Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل لا يزال الفن يصنع الجمال في عصر التجارة والربح؟

مروان خوري: من يفكر بالمال فقط سيستمر لفترة قصيرة ثم ينتهي ويخسر كل شيء

 الفن وسيلة للتعبير عن الأفكار والأحاسيس من خلال الإبداع والتميّز (pixabay)

ملخص

هل نعيش في عصر تغلب عليه الأهداف التجارية؟

الفن رسالة راقية وهو لغة الشعوب المشتركة التي تتخطى كل الحواجز والفئات والخلافات.  

للفن أثر عميق على النفس البشرية وله مغزى في الحياة وهو وسيلة للتعبير عن الأفكار والمشاعر والأحاسيس من خلال الإبداع والتميز والأصالة، فلا شك في أننا عندما نرى أي قطعة فنية، أو أي مشهد فني، أو نقرأ قصيدة، أو نستمع إلى قطعة موسيقية، غالباً ما تتحرك مشاعرنا تجاه ما نتلقاه، مما يخلق في داخلنا إحساساً يختلف بين شخص وآخر، كل بحسب تجاربه وذكرياته.

هل ما زال الفن رسالة في هذا العصر الاستهلاكي الذي نعيشه، وسط سيطرة الأعمال الفنية التجارية على كل القطاعات الفنية فيما بات الربح المادي هو الأساس؟ من هنا أخذنا رأي عدد من الفنانين العرب للتعبير عن وجهة نظرهم من خلال تقييمهم للفن ما بين الماضي والحاضر.

عالم جميل

وقال الفنان اللبناني مروان خوري، صاحب الأرشيف المليء بالأحاسيس الصادقة التي تغلغلت في قلوب ووجدان المستمعين في العالم العربي من خلال ألحان وكلمات جسدت مشاعر الحب إن "ما يحدد ماهية الفن، رسالة كان أو لا، شخصية الفنان نفسه لأنه حتماً شخص مؤثر بالناس، فهم عندما يحبونه يتأثرون بما يقدمه، ومن هذا المنطلق لا بد من أن يصبح هدفه أبعد من الموسيقى"، مضيفاً أن "الموسيقى هي مثل أي عمل مسرحي، أو مسلسل، أو فيلم، بمعنى أن الإنسان الذي يسمع أغنية أو يشاهد فيلماً يسافر من الواقع إلى عالم آخر جميل".

وبالنسبة إلى تفسيره للفن عموماً يؤكد خوري أن "الفن هو صناعة الجمال وتحويل الواقع إلى أمر خيالي جميل، كما من الممكن أن ينقل الواقع بطريقة مميزة ويحوله إلى قطعة فنية ممتعة، يكون الهدف الأساسي الترفيه عن الناس ليشعروا بالراحة. وهنا النقطة الأساس، فعندما يصبح الفنان مؤثراً يجب عليه أن يحول فنه إلى رسالة يسعى من خلالها إلى بث رسائل إنسانية واجتماعية وعاطفية بسبب المسؤولية التي تُلقى على عاتقه من قبل جمهوره، وهذا قرار الفنان. أما من جهتي، فأنا أعتبر أن فني قادر أن يسهم في تغيير الذوق العام لأن دور الفنان يشبه دور أي مسؤول في الدولة، ومن خلال أعماله يمكنه أن يؤثر في المجتمع سلباً أو إيجاباً".

وبما أننا نعيش في عصر تغلب عليه الأهداف التجارية، سألنا مروان خوري، كيف يتعايش مع السائد؟ فأجاب "أن يتحول الفن إلى ربح مادي فهذا أمر طبيعي، فكل شيء أصبح مادياً واستهلاكياً، فما بالنا بالفن. صناعة السينما مثلاً قائمة على الربح المادي، فإذا لم تعد الأفلام بأرباح للمنتج فلا يمكن لشركات الإنتاج أن تستمر، إنما تبقى الخطورة في أن يصبح الهدف مادياً بحتاً، عندها يسقط الفن ومعه الفنانون نحو الهاوية"، وأردف أن "أي فنان يفكر بالمال فقط سيستمر لفترة قصيرة ثم ينتهي ويخسر كل شيء في مسيرته ويفقد مصداقيته لدى الجمهور فالجمهور في النهاية يبحث عن الفن الحقيقي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رسالة مجتمعية

أما الفنانة الخليجية بلقيس سفيرة "يونيسف" في العالم العربي التي تقدم باستمرار أعمالاً تحمل طابعاً إنسانياً ومليئاً بالرسائل، فلها وجهة نظر في ما إذا كان الفن فعلاً رسالة وتقول إن "مبدأ أن يكون الفن رسالة أو لا فهذا يختلف من فنان إلى آخر. هناك فنانون اعتمدوا الفن رسالة مؤثرة في المجتمع، وأخذوها على محمل الجد، وهم يعملون عليها. أما من ناحيتي، فأحرص دائماً على أن تكون أعمالي المصورة حاملة رسالة مجتمعية، ومنها ما كان يحمل مواضيع عن خيانة المرأة وعن الأم وتمكين المرأة، ومعظم أعمالي المصورة مجتمعية هادفة".

