Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معرض فوتوغرافي يظهر القهر الإنساني في السودان

 الفنان حسين أري يوثق جمالياً مآسي الحرب بين الضوء والظل

من معرض المصور السوداني حسين أري (خدمة المعرض)

ملخص

الفنان حسين أري يوثق جمالياً مآسي الحرب بين الضوء والظل

عشرات من الزوار يلتفون حول معرض للصور الفوتوغرافية في وسط مدينة كسلا، شرق السودان، وكل يرى مشاهد المدينة اليومية في الصور: المرأة وهي تكابد العيش، اللاجئون واللاجئات بمختلف انتماءاتهم، مسجد السيد الحسن وضريحه تحت جبل التاكا، وجوه من طالتها التضاريس... والمكان رغم جمال طبيعته، فإن ضعف التنمية في شرق السودان ألقى بظلاله على وجوه سكانه وأجسادهم. "أثر الظل"، هو معرض صور فوتوغرافية للمصور حسين صالح أري، ويقام لأربعة أيام في مقهى اسبيرو، وسط مدينة كسلا.

يقول حسين أري، في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، إن على الفنان ألا يتوقف وأن يسجل ويوثق كل حادثة، ويضيف "يجب أن يوثق الفنانون كل لحظة. نحن نحتاج إلى توثيق ما يحدث الآن في السودان، فقد أثبتت الحرب أن فكرة المركز والهامش متوهمة، والآن نحن نعيش بلا مركز (العاصمة الخرطوم). وعلى رغم ذلك ما زالت هوامشنا حية، وما زلنا نعيش ونبدع رغم ذلك". ويقول "فتتت الحرب فكرة أن يكون قرار الدولة ومواردنا في مركز واحد، هذا وقت الإنتاج العظيم في السودان، حتى لو كان عملنا متواضعاً". 

ويعرف أري معرضه بأنه قائم على امتزاج الأحلام بالواقع، في وقت يكابد السودان حرباً تلوي خاصرته، وتدمي جسده ووجدانه، وتحرق كل أخضر جميل وواعد. والتقطت صور المعرض طوال فترة عامين قبل الحرب. ويقول "الإنسان هو المحور. هناك جزء من الصور تجد فيها التنمية في المكان الذي يقطن فيه الإنسان، متدهورة في مقابل الناحية الجمالية للمكان ذاته". تتحدث صور أري عن عمالة الأطفال وقضايا النساء، إذ يرى أن المقاومة والتغيير يتمان بالإنسان ولأجله، وأن الغرض الأساسي من النهوض هو الإنسان. ويضيف "أظهر المرأة في المدينة بشكل متباين، في صورتها الحداثية والتقليدية. أرصد التحول الذي تم في وضعية المرأة. وأحد الجوانب التي اهتم بها التغير المناخي. أصور الأنهار والبحار وأوراق الشجر. ورصدت كذلك ضعف التشجير في مدينة كسلا. أتناول أيضاً القسر والتهجير اللذين يعيشهما الشعب السوداني الآن، والشعوب المجاورة للسودان. أرصد اللاجئين الإثيوبيين الإريتريين في أزمنة سابقة، وأصور الاقتصاد المحلي".

 لماذا الظل؟

وعن عنوان معرضه "أثر الظل" يقول أري، إن الضوء يوقفه الجسم، لذا فالظل المشاهد هو الجزء المحروم من أشعة المصدر الضوئي الذي يظهر بفعل التباين. فالظل هو افتقاد النور كنتيجة محضة لوجود الأجسام المعتمة التي تعترض مسار أشعة الضوء وطبيعة الظلام.

ويضيف أن الظل هنا في هذا المعرض، هو وصف للحياة المتوقفة عن كونها محسوسة في الحالة المادية، لكنها مستمرة بجانبنا. وكثيراً ما تعني لديه واقعاً مجازياً، يرفدنا بالذكريات والشجون والانفعالات الكبيرة والانتقالات. والأثر رهن القبضة القديمة، "فالحياة كلها مغلقة تماماً، فقط نافذة بعيدة عن وهج الألوان تضيء على رغم عنها، ويبدو أنها مجبرة على إحراقها نفسها لكأنها مستمرة في إضاءة المكان". يقول أري: "عندي يقين أن هذه الصور لديها القدرة على شرح نفسها والتعبير بمسؤولية عالية، والألوان فيها كلها في حالة امتزاج وتناغم. وليس للإطار أي سطوة عليها، لكأنها مثل تلك الحدود الفاصلة بين البر والبحر في صيرورة المد والجزر".

يستشهد أري بمقولة للشاعر الألماني غوته: "حيث يوجد كثير من الضوء يكون الظل عميقاً". ويرى في الظل حياة بعيدة عن الضوء والظلام. يقول "تستطيع أن تشاهد الحقيقة ساطعة وتميز بينها وبين الوهم، وقد تتشابك أحياناً فلا تستطيع التمييز بين ما هو أبيض وما هو أسود دائماً. ظلمات الحياة تزورنا ونعجز أحياناً عن أن نميز بين درجات ظلماتها، فيكون بينها ظلمات أقل ثم أقل، ثم شبه ظل حتى نفتح نافذة نحو الضوء. هكذا هي الحياة لا حقيقة مطلقة لتطبيقها على كل الناس، لأننا نعتقد أن الحد بين الضوء والعتمة حد واضح وفاصل، وهو بالفعل غير ذلك".

في هذه التجربة استخدم أري الظل من أجل الحصول على تأثيرات جمالية. فهو يرى أن في الفنون كافة والأدب، وجد الظل لنفسه مكانة، وكان مقترناً بغموض الموت والحياة. ويعتقد أن مفهوم الظل عميق ومتداخل مع فكرة الوجود والعدم، ومع فكرة التجلي والعماء وفكرة الموت والخلود. "كلنا راحلون باتجاه الضوء الداخلي فلننر لمن هم حولنا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقول أري لـ"اندبندنت عربية"، إنه يعمل في تناص كامل مع أثر الفراشة للشاعر الفلسطيني محمود درويش، مستخدماً عنوان "أثر الظل"، محيلاً به إلى "أثر الفراشة"، ويضيف "كنت أتكلم عما هو غير محسوس، والمجازي وغير المشاهد وما يقبع في الظلام. إن أعز من نعزهم في الظل والمجاز، بسبب الهجرة أو الموت فذاكرة الظل أكبر من ذاكرة الضوء".

عمل حسين أري في مشاريع لها علاقة بالتنوع الثقافي في السودان، وعمل أيضاً في التصوير الصحافي. يقول "عندما أصور لا أرى المشهد كخبر بل كذاكرة، فعندما يخلع أحدهم حذاءه في الصورة، يعني لي هذا انتقاله إلى مرحلة جديدة، وعندما يسمع أحدهم خبر وفاة عزيز لديه، فكأنه انتقل إلى مربع إلى آخر. وهو أيضاً يمكن أن ينتقل من مربع الحياة إلى مربع الموت".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة