Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سوق غنائم الحرب تنتعش في الخرطوم

سلع غذائية وأجهزة كهربائية وملابس مسروقة من منازل السودانيين تباع بأسعار بخسة

الأجهزة الأمنية بكل الولايات السودانية كثفت كم انتشارها في مداخل المدن ومخارجها لمنع أسواق غنائم الحرب (أ ف ب)

ملخص

العاصمة السودانية الخرطوم بدأت تشهد ظاهرة أسواق عرض غنائم الحرب من مسروقات المواطنين بأسعار بخسة للغاية... فما القصة؟

في وقت يعاني فيه آلاف السودانيين حصاراً ونزوحاً وأزمات اقتصادية ومعيشية ونقصاً في المواد الغذائية أفرزت الحرب نشاطات تجارية غير مألوفة، إذ انتشرت أسواق شعبية عدة بالخرطوم والولايات تعرض فيها منهوبات المواطنين من المنازل والمتاجر أثناء الاشتباكات المسلحة في مناطق الصراع.

غنائم الحرب من مختلف المسروقات، بخاصة السلع الغذائية والأجهزة الكهربائية والأثاث والملابس تباع بأسعار بخسة تقل عن 75 في المئة عن قيمتها الحقيقية، وينشط كثر في هذه الأعمال بصورة يومية بلا رقيب أو محاسبة نتيجة الانفلات الأمني في البلاد.

في العاصمة تنتشر أسواق المنهوبات، خصوصاً في أطراف مدينة أم درمان، كما تنشط في أحياء الخرطوم مثل الحاج يوسف ومنطقة مايو. يقول المواطن أشرف فرح إن "المدنيين لم يكونوا طرفاً في القتال، لكنهم دفعوا الثمن من ممتلكات شخصية أو عامة، ومثلما للحرب قتلى وجرحى وضحايا فلها في المقابل أثرياء ومتربحون، لكن لم نتوقع أن يشهد السودان مثل هذه الظواهر التي تمضي في اتجاه تغيير التركيبة الاجتماعية مستقبلاً".

ومضى فرح في حديثه "لم نر تردياً في القيم والعادات والتقاليد مثلما يحدث في الوقت الحالي، وهو تطور يشكل خطراً على التجارة نفسها ويشجع الجشع ومزيداً من النهب والسلب".

ويعتقد أن "ما يباع في هذه الأسواق هي ممتلكات مواطنين تمت سرقتها من مناطق مختلفة، فالسعر الزهيد وحداثة ميلادها يؤكدان ذلك، ويمكن العثور على كل شيء، أجهزة التلفزيون ووحدات تكييف الهواء إلى جانب الأسرة والوسائد والأثاث والملابس".

وأشار المواطن الذي يقطن في منطقة الثورات إلى أن "الأسعار أقل بكثير من القيمة الحقيقية، إذ تتراوح الثلاجات بين 30 و35 ألف جنيه سوداني (50 دولاراً)، والهواتف الذكية 15 ألف جنيه (25 دولاراً)"، لافتاً إلى أن "القوة الشرائية ضعيفة للغاية نظراً إلى توقف الأعمال اليومية لكثير من المواطنين، فضلاً عن رفض آخرين يرون أن هذه البضائع مسروقة، بالتالي فإن التعامل معها يدخل الشخص في حرمة بنص الشرع الديني".

إعادة الحقوق

وعن مصير تلك المنهوبات وإمكانية استعادتها بحسب الإجراءات القانونية والشرطية، يقول المتخصص في الشأن الأمني العقيد (معاش) الفاتح موسى عثمان، إن "حقوق المواطنين لن تضيع خصوصاً المضبوطات التي يتم تحريزها ووضعها في مخازن الشرطة، على أن تسلم إلى أصحابها بواسطة النيابة أو المحكمة وفق عريضة تتضمن أوصاف المسروقات يقدمها الشخص الذي تعرض للنهب".

وأضاف "في حال وجود سيارات أو أدوية أو منقولات تحول إلى جهة قضائية أو حكومية ووضع حراسات لها لحين تسليمها إلى الجهات أو الأشخاص من طريق المحكمة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع عثمان أن "بعد استقرار الأوضاع يمكن لأجهزة القانون وفي مقدمتها الشرطة البدء في تلقي البلاغات من المتضررين الذين لم يتم ضبط منهوباتهم وذلك من أجل حصرها وتصنيفها، إذ إن الأموال والمقتنيات الأخرى من مشغولات ذهبية أو أثاث قد يكون تم التخلص منها داخل الدولة ويمكن الوصول إلى متسلميها أو لمواقع تخزينها".

وأشار إلى أنه عادة يتطلب ذلك مجهودات كبيرة، لكنه ليس صعباً بما للشرطة من خبرات في هذا المجال البحثي والجنائي.

مصائد وضبطيات

في غضون ذلك، كثفت الأجهزة الأمنية بكل الولايات السودانية الانتشار في مداخل المدن ومخارجها، مع تشديد عمليات الرقابة على كل المنافذ الرئيسة منها والفرعية.

وتمكنت شعبة مباحث شرطة بلدية القضارف من ضبط مسروقات ومبالغ مالية كبيرة أجنبية وسودانية تم نهبها من الخرطوم. وتعهد مدير شرطة البلدية العميد معتصم محمود "باستمرار الجهود في ملاحقة معتادي السرقات والإجرام من أجل تعزيز الأمن والاستقرار وإنفاذاً لموجهات مدير شرطة الولاية بتأمين المداخل والمخارج".

وأضاف أن "المسروقات المضبوطة شملت مبالغ مالية كبيرة منها 22 ألف دولار و45 مليون شلن صومالي (80 ألف دولار)، و300 ألف جنيه سوداني (500 دولار) وملابس وأجهزة إلكترونية ومعدات كهربائية واسبيرات (قطع غير السيارات)، وتم القبض على المتهمين واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في مواجهتهم بقسم شرطة المدينة توطئة لتقديمهم للمحاكمة".

وفي وسط البلاد، نجحت شرطة ولاية النيل الأبيض في ضبط عدد من السيارات والأثاث والأجهزة الكهربائية ووحدات للطاقة الشمسية التي تمت سرقتها من ولاية الخرطوم إلى جانب كميات من الوقود والسكر والدقيق.

وقال مدير شرطة مدينة كوستي العميد علي محجوب إن "الشرطة تبذل جهوداً كبيرة من أجل بسط الأمن ومنع الجرائم العابرة بالولاية"، مشيراً إلى أن "هذه الضبطيات نفذت بتنسيق تام ما بين شرطة المحليات والاستخبارات العسكرية".

تخريب الاقتصاد

بالنسبة إلى المتخصص في الشأن الاقتصادي مرتضى صدقي فإن "هذه الأسواق ليست سوى أحدث نسخة من ظاهرة عمرها عقود وشوهدت أثناء الحرب في إقليم دارفور، لا سيما السيارات المهربة عبر الحدود الغربية إلى السودان والمعروفة باسم (بوكو حرام)، وبطريقة ما، كانت هذه السوق وسيلة لتبييض رأس المال المكتسب في اقتصاد النهب في منطقة الساحل خصوصاً دول ليبيا والنيجر وغيرهما وتوجيهه إلى البلاد".

ووصف صدقي التجار الذين شرعوا في شراء منهوبات المواطنين بأسعار بخسة بضعاف النفوس، منوهاً بأن "البعض يعمل على تخزين هذه المسروقات حتى تنتهي الحرب من أجل بيعها بأسعار خرافية على رغم إقرارهم بأنها منهوبة".

وختم حديثه بالإشارة إلى أن "استمرار عمل الأسواق التي تبيع المسروقات يشكل خطراً على الاقتصاد والتجارة في المستقبل، الأمر الذي يتطلب وضع آلية للتعامل مع من ينشطون في هذه الأعمال حتى تختفي الظاهرة وتعود المنهوبات إلى أصحابها عندما تتوقف العمليات الحربية".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات