Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العلاقة شبه الخفية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية تهدد بإسقاط حكومة نتنياهو

حافظت على علاقات بدأتها حكومة لابيد – بينيت بل قدمت لعباس أكثر من ذلك

سموطرتش وبن غفير خلال مشاركتهما في إحدى الجلسات السابقة للكنيست (أ ف ب)

ملخص

يرى مسؤولون أمنيون أن نقل المعدات القتالية والدفاعية لأجهزة أمن السلطة، يلبي بالأساس مصلحة إسرائيل، إذ سيساعد الجانب الفلسطيني في التنسيق الأمني الحاصل بين الطرفين

أثيرت زوبعة سياسية – أمنية – إعلامية أخيراً في إسرائيل، يقف خلفها وزيرا الأمن القومي، إيتمار بن غفير، والمالية، بتسلئيل سموطرتش، وذلك في أعقاب الكشف عن نقل السلطات الإسرائيلية 1500 قطعة سلاح إلى السلطة الفلسطينية، ما وضع العلاقة بين حكومة بنيامين نتنياهو والسلطة الفلسطينية أمام سؤال كبير حول مدى عمقها، وما إذا كانت الحكومة الحالية استمرت بتنفيذ إجراءات وخطوات بدأتها الحكومة السابقة بقيادة يائير لابيد ونفتالي بينيت، ومن جهة أخرى عكست عمق الصراع الداخلي في حكومة نتنياهو المتوقع أن يؤدي إلى حل الائتلاف القائم وإسقاط الحكومة، كما هدد بن غفير وسموطرتش.

وفي استعراض سريع لخطوات وتصريحات وقرارات صدرت بمصادقة نتنياهو، منذ مطلع العالم الحالي، يتبين أن الحكومة الحالية ليس فقط حافظت على هذه العلاقة، بل في بعض المجالات قدمت أكثر مما فعلت حكومة لابيد – بينيت، وأبرز ما فيها لقاءات القمة بين مبعوثي نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس في العقبة وشرم الشيخ بوساطة أردنية ومصرية وأميركية، وبمشاركة رئيس مجلس الأمن القومي، تساحي هنغبي ورئيس الـ"شاباك"، رونين بار، وهي لقاءات اعتبرها الخبير السياسي، يارون افراهام، "غير اعتيادية لحكومة اليمين وتعكس علاقة مهمة بين الطرفين ما كان يمكن لحكومة لابيد- بينيت من الناحية السياسية، أن تعقد مثلها".

استبدال مدرعات وليس نقل أسلحة

وفور الكشف عن نقل أسلحة من إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية، خرج وزراء اليمين المتطرف في الحكومة وفي مقدمتهم بن غفير وسموطرتش بحملة تحريض ضد نتنياهو، اعتبروا خلالها أنه يتخذ خطوات وقرارات مناقضة لاتفاقيات الائتلاف. أما بن غفير، الذي استشاط غضباً ولم يكتف بالتحريض على نتنياهو واتهمامه بمخادعتهم، فراح يطلق تهديدات بتفكيك الحكومة.

"نقل وسائل قتالية لمخربي السلطة الفلسطينية"، كرر بن غفير مراراً في تعليقه على تقرير نقل الأسلحة، لكن نتنياهو الذي ما زال يحتاج إلى بن غفير في ائتلافه، إزاء المعركة القضائية التي يخوضها، حاول تهدئة الأجواء، فأعلن أن "هناك خطأ، كل ما تم نقله هو مدرعات حديثة تم استبدالها بمدرعات قديمة وهي تنفيذ لقرارات حكومة لبيد - بينيت". وأثار هذا التصريح غضب بن غفير أضعاف ما كان عليه واعتبره من أخطر الخطوات التي تقوم بها إسرائيل، كما زاد من غضبه بيان وحدة تنسيق أعمال الحكومة في الضفة، الذي نفى أن تكون الحكومة الإسرائيلية نقلت أسلحة للسلطة الفلسطينية. وأورد البيان رداً على المزاعم حول نقل 1500 قطعة سلاح، إن "ما نقل هذا الأسبوع، كانت ثمان مركبات مدرعة، بناءً على طلب الأميركيين، لاستبدال مركبات مدرعة خرجت منذ وقت سابق عن قيد الاستخدام".

في المقابل، وبعد تهديده بالاستقالة وعدم التصويت في الكنيست إلى جانب مشاريع قوانين واقتراحات للحكومة، طالب بن غفير رئيس الحكومة بأن يتعهد بصوته، بأن "ما نشر عن نقل وسائل قتالية غير صحيح وإلا ستكون لذلك مضاعفات خطيرة جداً". وقال موجهاً حديثه إلى نتنياهو "إذا تنوي السعي إلى حكومة أوسلو 2، فرجاء أطلع وزراءك والجمهور وسنعمل بما يتناسب مع ذلك". 

وأوضح بن غفير ووزراء ونواب حزبه أنه يجب إسقاط السلطة الفلسطينية التي تديرها "منظمة إرهاب"، وفق تعبيرهم.

وعلى رغم جهود نتنياهو لإخفاء حقيقة التعاون الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، إلا أن تصريحات وقرارات اتخذت تشير إلى أن إسرائيل ترتبط بتعاون أمني مع السلطة الفلسطينية "بل وتطالبها بالقتال ضد منظمات الإرهاب"، على حد تعبير مسؤول أمني إسرائيلي أضاف أن "هذه العلاقة ضرورية كمصلحة مشتركة لإسرائيل والسلطة، إذ لا بديل لإسرائيل عن السلطة الفلسطينية، ومن دونها ستضطر لأن تحل محلها وعملياً أن تحتل المناطق وتدير حياة السكان فيها. مثل هذا النشاط الأمني للسلطة لا يمكن تنفيذه بالعصي والحجارة، بل يحتاج إلى سلاح وعتاد عسكري وقدرات استخبارية".

كما نقل عن محافل أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى قولها إن "هناك ضرورة لإعطاء السلطة الفلسطينية هذه الأدوات بشكل محدود ومراقب، وفي الوقت نفسه تعظيم مكانتها الجماهيرية من خلال المساعدة والتعاون الاقتصادي". وأضافت هذه المحافل أن "هدف هذا التعاون، كما أوضحت إسرائيل في أفعالها وسياستها على مدى السنين، ليس إقامة دولة فلسطينية، بل السماح باستمرار الاحتلال دون حمل عبئه المدني. السلطة الفلسطينية ليست ساذجة وليست عمياء عن سياسة إسرائيل، لكن هي أيضاً تفهم أنه في هذا الوقت لا يوجد بديل واقعي، عسكري أو سياسي، لهذا النوع من التعاون".

انهيار السلطة ممنوع

الخلافات الواضحة منذ أشهر بين بن غفير وسموطرتش من جهة، وبين نتنياهو وزير الدفاع يوآف غالانت من جهة أخرى، تدعمهما الأجهزة الأمنية، تدور حول ما إذا كان يجب منع انهيار السلطة الفلسطينية كما يريد نتنياهو ومن يدعمه، أم القضاء عليها "لأنها سلطة تديرها منظمة إرهابية"، وفق بن غفير.

والموقف الداعي إلى عدم انهيار السلطة الفلسطينية اقتصر بشكل علني على تصريحات لنتنياهو أو مسؤولين أمنيين، ورافقته في كثير من المرات تهديدات باتخاذ إجراءات متطرفة ضد السلطة الفلسطينية والفلسطينيين، ولكن ما كان يجري داخل الاجتماعات ويتم تنفيذه بصمت هو أكثر من ذلك بكثير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في شهر يونيو (حزيران) الماضي، سرب أحد المشاركين في جلسة لجنة الخارجية والأمن في الكنيست قول نتنياهو، "نحن بحاجة إلى السلطة الفلسطينية، ممنوع السماح بانهيارها"، وبعد أقل من شهر وإثر جلسة للمجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينيت) أعلن نتنياهو أنه "في غياب تغيير التقييم القومي، ستعمل إسرائيل على منع انهيار السلطة الفلسطينية".

إلى جانب ذلك، هناك خطوات اقتصادية ومدنية تقررت في قمتي العقبة وشرم الشيخ، ونفذتها حكومة نتنياهو وأبرزها زيادة عدد العمال الفلسطينيين القادمين من غزة الذين يدخلون إلى إسرائيل بأكثر مما كان عليه خلال حكومة لابيد – بينيت حين تجاوز 18 ألف عامل فلسطيني.

وصادقت الحكومة على تطوير حقل "غاز مارين" في غزة وتعمل اليوم لإقامة منطقة صناعية جديدة للفلسطينيين في ترقوميا، وتبحث في إعادة منح تصاريح VIP لكبار مسؤولي السلطة.

ولعل أبرز ما في الخطوات التي يتخذها نتنياهو وداعموه خلافاً لبن غفير وسموطرتش هو الوعد الذي قدمته إسرائيل أخيراً للإدارة الأميركية بأنها ستعمل على تنفيذ خطوات اقتصادية داعمة للفلسطينيين حتى نهاية السنة، فيما عارض ذلك بن غفير وسموطرتش.


أزمة جديدة تلوح في الأفق

وفي سياق نقاش التعاون الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، استغل بن غفير الأجواء ليطرح من جديد قراراته التي يطالب بتنفيذها بحق الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، معلناً أنه "لم يعد ملتزماً الائتلاف الحكومي برئاسة بنيامين نتنياهو".

واشترط بن غفير وحزبه "عوتسما يهوديت" العودة إلى الائتلاف الحكومي، بالموافقة على القرارات وفي مركزها، تقليص عدد الزيارات للمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وزيادة الاكتظاظ في الزنازين، وتقليص البضائع المسموح لهم بشرائها بخاصة المتعلقة بالنظافة الشخصية، تقييد التنقل بين الأقسام، وإلغاء الطهي الذاتي، وتقليص إدخال اللحوم، وتقليص فترة الفرصة اليومية التي يخرج خلالها الأسرى إلى ساحة السجن.
هذه الخلافات الداخلية كما يراها سياسيون وخبراء "تشكل أزمة جديدة وتزيد من الشرخ داخل الحكومة وتهدد مستقبلها"، ففي حين يصر بن غفير على تنفيذ مطالبه ويهدد بالاستقالة، قرر المجلس الوزاري الأمني المصغر بأكثريته "عدم إجراء أي تغيير على أوضاع المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية". كما قرر استكمال مناقشة ملف المعتقلين الفلسطينيين بعد الأعياد اليهودية، التي تنتهي مطلع الشهر المقبل.

لم يتوقف الدعم الأمني

وأشار تقرير أمني إسرائيلي نقلته مصادر أمنية عقبت على الاحتجاج على نقل أسلحة للسلطة الفلسسطينية، إلى أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة كانت تنقل أسلحة للسلطة الفلسطينية، وبعض ما جاء في التقرير:

في عام 2007، حين كان إيهود أولمرت رئيساً للحكومة وعمير بيرتس وزيراً للأمن، نقلت ألف بندقية كلاشنيكوف إلى السلطة الفلسطينية.

في عام 2018 خلال ولاية نتنياهو في رئاسة الحكومة وأفيغدور ليبرمان في وزارة الأمن، نقل 530 مسدساً.

في عام 2021، خلال ولاية نتنياهو وولاية نفتالي بينيت في رئاسة الحكومة وبيني غانتس كوزير للأمن، نقل 30 مسدساً إلى السلطة الفلسطينية.

 خلال ولاية لبيد – بينيت في رئاسة الحكومة، العام الماضي، نقل 100 مسدس إلى السلطة الفلسطينية.

ويرى المسؤولون في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن "نقل المعدات القتالية والدفاعية لأجهزة أمن السلطة، يلبي بالأساس مصلحة إسرائيل، إذ سيساعد السلطة الفلسطينية في التنسيق الأمني الحاصل بين الطرفين".

وكانت قيادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والاستخبارات العسكرية والـ"شاباك"، قد قدمت توصية للحكومة "بنقل المعدات العسكرية التي تساعد السلطة الفلسطينية داخلياً وتزويدها بمركبات مدرعة وذخائر وأسلحة غير فتاكة تستخدم لتفريق التظاهرات، وخوذات واقية وسترات مضادة"، بحسب ما نقل مسؤول أمني.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط