Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إقالة أكاديمية يمنية رفضت "فصل الجنسين" في جامعة صنعاء

أزاحتها السلطات الحوثية عن منصبها لعدم تطبيق قرار تقسيم أيام الدراسة بين الطلاب والطالبات

جامعة صنعاء باتت خاضعة لإجراءات الحوثي الرجعية (أ ف ب)

ملخص

سبب غريب وراء إقالة أكاديمية يمنية من منصبها بجامعة صنعاء... إليكم التفاصيل

أيام قليلة مرت على بدء العام الدراسي بمناطق سيطرة الحوثيين في 22 من يوليو (تموز) الماضي، لكنها حملت معها غضباً تعليمياً طاول الأوساط الأكاديمية والشعبية من تدخل السلطات في العملية التعليمية، إذ اتهم اليمنيون سطات الحوثي بتضييق أفق الحياة المدنية بقرارات غير مدروسة ومعاقبة كل من يبدي اعتراضاً على سياساتها في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وعلى مدى الأيام الماضية أثار قرار السلطات الحوثية بجامعة صنعاء إقالة الأكاديمية سامية الأغبري من رئاسة قسم الصحافة والنشر الإلكتروني بكلية الإعلام لاعتراضها على قرار فصل الطلاب عن الطالبات أثناء العملية التعليمية، وتخصيص أيام الأسبوع مناصفة بين الجنسين لتلقي المحاضرات العلمية بذريعة منع الاختلاط، ردود فعل منددة، في حين اعتبره حقوقيون وأكاديميون مؤشراً إلى السلوك القمعي الذي تمارسه الجماعة المدعومة من إيران منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء وباقي المحافظات في عام 2014. وكشفت وثيقة صادرة من رئاسة الجامعة بإزاحة سامية الأغبري من منصبها وتعيين أكاديمي آخر رئيساً لقسم الصحافة والنشر بديلاً عنها.

قرار كيدي

في تعليق على قرار الإقالة وأبعاده، قالت سامية الأغبري، إنها لا تعرف سبباً واضحاً لإقالتها، لكنه جاء بعد اعتراضها على قرار إدارة الكلية فصل الطلاب عن الطالبات في الدراسة بكلية الإعلام.

 

 

وفي حين أوضحت خلال حديثها لـ"اندبندنت عربية" أن الإقالة كانت مفاجئة لها، أكدت أنها لا تزال عند موقفها الرافض لقرار فصل الطلاب عن الطالبات في الدراسة، وهو "موقف لن يتغير لأسباب منطقية يطول الحديث عنها".

ووسط استياء وسخرية من طلبة الجامعات، أعلنت الجماعة المسلحة قبل أسبوعين، قراراً جديداً قضى بفصل الطلاب عن الطالبات في كلية الإعلام بجامعة صنعاء للمرة الأولى منذ تأسيسها عام 1970، بداعي عدم الاختلاط، في خطوة عدها مراقبون امتداداً لإجراءات سياسة الفصل بين الجنسين التي انتهجتها الميليشيات في المؤسسات التعليمية والمرافق الحكومية والخاصة والأماكن العامة التي تقع تحت قبضتها على نحو لم يعهده اليمنيون.

فصل نوعي

وبعيداً من كون الأمر يعنيها شخصياً، ترى الأغبري أن المشكلة لا تكمن في "إعفائي من رئاسة القسم الذي عبر عنه المتضامنون، وإنما كان ينبغي أن تتوجه القضية والمتضامنون نحو قرار الفصل التعسفي بين طلاب وطالبات كلية الإعلام وتبعاته التي لها ليس لها مبرر علمي أو قانوني أو أخلاقي"، مضيفة "بل على العكس، فالدراسة المختلطة تخلق بينهم التنافس الشريف وتقوي أواصر الزمالة المهنية بين إعلاميي المستقبل من الجنسين من حيث تبادل المعلومات والخبرات والتنسيق لتأسيس مشاريع صحافية وإعلامية مشتركة تسهم في خدمة المجتمع، فلا نتخيل تناولاً إعلامياً بطريقة الفصل القائم على النوع الاجتماعي".

ويرى مراقبون أن فرض هذه القرارات بقوة السلاح بقدر ما يعكس حكماً مسبقاً على إدانة السلوك وفقاً للنوايا، سينعكس على جودة التعليم الأكاديمي بحيث سيحد من الساعات اليومية التي يتطلبها المنهج الدراسي علاوة على انعكاسات النظام المضغوط للساعات الذي من المؤكد أنه لا يتناسب وقطاع واسع من الطلاب.

تنوير اجتماعي

حديث الأكاديمية اليمنية حمل تحذيراً من قادم يضيق ذرعاً بالحياة المدنية في مناطق سيطرة الجماعة التي تنتهج سلوكاً قمعياً وتدخلات في العملية التعليمية. ولهذا ترى الأغبري أن "كلية الإعلام نواة التنوير الاجتماعي وقادة الرأي وحملة مشاعل التغيير ومن يقع على عاتقهم مهمة تثقيف وتنوير وتوعية المجتمع ومكافحة الفساد ومواجهة الظلم والاستبداد"، متسائلة "كيف ستتعامل الإعلامية والصحافية بعد تخرجها مع شرائح الجمهور بكل فئاته في حين نفصل بينها وزميلها في المجال العلمي والمهني؟!".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذا التساؤل قادها لآخر مفاده "هل هناك نية مبيتة (في إشارة إلى سلطات الحوثي) لتأسيس مؤسسات إعلامية وصحافية تعمل فيها الصحافيات بمفردهن ويتعاملن مع الجمهور من خلف الحجاب أو يقتصر تعاملهن فقط مع النساء".

خوف علمي

وتعدد الأكاديمية اليمينة جملة من تبعات القرار وانعكاساته على الطلاب منها عدم تمكنهم إيجاد وقت كاف لدخولهم المكتبة للاطلاع والقراءة وإعداد الأبحاث المطلوبة منهم، كما لن يتمكنوا "من متابعة أي معاملات إدارية تخصهم أو الجلوس مع محاضريهم في الساعات المكتبية المخصصة لهم، والتي لم يتم الالتزام بها حالياً"، ووفقاً لذلك، تخشى الأغبري من أن يكون القرار في حال تم المضي فيه "خطوة تجريبية سيتم تعميمه على بقية الكليات مستقبلاً".

إضراب طلابي

الإجراءات الحوثية قوبلت باستهجان شديد من الطلاب على رغم تمرير الميليشيات لها بالقوة، مما دفع طلاب وطالبات الإعلام للإعلان عن إضراب شامل عن التعليم، الذي اعتبره مراقبون ونشطاء استهدافاً ممنهجاً وإساءة مستمرة للطالبات والمرأة اليمنية.

ووفقاً لتعميم أصدره ما يعرف بـ"ملتقى الطالب الجامعي"، وهو كيان استحدثه الحوثيون أخيراً مهمته مراقبة وإدارة السلوك العام في الجامعات الحكومية والخاصة في مناطق سيطرتهم، قسمت أيام الدراسة في الأسبوع مناصفة على أن تكون أيام السبت والأحد والإثنين للطلاب والثلاثاء والأربعاء والخميس للطالبات.

 

 

وكانت توجيهات رسمية سابقة عن الجهة نفسها قد اقتصرت على منع تشارك الجنسين في مشاريع التخرج أو الاحتفالات واصفة إياها بأنها سلوكات "تتعارض مع الهوية الإيمانية للشعب".

إدانات حقوقية

ولطالما اتهمت مؤسسات حقوقية يمنية ودولية تعمد الحوثيين تضييق هامش الحياة العامة، خصوصاً ما يتعلق بالنساء والطلاب في الجامعات العامة والخاصة تحت اسم "محاربة الفتنة والاختلاط"، وهي إجراءات غير مسبوقة امتدت أيضاً إلى الكافيهات والمطاعم، وحتى المناسبات الخاصة وقاعات الأفراح التي اشترطت أن تنتهي قبل الساعة العاشرة مساءً.

وفي إطار ردود الفعل المدنية، دانت منظمة "سام" للحقوق والحريات قرار جماعة الحوثيين بعزل سامية الأغبري على خلفية رفضها قرار فصل الطلاب عن الطالبات. وقالت المنظمة، في بيان أصدرته هذا الأسبوع، "نعبر عن بالغ إدانتنا لقرار جماعة ‎الحوثيين بعزل رئيسة قسم الصحافة بكلية الإعلام في جامعة ‎صنعاء وتعيين أحد الموالين لها بدلاً منها".

واعتبر البيان أن القرار يعكس سياسة التمييز والإقصاء التي تمارسها الجماعة في حق النساء ب‎اليمن، باعتبار أن "المساواة في تقلد الوظائف والحقوق المرتبطة بها من أهم الحقوق التي كفلها القانون المحلي والدولي للنساء على أساس الكفاءة والعدالة". وطالبت المنظمة الحوثيين بالتوقف عن هذه السياسات التمييزية وانتقاصها المستمر لحقوق اليمنيات مع ضرورة اتخاذ الجميع موقفاً موحداً لـ"التضامن مع حقوق النساء المنتهكة من قبل الجماعة".

المزيد من متابعات