ملخص
نعم لتعامل بريطانيا مع الصين ولكن بحذر ووضوح.
لعل مسألة التعامل مع الصين تشكل قضية شائكة بالنسبة لريشي سوناك. والحال أن رئيس الوزراء واجه انتقادات من بعض كبار المحافظين الذين اعتبروا أنه يذهب بعيداً في السعي لإرساء علاقة مع بكين، نظراً إلى التهديد الذي تشكله، ولكن بالنسبة إلى المملكة المتحدة، ثمة فوائد اقتصادية واضحة في الحفاظ على الحوار مع الحكومة الصينية.
وفي هذا الإطار، يعد اعتقال باحث برلماني على خلفية الاشتباه في قيامه بالتجسس لصالح بكين بمثابة تذكير بضرورة أن ترسم المملكة المتحدة حدوداً واضحة، وأن تقول علانية متى يتم تجاوز أحد الخطوط. ويبدو أن السيد سوناك يعتقد أنه فعل ذلك على هامش قمة "مجموعة الـ20" في الهند، عندما واجه رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ مباشرة وأعرب عن "مخاوفه الكبيرة في شأن التدخل الصيني في الديمقراطية البرلمانية في المملكة المتحدة". ويبدو أن السيد لي رد بالقول إنه من الواضح أن الزعيمين لديهما "اختلافات في الرأي" خلال المحادثة التي استمرت 20 دقيقة، والتي تطرقت أيضاً إلى ملفات أخرى مثل التجارة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
سيدرك السيد سوناك جيداً "التحدي" الذي تشكله الصين، وهو المصطلح الذي يفضل استخدامه بدلاً من "التهديد". وقد حذر تقرير صادر عن هيئة مراقبة التجسس في البرلمان، وهي لجنة الاستخبارات والأمن، في يوليو (تموز) من أن بكين تستهدف المملكة المتحدة "بكثرة وبقوة". وفي العام الماضي، أصدرت MI5 أيضاً تحذيراً أمنياً نادراً، محذرة النواب من تورط جاسوس صيني مشتبه فيه في "أنشطة تدخل سياسي" نيابة عن بكين.
مثل هذه الأحداث دفعت صقور الصين مثل سير إيان دنكان سميث إلى الاعتقاد أن بكين تمثل "تهديداً منهجياً"، وأن السيد سوناك وحكومته ساذجون. سير إيان ليس مخطئا في الإشارة إلى أن أمننا القومي هو أولويتنا، وأن جرأة الصين المطلقة في تنفيذ مثل هذه الأنشطة تتجاوز المسموح به. وأفاد سوناك: "أعتقد أن الخطوة الصحيحة تكمن في اغتنام الفرصة للتحدث عن المخاوف على وجه التحديد" بدلاً من "الابتعاد عن الخطوط الجانبية"، وهذا في غاية الإنصاف، طالما أن موقف المملكة المتحدة ينجح بالفعل في ردع بكين.
كما سبق وكتبنا، فإن الصين، كونها قوة عظمى صناعية وتكنولوجية وعسكرية، هي ببساطة أكبر من أن نتجاهلها، وأقوى من أن نحاول التنمر عليها، وأهم من أن نسيء التعامل معها، لكن يجب أن يكون خط ما هو مقبول واضحاً تماماً لكلا الجانبين، إضافة إلى عواقب تجاوزه.
لم يكن الموضوع بهذا الوضوح لدى وزير العدل، أليكس تشالك، عندما اضطر إلى تصحيح نفسه لاستخدامه مصطلح "تهديد" في بداية مقابلة أجراها صباح يوم الأحد مع "سكاي نيوز"، "كان رئيس الوزراء واضحاً جداً: عندما يتعلق الأمر بالصين، فهو تهديد محدد للعصر... تحدٍّ، سامحني... لذلك علينا بالطبع أن نأخذ الأمر على محمل الجد".
لا يمكن تحقيق كثير خارج القاعة التي تجري فيها المناقشات، وهذا هو السبب ليدافع سوناك عن رحلة وزير الخارجية جيمس كليفرلي الأخيرة إلى الصين، لكن الأمر لا يعني أن التهدئة هي خيارنا الوحيد. فالبيان المشترك الصادر عن قمة "مجموعة الـ20" في نهاية هذا الأسبوع لم يدن بشكل مباشر روسيا لغزوها أوكرانيا، على رغم بيان صادر عن اجتماع سابق، في بالي في نوفمبر (تشرين الثاني) وردت فيه الإدانة. لم تكن كييف على وجه الخصوص سعيدة بإظهار مثل هذا الضعف، ودعم سوناك للبيان باعتباره "قوياً جداً" يسيء إليه، كما يسيء إلى "مجموعة الـ20" بأكملها.
عندما يتعلق الأمر بالصين، يجب أن يكون سوناك في القاعة لتوضيح موقف المملكة المتحدة. عليه فقط التأكد من أنه يرفع صوته بدرجة كافية، وأنه يدعم كلماته بإجراءات واضحة، ليس أقله من خلال ضمان أن بروتوكولات الأمن البريطانية مشددة في جميع مجالات الحياة العامة، من أجل إحكام المراقبة على طموحات بكين الأكثر شناعة.
© The Independent