Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاقتصاد الصيني في أزمة ويبدو أن بكين عاجزة عن فعل أي شيء

يكتب كريس بلاكهيرست قائلاً إن "الصين بعد سنوات من النجاح الاقتصادي المزدهر، لم يعد يمكن الاعتماد عليها لإنقاذ بقية العالم من النمو الضعيف"

"تحتل الصين الآن موقعاً على الساحة العالمية لا يساوي سوى موقع الولايات المتحدة" (رويترز)

ملخص

يكتب كريس بلاكهيرست قائلاً إن الصين، بعد سنوات من النجاح الاقتصادي المزدهر، لم يعد يمكن الاعتماد عليها لإنقاذ بقية العالم من النمو الضعيف: الاقتصاد الصيني في أزمة – ويبدو أن بكين عاجزة عن فعل أي شيء حيال ذلك

على مدى العقود القليلة الماضية، تمثلت إحدى القصص العالمية العظيمة في صعود الصين الذي بدا مصطردا.

قبل أقل من أربعة عقود، كان دخل الفرد فيها أقل منه في الهند. والآن، تجاوز دخل الفرد الصيني نظيره الهندي بأشواط، لتصبح الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم على طول المسار.

الأهم من ذلك، أن الصين هي محرك الازدهار العالمي. يحتسب دافال جوشي من "بي سي أي للبحوث" أن الصين ولدت نسبة مذهلة بلغت 41 في المئة من النمو العالمي في السنوات الـ10 الماضية، أي ما يقرب من ضعفي مساهمة الولايات المتحدة البالغة 22 في المئة وأكثر بكثير من حصة منطقة اليورو التي سجلت تسعة في المئة.

"بعبارة أخرى، من معدل النمو الحقيقي للاقتصاد العالمي البالغ 2.6 في المئة خلال السنوات الـ10 الماضية، حققت الصين 1.1 نقطة مئوية، بينما لم تحقق الولايات المتحدة ومنطقة اليورو سوى 0.6 نقطة و0.2 نقطة على التوالي".

كان الاقتصاد الصيني ينمو باستمرار بمعدل ثمانية إلى تسعة في المئة سنوياً، متقدماً بفارق كبير عن أي بلد آخر. فجأة، وفيما يشهد العالم صدمة زلزالية، انخفض معدل النمو في الصين إلى نصف ذلك المعدل.

وتتراجع الأسعار الخاصة بالمستهلكين في الصين في حين تشهد شركات العقارات في البلاد، المسؤولة عن كثير من نموها المذهل في مجال البناء، تأرجحاً. وانخفضت الصادرات، ووصلت بطالة الشباب إلى أرقام دفعت بكين إلى التوقف عن نشرها. وانخفض مؤشر "هانغ سنغ" الخاص ببورصة هونغ كونغ بأكثر من 20 في المئة منذ يناير (كانون الثاني). وهبط اليوان الصيني إلى أدنى مستوى له في 16 سنة، مما اضطر المصرف المركزي إلى إجراء أكبر دفاع عن العملة على الإطلاق.

حسناً. فجأة، ليست الصين كما كانت وليست كما اعتدنا عليها. لم يعد بإمكاننا الاسترخاء بأمان مع علمنا بأن اقتصاداً واحداً في الأقل سيملأ الفراغ ويمضي قدماً.

اليوم، تتهاوى مساهمة الصين في النمو العالمي، إذ انخفضت إلى 0.5 في المئة. يقول بعض خبراء الاقتصاد إن النمو في الصين قد ينزلق أكثر إلى اثنين في المئة، إلى ذلك النوع تحديداً من المستويات الرتيبة التي تشهدها الولايات المتحدة وغيرها.

باختصار، لم يعد بإمكاننا الاعتماد على إخفاء الصين الضعف في أماكن أخرى. وفي الوقت نفسه ونظراً إلى حدة السقوط، أصبحت الصين نفسها مشكلة.

مع نفوذها الاقتصادي الجديد جاءت القدرات السياسية. تحتل الصين الآن موقعاً على الساحة العالمية لا يساوي سوى موقع الولايات المتحدة.

في الغرب، كنا ننتقد ودها الظاهر تجاه البلدان الأخرى، واتهمنا بكين بالسعي إلى الإمبريالية المالية، واستخدام ثروتها للحصول على مزايا استراتيجية في أنحاء العالم كله. وكانت هناك مبادرة الحزام والطريق والاستثمارات الضخمة في أفريقيا وأستراليا ونيوزيلندا ومنطقة البحر الكاريبي. ووقعت العديد من السلع الأكثر قيمة – وندرة – في العالم تحت سيطرة الصين.

وفي المملكة المتحدة، وعلى رغم انتقادنا سجل الصين في مجال حقوق الإنسان وقلقنا من نواياها الحقيقية، تقبلنا مع ذلك ملكية الصين لبعض من أشهر شركاتنا وممتلكاتنا.

التنين الصيني: مارد أيقظته إمبريالية الغرب
على مر التاريخ، خضعت الصين لاستعمار غربي وحروب أفيون ما زالت آثارها ترسم نظرة بكين للغرب وتقود عملية الصعود والتوسع الصيني في العالم. إليكم القصة.
Enter
keywords

 

مهما كان هدف الصين حقاً، كانت هي البلاد التي تدخلت للمساعدة في مساحات واسعة من العالم حيث لم يتدخل الغرب. انظروا إلى سريلانكا، التي أنقذتها بكين، لكنها الآن تحت أثرها (تحمل الصين ما يقرب من 20 في المئة من ديون سريلانكا).

وتأكد تموضع الصين كبديل للولايات المتحدة عندما تموضعت البلدان بعد غزو روسيا لأوكرانيا. رفض عدد كبير من البلدان الخط المناهض لروسيا الذي انتهجته المملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وقررت بدلاً من ذلك الوقوف إلى جانب الصين – مما أدى إلى تمكين روسيا من الاتجار بحرية، وكانت الجهود الرامية إلى فرض عقوبات من خلال العقوبات الغربية غير فاعلة إلى حد كبير.

أما على الصعيد الخارجي، فتحركت الصفائح التكتونية العالمية – لم تعد الولايات المتحدة والدولار يحددان الحدود الدولية. ونشأت كتلة شكلت قوة جديدة، تتألف من روسيا والهند والصين، مع تحريك الصين المقابض إلى حد كبير.

داخلياً أيضاً، تعد الصين أمة تحولت. تقفز مستويات المعيشة، ويخرج الناس إلى حد كبير من الفقر إلى درجة لم يكن يعتقد أنها ممكنة قبل وقت ليس ببعيد.

لكن الآن، وللمرة الأولى، تثار شكوك جدية في قدرة الصين على الاستمرار في الأداء على هذا المستوى الرفيع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لوضع الأمر في السياق: عندما وقع الانهيار المالي العالمي عام 2008، كانت الصين هي التي قادت العالم إلى التعافي، إذ أطلقت أكبر حزمة تحفيز، عندما ضرب كوفيد، كانت الصين الاقتصاد الرئيس الوحيد الذي لم يدخل في ركود. واختفت شبكة الأمان التي قدمتها الصين.

على رغم كل ما تبديه الصين على الساحة العالمية وتقديم نفسها على أنها صديق ومخلص، تظل بلداً مغلقاً في شكل صارم، وتخضع تماماً إلى قبضة الحزب الشيوعي الاستبدادية.

نظر حكامها إلى ما حدث في بلدان أخرى ولم يرغبوا ما رأوه. على عكس الاتحاد السوفياتي الذي سار على طريق الانفتاح والشفافية في عهد ميخائيل غورباتشوف، لم يصل قادة الصين إلى حد الإصلاح السياسي.

لقد شهدوا ما حدث في الاتحاد السوفياتي وبالتأكيد لم يتبعوا خطى غورباتشوف بنسختهم الخاصة من الغلاسنوست [الانفتاح المدني والشفافية]. في الصين، تبقى السلطة راسخة بين يدي الحزب الشيوعي.

يعد الحفاظ على السيطرة الحديدية الأولوية القصوى للرئيس شي جينبينغ – هو يتقدم بفارق كبير على أي شيء آخر وهو مطلوب بأي ثمن. ومن ضمن هذه الرغبة، تواصل الصين إنفاق مبالغ طائلة على بناء قوتها العسكرية، إلى درجة أنها محيرة إذا لم تستخدم ومرعبة إذا استخدمت.

هذا الهدف هو الذي جعل الصين تفرض أشرس الإغلاقات في ظل "كوفيد-19". وكانت الخسائر التي خلفتها هذه التدابير، اجتماعياً ومالياً، ضخمة، ذلك أن الحكومات المحلية واجهت فواتير وديوناً ضخمة في غياب النشاط الاقتصادي.

ومع ذلك، ربما ناسب الرئيس شي إبقاء البلاد راضخة، فسجن مواطنوها فعلياً في منازلهم، إلى أن عين في منصبه بأمان لولاية ثالثة.

لقد نم شي عن عصبية متذبذبة. في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ركزت رسالته في المؤتمر الوطني الـ20 على المثل العليا المتمثلة في غرض مشترك، وتنمية عالية الجودة، وأجندة عالمية، والسلام.

وبعد شهر، سارت تظاهرات معارضة لبداية الإغلاق القاسي. وأدت هذه التظاهرات إلى قمع شديد معتاد. وبمجرد أن شعرت بكين بأنها قادرة على ذلك، مع نهاية الجائحة، تخلت عن موقفها الصارم، وقلبت السياسة، معلنة إعادة فتح مفاجئة وغير متوقعة.

ينم هذا الآن عن إجراء مشوب بالذعر. برزت طفرة قصيرة في إنفاق المستهلكين لكن شكوكاً بدأت في الظهور. وتلخص ما عرفته بكين في أن الديون كانت ترتفع باطراد خلال الجائحة. كانت الديون مرتفعة من قبل، والآن ارتفعت أكثر.

في تطور يثير القلق، اتضح أن الصين ليست في وضع يمكنها من شق طريقها للخروج من الزاوية، كما فعلت عام 2008. في الواقع، لا تزال كلفة تلك الخطوة محسوسة، فهي جزء من جبل الاقتراض الهائل الذي تراكم.

ما يعنيه هذا هو أن بكين تبدو عاجزة بدلاً من كونها قوية، غير قادرة على اتخاذ خطوات جريئة من شأنها أن تنهي الأزمة وتشعل شرارة التعافي.

تتخذ تدابير صغيرة كثيرة لكن أياً منها ليس بالحجم الذي يتطلبه الوضع. يعطي شي انطباعاً عن شخص يداه مقيدتان. يجب أن يصارع لكنه، على ما يبدو، لا يستطيع أو لا يرغب في ذلك، لأن ذلك ينطوي على زيادة الديون وفرض مزيد من الضغط على الخدمات العامة، مما قد يخاطر بإثارة مزيد من الاضطرابات.

لا تساعد في ذلك العلاقات الضعيفة المستمرة مع الولايات المتحدة وبعض من حلفائها. وتعد قدرة الصين على المناورة ضعيفة.

وهناك أيضاً معرفة أن كتلة البلاد السكانية تتقلص. ومن المتوقع أن يكون معدل النمو الصيني أبطأ وأقل انتظاماً مقارنة به في الماضي.

ليس الوقت مناسباً للذعر بل للإقرار بهذا التحول. بدلاً من اعتبار قوة الصين أمراً مسلماً به والرهان على وزنها الاقتصادي واستثمارها، على العالم أن يتعود على صين مختلفة. لا تزال قوية، ولا تزال لها جذور في كل مكان، لكن قوتها وجذورها تقلصت.

© The Independent