Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

موازنة تونس العام المقبل تصل إلى 24 مليار دولار

الحكومة تتراجع عن زيادة أسعار المواد الأساسية والمحروقات خلال سنة الانتخابات الرئاسية

زيادة قيمة منحة العائلات محدودة الدخل لتصل إلى 73 دولاراً وضم 1000 عائلة جديدة (أ ف ب)

ملخص

عجز الموازنة المتوقع العام المقبل في حدود 5.7 في المئة ونسبة النمو2.1 في المئة.

 

أفصح المشروع الأولي لإعداد موازنة تونس لعام 2024 (سنة الانتخابات الرئاسية خريف 2024) عن بلوغ حجمها نحو 71.7 مليار دينار (23.9 مليار دولار) بزيادة بنسبة 4.5 في المئة على موازنة 2023 والمقدرة بـ 69.6 مليار دينار.

وكشف مشروع الموازنة الجديدة الذي اطلعت عليه "اندبندنت عربية" من خلال وثيقة رسمية صادرة عن وزارة المالية التونسية تحت عنوان "الفرضيات والتوجهات الكبرى لمشروع موازنة الدولة لسنة 2024" عن عدم اعتزام السلطات التونسية القيام بتعديلات في أسعار المواد الأساسية الغذائية والمحروقات والكهرباء عكس ما هو مضمن في موازنة العام الحالي والذي لم يتم تطبيقه بتعليمات من الرئيس قيس سعيد الرافض لإجراءات قال إنها تهدد السلم الأهلي في البلاد مع رفضه لإملاءات صندوق النقد الدولي.

ومن المنتظر أن يبلغ عجز الموازنة السنة المقبلة نسبة 5.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 5.2 في المئة مستهدفة لسنة 2023 و7.6 في المئة مسجلة سنة 2022.

وبحسب الوثيقة تم إعداد مشروع الموازنة وفق عدد من الفرضيات أهمها اعتماد نسبة نمو بالأسعار القارة (الثابتة) 2.1 في المئة مقابل 1.8 في المئة مستهدفة لكامل سنة 2023.

يشار إلى أن الاقتصاد التونسي سجل نمواً بنسبة 1.2 في المئة خلال النصف الأول من عام 2023.

كما تم تقدير متوسط سعر برميل النفط في حدود 71 دولاراً للبرميل (خام برنت) مقابل 89 دولاراً في الموازنة الأصلية لهذه السنة (تعديل إلى مستوى 78 دولاراً) واعتماد معدل سعر صرف الدولار المسجل سنة 2023 نفسه، أي 3.1 دينار مقابل واحد دولار.

وخلافاً لفرضيات سنتي 2022 و2023 فإن الحكومة التونسية لم تدرج في مشروع الموازنة الجديدة فرضية بلوغ اتفاق مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار، مما يوحي بأن تونس تتجه نحو عدم التعويل على مساعدة الصندوق مستقبلاً.

لا زيادات في أسعار المحروقات

واعتمدت وزارة المالية عند إعداد مشروع موازنة الدولة للعام المقبل على جملة من التوجهات الكبرى سيقع تضمينها في مشروع الموازنة الجديدة لسنة 2024، من بينها إصلاح منظومة دعم المحروقات، إذ أكدت الوثيقة أن دعم المحروقات شهد ارتفاعاً مهماً يفسر أساساً بصعود الطلب الداخلي بالتوازي مع الزيادة في سعر الصرف وأسعار النفط في الأسواق العالمية.

وسيتواصل في مشروع الموازنة السنة المقبلة توفير الدعم للمحروقات مع العمل على مزيد من التحكم في هذه النفقات عبر تطبيق أنظمة مراقبة استهلاك الوقود في القطاع العمومي وتفعيل البرامج التحسيسية (الرقابة) لترشيد استهلاك المواد البترولية إلى جانب اتخاذ عدد من الإجراءات الجبائية للتشجيع على استخدام الطاقات المتجددة البديلة وغير الملوثة للبيئة، فضلاً عن تشجيع استثمار القطاع الخاص في إنتاج الكهرباء، خصوصاً في مصادر الطاقة المتجددة مع إنشاء هيئة تعديلية لحوكمة القطاع ومراقبته.

إلى ذلك لم تنص الوثيقة ضمن توجهاتها لإعداد الموازنة على إقرار زيادات في المحروقات أو في الكهرباء والغاز عكس ما حصل في موازنة سنة 2023 التي صادقت على زيادات دورية في أسعار المواد البترولية والكهرباء والغاز لكنها لم تفعّل بتعليمات من الرئيس قيس سعيد الذي يرفض هذه المسألة معتبراً أنها ستؤدي إلى اضطرابات اجتماعية وقائلاً "لن نقبل إملاءات صندوق النقد الدولي القاضي بإجراء تعديلات دورية على أسعار المحروقات إلى حين بلوغها الأسعار الحقيقية".

دعم المواد الأساسية

وعرف دعم المواد الأساسية ارتفاعاً بالعلاقة مع تطور أسعار الحبوب والزيوت النباتية في الأسواق العالمية مقابل عدم تعديلها في السوق الداخلية منذ عام 2008 وستتم في موازنة 2024 مواصلة توفير الدعم للمواد الأساسية مع العمل على مزيد من التحكم في هذه النفقات عبر مواصلة تفعيل المرسوم عدد 14 المؤرخ في 20 مارس (آذار) 2022 المتعلق بمقاومة المضاربة غير المشروعة.

كما سيتم العمل على تشديد الرقابة على مسالك توزيع المنتجات الاستهلاكية الحساسة، خصوصاً مشتقات الحبوب المدعمة وزيادة الطاقة التخزينية والتجميع، إضافة إلى التشجيع على التوسع في زراعة الحبوب، خصوصاً القمح الصلب مع توفير البذور والأسمدة الكيماوية علماً أنه تم رفع أسعار الحبوب على مستوى الإنتاج خلال مناسبتين في 2022 و2023.

وتشير هذه الإجراءات إلى أن الحكومة لن تعدل أسعار المواد الأساسية العام المقبل على رغم الظروف الصعبة في التوريد وما نجم عنها من فقدان لافت لعدد من المواد الاستهلاكية.

أوقات صعبة

وأكدت وزارة المالية التونسية أن "إعداد مشروع موازنة الدولة لسنة 2024 يتنزل في إطار يتسم بتحديات وضغوط عدة ناجمة عن تأثر الظروف الاقتصادية الدولية بتتالي الأزمات (’كوفيد-19‘ والحرب الروسية - الأوكرانية) والتداعيات الناتجة منها، إضافة إلى صعوبة الأوضاع الاقتصادية الوطنية في ظل تواصل أعوام الجفاف وندرة الموارد المائية".

وأكدت أن "العوامل المناخية أثرت في الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالإنتاج الفلاحي، بخاصة تراجع مساحات البذور ومستويات الإنتاج (صابة حبوب ضعيفة بـ 5.2 مليون قنطار في 2023)، مما أدى إلى فقدان عدد من مواطن الشغل.

هل سيتم فرض ضرائب جديدة؟

وعلى رغم أن الحكومة التونسية لا تنوي تحريك أسعار المواد الأساسية والمحروقات والكهرباء العام المقبل وفقاً لنسق إعداد الموازنة الجديدة وهذا ما ينتج منه إثقال موازنة الدعم وزيادة عجز الميزان التجاري (توريد المواد الغذائية والمواد البترولية)، إلا أن الأمر قد يحيل إلى إمكان أن تفرض وزارة المالية في مشروع قانون المالية الجديد ضرائب جديدة سواء الرفع من نسبة الأداء على القيمة المضافة (حالياً 19 في المئة) أو زيادة في المعلوم على الاستهلاك (المشروبات الكحولية والسجائر والسيارات) أو حتى فرض أتاوات جديدة على الموظفين في بعض المعاملات الإدارية والمالية إلى جانب إمكان فرض ضرائب على الشركات أو الترفيع في الضرائب القديمة.

وفي صورة سن ضرائب جديدة على غرار ما تم إقراره خلال الأعوام الأخيرة فإن المتخصصين ما انفكوا يحذرون السلطات القائمة من أن تلك الإجراءات ستضر بشكل كبير بيئة الأعمال في البلاد وتنفر المستثمرين التونسيين والأجانب، كما أنهم لا يستبعدون في حال إقرار ضرائب جديدة أن ترتفع نسبة الضغط الجبائي والمقدرة حالياً بحوالى 25 في المئة وهي الأعلى في القارة الأفريقية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مواصلة إصلاح منظومة الضرائب

من جهتها تعتقد وزارة المالية بأن الإصلاح الجبائي أو الضريبي يمثل أحد أهم محاور الإصلاحات الكبرى لما له من دور أساسي في تمويل الموازنة باعتباره آلية من آليات تنفيذ السياسات الاقتصادية، لذلك ستعمل في مشروع موازنة العام المقبل على مواصلة إرساء الإصلاحات الضريبية الضرورية لإضفاء مزيد من النجاعة الاقتصادية والمالية وتكريس مبادئ العدالة الضريبية.

وستعمل "المالية" عام 2024 على تحسين قدرة الدولة على استخلاص مواردها للحد من الضغوط على المالية العامة مع مواصلة التصدي للتهريب الضريبي وإدماج الاقتصاد الموازي.

وفي الإطار نفسه وبغية الحد من النفقات الضريبية سيتم العمل على مواصلة ترشيد الامتيازات الضريبية وتوجيهها نحو الاستثمارات ذات الأولوية والمشاريع التنموية التي تسهم بصفة مباشرة في تطوير النشاط الاقتصادي.

ولم يغفل مشروع الموازنة الجديدة الإشارة إلى التحديات الناجمة عن التغيرات المناخية، إذ سيتم العمل على إيجاد آليات وإجراءات لتشجيع الاستثمار في الاقتصاد الأخضر والطاقات البديلة والنظيفة والمتجددة التي لا تزال تواجه صعوبات عدة لتنطلق في تونس.

مساعدة العائلات الفقيرة

من جانب آخر أظهرت وثيقة الفرضيات والتوجهات الكبرى لمشروع موازنة تونس لسنة 2024 أنه سيتم مواصلة الحفاظ على الدور الاجتماعي للدولة عبر نفقات التدخلات في الميدان الاجتماعي أو الاقتصادي أو الثقافي باعتبارها نفقات تهدف خصوصاً إلى إعادة توزيع الدخل ومقاومة الفقر وإعادة توازن السوق وبرامج التضامن الوطني والسكن الاجتماعي ومنح الطلبة والإعانات المدرسية والجامعية.

كما ستتم في موازنة 2024 زيادة عدد العائلات محدودة الدخل المنتفعة بمنحة (1000 عائلة إضافية) كما ستتم زيادة مبلغ المنحة بمقدار20 ديناراً (6.5 دولار) لتصبح 220 ديناراً شهرياً (73.3 دولار).

ووفق بيانات الشؤون الاجتماعية في تونس فإن عدد العائلات المعوزة (الأكثر احتياجاً) ومحدودي الدخل في تونس يبلغ 963 ألف عائلة أي ما يعادل 4 ملايين تونسي.

اقرأ المزيد