Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

علاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي عملية مليئة بـ"المواد السامة"

ستطالب اليونان بتحويل بحر إيجة بأكمله إلى بحيرة يونانية كما فعلت في السنوات السابقة

"تركيا ليست جزءاً من القيم التاريخية والثقافية التي ينتمي إليها الاتحاد الأوروبي" (أ ف ب)

ملخص

ليس من الممكن أن تصبح تركيا عضواً في الاتحاد الأوروبي بأي شكل من الأشكال

في تقريرنا هذا سنحاول بإيجاز مناقشة العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة، لعل هذه القضية كانت من القضايا التي عرضت على الشعب التركي بشكل دعاية، وعادت إلى الواجهة الفترة الماضية مثل التصريحات التي تقول "سنساعد في انضمام السويد إلى الناتو، وفي المقابل تدخلوننا في الاتحاد الأوروبي"، وهذه المسألة الآن واحدة من القضايا التي تضعها البيروقراطية لدى القيادة.

 

عند الحديث عن هذا الأمر يقال "الاتحاد الأوروبي لم يف بالوعود التي قطعها لنا في ما يتعلق بالعضوية واستمرار مفاوضات العملية"، لكن في المقابل، الاتحاد الأوروبي لديه كثير من الردود المضادة والأعذار. ويقول قادته أيضاً إن تركيا لم تف بالوعود التي قطعتها من قبل، لذلك يبدو أن الطريق مسدود في هذه القضية، وبما أنه من المفيد جداً للجميع أن تكون علاقات مع الاتحاد الأوروبي أكثر استقراراً لأنها وجهة لجزء كبير من تجارتنا الخارجية، أود أن أذكر بعض النقاط بهذا الخصوص:

أولاً: ليس من الممكن أن تصبح تركيا عضواً في الاتحاد الأوروبي بأي شكل من الأشكال، ويتجاوز عدد سكانها 85 مليون نسمة، ويزداد بنحو مليون سنوياً، تركيا أكبر دولة من حيث عدد السكان في أوروبا، وإذا انضمت إلى الاتحاد هذا يعني أنه في ظل الظروف الطبيعية أن يكون لديها أعلى حقوق التمثيل في مؤسسات الاتحاد الأوروبي.

ثانياً: الجغرافيا التركية صعبة للغاية بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، الذي يتصرف ثقافياً بشكل متحيز، إذ يرى أن "تركيا ليست جزءاً من القيم التاريخية والثقافية التي ينتمي إليها الاتحاد الأوروبي"، فيبدو أن تركيا ليس لها مكان في الاتحاد الأوروبي، وعندما يتم طرح القضية يرد الاتحاد الأوروبي بأن "تركيا في الوقت الراهن تتمتع بهيكل استبدادي، وتفتقر إلى الديمقراطية، ولا يتم فيها تنفيذ سيادة القانون بالكامل"، وعلى رغم الإصلاحات التي قام بها "حزب العدالة والتنمية" في السنوات الماضية، عندما كان مقرباً من الاتحاد الأوروبي والعالم الغربي، والخطوات التي اتخذها نحو التقدم والتي دفعت الاتحاد إلى الإشادة بها، على رغم كل ذلك لا يمكن قبول تركيا في الاتحاد الأوروبي لاختلاف سكانها وجغرافيتها وثقافتها، ومن بين أحد البنود التي تتم مناقشتها هو "القدرة الاستيعابية"، فحتى لو استطاعت تركيا التغلب على كل هذه العقبات واستوفت جميع المعايير، في النهاية سيتم أخذ القدرة الاستيعابية في الاعتبار من جانب الاتحاد الأوروبي الذي يطرح دائماً السؤال "هل يمكننا جعل دولة بهذا الحجم عضواً؟"، وباختصار، إذا جمعنا كل هذه الأسباب يتضح لنا أن استمرار هذه العملية السامة غير مرغوب فيه بأي شكل من الأشكال.

وإذا عادت تركيا للدخول في مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد، سيقولون "نحن نفتح الفصول كذا وكذا، ونتخذ إجراء مرة أخرى مع فصول كذا وكذا..."، وسوف تبدأ الأسئلة، على سبيل المثال لا الحصر سيقولون: ما نوع السياسة التي ستتبعها تركيا في القضية القبرصية أثناء مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد؟ بما أن قبرص اليونانية أصبحت عضواً في الاتحاد الأوروبي تحت اسم جمهورية قبرص.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأيضاً، ستطالب اليونان بتحويل بحر إيجة بأكمله إلى بحيرة يونانية كما فعلت في السنوات السابقة، وعلى تركيا أن تقبل بذلك، وهذه أشياء معروفة بالفعل، كما أن تركيا إذا دخلت الآن في عملية المفاوضات فإنها لن تتمكن من مقاتلة "حزب العمال الكردستاني" أو "حزب الاتحاد الديمقراطي" (ما يسمى وحدات حماية الشعب بسوريا)، ولذلك، فإن هذه العملية لا معنى لها.

أما إذا أرادت تركيا تحسين علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي والغرب من خلال الاستفادة من تأثيرات التعددية القطبية، فيمكننا التحدث عن عملية عضوية سريعة، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا لأسباب استراتيجية وجيوسياسية، لكننا نرى من رد الفعل الغربي على تصريحات السلطات التركية عدم وجود مثل هذا الاحتمال، على سبيل المثال، رد كل من مسؤولي الاتحاد الأوروبي، بخاصة المستشارة الألمانية، والولايات المتحدة على تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان حول التفاوض على عضوية السويد في "الناتو" مع عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ببيانات منفصلة، وقالوا "إن قضية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وقضية انضمام السويد إلى حلف الناتو هما عمليتان منفصلتان"، وأعتقد أن هذه كذبة كبيرة تستخدم ضدنا، إذ إنه بعد نهاية الحرب الباردة ومنذ نهاية التسعينيات، انضمت جميع دول أوروبا الشرقية السابقة التي كانت مدرجة في الاتحاد الأوروبي إلى "الناتو"، وبفضل البيئة الأمنية التي يوفرها "الناتو"، تم ضم هذه الدول إلى الاتحاد الأوروبي، وبعبارة أخرى، فإن عمليات "الناتو" والاتحاد الأوروبي موازية بعضها لبعض، ربما تكون تركيا البلد الوحيد الذي لم يتم فيه تنفيذ ذلك بهذه الطريقة، لكنهم مصممون على إخبارنا بهذه الكذبة.

إذا كانت تركيا تسعى إلى إصلاح علاقاتها مع الغرب، فستقيم أيضاً علاقات جيدة مع روسيا في العالم المتعدد الأقطاب، وكذلك ستقيم علاقات جيدة مع الصين، وفي الوقت ذاته يتم الحفاظ على العلاقات الجيدة مع "الناتو"، هذه سياسة خارجية متوازنة وحذرة، لكن ما يتعين على تركيا القيام به هو إدراك أن طريقة إقامة علاقات جيدة مع الغرب لا تتمثل في محاولة إحياء عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فلربما، ذات يوم، ستجعل الالتزامات الاستراتيجية والجيوسياسية الاتحاد الأوروبي يعود إلى تركيا ويقول لها "نريد أن نجعلك عضواً في الاتحاد الأوروبي فوراً بقرار عاجل".

وإذا أردنا إصلاح العلاقات مع الغرب، فنحن في حاجة إلى استغلال الفرص التي يوفرها العالم متعدد الأقطاب لتركيا وأن نكون متسقين في هذه الأمور، فإذا قال بعض البيروقراطيين والساسة السابقين "إذا أعدنا إحياء مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فسنضمن مزيداً من الاستثمار في تركيا، وهذا ما نحتاج إليه في هذه الأزمة الاقتصادية"، فيجب علينا عدم تصديق ذلك، لأن طريقة جذب الاستثمار الأجنبي شيء آخر، إذ إنه يوجد عديد من الدول الآسيوية وغيرها من الدول التي ليست لها روابط عضوية في الاتحاد الأوروبي تجتذب استثمارات غربية ضخمة، لذلك هذه قضية مختلفة ويجب النظر فيها بشكل منفصل.

تركيا تشترك في أفكارها مع الدول التي تتوقع أن تتخذ خطوات بخصوص القضية القبرصية، والتي تتوقع منها الاعتراف بجمهورية شمال قبرص التركية، أو أن "تركيا والأتراك ربما يتنازلون عن حل الدولتين في قبرص"، على سبيل المثال أعطى الرئيس أردوغان رسائل إيجابية للغاية عندما استقبل الرئيس الصيني شي جينبينغ، تماشياً مع روح التعددية القطبية عندما قال "لا نجد سياسات الناتو لتطويق الصين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ صحيحة، ولا نرى صعود الصين تهديداً"، وهذا صحيح ومنطقي ويتوافق مع المصالح الوطنية لتركيا.

لذلك عندما يلتقي الرئيس أردوغان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الأيام المقبلة، فمن المحتمل أن يؤكد العلاقات التركية - الروسية في المجالات العسكرية والاقتصادية والسياسية وغيرها، وما أراه هو أن تركيا مستمرة في سياسة التواصل بخط متعدد الأقطاب، بما يتماشى مع روح التعددية القطبية، لكنني في الوقت ذاته أدرك مشكلة واحدة، وهي مشكلة الاتصال الاستراتيجي.

عم "اندبندنت تركية"

 

ملاحظة: الأفكار الواردة في هذا المقال تخص المؤلف وقد لا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لـ"اندبندنت تركية".

المزيد من تقارير