Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المرأة التونسية في عيدها... تراجع وقلق

سجال حول واقعها وحقوقها وما تحقق لها في سنوات الديمقراطية

المرأة التونسية أصبحت تناضل للحفاظ على مكتسبات كانت نعتبر بديهة (رويترز)

تحتفل تونس في 13 أغسطس (آب)، للمرة الثالثة والستين، بالعيد الوطني للمرأة، في ظل سجال حول واقع المرأة وحقوقها وما تحقّق لها في سنوات الديمقراطية. 

قبل ست سنوات، خرج أكثر من نصف مليون امرأة إلى شوارع تونس في مسيرة تاريخية دفاعا عن حقوق المرأة. المسيرة جاءت بعد عملّيَتَيْ اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013، اللّتين شكلتا منعطفاً خطيراً، تبعته هبّة شعبية أطاحت بحكم حركة النهضة وحلفائها ودفعت باتجاه إنهاء صياغة الدستور وإقرار أول انتخابات رئاسية وتشريعية ديمقراطية في تاريخ تونس. 

شكلت النساء في الانتخابات الرئاسية التشريعية عام 2014 الناخب الأكبر للرئيس الراحل الباجي قايد السبسي وحزبه "نداء تونس"، فتمكّن بفضل أصواتهن من الفوز وحصل حزبه على أكبر عدد من مقاعد المجلس.

المساواة فرقعة سياسية 

المطلب الرئيس لكثيرات من النساء اللواتي خرجن لانتخاب الرئيس السبسي وحزبه كان إبعاد حركة النهضة عن الحكم ومنع المساس بمكتسبات المرأة وحقوقها. 

بعد خمس سنوات على ذلك، تعلن الأستاذة الجامعية ألفة يوسف لـ"اندبندنت عربية" أنه لم يتحقق أي شيء بالمقارنة مع ما كان للمرأة سابقاً، بل أصبحنا نناضل للحفاظ على مكتسبات كنّا نعتبرها بديهية، فالمساواة في الإرث اتضح أنها مجرد فرقعة سياسية لا تأثير لها في واقع المرأة في تونس. 

وتوضح أن المرأة تدين للمفكرين الإصلاحيين في تونس وللزعيم الحبيب بورقيبة الذي كان وراء مجلة الأحوال الشخصية. وقد حافظ نظام بن علي على هذه المكتسبات وطوّر بعضها، والمرأة بالنسبة إلى غالبية السياسيين ليست إلا خزاناً انتخابياً يستحقونه للحصول على أصوات أكثر، معربةً عن اعتقادها بأن أصوات النساء في الانتخابات المقبلة ستتفرّق على المرشحين، لأنه لا وجود لمرشح خارج عن السرب، كما كانت الحال مع الرئيس الراحل السبسي. 

وتقول يوسف إن الحاجة إلى أصوات النساء انتهت وليست هنالك لدى كل المرشحين رؤية قائمة على المساواة وحتى من يقولها بحياء لن يسير فيها إلى منتهاها وهذا يهم المرشحات.

عدم احترام الدستور 

تأسف أستاذة القانون الدستوري في الجامعة التونسية سلسبيل القليبي، لأنه في كل يوم 13 أغسطس من كل عام، نعود إلى النقطة الصفر وإلى الحديث عن المرأة والإنجازات ومجلة الأحوال الشخصية التي تمثل الاستثناء التونسي. 

وتقول القليبي لـ"انديندنت عربية" إن هناك انطباعاً بأن سقف واقع المرأة هو مجلة الأحوال الشخصية التي يجب أن تكون المنطلق لتحقيق المساواة، وليس في إطار قانون الأسرة، ولكن في كل المجالات وتحديداً في الشأن السياسي والمجال العام. 

تضيف أنّ الدستور التونسي وفي الفصل 21، حسم مسألة المساواة بين الرجل والمرأة في جميع المجالات، ولكن خلال السنوات الخمس الماضية، بعد إقرار الدستور وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، فإن الطبقة السياسية لم تستوعب بعد هذا المبدأ، وكان من المفروض على مجلس النواب أن يقوم بعمله بتجرد وتعديل القوانين التي تحمل تمييزاً ضد المرأة وإخلالاً بالمساواة مع الرجل، لتكون مطابقة للفصل 21 من الدستور. 

والمحاولة الأولى بدأت بمبادرة رئاسية فشلت وتتعلق بالمساواة في الإرث وقوبلت بصمت رهيب من بعض الأحزاب وبالرفض والتسويف من أحزاب أخرى. 

وتؤكد القليبي أن التجاهل لا يمس الفصل 21 من الدستور فحسب، بل الفصل 46 أيضاً، الذي يُقر بواجب الدولة ضمان تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل في تحمل المسؤوليات وفي جميع المجالات، فأين نحن من هذا اليوم؟ 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذا العمل ليس من مسؤولية الأحزاب ومجلس النواب، بل من مسؤولية الحكومة التي لم تكرّس ذلك إطلاقاً في التعيينات، على الرغم من التساوي أو حتى تفوق المرأة على الرجل في المستوى العلمي والإداري. 

وتذكر القليبي أن هناك قانوناً وحيداً تمت المصادقة عليه، هو قانون مكافحة جميع أشكال العنف ضد المرأة، قد دخل حيز التنفيذ ومن واجب الحكومة إعطاء كل الجهات المخولة بتطبيق القانون الإمكانيات لإنجاح تنفيذه، وهو مكسب ناضلت المرأة في تونس من أجله.

أين الوعود؟ 

الناشطة المدنية ابتسام جمعة نشرت على صفحتها في فيسبوك تدوينة سألت فيها "أين وعود الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي الذي تعهّد بتحقيق ما ورد في دستور 2014 من تفعيل قانون المساواة بين المرأة والرجل، وما مصير لجنة الحريات؟ 

ومعاناة المرأة الريفية متواصلة، فهي لا تتمتع بأبسط حقوقها وتشتغل في الفلاحة من دون عقود عمل وتغطية اجتماعية وفي ظروف لاإنسانية. 

وماذا عن النساء المطلقات والأرامل وحقوقهن وحقوق أطفالهن في العيش بكرامة والتمتع بحق التعليم والرعاية الصحة؟ 

وتتعرض المرأة الموظفة لانتهاك حقوقها جنسياً ومهنياً، وعدد الموظفات في الدولة والعاملات في المؤسسات الخاصة يفوق عدد الموظفين والعمال، لكن عدداً ضئيلاً منهن وصل إلى مراتب إدارية عالية على الرغم من المساواة في المستوى العلمي وعلى الرغم من تفوق المرأة على الرجل في المستوى الإداري. 

عشية الانتخابات الرئاسية والتشريعية، لن تكون المرأة حاضرة على الرغم من المناصفة في رئاستها. وككل سنة، سيذكر المرشحون من دون استثناء، النقائص التي تعاني منها المرأة، وسيستنجد سياسيون داخل الحكم وخارجه وكثيرون من الحقوقيين بحقوق المرأة وكالعادة سيستخدمونها أداة لأغراضهم السياسية وخدمة لمصالحهم الشخصية". 

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي