Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حول الأجسام الطائرة المجهولة وأسرارها

نقاشات الكونغرس لم تفض إلى إجابات عن مسألة الحياة الفضائية بل حركت أسئلة جديدة

تطرح منذ عشرات السنين مزاعم عن تحليق مركبات غامضة في السماء ليلاً (غيتي)

ملخص

عقد الكونغرس الأميركي جلسة استماع حول الأطباق الطائرة المجهولة ووجود مخلوقات فضائية على الأرض. واكب الجلسة اهتمام إعلامي عالمي، لكنها لم تصل إلى أي شيء حاسم في شأن تلك الظاهرة

بعد ظهر أحد الأيام منذ 19 عاماً تقريباً شاهد الطيار في البحرية الأميركية ديفيد فرايفور قبالة ساحل كاليفورنيا شيئاً يتنافى كل ما آمن به في حياته.

أثناء مهمة تدريبية اعتيادية قاد خلالها سرب من طائرات "هورنتس" من طراز "إف/ آي-18" لمح شيئاً غير مألوف في السماء. تمثل الأمر في مجموعة من الأجسام تشبه من حيث الشكل حبيبات حلوى "تيك تاك" الصلبة الصغيرة ويقارب حجمها حجم طائرته، لكنها قادرة على التحرك بطرق تتحدى ما نعرفه عن قوانين الفيزياء. وزعم أن بعضها انتقل من ارتفاع 80 ألف قدم إلى 20 ألف قدم بسرعة البرق، وفيما اقترب فرايفور منها، سارع بعض الأجسام إلى الابتعاد "بسرعة لم أشهد لها مثيل في حياتي"، وفق ما جاء في مقابلة أجراها بعد مرور سنوات على تلك الحادثة.

لم يكن فرايفور الطيار الوحيد الذي لمح هذه الأجسام، إذ تمكن فريق آخر من التقاط فيديو لأحد هذه الأجسام الشبيهة بالـ"تيك تاك" التي أصبحت محط تركيز برنامج أبحاث تلفه السرية بشكل كبير، نفذته الحكومة الأميركية على مدار خمس سنوات، وكذلك شكلت الموضوع الرئيس للنقاش في جلسة تاريخية عقدها الكونغرس الأميركي يوم 26 يوليو (تموز) حول الأجسام الطائرة المجهولة.

خلال ملاحظاته الافتتاحية التي استهل فيها جلسة الاستماع في اللجنة الفرعية، ذكر المشرع الأميركي روبرت غارسيا إن "العدد الهائل من التقارير وأخبار المبلغين والروايات عن الظواهر غير المألوفة المجهولة من المفترض أن يثير أسئلة جدية ويستوجب التحقيق والمراقبة. ولهذا السبب نحن اليوم هنا".

علينا أن نتكلم عن الأجسام الطائرة المجهولة، أو الظواهر الجوية المجهولة Unidentified Ariel Phenomena، وفقاً لأحدث المصطلحات التي تستخدمها الحكومة الأميركية. ظلت روايات المركبات الغامضة التي تجوب السماء مرتبطة على مدار عشرات السنين بالخيال العلمي أو بالأشخاص غريبي الأطوار المهووسين بما يجري داخل قاعدة عسكرية أميركية موجودة في الصحراء الجنوبية الغربية تسمى ["المنطقة 51"  (Area 51)ثمة كلام كثير حول احتفاظ الحكومة الأميركية ببقايا مركبات وأجسام يفترض أنها جاءت من حضارة فضائية ما إلى كوكب الأرض، في قاعدة جوية عسكرية ضمن تلك المنطقة من ولاية نيفادا].

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في هذا السياق، طرح مسؤولون كبار أسئلة جدية عن تلك الظواهر خلال السنوات الماضية. وبين عامي 2007 و2012، أدار البنتاغون برنامجاً سرياً بقيمة 22 مليون دولار هدفه التحقيق في الظواهر الجوية الغامضة. وقد أقر الرئيس السابق باراك أوباما بعد مغادرته البيت الأبيض، بوجود أدلة عن ظواهر غامضة تجوب السماء. وأفاد قبل سنتين "لا يمكننا تفسير طريقة تحركها ولا مسارها".

كان فوكس مولدر، الشخصية الخيالية للمحقق التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي في مسلسل "إكس فايلز" X Files التلفزيوني الشهير [يتمحور حول وجود حضارات كونية وعلاقتها مع الأرضي، ليفرح بجلسة الاستماع التي عقدتها اللجنة النيابية الفرعية الشهر الماضي، فقد أدلت مجموعة من المسؤولين العسكريين الأميركيين السابقين، ومنهم فرايفور، بشهادات صادمة خلالها].

ومن بين هذه الشهادات، وردت مزاعم أدلي بها تحت القسم وطائلة عقوبة الحنث باليمين، تفيد بأن الحكومة الأميركية تمتلك بعضاً من الظواهر الجوية المجهولة التي تحتفظ بها سراً، مشيرة إلى بعض البرامج الممولة بشكل سري كلفت التكتم على هذه الظواهر، مع مزاعم أيضاً بأن بعض الأشخاص تعرضوا للأذى أو أصيبوا في سياق محاولة إخفاء هذه التكنولوجيا القادمة من الفضاء الخارجي واستخدام الهندسة العكسية بغية إنتاجها، بما في ذلك بقايا لطيارين "من غير البشر" أخذت من مواقع تحطم المركبات المجهولة.

في إحدى اللحظات خلال الجلسة، سئل ضابط الاستخبارات الأميركي السابق ديفيد غروش إن كانت الحكومة قد تواصلت مع أشكال حية تنتمي إلى الفضاء الكوني. وأجاب غروش المشرعين المصدومين بأن "هذا موضوع لا يمكنني الخوض فيه في مكان عام".

ورداً على ما كشف عنه غروش، نفت وكالة "ناسا" الفضائية الأميركية، وكذلك وزارة الدفاع، مسألة التكتم على وجود أدلة على حياة أو تكنولوجيا آتية من الفضاء الخارجي. في المقابل، يصعب الوثوق بحكومة أميركية لديها نزعة غير مثمرة للمبالغة في تصنيف المعلومات على أنها سرية أو تقسيم الاستخبارات بشكل يعطي المسؤولين القدرة على استخدام سياسة الإنكار المقبول. في أي حال، تحرك القلق حتى حيال الشهادات العلنية [في جلسة الاستماع].

وخلافاً لسلوكهم العدائي في الأوقات العادية، بدا الأعضاء الديمقراطيون والجمهوريون في اللجنة الفرعية مهتمين على حد سواء بالشهادات ومرحبين بالشهود الذين واجهوا عواقب في حياتهم المهنية جراء صراحتهم.

إذ طرحت ألكساندرا أوكاسيو - كورتيز أسئلة صعبة حول استخدام متعاقدين سريين من القطاع الخاص لا يخضعون لقوانين المساءلة العامة الاعتيادية.

وسألت أوكاسيو - كورتيز الشهود "لو كنتم مكاني، أين ستبحثون؟"

 

منذ عشرات السنين، تطرح مزاعم عن تحليق مركبات غامضة في سماء الليل، لكن آخرها يستحق الانتباه. وقد توافق الشهود والمشرعون على حد سواء على أن الوصمة المحيطة بالإبلاغ عن الأجسام الغامضة تؤدي إلى أخطار وضغوط على الطيارين التجاريين والعسكريين، تجعلهم يخشون من أن يعتبروا مجانين [في حال التبليغ عن مشاهدة تلك الأجسام]. وإذا لمح طيار ما أي شيء شاذ، فسيفضل التزام الصمت بدلاً من معاناة عواقب مهنية بسبب الإبلاغ عما رآه.

ووفق النائب غارسيا "لا بد من وجود عملية إبلاغ آمنة وشفافة تتيح للطيارين في المجال التجاري والعسكري، الإبلاغ عن الظواهر الجوية المجهولة".

إذاً، ثمة أخطار محتملة حقيقية. ولقد اتفق الشهود في الجلسة على أن الظواهر التي رأوها أو سمعوا عنها قد تشكل خطراً على الإنسانية. وأكدوا رأي أحد المشرعين بأن بعض الأجسام التي ظهرت يمكن أن تكون أجهزة استطلاع عسكرية أطلق بهدف جمع المعلومات. وكذلك ذكروا أن الأدلة تشير إلى إمكانية كامنة لوجود خطر "وجودي" محتمل قد يصعب التصدي له.

وقد وصف فرايفور الأجسام الشبيهة بالـ"تيك تاك" التي رآها في العام 2004، مشيراً إلى "أن التكنولوجيا التي واجهناها تتفوق بدرجة كبيرة على أي شيء توفر لدينا".

ويبدو غروش، ضابط القوات الجوية الأميركي الذي تقلد عدة أوسمة، أقرب إلى العسكري العبقري منه إلى نصاب يؤمن بالمؤامرات، فقد خدم في حرب أفغانستان قبل أن يعمل في برنامج حساس جداً في البنتاغون يختص بالظواهر الجوية المجهولة. وتعلم فوراً ألا يضع ثقته بأي أحد، ثم استعان بمحامٍ وطلب الحصول على حماية قانونية قبل أن يدلي باعترافاته علناً في يونيو (حزيران). وقد أفاد بأنه تلقى تحذيراً من زملائه في المؤسسة العسكرية في شأن العواقب الوخيمة التي تعرض لها آخرون حاولوا الإدلاء بتصريحات علنية.

وكذلك زعم نواب في الكونغرس أن المسؤولين العسكريين منعوهم من دخول غرفة آمنة للبحث في معلومات سرية، ومورست عليهم ضغوط هائلة كي يمتنعوا عن تشكيل اللجنة الفرعية ويعقدوا جلسة الاستماع في الأساس. وبحسب النائب تيم بورشيت "لقد كانت معركة شاقة، في كل خطوة".

وبالنتيجة، أصر أولئك النواب على أن جلسة الاستماع في 26 يوليو ستليها جلسات كثيرة للجنة الفرعية. ليس من المؤكد أن الجلسات تقدر على فك اللغز في شأن وجود كائنات غيرنا في الكون، من عدمه. في المقابل، قد تفضي تلك الجلسات إلى حدوث شق في جدران السرية غير المبررة التي تحيط بالحكومة الأميركية في شأن القضايا الكونية والأرضية على حد سواء.

© The Independent

المزيد من علوم