Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معرض تشكيلي تكريما لرائد الهندسة المعمارية اللبنانية فريد طراد

لوحات نادرة لرسامين لبنانيين رافقوه في حركة التأسيس الحداثي

لوحة نادرة للرسام بول غيراغوسيان في المعرض (خدمة المعرض)

ملخص

لوحات نادرة لرسامين لبنانيين رافقوه في حركة التأسيس الحداثي

لم تخطئ إدارة غاليري صالح بركات في بيروت بانتقائها "عرّاب الفن" عنواناً للكاتالوغ المرافق لمعرض مقتنيات تعود للمهندس اللبناني الرّاحل فريد طراد، المتخرّج في الكليّة الفرنسيّة عام 1926، والأول في دفعته في قسم الهندسة، والذي بنى قصر العدل عام 1947 ودار المعلمين في العام التالي، وشغل منصب وزير الأشغال سنة 1955.

يأتي هذا المعرض اليوم كتحيّة له بعد أعوام مديدة من رحيله بوصفه شاهداً على زمن آفل مند نهاية الستينات. فريد طراد مهندس معماري برز اسمه في مجالات عديدة، مكّنته من أن يصبح وجهاً استثنائياً من أبرز البنّائين للجمهوريّة اللبنانيّة. تمتدُّ مسيرته المهنيّة على مدار 43 عاماً. ابتداء من عضويّته ومشاركته في تأسيس مدرسة الهندسة في الأكاديميّة اللبنانيّة ألبا عام 1943، وكذلك مشاركته في تأسيس نقابة المهندسين عام 1951، التي خدمَ فيها رئيساً لمدة سنة، عطفا على عضويّته في المجلس الأعلى للتّخطيط.

عُرِفُ عن طراد معاصرته ورؤيويّته كواحدٍ من النخبة القويّة والمؤثرة،  التي ساهمت وحاربت بقناعاتها لبناء بيروت وبدأت بتنظيم مُدني جديد للمدينة وما حولها. طراد الذي كان من أبرز المنتقدين الصّارمين لمخططات إيكوكار، انتمى لجيل شهدَ تحوّلات تاريخيّة سياسيّة واجتماعيّة خطيرة ومفصليّة. عاش خلاله "المهندس" كما كان يُلقَّب آنذاك، في قلب تيار المعاصرة العربيّة. عُرفَ باللامع والدّقيق لدى أصدقائه الذين كان لهم حصّة كبرى ومشاركات حسّاسة في تطوير الفن المعاصر وصوغِ معالم الحداثة كما رسم طابع المنطقة عموماً.

بدأت رحلة طراد بجمع الأعمال الفنيّة مع أصدقاء محيطين به، الأصدقاء الفنانين المعاصرين آنذاك الذين رافقهم خلال مسيرتهم الفنيّة. حرصَ على جمع أعمال لرفاقه وأترابه، الفنانين الذين شكّلوا كوكبة أرسَتْ فيما بعد أولى معالم الحداثة وتركت أثراً في عقود متتالية منذ بدايات الثلاثينيات وصولاً الى أواخر الستينيات على مشارف الحرب اللبنانية.

هذه اللوحات التي تتكوّن منها مجموعة طراد الفنيّة، تكشف رحلة كلّ فنان على حدة، منذ بداياته التي كانت بطبيعة الحال، أولى الإرهاصات والبدايات في الحداثة والمعاصرة، وترسم  ايضا صورة عن الوقت الذهبي الذي كان وقعه ثقيلاً ومتخماً بالتحوّلات الفكرية والفنية والأدبية التي ما لبثت أن تجمّدت في بدايات تعاقب الخسارات على لبنان، بعد فترة ستيناته المشرقة.

أعمال وتجارب تأسيسيّة

تبدأ الرحلة مع الرسام إيلي كنعان، فقد خصّصت الغاليري حائطاً بكامله لأعمال كنعان. أعمالٌ تُعيدُنا رؤيتها إلى المشاهدات الليليّة لو صحّ التعبير. تطلُّ أعمال كنعان منذ بدايتها ناقلةً الوجه القروي من لبنان، وصولاً إلى تدرّجاتها اللونيّة وبورتريهات موزّعة وحقول لونيّة متماوجة، صفراء وزرقاء. في لوحات كنعان شوارع وطاولات يملأها اللّيل، كأننا أمام نيغاتيف الصّورة أو نيغاتيف ملوّن للصّور. رسمٌ وتلطيخٌ يتركُان الألوان بشكل ليليّ وسلبيّ ومغبّش. في لوحات كنعان المتعدّدة والتي تفترقُ بعضها عن بعض افتراقات جذرية، نرى ليليّة الأشياء، وكأنّ عينا الرّسام ترسمان ما يراه الوقت.

حتى الطبيعة مستوحشة وفريدة ووحيدة في بعض أعمال كنعان، والشّجر يحتلُّ الأرض والسماء، ببساطة نحنُ أمام "سيكل" لوني لا ينتهي. لوحات أخرى عديدة في أواخر مراحله ينتقل فيها الى لأصفر الصاخب كأنه صورة محروقة. والنساء لدى كنعان في بورتريهاتهن واحدة أيقونية والأخرى تكشف الطابع الأنثوي أكثر، فيحتار الناظر كأنه أمام شغل غريب. هذا البورتريه الموزّع على عملين لم يُزل  الشيطنة الموجودة داخلهما على الرغم من وجود الحجاب الذي استبقى الأنوثة فيهما. الحائط كلّه لكنعان الذي تنفي لوحاته  المعروضة  فرضية أن يكون كنعان واحداً من أبناء جيله يرسم المدارس المختلفة بل تثبته في خانة معينة.

بعد كنعان نتوجه إلى عملين لرفيق شرف، وهما لوحتان لا يمكنُ للناظر أن ينسبهما له. لوحتان فيهما رفيق شرف مختلف، تعودان إلى بداياته ( 1959 - 1958) ولا تشبهان لوحاته المعروفة أبداً. مشاركة الرسام هاروتيون غالنتز اقتصرت على بورتريهات موثقة في لوحات، بورتريهات تعكس نظراتخدمة المعرض) ساكني اللّوحة وربما دواخلهم. وكأنّ غالنتز لا يريد فقط الشّكل وإنّما الدّاخل أو شيئا منه. رسمَ غالنتز النقطة الأبرز في مشهد الناس. العريُ لديه  خجول جداً. بنتان في الداخل والخارج، وبخجل الأطفال يرسم صدراً  واحداً لبنت صغيرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تحفة المعرض كانت عبارة عن ثلاثة أعمال للرسام الكبير بول غيراغوسيان. يشعرُ الناظر إليها أنه في عرس. ننظر إلى كلّ فئة لونيّة من اللّوحة، ما دورُها وما الذي تفعله في تركيبتها. اللّوحات هنا من بدايات غيراغوسيان، عبارة عن ألبوم في صورة واحدة أو نهار كامل في لحظة. نكتشف من خلال الأعمال الثلاثة سياقات تحوّل وتطوّر في عناصر لوحة غيراغوسيان من أشخاص إلى شخطات، من بدايات الفنان إلى نهاياته.

أما يوسف الحويّك فيطلُّ من خلال منحوتات وجوه متقنة، ومثله ميشال بصبوص يطالعُنا بعشيقين منحوتين على الخشب، مجسداً الحميمية. جورج سير وبعثراته اللونيّة، وكأنّ الفنان يحدق في منظر معين ويرسمه بالمقاييس التي شعر بها. الورد في لوحة سير يخرج من المزهرية أو "الفاز" ليغطّي سقف اللوحة. في هذه الأعمال يشعر الناظر وكأنه أمام قياسات غير طبيعيّة، كاميرا تلتقط المشهد وتظهره بمقاييسها هي. على عكسه غوفدر نرى مزهريّة يطلعُ منها غصن فيه أوراق تفاح شحيحة. بسيط غوفدر، عكس سير. اللّوحة عنده بلا إضافات، شيء أشبه ب "فيلتراج" للمشهد.

أعمال أخرى عديدة وفرديّة تملأ الحائط الأخير من الغاليري منها نرى باركيف ديبوغليان ولوحته هي اللوحة المعلّقة، أو الحلم باللّوحة، لوحة مرئيّة، إسقاط عن صورة ما. أيضاً ميشال المير وآشود زوريان من أصحاب اللوحة الواحدة. تنتهي الرحلة بأعمال جورج كلود ميشليه التي تغطّي شريحة كبرى من شخصيّات بدوية.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة