Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس تفاوض أنقرة لعلاج عجز الميزان التجاري

الحكومة لوحت خلال مناسبات عدة بتعليق العمل باتفاق التجارة الحرة مع تركيا لما له من أضرار

بلغ العجز التجاري 422 مليون دولار بنهاية مايو (أيار) الماضي (اندبندنت عربية)

ملخص

  تطالب تونس بدعم نفاذ صادراتها إلى السوق التركية وتكثيف استثمارات أنقرة في مقابل استمرار الاتفاق

تكافح تونس من أجل ضغط عجزها التجاري، ومن ذلك انطلاق مراجعة اتفاق التبادل التجاري الحر مع تركيا الذي وصف بـ "غير المتكافئ".

وقال المدير العام للتعاون الاقتصادي والتجاري بوزارة التجارة التونسية لزهر بنور لـ "اندبندنت عربية" إن بلاده بصدد مراجعة اتفاقها التجاري مع تركيا بهدف خفض ثقل العجز التجاري إلى أقصى حد مع الجانب التركي على خلفية تأثيره السلبي في الاقتصاد.

وكشفت المديرة العامة للتجارة الخارجية بوزارة التجارة درة البرجي أن تونس لوحت خلال مناسبات عدة بتعليق العمل باتفاق التجارة الحرة مع تركيا حماية لإنتاجها الوطني.

وكان وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد تحدث عن إعادة النظر في الاتفاق، قائلاً إنه "من حق تونس مراجعة شروط شراكتها مع أنقرة لمعالجة الخلل في الميزان التجاري بين البلدين".

مفاوضات مع تركيا

وكانت وزيرة التجارة وتنمية الصادرات كلثوم بن رجب قزاح التقت في يونيو (حزيران) الماضي سفير تركيا لدى تونس شاغلار فهري شاكيرالب وناقشت معه "أهمية العمل على تعديل الميزان التجاري الذي يتسم بعجز كبير لمصلحة تركيا من خلال مراجعة اتفاق التبادل الحر بين البلدين"، وفق بيان لوزارة التجارة ذكر أن الوزيرة دعت إلى "ضرورة دعم الصادرات التونسية وتسهيل نفاذها إلى السوق التركية، فضلاً عن تكثيف الاستثمارات التركية في تونس، لا سيما في إطار الشراكة في عدد من القطاعات الواعدة".

ووقعت تونس اتفاق التجارة الحرة مع تركيا عام 2005 وتمتعت بمقتضاه جميع المنتجات الصناعية بالإعفاء الكامل من الرسوم الجمركية، بينما تعفى المنتجات الفلاحية حتى سقف معين، لكنه أضحى يثير الانتقادات بعد أن أصبح الميزان التجاري يعاني عجزاً كبيراً مع هذا البلد اضافة إلى الصين وروسيا حتى بلغ مع أنقرة 1.3 مليار دينار (422 مليون دولار) بنهاية مايو (أيار) الماضي.

واستوردت تونس عام 2022 بضائع بقيمة 4.7 مليار دينار (1.5 مليار دولار) من أنقرة، في حين لم تتجاوز الصادرات التونسية إلى تركيا مليار دينار (322 مليون دولار)، وهو ما نتج منه عجز قيمته 3.7 مليار دينار (1.19 مليار دولار)، فيما لا تمثل الواردات المفصح عنها الكميات الحقيقية بسبب دخول جزء ضخم من السلع إلى الأسواق التونسية خارج المسالك القانونية المهيكلة.

ويطالب اقتصاديون ومهنيون في ظل محدودية موارد الدولة من العملات بفعل تعطل التمويل الأجنبي بالتركيز على السوق الداخلية عبر إصلاح عوامل عجز ميزان المدفوعات الخارجية والميزان التجاري، داعين إلى النظر في عدد من الاتفاقات وبخاصة مع تركيا التي تسهم بقدر كبير في هذا العجز، ويحميها اتفاق تجاري لا تستفيد منه البلاد.

واعتبر رئيس الجمعية التونسية للحوكمة معز الجودي أن "إعادة النظر في قائمة المنتجات المستوردة من أنقرة أضحت أمراً ضرورياً لتقليص العجز ونزف العملات وتجنب إفلاس المنتجين التونسيين".

ويعود عدم التوازن إلى استيراد منتجات غير أساس أو سلع مثيلة لأخرى مصنعة في تونس، مما أدى إلى إفلاس عدد من الصناعات المحلية وغلق آلاف المؤسسات بسبب إغراق السوق بالسلع التركية، وهو ما أسهم في استنزاف احتياط العملات.

انكماش القطاعات الإنتاجية

وعرفت التبادلات التجارية في المجمل خلال يوليو (تموز) الماضي انخفاضاً في الصادرات بنسبة 4.5 في المئة مقارنة بيونيو 2023، مما يعكس الانكماش المسجل في معظم القطاعات بحسب المعهد الوطني للإحصاء.

وارتفعت الواردات بنسبة 11.6 في المئة بسبب الزيادة في واردات الطاقة، كما تفاقم العجز ليبلغ 1.4 مليار دينار (451 مليون دولار) مقارنة بـ 466.4 مليون دينار (150.4 مليون دولار) خلال يونيو الماضي.

وتراجعت تغطية الواردات بالصادرات بمقدار 13.2 نقطة مقارنة بيونيو الماضي لتبلغ 78.9 في المئة، لكن درة البرجي أشارت إلى تحسن مستوى التغطية خلال الأشهر السبعة المنقضية من العام الحالي، والتي بلغت فيها قيمة الواردات 46.3 مليار دينار (14.9 مليار دولار) في مقابل 36.15 مليار دينار (11.66 مليار دولار) للصادرات. وارتفعت نسبة تغطية للواردات بـ 77.9 في المئة مقابل 70.3 في المئة خلال الفترة نفسها من العام الماضي 2022.

الاستثمار مقابل استمرار السوق

وعادت البرجي لتتحدث عن التوجه إلى إقرار إجراءات حمائية في مجال تفعيل آلية الدفاع التجاري لحماية المنتجات التونسية، وقالت إن هذه الإجراءات، بما فيها مراجعة اتفاق التجارة الحرة مع عدد من البلدان ومنها تركيا، لا تتعارض مع مبادئ وقوانين المنظمة العالمية للتجارة، إذ عملت تونس كبلد عضو على حذف القيود الكمية وخفض المعاليم الديوانية، بينما لا يمنع ذلك من حماية الصناعة المحلية، وهو البند المضمن اتفاقات المنظمة العالمية للتجارة، مثل "اتفاق مكافحة الإغراق" و"اتفاق الإجراءات الوقائية"، ويخول الدولة التونسية تحديد سلطة للتحقيق في المنتجات الموردة التي تتسبب في ضرر للقطاع الصناعي لديها، وبالتالي اتخاذ اجراءات للتراجع عن هذا الانفتاح.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتتمثل الإجراءات الحمائية، بحسب المنظمة العالمية للتجارة، في الرفع من المعاليم الجمركية أو التحديدات الكمية والعمل بنظام الحصص، علماً أنه لم يتم اتخاذ إجراءات من هذا القبيل بعد، لكنها بصدد التأشير لدى رئاسة الحكومة بحكم خضوعها لمراحل التحقيق بعد تقديم الشكاوى من قبل المصنعين.

أما بخصوص مراجعة اتفاق التجارة الحرة مع تركيا، فكشفت البرجي أن تونس لوحت خلال مناسبات عدة بتعليق الاتفاقية خلال جلسات التفاوض، بينما حمل الجانب التركي المسؤولية للقطاع الخاص في تونس الذي لم يحاول اقتحام السوق التركية عن طريق التعريف بمنتجاته لديها.

وفي المقابل قال لزهر بنور إن بلاده تسير نحو إرساء جيل جديد من الاتفاقات الاقتصادية والتجارية يرتكز على ربط التجارة بالاستثمار والتنمية المستدامة، إذ ستتم مراجعة اتفاق التبادل التجاري مع أنقرة في كل الحالات بحكم ما تسبب فيه من خسائر، وأبدى الجانب التركي تفهماً واستعداداً أثناء المفاوضات الجارية على أن يسير التفاوض في اتجاه ضغط العجز وتشجيع الفاعلين الاقتصاديين الأتراك للاستثمار في تونس بناء على المعطى الجديد.

وأضاف بنور أن "المستثمرين الأتراك يدركون أهمية هذا العرض بحكم تمركز تونس كبوابة نحو السوق الأفريقية، وهو التوجه الاستراتيجي الذي تنتهجه تونس في إدارة شأنها التجاري بالتنسيق مع الأشقاء والشركاء التقليديين".

اقرأ المزيد