Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كفالة ترمب الضخمة في فخ التساؤلات والانتقادات

الفقراء أقل قدرة على تحملها ومطالب بإصلاحها على غرار ولاية إلينوي

ترامب ومتهمون آخرون في قضية الانتخابات بولاية جورجيا التزموا بدفع الكفالة (أ ف ب) 

ملخص

ترمب اضطر إلى دفع كفالة ضخمة مما أثار تساؤلات وانتقادات حول نظام الكفالة الأميركي ومدى حاجته إلى الإصلاح

في الولايات المتحدة كغيرها من الدول يظل المتهم بريئاً إلى أن تثبت إدانته في المحكمة، ولهذا من المفترض أن يكون الاعتقال قبل المحاكمة استثناءً محدوداً كما نصت عليه المحكمة العليا الأميركية في السابق، لكن هذه النظرية لا تعكسها الممارسة الفعلية، وهو ما أظهرته الكفالة التي دفعها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والمتهمون الـ18 معه في قضية التدخل في انتخابات جورجيا، والذين ظهروا وهم يتدفقون إلى سجن مقاطعة فولتون في أتلانتا للاستسلام للاعتقال وأخذ بصمات الأصابع والتقاط الصور، فما هو نظام الكفالة في الولايات المتحدة وما تاريخه، ولماذا اختلفت اتفاقية الكفالة والمبلغ الذي دفعه ترمب عن الآخرين وإلى أي مدى يثير هذا النظام انتقادات حقوقية؟

على مدى أيام عدة تدفق ترمب وباقي المتهمين في قضية التدخل في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 بولاية جورجيا إلى سجن مقاطعة فولتون قبل الموعد النهائي المحدد، وهو ظهر يوم 25 أغسطس (آب) الجاري، لكن على رغم أن هؤلاء جميعاً متهمون بالمؤامرة المزعومة نفسها لقلب نتائج الانتخابات، فإن اتفاقية الكفالة والمبالغ التي دفعوها كانت مختلفة.

فالرئيس الأميركي السابق تم تحديد كفالة له بـ200 ألف دولار، في حين بلغت كفالة محاميه السابق رودي غولياني 150 ألف دولار، وفي الوقت نفسه تحددت الكفالة لكل من المحامين جون إيستمان وكينيث تشيسيبرو وجينا إليس وسيدني باول بـ100 ألف دولار، بينما تراوحت الكفالة للمتهمين الآخرين من 10 آلاف دولار إلى 75 ألفاً، ليبدو سؤال جديد وهو كيف تعكس هذه المبالغ نظام الكفالة؟

ما الكفالة النقدية وكيف تعمل؟

بحسب الأكاديمي المتخصص في القانون بجامعة فرجينيا ميغان ستيفنسون فإنه ينبغي دفع الكفالة النقدية عندما يجب على المدعى عليه دفع المال قبل إطلاق سراحه من السجن بعد الانتهاء من إجراءات الاعتقال، ويمكن أن يأتي المال من مدخراته، أو من صديق أو أحد أفراد الأسرة، كما يمكن اقتراضه من ضامن الكفالة، وغالباً ما يتم استخدام كلمتي الكفالة والسند بالتبادل كمصطلح قانوني لهذه العملية.

وترجع الفكرة وراء استخدام المحاكم بشكل روتيني الكفالة النقدية إلى أنها توفر حافزاً لضمان مثول المتهمين المفرج عنهم أمام المحكمة والامتناع عن ارتكاب الجريمة وردع سوء السلوك، وإذا هرب المدعى عليه أو أساء التصرف بطريقة أخرى، تتم مصادرة مبلغ الكفالة.

وعندما يسلم المتهم نفسه لاعتقاله كما حدث مع ترمب و18 متهماً آخرين في قضية انتخابات ولاية جورجيا، يتم عرضه على القاضي أو قاضي التحقيق الذي يحدد الكفالة، وعادة ما تكون جلسة الاستماع بكفالة قصيرة للغاية، وتستغرق بضع دقائق في الأكثر.

وفي بعض الأحيان تجرى جلسات الاستماع بالفيديو عبر الإنترنت، وفي حين أن غالبية المتهمين لا يتوافر لديهم محامٍ للدفاع في وقت جلسة تحديد الكفالة، إلا أن الشخصيات العامة والأثرياء يصطحبون محامياً من أجل أن يطالب بكفالة متساهلة من حيث المبالغ المدفوعة والشروط الخاصة بها.

وتختلف قوانين الكفالة من ولاية أميركية إلى أخرى، إلا أنه من المفترض عادة أن يتم تحديد الكفالة عند الحد الأدنى من المال الذي يضمن مثول المدعى عليه أمام المحكمة ومن دون أن ينتهك أوامرها. وعلى سبيل المثال، فإن أحد شروط كفالة ترمب هو أنه لا يستطيع تخويف الشهود أو المتهمين الآخرين أو غيرهم من الأشخاص، بما في ذلك عبر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وإذا انتهك هذا الشرط، فسوف يكون معرضاً لخطر إلغاء كفالته وإيداعه السجن.

ما تاريخ الكفالة في أميركا؟

كانت الكفالة جزءاً من نظام العدالة الجنائية الأميركي منذ العصر الاستعماري الأوروبي للولايات المتحدة في القرن الـ17، وفي هذا الوقت كان إطلاق سراح المتهم الجنائي بكفالة يعني أنه تم إطلاق سراحه تحت إشراف شخص آخر كفله، ويطلب من المدعى عليه دفع مبلغ معين من المال إذا فشل في المثول لاحقاً أمام المحكمة، ولكن لم يكن أحد يحتاج إلى دفع أية أموال مقدماً، وفق ستيفنسون.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غير أنه مع مرور الوقت، تغير ذلك الوضع، وأصبح من المتوقع من معظم المتهمين أن يدفعوا كفالة نقدية قبل إطلاق سراحهم، ولا يطلب عموماً وجود شخص آخر يكفل المدعى عليه أو يعد بالإشراف عليه.

سبب الانتقادات

خلال السنوات الماضية تصاعدت مطالبات الناشطين في مجال العدالة الجنائية بإصلاح نظام الكفالة النقدية، ويعود السبب وراء ذلك إلى أن الأشخاص أبرياء حتى تثبت إدانتهم في المحكمة، ومن المفترض أن يكون السجن قبل المحاكمة استثناءً محدوداً بعناية، كما نصت عليه سابقة من المحكمة العليا الأميركية، ومع ذلك فإن تلك النظرية لا تعكسها الممارسة الفعلية.

وتظهر الأرقام والإحصاءات أن نحو 20 في المئة من السجناء في الولايات المتحدة ما زالوا ينتظرون المحاكمة، كما أن عدد الأشخاص المحتجزين على ذمة المحاكمة أكبر من عدد الأشخاص الذين يقضون عقوبة السجن بسبب المخدرات، لكن معظم المعتقلين تقريباً حددت لهم كفالة نقدية، وكان من الممكن إطلاق سراحهم إذا تمكنوا من تحملها.

وفيما يواجه بعض الأشخاص المحتجزين اتهامات خطرة للغاية، بما يجعل الكفالة مرتفعة فإن عديداً منهم يحتجزون بكفالة منخفضة نسبياً، لكنها تظل في النهاية بعيدة من متناول الفقراء.

ومن الناحية النظرية من المفترض أن تؤخذ في الاعتبار قدرة المتهمين على دفع الكفالة، لكن القضاة لا يفعلون ذلك في كثير من الأحيان، والنتيجة هي أن ينتهي الأمر بالناس خلف القضبان قبل المحاكمة لمجرد أنهم متهمون بارتكاب جريمة ولأنهم فقراء، وهو ما يشكل انتهاكاً للحماية المتساوية وإهداراً لأموال دافعي الضرائب الأميركيين.

حركة إصلاح الكفالة

تحاول حركة إصلاح الكفالة التأكد من أن الأشخاص الذين يمكن احتجازهم قبل المحاكمة هم من الذين يشكلون تهديداً محدداً باحتمال ارتكابهم جرائم خطرة في حال إطلاق سراحهم، وذلك أسوة بولاية إلينوي التي ألغت نظام الكفالة النقدية، مما جعل جميع المتهمين مؤهلين للإفراج عنهم قبل المحاكمة.

وفي ولايات قضائية أخرى، تتولى صناديق الكفالة غير الربحية دفع الكفالة للفقراء، بهدف ضمان عدم سجن أي شخص بسبب انتفاء قدرته على الدفع.

هل يدفع المتهمون مبالغ كفالة مختلفة؟

يدفع المتهمون مبالغ كفالة مختلفة، حيث وجهت النيابة إلى ترمب والمتهمون معه اتهامات بالتآمر، لكن قانون التآمر شامل للغاية ويمكن أن يتراوح بين اللاعبين الرئيسين في الجريمة إلى أولئك الذين لديهم أدوار ثانوية جداً، وعند تحديد الكفالة، يأخذ القضاة في الاعتبار خطورة النشاط الإجرامي المزعوم والسجل الجنائي وأية معلومات أخرى تتعلق باحتمال فرار المدعى عليه أو تخويف الشهود أو ارتكاب جريمة جديدة.

ونظراً إلى التنوع الكبير في الأدوار التي يزعم أن ترمب والمتهمين الآخرين لعبوها، فضلاً عن هذه الظروف المتنوعة الأخرى، فليس من المستغرب أن تختلف الكفالة الخاصة بهم.

هل تتباين الكفالة للمجموعات الديموغرافية؟

يشير عديد من الدراسات إلى وجود تحيز وفوارق عنصرية في الكفالة، وأنها تحدد وفقاً لأسباب مختلفة، حيث يلعب السجل الجنائي للمدعى عليه دوراً كبيراً في مبلغ الكفالة، وإذا كان المتهمون من الفئات المحرومة فإنهم يكونون أكثر عرضة للاعتقال من غيرهم الذين ارتكبوا الجريمة نفسها، بالتالي سيكون لديهم سجلات جنائية أطول وسيحصلون على مبالغ كفالة أعلى.

وعلى سبيل المثال، يظهر عديد من الدراسات أن السود يستخدمون ويبيعون المخدرات بمعدلات مماثلة للأشخاص البيض، ولكن من المرجح أن يتم القبض عليهم وإدانتهم بجرائم المخدرات، لذلك غالباً ما يكون لدى الأشخاص السود في نظام العدالة الجنائية سجلات جنائية أطول من الأشخاص البيض في النظام.

وعلاوة على ذلك، يمكن أن تتأثر معتقدات القاضي حول احتمالية ارتكاب شخص ما لجريمة في المستقبل بالصور النمطية حول العرق والإجرام، ومن المحتمل أن تدفع هذه الصور النمطية القاضي إلى تحديد كفالة أعلى للمتهمين السود الذين يشكلون مستوى الأخطار نفسه مثل المتهمين البيض.

وفي هذا النظام الأميركي سيكون الفقراء أقل قدرة على تحمل مبلغ كفالة معين مقارنة بأولئك الذين يتمتعون بثروة أكبر، وبما أن الفقر يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعرق، فغالباً ما يتم احتجاز المتهمين السود واللاتينيين بمعدلات غير متناسبة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير