Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السعودية تسمي أول سفير لها وقنصل لدى دولة فلسطين

السديري بعد تسليم أوراق اعتماده في الأردن اعتبر أن "الخطوة تحمل دلالات كبيرة"

 سفير السعودية يقدم أوراق اعتماده لدى السلطة الفلسطينية (السفارة السعودية في الأردن)

ملخص

السديري بعد تسليم أوراق اعتماده في الأردن اعتبر أن "الخطوة تحمل دلالات كبيرة"

أعلنت وزارة الخارجية السعودية تعيين سفير لها وقنصل غير مقيم في القدس باعتبارها عاصمة الدولة المرتقبة التي لا يزال الفلسطينيون ومن ورائهم العرب ينشدون إقامتها على أراضي ما بعد اجتياح 67، المحتل أكثرها حتى الآن من جانب إسرائيل.

وقالت وكالة الأنباء السعودية في بيان مقتضب إن "سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة الأردنية الهاشمية نايف بن بندر السديري، اليوم (السبت)، سلم نسخة من أوراق اعتماده سفيراً فوق العادة مفوضاً وغير مقيم لدى دولة فلسطين، وقنصلاً عاماً بمدينة القدس، إلى مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي"، ليكون أول سفير للرياض ومبعوث لها في الأراضي الفلسطينية منذ عقود.

 وذكرت الوكالة أن مراسم تسليم نسخة أوراق الاعتماد جرت في مقر سفارة دولة فلسطين في عمان، واستعرض أثناءها الجانبان "أوجه العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين وسبل تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات".

وتناولت وكالة الأنباء الفلسطينية الخبر بالتزامن، مضيفة أن الجانب الفلسطيني رحب بالسفير السعودي، واصفاً الخطوة بالمهمة لأنها "ستسهم في تعزيز العلاقات الأخوية القوية والمتينة التي تربط البلدين والشعبين".

وأكدت أن المسؤول الفلسطيني الذي تسلم أوراق الاعتماد، نقل نيابة عن الرئيس محمود عباس، "شكر دولة فلسطين وتقدير شعبها وقيادتها لمواقف المملكة العربية السعودية الثابتة تجاه الشعب الفلسطيني وإسنادها الدائم للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية كافة".

تنسيق عربي أوسع

يأتي ذلك في وقت تقرر عقد قمة ثلاثية غداً الأحد في القاهرة تضم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والعاهل الأردني عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس، قالت وكالة أنباء رام الله إنها تستهدف "بحث القادة الثلاثة آخر مستجدات القضية الفلسطينية وتنسيق المواقف لحشد الدعم الدولي لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وإنجاز حقوقه الوطنية المشروعة في الحرية والاستقلال وإقامة دولته بعاصمتها القدس الشرقية"، في تحرك جاء متناسقاً على الأرجح مع الخطوة السعودية.

وذكر الجانب الفلسطيني في هذا الصدد أن العمل جار للتشاور بغية "توحيد الرؤى للتعامل مع التحركات السياسية والإقليمية والدولية".

ونشر حساب السفارة السعودية لدى الأردن على منصة "إكس" صوراً عدة لتسليم السفير السديري أوراق اعتماده في مقر سفارة فلسطين بعمان ومشاهد إقامة حفل اللمناسبة التاريخية.

وربطت تقارير صحافية بين المبادرة السعودية الجديدة وتحرك واسع تقوده واشنطن لإحداث اختراق في العلاقات بين السعودية وإسرائيل، تؤكد المصادر أن بين شروط الرياض للمضي قدماً فيها إظهار تل أبيب الجدية في دعم مسار حل الدولتين.

وكان البيت الأبيض أعلن الأربعاء الماضي أنه لا يوجد إطار عمل متفق عليه للتوصل إلى اتفاق تعترف السعودية بموجبه بإسرائيل وأنه يتعين خوض محادثات كثيرة قبل توقيع مثل هذا الاتفاق، وجاء هذا الإعلان بعد نشر صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريراً قالت فيه إن الولايات المتحدة والسعودية اتفقتا على الخطوط العريضة لتفاهم مع تل أبيب.

دلالات الخطوة السعودية

ورأى كتاب سعوديون مثل عبدالرحمن الراشد أن تسمية أول سفير للرياض في فلسطين "خطوة مهمة"، فيما اعتبرها آخرون أولى بوادر "إقامة دولة فلسطينية" قابلة للحياة.

وكان الأمير بندر بن سلطان وثق في مقابلة مطولة أجراها مع "اندبندنت عربية" كيف أن بلاده سعت في كل المراحل إلى وضع ثقلها خلف القضية الفلسطينية وبذل جهود مضنية في سبيل إقامة الدولة المنشودة، في محاولات إثر أخرى، كاد يحالفها النجاح في أكثر من مرحلة.

من جهته قال السفير السعودي في تصريح إلى قناة "الإخبارية" إن تعيينه سفيراً لبلاده لدى فلسطين، "يحمل دلالات كبيرة في تعزيز العلاقة مع فلسطين وإعطائها دفعة ذات طابع رسمي في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية... لتكون كما كانت وأفضل".

وفي اتصال مع سفير فلسطين لدى السعودية باسم الآغا، اعتبر في تصريح إلى "اندبندنت عربية" أن القرار يشكل تحولاً كبيراً في مسيرة القضية، وقال "هذه هي السعودية وقيادتها وشعبها، موقف ثابت راسخ نحو فلسطين والقدس، ودائماً في أوقات يتخيل بعضهم أن فلسطين نسيت أو على الهامش يفاجئوننا والعالم بمثل هذه الخطوة الكبيرة".

ولفت الآغا إلى أن الرياض لم تكن غريبة على القدس، إذ كان لها قبل 1948 قنصل أو قائم بالأعمال هو عبدالعزيز الكحيمي، ومعروف مقرها في حي الشيخ جراح لدى المقدسيين.

نقاش أميركي

وكان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود علق الشهر الماضي على الأنباء التي تتردد في شأن العلاقة مع تل أبيب بأن "تطبيع العلاقات يصب في مصلحة المنطقة، وستكون له مزايا كبيرة للجميع، لكنها ستكون محدودة من دون إيجاد مسار للسلام مع الفلسطينيين يُفضي إلى معالجة هذه التحديات"، داعياً خلال المؤتمر الصحافي الذي جمعه مع نظيره الأميركي في الرياض في يوليو (تموز) الماضي إلى "التركيز على إيجاد مسار لحل الدولتين ومنح الفلسطينيين الكرامة والعدالة"، لافتاً إلى أن بلاده "تعتقد بأن الولايات المتحدة لديها وجهة النظر نفسها".

ووفقاً لتحقيق نشرته "نيويورك تايمز" في وقت سابق لأربعة من مراسليها المحترفين في المنطقة، فإن إسرائيل باتت أقرب لفهم موقف السعوديين ذاك أكثر من مرحلة سبقت، فهي من جانبها تنظر إلى العلاقة من زاوية استراتيجية أبعد من اتفاق سلام شكلي، ولذلك تؤمن بأنه "ما لم تكن هناك تسويات حقيقية من جانب إسرائيل تجاه الفلسطينيين، فستكون الصفقة (مع السعودية) سريعة الزوال وستضيع التنازلات الأميركية للسعوديين"، بالنظر إلى كون الرياض محل تطلع العالم الإسلامي.

وذكرت أن السعوديين لا يملون من تكرار أنهم "لن يقيموا علاقات مع إسرائيل من دون اتفاق يتضمن إنشاء دولة فلسطينية"، وفق مبادرة السلام العربية لعام 2002 التي جدد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان التمسك بها في قمة جامعة الدول العربية الأخيرة.

وفي أول رد فعل على الخطوة السعودية، استبعدت إسرائيل وجود مقر دبلوماسي في القدس للسفير السعودي الجديد لدى فلسطين.
وتعتبر إسرائيل القدس عاصمتها، وهو وضع اعترفت به الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2017 لكن قوى عالمية أخرى لم تقدم على ذلك. وتمنع السلطات الإسرائيلية النشاط الدبلوماسي الفلسطيني في المدينة.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين لمحطة 103 إف.إم الإذاعية في تل أبيب الأحد "ربما يكون (السديري) موفداً سيلتقي بممثلين في السلطة الفلسطينية". وأضاف "لن نسمح بفتح أي نوع من البعثات الدبلوماسية" في القدس. وقال "هل سيكون هناك مسؤول متمركز فعليا في القدس؟ هذا ما لن نسمح به".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ارتياح شعبي

وقوبلت الخطوة السعودية بكثير من الارتياح والرضا الشعبي قبل الرسمي.

ويرى الفلسطينيون فيها "رداً عملياً محورياً على محاولات إسرائيل تهميش القضية الفلسطينية والقفز عنها في أي اتفاق محتمل بين الرياض وتل أبيب".

ولم تقتصر الخطوة السعودية على تعيين سفير فوق العادة، لكن الرياض عينت أيضاً قنصلاً عاماً في القدس، وهو ما اعتبر "رفضاً لاعتراف الإدارة الأميركية بالقدس عاصمة لإسرائيل".

وجاءت الخطوة بعد نحو 30 عاماً على تأسيس السلطة الفلسطينية، وأكثر من 10 أعوام على الاعتراف بفلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة.

ولأكثر من 20 عاماً واصلت القنصلية السعودية العامة لدى القدس تقديم خدماتها للفلسطينيين قبل سيطرة إسرائيل على المدينة عام 1967، وكان مقر القنصلية العامة للسعودية التي عملت بين عامي 1948 و1967 يقع في حي الشيخ جراح المزدحم بالقنصليات العربية والأجنبية، لكنها أغلقت إثر سيطرة إسرائيل على القدس، وحولت تل أبيب مقرها إلى مكتب لجهاز الأمن العام (شاباك).

الدور السعودي

واعتبر باحثون سياسيون الخطوة السعودية "مؤشراً على دور سعودي قادم في فلسطين، ورفضاً لمحاولات إسرائيل القفز عن القضية الفلسطينية وتهميشها في أي اتفاق مستقبلي".

ويرى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني محمد هواش أن خطوة السعودية "مفيدة جداً للفلسطينيين"، مشيراً إلى أنها "تكتسب مغزاها وأهميتها من اللحظة الحالية التي تجرى فيها محاولات إسرائيلية - أميركية لتجاوز القضية الفلسطينية وإقامة علاقات مع دول عربية على حساب فلسطين"، وقال هواش إن "الخطوة السعودية تنسجم مع مواقفها الثابتة في دعم حصول الفلسطينيين على دولة مستقلة على حدود عام 67 وعاصمتها القدس وفق مبادرة السلام العربية".

وأوضح أن "الرياض تعمل حالياً على تنفيذ سياسة دولية وإقليمية بإقامة علاقات جديدة مع بكين وموسكو بما يتناسب مع قوتها والتمسك بحقوق الفلسطينيين المشروعة".

كما يؤكد هواش أن العلاقات الاقتصادية والعسكرية المتنامية للرياض مع بكين وموسكو تتم بمعزل عن موقف واشنطن، مضيفاً أن "الرياض تتحرك بما يتماشى مع مصالحها وليس مع الرغبات الأميركية والإسرائيلية"، مشدداً على أن "حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وفق القانون الدولي يعتبر في جوهر وصلب السياسية السعودية".

إحباط مساعي نتنياهو

بدوره شدد المحلل السياسي عصمت منصور على أن "الخطوة السعودية بتعيين سفير مفوض فوق العادة أحبطت مساعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى عزل القضية الفلسطينية عن مشاريعه لإقامة علاقات دبلوماسية مع الرياض"، وقال منصور إن "نتنياهو ووزراء حكومته لا يتوقفون عن إطلاق التصريحات أحياناً والتلميحات في أحيان أخرى بأن قضية فلسطين لم تعد تشكل عائقاً أمام التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات مع دول عربية".

ويرى منصور أن تعيين السفير السعودي لدى الأردن نايف السديري سفيراً مفوضاً فوق العادة "يبعث برسالة تطمين لعمّان بأن الرياض لا "تزاحمها على الوصاية على المقدسات في القدس".

ويحظى السفير فوق العادة بأعلى مرتبة دبلوماسية في مراتب السفراء، ويمنح لقبه عادة لشخص مكلف بمهمات خاصة لبلده لدى بلدان أخرى أو منظمات دولية تمكنه من إمكانات استثنائية لأداء واجباته، كما يتمتع بصلاحيات قانونية موسعة تشمل توقيع اتفاقات باسم الدولة أو الهيئة التي يمثلها، خلافاً للسفير العادي.

المزيد من الأخبار