Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بندر بن سلطان يفتح "نار التاريخ" على قادة فلسطين بعد هجوم رام الله على الخليج

أكد في وثائقي بثته "العربية" أن حماة القضية أحد الأسباب في ضياعها بسبب رهاناتهم على الخاسرين منذ "النازية" إلى صدام وإيران وتركيا

الأمير بندر بن سلطان آل سعود (العربية)

فتح مسؤول سعودي سابق النار على القادة الفلسطينيين - أحياء وأمواتاً -  واعتبرهم أحد أكبر الأسباب في ضياع "قضيتهم العادلة"، التي دفع فشلهم في اقتناص الفرصة تلو الأخرى إلى إبقائها من دون حل حتى اليوم.

وأقر الأمير بندر بن سلطان في سياق حديثه بأن تصريحاته جاءت كرد فعل على هجوم سابق لقادة فلسطينيين من مستويات عدة على دول الخليج، واتهام الموقعين على اتفاق السلام مع إسرائيل أخيراً، بأنهم "خانوا القدس وسددوا طعنة مسمومة في ظهر القضية الفلسطينية"، وهو ما اعتبره عضو الأسرة الحاكمة في السعودية "تنكراً لكل شيء"، في إشارة إلى دعم بلاده والخليج للفلسطينيين في منعطفات صراعهم مع الإسرائيليين منذ عهد مؤسس السعودية الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن.

وجدد في وثائقي من ثلاثة أجزاء، بثت قناة "العربية" الجزء الأول ليل الاثنين - الثلاثاء، ما كان سفير السعودية السابق في واشنطن قد قاله في حوار حصري مع "اندبندنت عربية"، إذ روى أن الفلسطينيين ضربوا أفظع الأمثلة في تضييع الفرص المتوافرة في كل مرة لإيجاد المخرج من النزاع مع المحتل الإسرائيلي، ثم لا يلبثون أن يتباكوا عليها بعد فواتها.

وقال "بعد اتفاق أوسلو سألت الاخ أبا عمار رحمة الله عليه عن رأيه في ملحق الحكم الذاتي في معاهدة كامب ديفيد، قال لي الملحق أفضل عشر مرات من اتفاق أوسلو، ولقد رفضته لأن حافظ الأسد هددني بالقتل وقسم فلسطين إلى شطرين إن أنا فعلت ذلك. لم يكن بوسعي غير السكوت، لكنني قلت في نفسي أحياناً يموت المرء شهيداً من أجل وطنه ولا يعيبه ذلك".

ويدافع الفلسطينيون عن مواقفهم التي دعمهم فيها العرب كل مرة بأنهم مؤتمنون على حق شعبهم المهجّر والمسجد الأقصى الذي هو مقام مقدس يهم كل المسلمين، ولا يمكنهم التوقيع على اتفاق لا يفي بالحد الأدنى. إلا أن الذي يرويه بندر بن سلطان في شهادته لـ"اندبندنت عربية" أن ما يطالب به القادة الفلسطينيون يجدونه أحياناً ممكناً بفضل ضغوط بلاده، إلا أنهم لا يتعاملون مع الأمر بالجدية التي يستحق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وذكر أن الملك فهد زار الولايات المتحدة كولي للعهد عام 1977 في عهد الرئيس كارتر، واستقبله الأميركيون استقبال رئيس دولة واستضيف في "البلير هاوس" قرب البيت الأبيض، وبعد العشاء الرسمي، قال كارتر: سمو الأمير نريد أن نجلس على انفراد. فأجابه: ولك ذلك.

ويضيف الأمير: "وهما في الشرفة قال كارتر أريد أن أحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأريدهم أن يتحدثوا مع بعضهم بعضاً، وأعتقد أننا قادرون على فعل شيء. أنا أريد أن يعترف الفلسطينيون بالقرارين الأمميين 242 و338، ومقابل ذلك، سأعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل وحيد للشعب الفلسطيني ونفتح مكتباً لهم في واشنطن".

دخل السرور قلب الملك فهد - ولي العهد وقتها - بكلام الرئيس كارتر، ولم يصدق نفسه، وطلب - حسب الأمير بندر - من الرئيس كارتر إعادة ما قاله. يقول الأمير في سرد القصة: "قال: أرجو من فخامتكم إعادة الكلام كاملاً، وأخذ ورقة ودوّن جميع النقاط. ثم سأله: هل أنت متأكد فخامة الرئيس؟ نحن نريد ذلك منذ سنوات ولم يحدث. رد كارتر بـ "أعدك". هذا مقابل اعتراف الفلسطينيين ومنظمة التحرير بالقرارين 242 و338، وفي هذه الحالة يمكن بدء المفاوضات.

يقول الأمير إن الملك فهد من شدّة حماسته للعرض، غيّر  جدول أعماله، لأهمية حل القضية الفلسطينية بالنسبة له، فبعدما كانت وجهته بعد العاصمة الأميركية واشنطن إلى ماربيا في إسبانيا لقضاء إجازته، عاد إلى السعودية وكان الملك خالد وقتها في الطائف، وطلب من الأمير سعود الفيصل الاتصال بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ودعوته إلى الطائف.

يعود الأمير بندر فجأة لسرد رد فعل المسؤولين الأميركيين في حكومة كارتر بعدما غادر الملك فهد بالورقة: "بعد ما غادر الأمير فهد إلى السعودية، كنا أنا ورئيس الاستخبارات ووزير الدفاع، ننتظر رد الرئيس كارتر، وحين أخبرنا، أمسكنا برؤوسنا، كيف كان كارتر يغير سياسة أميركا كاملة يقول المسؤولون الأميركيون: نحن نرفض الاعتراف بالفلسطينيين حتى اعترافهم بإسرائيل، وأنت الآن تقول لهم فقط اعترفوا بالقرارين ونحن نعترف بممثل رسمي لكم؟ قال كارتر لهم، الفكرة طرأت على بالي الآن ووعدت بها الأمير فهد ولن أخلف وعدي".

جاء أبو عمار إلى الطائف، وقرأ عليه الأمير فهد ما حدث بينه وبين كارتر، وقفز من الفرحة وقبّل الأمير وقال: أنت حررت فلسطين وأنت حررت القدس. شكره الملك فهد وقال ما رأيك؟ إن كنت ترى أن فيه مصلحة للفلسطينيين أخبرني حتى نخبرهم، وإذا لا أيضاً أخبرني. قال كيف يا سمو الأمير؟ على العكس. ثم طلب الأمير فهد من ياسر عرفات كتابة قبوله بهذا الشيء والتوقيع عليه، ثم سأل ياسر عرفات لمن أوجهه؟ قال الملك فهد لمن تريد، وألف مبروك. وأنا مستعد أن أعود إلى أميركا بنفسي من أجل الموضوع، وإن لم أتمكن سأرسل الأمير سعود. وقال ياسر عرفات: لكن عندي طلب بسيط، قال أريد إمهالي يومين. قال الملك فهد: يومان؟ وافقت.

وردّ عرفات: أريد أن أذهب إلى الكويت يومين حتى أخبر مجلس قيادة الثورة الفلسطينية ثم أعود. وقال الملك فهد: اتفقنا.

يقول الأمير بندر: "وطلب ياسر عرفات طائرة، وأعطوه طائرة، وذهب إلى الكويت، كان السفير الأميركي في السعودية يدعى جون سي. ويست واتصل بالديوان الملكي وقال: الرئيس كارتر يسأل هل عندكم جواب أم لا؟ فطالبناهم بالانتظار. مرت تسعة أيام، ليأتي بعدها مندوب فلسطيني من الكويت، بخطاب من أبو عمار، موجه لكارتر وموقّع، ويقول الخطاب إنه بناء على اتفاقك مع فهد بن عبد العزيز، نحن موافقون بحسب الشروط التالية ووضع عشرة شروط، الاتحاد السوفياتي نفسه لا يستطيع فرضها على أميركا، وكان كارتر يقول اعترفوا ودعونا نبدأ".

بحسب بندر بن سلطان، فإن تلك اللحظات عصيبة على الملك فهد، ينتظر الجواب، فيأتي التعقيد من الجانب الفلسطيني، ولا يود توضيح ذلك للجانب الأميركي. يقول الأمير : "قرأ الملك فهد خطاب عرفات الجديد، وطلب من السفير الأميركي أن يأتي إلى الطائف وحين وصل أبلغه الأمير فهد نقل تحياته للرئيس كارتر وقال له إن السعودية درست العرض المقدم، ووجدت أنه لا يفي بحق الفلسطينيين وبالتالي قررنا أننا لا نعطيهم القرار - كل هذا لكي لا يلقي باللوم على الفلسطينيين – يقول زبيغنيو بريجنسكي، مستشار الأمن القومي لدى الرئيس الأميركي جيمي كارتر، حين جاء الخبر احتفلنا برفض الفلسطينيين هذا القرار".

وبالعودة إلى الوثائقي فإن بندر قال إنه يروي تلك الحقائق لمواطنيه السعوديين ليدركوا في عصر لا يمكن فيه إخفاء المعلومات بأي حس مسؤولية كانت تتعاطى قيادتهم مع قضية فلسطين، في مقابل لغة اعتبر "مستواها واطياً لا تصدر ممن يريد أن يقف الناس معه"، لكنه تفهمها بوصفها "تعكس حتى أسلوب تعاملهم مع بعضهم بعضاً"، مشيراً إلى حادثة المصالحة التي قادتها السعودية بين فتح في رام الله وحماس في غزة بعد انشقاق الأخيرة، وكيف أن الجمع بين الطرفين الفلسطينيين لا يقل صعوبة عن جمع الفلسطيني بالإسرائيلي، وهي المعاناة التي ذهبت سدى لأنهما على الرغم من أيمانهما المغلظة أمام الكعبة المشرفة، إلا أنهما عادا للاقتال مجدداً، فيما لا تزال مصر تبذل جهوداً مضنية لإيجاد أقل صيغة للوفاق بينهما.

وكان الأمير يعلق هنا على التصريحات الأخيرة في رام الله التي استدعت مطالبة مجلس التعاون لدول الخليج العربية السلطة الفلسطينية بالاعتذار، وهو ما قام به الرئيس محمود عباس بالفعل، إلا أن المسؤول السابق في حكومة بلاده ظل غاضباً كما صرح، قبل أن يتحول غضبه إلى “حزن وألم".

ولفت الأمير السعوديين الذين وجّه إليهم الخطاب في هذا السياق إلى أن الخليج ناله من قادة فلسطين ما لا يمكن نسيانه أو استغراب أي موقف بعده، يوم زار عرفات صدام حسين في بغداد يحييه على احتلال الكويت، التي قال الأمير إنها وقفت بشكل خاص مع قضية فلسطين لدرجة أنها كانت مقراً لقادة السلطة، فكان موقف عرفات مؤلماً لهم، وكذلك بالنسبة إلى الرياض التي أقيمت الاحتفالات في نابلس الفلسطينية ليلة دك صدام منازلها بالصواريخ، التي كانت السعودية من دفع ثمنها من أجل تعزيز موقف العراق في حربه ضد إيران.

يخلص الأمير السعودي من كل ذلك إلى تسجيل موقف بلاده إلى جانب العرب في حروبهم كافة مع إسرائيل، وقال إنهم "أهل فعل وقول. وقدموا الجنود والمواقف والشهداء في كل الميادين". لكنه صارح مواطنيه بأن الزمن تغير، وأن أحد أسباب تكرار القادة الفلسطينيين أخطاءهم تجاه منطقة الخليج، هو الصفح عن تلك الأخطاء وجعلها تمر من دون حساب. "فهم يطلبون المساعدات ونحن نقدم معها النصيحة، يأخذون بالأولى ويتركون الثانية، مرة بعد أخرى".

وأبدى أسفه نحو ما اعتبره رهان الفلسطينيين على الخاسرين، منذ النازية وصدام حسين، والآن إيران وتركيا، في وقت كان العرب قاطبة معهم في أحلك الظروف حتى ارتكبوا خطأ كبيراً بحسب الأمير عندما قاطعوا جمهورية مصر، "من أجل خاطر الفلسطينيين" بعد توقيعها "كامب ديفيد". في إشارة منه إلى أن تأييد العرب الحق الفلسطيني لم يكن هو المشكلة أو سبب الفشل.

وكانت السعودية نفت بعد توقيع كل من الإمارات والبحرين اتفاق السلام مع إسرائيل أنها معنية بحذو هذه الطريق، إلا وفق مبادرة السلام العربية، التي صادق فيها العرب عام 2002 على إقامة علاقة طبيعية مع إسرائيل إذا ما أنهت احتلالها الأرض الفلسطينية.

المزيد من سياسة