلام الفحم أو الرصاص أو حتى الألوان المائية، أو أي خامة أخرى قد يراها مناسبة وسهلة الاستعمال. بعد الانتهاء من عمل السكتش يبرز سؤال آخر مُلحّ حول دور هذه الرسوم. يحدد هذا السؤال وجهتنا في التعامل مع السكتش أو تصنيفه في حقيقة الأمر. فقد يكون هذا السكتش مجرد عصف ذهني أو بصري أو مقدمة لعمل آكثر دقة، أو قد يمثل كذلك عملاً مستقلاً في نظر الفنان وليس تهيئة لعمل آخر.
تبرز هنا مسألة آخيرة تحدد علاقتنا بهذه الرسوم، ومتى يمكننا التعامل مع السكتش كمحتوى مستقل، وليس مقدمة أو تهيئة لعمل آخر أكثر اكتمالاً. قبل الخوض في هذه المسألة علينا أن نضع في الاعتبار أولاً ما تحمله كلمة الاكتمال من معنى مراوغ. فهذا الاختزال والتقشف في التعبير لا يساويان النقصان، بل يمكن أن يكونا مرادفين للاكتمال، أو كما قال أبو حامد الغزالي: "إن نقص الكون هو عين كماله"، وبلاغة اللغة والتعبير في وفرة الكلمات. من المهم أيضاً ملاحظة أن التعامل مع السكتش كعمل فني مستقل، يختلف من فنان لآخر، وتلعب طبيعة السكتش والسياق الذي تم تقديمه فيه، دوراً في تحديد مكانته كعمل مستقل. قد يمتلك السكتش بعض الصفات الجمالية التي تجعله آسراً وجذاباً من الناحية البصرية، كأن تعكس الرسوم مهارة الصياغة والحبكة في التعبير، أو تشي الخطوط بحالة تعبيرية خاصة ولافتة. هناك الكثير من السمات الأخرى التي تضفي على السكتش قيمة فنية متفردة، كالنجاح في نقل المشاعر الفورية والتعبير الخام الذي قد لا نجده في الأعمال الفنية الأكثر دقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على أي حال، سواء كان السكتش غاية أو مجرد مرحلة في عملية الإبداع، فهو يعكس بلا شك المهارة والقدرة على التعبير الفوري المتدفق. ورغم تواصل اتساع حدود هذا التعبير البصري يظل السكتش يلعب دوره الذي لا غنى عنه في التقاط الشرارة الأولية للإبداع، كما يظل وسيلة لا غنى عنها للتعبير والتجريب والاكتشاف.