ملخص
عبء الديون المتزايد وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب وانتعاش قصير الأجل في سوق العقارات المحاصرة تحديات تهدد إمكانات النمو الصيني
تستمر الأدلة على النمو الضعيف بالصين في الظهور، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الحكومة تفعل ما يكفي لتغيير الوضع القائم؟
من جانبها، قالت وكالة الإحصاءات الرسمية في الصين إن "قطاع التصنيع الصيني انكمش للشهر الثالث على التوالي في يونيو (حزيران) الماضي، وتراجع القطاع غير الصناعي، مع انخفاض الطلبيات الجديدة لكليهما، كما انخفض التوظيف في كلا القطاعين الواسعين، مما يشير إلى أن النقص المزعج في الوظائف، خصوصاً للشباب، يزداد سوءاً".
وتعليقاً على ذلك قالت المتخصصة الصينية في "أكسفورد إيكونوميكس" لويز لو، ومقرها سنغافورة، لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إنه "من المرجح أن تدفع البيانات المسؤولين إلى توفير مزيد من التيسير للاقتصاد"، مضيفة "لقد تدهور المكون التجاري للاقتصاد بالفعل".
وتواجه الصين حالياً حزمة من التحديات التي حذر اقتصاديون من أنها قد تهدد إمكانات النمو على المدى الطويل في غياب إصلاحات جذرية، وتشمل هذه التحديات عبء الديون المتزايد وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب وانتعاشاً قصير الأجل في سوق العقارات المحاصرة.
في غضون ذلك، دفعت التوترات السياسية المستمرة مزيداً من الشركات المصنعة إلى تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها، وهو اتجاه من المرجح أن يؤدي إلى تآكل دور الصين كمركز للصناعة العالمية.
إلى ذلك، تشير الأرقام الصادرة حديثاً إلى أن الانتعاش الاقتصادي في الصين لا يزال على أرض هشة بعد أشهر من تخلي بكين عن قيود "كوفيد-19" الصارمة وسط تباطؤ الطلب العالمي على السلع مع ارتفاع التضخم في أماكن أخرى من العالم، في وقت يفقد فيه الانتعاش المحلي المدفوع بالإنفاق الاستهلاكي قوته.
وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الرسمي في الصين بشكل طفيف إلى 49 نقطة في يونيو الماضي من 48.8 نقطة في مايو (أيار) الماضي، وهو ما لا يكفي لتجاوز 50 نقطة علامة التي تفصل التوسع عن الانكماش، بحسب ما ذكر المكتب الوطني للإحصاء في بكين، في حين كانت النتيجة متوافقة إلى حد كبير مع 49.1 نقطة المتوقعة من قبل الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع "وول ستريت جورنال".
تبخر الوظائف في قطاع التصنيع
أيضاً انكمش المؤشر الفرعي للتوظيف إلى 48.2 نقطة الشهر الماضي للشهر الرابع على التوالي، وهو ما يضغط على سوق العمل بشكل مستمر.
إلى ذلك، ارتفع معدل البطالة بين العمال الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 سنة إلى مستوى قياسي بلغ 20.8 في المئة في مايو 2023، ويرجع ذلك جزئياً إلى تبخر الوظائف في قطاع التصنيع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى رغم جهود صانعي السياسات للحفاظ على ريادة الصين في التجارة العالمية من خلال تقديم تخفيضات ضريبية للمصدرين والسماح لعملتها بالانخفاض، يستمر الطلب من الخارج في الانخفاض، إذ استمر عنصر طلبات التصدير الجديد في مؤشر مديري المشتريات التصنيعي لشهر يونيو الماضي في الانخفاض إلى أدنى مستوى له في خمسة أشهر عند 46.4 نقطة فيما ظل مؤشر الطلبات الجديدة بشكل عام في حالة انكماش عند 48.6 نقطة.
تراجع أنشطة الخدمات
في الوقت نفسه تراجعت الأنشطة في قطاع الخدمات، وهو المحرك الرئيس لانتعاش الصين بعد تفشي الوباء، بشكل أكبر الشهر الماضي إلى 52.8 نقطة من 53.8 نقطة في مايو السابق له، في أدنى قراءة منذ ديسمبر (كانون الثاني) الماضي، عندما ألغت بكين فجأة القيود المتعلقة بـ"كوفيد"، والتي عرقلت السفر الداخلي وحصرت قطاعات من سكان المدن في المنزل من وقت لآخر على مدار السنوات الثلاث الماضية.
وجاء مؤشر التوظيف في القطاع غير الصناعي عند 46.8 نقطة، مسجلاً انكماشاً للشهر الرابع على التوالي، كما أظهر مؤشر الطلبات الجديدة، عند 49.5 نقطة انكماشاً للشهر الثاني على التوالي وفقاً لمكتب الإحصاء.
تلاشي الآمال بانتعاش قطاع العقارات
كما تراجع مؤشر فرعي آخر لتتبع أنشطة البناء إلى 55.7 نقطة في يونيو الماضي من 58.2 نقطة في مايو السابق له، وهو أدنى مستوى في ستة أشهر، حيث استمر الانتعاش قصير الأجل في نشاط الإسكان في التلاشي.
وبشكل منفصل، بددت البيانات الخاصة الصادرة، الجمعة، الآمال في حدوث انتعاش مستدام في سوق العقارات، إذ تراجعت مبيعات المنازل لأكبر 100 مطور عقاري صيني بنسبة 28.1 في المئة من حيث القيمة، الشهر الماضي، مقارنة مع زيادة بنسبة 6.7 في المئة في أبريل (نيسان) 2030 وفقاً لشركة "تشاينا ريل غستيت إنفورميشين كورب"، وهي مزود بيانات صناعي.
ويثير الضعف الصيني تساؤلات حول فاعلية التحركات المتواضعة الأخيرة لبكين لتخفيض أسعار الفائدة، بهدف جعل الاقتراض أرخص، ولكنه لا يعالج ضغوط تقليص الطلب التي تعانيها عديد من العائلات الصينية.
ضعف الطلب على القروض
ويتوقع اقتصاديون أن تظل بكين مترددة في ضخ كميات كبيرة من الائتمان في الاقتصاد، ويرجع ذلك جزئياً إلى ضعف الطلب على القروض مع تحول مزيد من الأسر والشركات إلى سداد الديون بدلاً من الإنفاق والقيام باستثمارات جديدة. كما امتنعت الصين حتى الآن عن إطلاق جولة كبيرة من الإنفاق الحكومي، كما فعلت لإنقاذ الاقتصاد من الأزمة المالية العالمية.
وكتب اقتصاديون من "كابيتال إيكونوميكس" في مذكرة للعملاء، أول من أمس الجمعة، إن "تراجع الدعم المالي أثر على نشاط البناء، وحتى نمو قطاع الخدمات، الذي كان نقطة مضيئة في وقت سابق من هذا العام، إذ انخفض الآن إلى ما دون مستويات ما قبل الجائحة".
في حين لا يزال من المتوقع إلى حد كبير أن تحقق الصين هدفها السنوي للنمو عند نحو خمسة في المئة على رغم الضعف المستمر، مما يقلل من إلحاح بكين للجوء إلى الإنفاق الكبير.
لكن اقتصاديين يحذرون من أن ضبط النفس قد يكون له ثمن، إذ قالت شركة "كابيتال إيكونوميكس"، إنه "ما لم يتم تقديم دعم ملموس قريباً، فإن أخطار الانكماش الأخير في الطلب تصبح معززة ذاتياً".