Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأقليات القومية في إيران والاتهام بالولاءات الخارجية

حول النظام المناطق الكردية إلى ساحة قتال وحرب خاصة وأن مخاوفه كانت في أعلى مستوياتها لجهة أن مهسا أميني تنتمي إلى القومية الكردية

 إيرانيات في وقفة احتجاج أمام قنصلية إيران في إسطنبول (أ ف ب)

ملخص

ي ذكرى مقتل مهسا أميني حسن فحص يحلل كيف يتعامل النظام الإيراني مع حراك مدن الأطراف

بعيداً من العاصمة طهران والمدن الرئيسة في الداخل الإيراني، وما شهدته من احتجاجات وتظاهرات بعد مقتل الفتاة الكردية مهسا أميني، فقد تحولت مدن الأطراف والتي تعتبر مراكز أو عواصم محافظات الأطراف، وموطن الشعوب والقوميات المختلفة والمتنوعة التي يتشكل منها النسيج الاجتماعي والبشري الإيراني، إلى ساحة للمواجهة بلغت مراحل متقدمة من العنف المتبادل، ومارس فيها النظام أعلى مستويات القمع والعنف انطلاقاً من كون احتجاجات الأطراف تحمل أبعاداً تهدد استقرار النظام ووحدة أراضيه، كون هذه المناطق والمحافظات، وبناء على قراءة النظام وأجهزته، شكلت تاريخياً، وتشكل دائماً، الخاصرة التي تمر عبرها أجهزة الاستخبارات الخارجية للدول العدوة للنظام الإيراني، التي تعمل على استغلال الأقليات القومية والدينية لتنفيذ مشاريعها وأهدافها التآمرية للقضاء على النظام الإسلامي.

وانطلاقاً من هذه القراءة أو الرؤية، لم تخرج الرواية الرسمية للأحداث التي شهدتها محافظات الأطراف، سواء في خوزستان أو كردستان أو سيستان وبلوشستان عن نظرية المؤامرة وتوجيه الاتهام بمروحة واسعة لأجهزة استخبارات دولية أميركية وبريطانية وإقليمية وإسرائيلية وكردية عراقية بلعب دور سلبي في تأجيج واستغلال هذه الاحتجاجات للقضاء على النظام أو إضعافه وجره إلى تقديم تنازلات مؤلمة على المستويين الداخلي والإقليمي تتعلق بمناطق نفوذه، ومشاريعه الإقليمية، وطموحاته النووية والصاروخية.

وإذا ما كانت المؤسسة والأجهزة الأمنية بادرت مبكراً، ومع اندلاع حركة الاحتجاج، إلى حشد أعداد كبيرة من قواتها وعناصرها وألوية "حرس الثورة الإسلامية" في محافظة خوزستان ومدينة الأحواز العربية، كخطوة استباقية لقطع الطريق على أي تحرك كبير قد تشهده هذه المنطقة، بخاصة وأن ذاكرة النظام لم تنس حينها الحراك المطلبي الذي تحول مواجهات مفتوحة قبل عام من حادثة مهسا ومقتلها، على خلفية ما تعرضت له هذه المحافظة من أزمات اقتصادية ومعيشية وحرمان من المياه، الذي راكم الحرمان والإهمال التاريخي. فإن النظام في المقابل لم يتردد باستخدام القوة والعنف وشتى أساليب الحرب النفسية والاجتماعية والفتنوية في التعامل مع احتجاجات محافظة سيستان وبلوشستان، بخاصة وأن هذه الاحتجاجات أكثر تعقيداً من غيرها، لطبيعة تكوينها المركب من بعدين قومي – بلوشي ومذهبي – سني والذي يرفع مستوى التحدي أمام هذه الأجهزة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بخاصة وأن الجماعة البلوشية لا ترى في طهران والنظام القائم فيها امتداداً طبيعياً لها، وإن كانت قد رضيت بالتعايش معه في الجغرافيا الإيرانية، إلا أن امتداداتها العرقية والقومية والمذهبية متأثرة بدول الجوار التي تشكل لها العمق الطبيعي الديني والقومي. والتحدي الذي خلقه حراك سيستان وبلوشستان للنظام، أجبره على إدخال تغيير في آلية تعاطيه وتعامله مع هذا الإقليم وأهاليه، والانتقال من سياسة الإهمال التي اعترف بها المرشد الأعلى التي مارستها الحكومة المركزية في التعامل مع مطالب واحتياجات الأهالي الاقتصادية والإنمائية والحياتية، إلى سياسة الاهتمام بالحد الأدنى بهذه المطالب في محاولة لامتصاص حالة النقمة والاعتراض التي تتراكم وتتزايد بين قيادات هذه المحافظة الدينية والاجتماعية وحتى الاقتصادية.

العسكرة

في المقابل، فإن الخيار الوحيد الذي استخدمه النظام في التعامل مع الحراك والاحتجاجات التي شهدتها محافظات ومناطق انتشار وسكن القومية أو الشعب الكردي، لم تختلف عن الخيار التاريخي الذي تعاملت به الحكومة المركزية سواء في زمن النظام الملكي السابق أو نظام الثورة، أي الخيار الأمني والعسكري والعنف المسلح والقمع الشديد.

وقد حول النظام المناطق الكردية إلى ساحة قتال وحرب، بخاصة وأن مخاوفه كانت في أعلى مستوياتها لجهة أن مهسا أميني التي قتلت في العاصمة طهران على يد شرطة الأخلاق التابعة للنظام تنتمي إلى القومية الكردية وابنة محافظة كردستان ومدينة سقز فيها، الأمر الذي حول هذه المحافظة ومدنها ساحة قتال بين قوات "حرس الثورة" التابعة لمقر حمزة في مدينة أروميه والمتخصص في قمع وملاحقة القوى الكردية السياسية أو الأحزاب المعارضة، وبين هذه الأحزاب التي لا تخفي معارضتها للنظام في طهران بغض النظر عن طبيعته الملكية أو الإسلامية، وطموحها بالانفصال وتشكيل دولة كردية موحدة تضم أجزاء من إيران وتركيا والعراق وسوريا، وسعت مبكراً وبالتزامن مع حركة قاضي محمد وإعلانه لجمهورية مهاباد عام 1946، لتحقيق هذا الحلم، إلا أن المعادلات الدولية لم تكن لمصلحة هذا الطموح ما سمح للشاه حينها بقمع هذا الحراك وإعدام قاضي محمد.

والطموح الكردي لم يتراجع حتى بعد تغيير النظام الملكي، إذ شهدت إيران حراكاً كردياً مبكرا بعد انتصار الثورة على مستويين، الأول انفصالي بقيادة حزب "كوملة" والحزب "الديمقراطي الكردستاني الإيراني"، والثاني مطلبي تحت سقف الدستور يسعى إلى الحصول على الحقوق الأساسية ودستورية اللغة الكردية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والحريات الدينية والسياسية والتعددية الحزبية، إلا أن الرد أو جواب طهران لم يكن غير القمع والتعامل الأمني والعسكري.

هذا الأسلوب أو النهج الأمني في التعامل مع المنطقة الكردية وشعبها ارتفعت وتيرته مع الاحتلال الأميركي للعراق وتشكيل النظام الفيدرالي الجديد الذي أعطى لأكراد العراق حكماً فيدرالياً في ظل حكومة اتحادية في بغداد، وهو أسلوب كان محكوماً بالخوف من تمدد التجربة العراقية الى الإقليم الكردي الإيراني، لذلك نجد أن الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي يعلن بشكل صريح عشية التغيير في العراق موقفاً حازماً وصريحاً حول مستقبل الوضع الكردي في الإقليم، مؤكداً أن "الأكراد هم جزء لا يتجزأ من الدول التي ينتمون لها" في رفض حاسم لأي مشروع توسعي للإقليم الكردي العراقي وتأكيد بأن ايران ستتعامل مع هذا التوجه بحزم وقوة ولن تسمح به.

من هنا وجد النظام في طهران المدخل إلى توجيه الاتهام لحكومة إقليم كردستان العراق بقيادة مسعود بارزاني بمحاولة اللعب بالاستقرار الإيراني الداخلي من خلال الدعم والتسهيلات التي تقدمها للأحزاب الكردية الإيرانية الانفصالية، وأنها تعمل على تنفيذ مشروع أميركي إسرائيلي لضرب النظام وإطاحته. 

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل