Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس ترفع أسعار السجائر والمدخنون يتجهون لـ"المهربة"

قرار تحريك منتجات التبغ يعكر مزاج المستهلكين ويضيف لموازنة البلاد 66.6 مليون دولار

 300 دولار إنفاق المدخن شهرياً على السجائر في تونس (أ ف ب)

ملخص

شمل التحريك الجديد في أسعار السجائر 23 نوعاً بين محلي الصنع ومستورد وصنفين من التبغ المسخن وثمانية أنواع من السيجار، وكذلك كل أنواع مادة المعسل

أقرت تونس أسعاراً جديدة لكل منتجات السجائر والتبغ والمنتجات المرتبطة بها من المعسل وألعاب الورق، في خطوة منتظرة منذ أشهر ومنصوص عليها في موازنة 2023، ضمن الترفيع في معاليم الاستهلاك (التبغ والمشروبات الكحولية والسيارات).

وفي وقت تسيطر تونس نسبياً على التضخم البالغ 9.1 في المئة في يوليو (تموز) الماضي، والنتائج الإيجابية إلى حد ما في تنفيذ الموازنة العامة، تقدم وزارة المالية على إقرار هذا التحريك في أثمان السجائر بزيادات قد تدفع المدخنين إلى السجائر المهربة التي تباع في السوق التونسية بأسعار متدنية.

وتراوحت الزيادة الجديدة بين 100 و800 مليم (33 و266 سنتاً من الدولار) في علبة السجائر، غير أن الإشكال المطروح هو مدى توفر السجائر سواء المحلية الصنع أو المستوردة من شركة التبغ الحكومية بالكميات اللازمة، مما قد يضاعف أثمانها عبر المنافذ غير المنظمة في حال النقصان، لتباع بأسعار أعلى بكثير من الأسعار المعتمدة.

وشمل التحريك الجديد في أسعار السجائر 23 نوعاً بين محلي الصنع ومستورد وصنفين من التبغ المسخن وثمانية أنواع من السيجار، وكذلك كل أنواع مادة المعسل (لاستخدامه في الشيشة) وأوراق اللعب والوقيد.

ويعود آخر تعديل أدخلته الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد ومصنع التبغ بالقيروان على أسعار بيع السجائر والمواد الأخرى المتخصصة بها الدولة للـ28 من مارس (آذار) 2022، ويقول مراد المي عامل في محل بيع الغلال في إحدى ضواحي العاصمة تونس، وهو مدخن، إن الزيادة الجديدة في أسعار السجائر لم ترضه كمدخن بسبب أن الأسعار المتداولة تعد مرتفعة بالمقارنة مع دخله إذ يخصص تقريباً 80 دولاراً شهرياً لاقتناء السجائر.

وانتقد مراد المي لجوء الحكومة إلى تحريك أسعار منتجات التبغ لتضاف إلى قائمة المواد التي ترتفع أسعارها يومياً في تونس متهكماً على الوضع بأن الدخان، العادة التي ينفس من خلالها عن المشقة، يتم تحريك ثمنه.

وخلص بأنه سيضطر إلى اقتناء السجائر المروجة في المسالك غير القانونية، وهي السجائر المهربة التي تباع بأثمان أقل من الأسعار الحكومية.

المقدرة الشرائية

ومن جانبه اعتبر أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا الشكندالي أن قرار الترفيع في أسعار السجائر لن يخلق احتقاناً اجتماعياً، على رغم أنه يمس من المقدرة الشرائية للمواطن التونسي وفق قوله.

وأفاد بأن كل الدول تقريباً تعمد إلى الترفيع في أسعار التبغ والمشروبات الكحولية انطلاقاً من الحفاظ على صحة المواطن وردعهم للإقلاع عن هذه العادات السيئة المضرة بصحة الإنسان.

واستدرك بالتوضيح أن قرار تحريك تونس لأسعار التبغ قد يضر في جانب منه بالمقدرة الشرائية للتونسيين الذين يعدون مدخنين وينفقون أموالاً كبيرة شهرياً من أجل الحصول على سجائر يصل معدل كلفتها إلى نحو 300 دينار أي 100 دولار شهرياً.

وتطرق أستاذ الاقتصاد من جهة أخرى إلى مسألة كثرة الضرائب والمعاليم على الاستهلاك في تونس التي تنتهجها الحكومات المتعاقبة في البلاد من أجل تعبئة الضرائب، مشدداً على أنه من الضروري تقليص الضرائب والإتاوات لتحسين بيئة الأعمال في البلاد وتشجيع الشركات على الإفصاح الحقيقي للضرائب بدلاً من دفعها إلى تزييف إيراداتها وتقديم تصاريح ضريبية مغلوطة، وفق رأيه.

أسباب التحريك

تقول مسؤولة وزارة المالية التونسية أميرة الزناتي إن موازنة 2023 تضمنت تحريكاً في أسعار السجائر في تونس بعنوان تعبئة مداخيل لفائدة الموازنة، إذ إن مردود الزيادة في أسعار التبغ سيكون في حدود 200 مليون دينار (66.6 مليون دولار).

وأوضحت أن أسباب إقرار الزيادة في أسعار التبغ في تونس ومراجعتها بصفة دورية تأتي بطلب من منظمة الصحة العالمية، التي ترى أن الجباية على السجائر في تونس من أضعف النسب في العالم.

ووفق المصدر ذاته فإن المعدل العالمي للضريبة على السجائر يتراوح بين 70 و75 في المئة بينما يبلغ في تونس في حدود 69 في المئة، لأجل ذلك طلب ممثلو منظمة الصحة العالمية من السلطات التونسية خلال اجتماعاتهم الأخيرة إقرار زيادة في أسعار السجائر من أجل بلوغ المستوى العالمي في هذه الجباية.

ومن جهة أخرى اعتبرت أميرة الزناتي أن هناك توازنات مالية يجب الأخذ بها في الاعتبار عند إقرار الزيادة في أسعار السجائر في تونس، من منطلق أن السوق الموازية أضرت بالقطاع ووكالة التبغ والوقيد المملوكة للدولة ولها حصرية الإنتاج والتوزيع والبيع، وبالتالي فإن نسق تحريك الأسعار يأخذ في الاعتبار وجوب محاربة السوق الموازية.

وكشفت عن أن "وكالة التبغ" تتعرض إلى إشكالات توريد السجائر بسبب التغيرات المتواصلة لسعر صرف الدينار إزاء اليورو أو الدولار، موضحة أنه عندما تضع الوكالة برنامجاً لتوريد السجائر باحتساب سعر صرف محدد للدينار تفاجأ عند تنفيذ عملية التوريد بتغير سعر الصرف في اتجاه الارتفاع مما يؤثر لاحقاً في السعر النهائي لبيع السجائر الموردة في تونس.

وخلصت إلى أن ممثلي منظمة الصحة العالمية طالبوا السلطات التونسية أيضاً بالزيادة في أسعار المعسل (المادة المستعملة في "الشيشة")، باعتبارها مصنفة من مواد التدخين المضرة بالصحة.

إكراهات متعددة

من جانبه برر المحلل المالي بسام النيفر لجوء الحكومة إلى رفع أثمان التبغ وكل المستلزمات المرتبطة بها، من أجل مساعدة الشركة الحكومية التي تحتكر إنتاج وتوزيع وبيع السجائر داخل البلاد في تحسين وضعيتها المالية.

ولفت إلى أنه على رغم التحسن الطفيف لنتائج الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد المالية إلا أن لديها إشكالات مالية تقدر بقيمة 391 مليون دينار (130.3 مليون دولار)، أما مصنع التبغ بمحافظة القيروان (وسط) فلديه نتائج مالية سلبية بقيمة 260 مليون دينار (86.6 مليون دولار) في 2021، ولتحسين الوضعية المالية لهاتين الشركتين الحكوميتين يلجأ إلى الترفيع في أثمان بيع منتجات التبغ، كما يقول.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفت في تصريحه لـ"اندبندنت عربية" إلى أن هذه الزيادة في الأسعار منصوص عليها في قانون الموازنة لعام 2023 لتعبئة 200 مليون دينار (66.6 مليون دولار) إضافية عن طريق تحريك أسعار السجائر في إطار الزيادة في المعلومة على الاستهلاك.

كما ربط مسألة تحريك أسعار التبغ في تونس بالتزامات تونس الدولية مع منظمة الصحة العالمية، التي تطالب كل الدول بتحريك أسعار السجائر ومنتجات التبغ سنوياً من منطلق الحفاظ على صحة الأفراد وتقليص اللجوء إلى المستشفيات بسبب الأمراض المرتبطة بالتدخين مثل (السرطان والربو وضيق التنفس وأمراض الرئة).

وكشف في هذا الصدد عن أن تونس في حال تحريك الأسعار سنوياً بنسبة 10 في المئة والقيام بحملات توعية للإقلاع عن التدخين فإن البلاد ستغنم في الأعوام الـ15 المقبلة ما قيمته 5.7 مليار دينار (1.9 مليار دولار).

وفي الحالة العكسية من عدم تحريك الأسعار سنوياً وعدم حفز الأفراد على الإقلاع عند التدخين فإن تونس ستتكبد خسائر بقيمة 22.3 مليار دينار (7.4 مليار دولار)، وفق الدراسات العلمية التي أنجزتها منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع خبراء الصحة في تونس.

وخلص بسام النيفر بالتنبيه إلى أن تحريك أسعار السجائر سيدفع المدخنين إلى اللجوء إلى السوق الموازية بالإقبال على السجائر المهربة (من الجزائر والصين) وذات الجودة المتدنية من المصنوعة محلياً، مما سيزيد، وفق تصوره، من المشكلات الصحية المرتبطة بالتدخين.

اقرأ المزيد