أما طغيان الطابع التجاري على الفن فتعتبره بلقيس خطأ، وتقول "لا شك في أن الفنان يعيش من خلال فنه ولكن هناك عدداً من الفنانين يسيطر على أعمالهم الطابع التجاري البحت لظنهم أنهم قد يصلون بطريقة أسرع إلى الناس. أما من ناحيتي كسفيرة ليونيسف الخاصة برعاية الأطفال، فأقوم بمهمات رسمية عدة خدمة لمجتمعي. لِذا كل فنان حر في مسيرته، فإذا اختار تقديم رسالة فنية أو قرر جمع الأموال فقط فهذا أمر شخصي".

الموسيقار المصري عازف الأورغ هاني مهنا الذي كان له مشوار طويل مع عبدالحليم حافظ وطلال مداح ووردة الجزائرية وفايزة أحمد وسميرة سعيد وغيرهم، وكان نقيباً للمهن الفنية في مصر، يشرح طبيعة الفن من وجهة نظره قائلاً: "الفن وُلِدَ ليكون رسالة مهمة هدفها بناء الإنسان، سواء كان ذلك من خلال الموسيقى، أو الغناء، أو الدراما التلفزيونية والسينمائية، كلها تخلق إنساناً صاحب بنية بشرية عظيمة، إنما وجود سلبيات في الفن فهو أمر طبيعي مثله مثل بقية القطاعات، وسلبيات الفن تكون بأن يقتنص بعضهم الفرصة لتقديم أعمال مسيئة لدرجة تثير الفضول عند الناس ليطلعوا عليها، لكن حتماً هدفها هو الربح السريع".

التأثير الإيجابي

ويضيف "الفن الأصلي والكلاسيكي هو رسالة مميزة، وإذا أردت أن أعطي مثالاً للتأثير الإيجابي للفن فنجد أن أغنية فيروز ’بحبك يا لبنان‘ التي غناها ملايين البشر في كل أنحاء العالم، جعلتهم يحبون لبنان من خلال هذه الأغنية، وأيضاً أم كلثوم كانت تبعث برسائل في أعمالها هدفها بناء الإنسان ومداعبة الوجدان. فالفن الأصيل هو رسالة راقية وبناءة".

أما الملحن والموزع الموسيقي المصري محمد رحيم الذي تعاون مع أهم النجوم العرب وأبرزهم عمرو دياب ونوال الزغبي وأنغام وإليسا وحسين الجسمي وآخرين، فيؤكد أن "الفن رسالة مهمة جداً على المستويات كافة التاريخية والاجتماعية والإنسانية، وأنا أرى هذا الأمر في أعمال فنية كثيرة قامت بتوحيد الشعوب، ولي أعمال نجحت في مصر والوطنين العربي والغربي. أما على مستوى أفكار الأغنيات، فمن الممكن أن أُصيغ أُغنية تحلّ مشكلة أسرية".

ورداً على سؤال حول إذا كان الترفيه يندرج في إطار الرسالة الفنية، يقول "طبعاً الترفيه يصب في خانة الرسالة، فالإنسان يعيش منغصات كثيرة في حياته، فضلاً عن الحروب والخلافات والاختبارات الصعبة. وإذا استطاع الفنان أن يرفّه عن المستمع ويبعده من كمية الضغوط التي يعيشها بأغنية جميلة أو لوحة أو فيلم أو مسرحية، وينقله إلى عالم خيالي، فهذا أمر ممتاز"، مضيفاً "أصبحنا نعيش في عالم تجاري ومادي بحت في مختلف المجالات، وإنما الأعمال التجارية التي تُقدم باسم الفن فلا يجب أن يكون هدفها الأساسي الربح فقط، إذ بالإمكان إنجاز عمل يكون قريباً من الشارع الشعبي ليستمتع به الناس ويكون في الوقت نفسه بعيداً من الإسفاف والابتذال".

اقرأ المزيد

المزيد من فنون