Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العطش يحاصر 2.7 مليون يمني في تعز

نضوب الآبار الارتوازية وارتفاع أسعار الصهاريج المتنقلة وتوقف مشاريع "السقيا" الخيرية

ملخص

مشاريع المياه الخيرية في "تعز" اليمنية نافذة أمل موقتة مهددة بالتوقف

في مدينة تعز جنوب غربي اليمن تعمل أمينة صالح بشكل دوري مع أحفادها على البحث عن مياه صالحة للشرب من الآبار التي ما زالت تحتفظ بقليل من الماء خارج القرية.

تحركات أمينة وغيرها لم تعد مستغربة في هذه المنطقة التي أصبح شح المياه أحد سماتها، فمنظر النساء في ريف حيمة تعز أصبح طبيعياً، وهن يقطعن مسافات طويلة في المشي تتجاوز حدود القدرة، ويقفن مع أطفالهن لساعات أطول بحثاً عن مياه نظيفة صالحة للشرب، لاسيما بعد توقف أحد مشاريع سقيا المياه الخيري عن العمل.

لم تعد أزمة المياه في تعز طارئة، بل واقع يعيش فيه أكثر من 2.7 مليون من سكان المنطقة منذ سنوات مطلع التسعينيات، لكنها تفاقمت أكثر مع الحرب.

نداءات متكررة رفعها أهالي القرية مطالبين بضرورة إعادة تأهيل مشاريع المياه الخيرية التي كانت بمثابة نافذة أمل أعفت عشرات الأسر من عناء البحث عن مياه نظيفة عقب نضوب آبار القرية، التي كانت تمد الأهالي بالمياه الصالحة للشرب عبر صهريج اشتري إلى جانب خزانات بلاستيكية قدمها أحد المتطوعين.

رحلة بحث

زارت "اندبندنت عربية" في وقت سابق قرية حيمة تعز عقب افتتاح مشروع "سقيا المياه الخيري" بها لرصد انطباعاتهم، إذ قامت النساء مع أطفالهن بترتيب إسطوانات الماء البلاستيكية استعداداً لوصول الصهريج، وبدت بسمة عريضة على محيا الطفلة حنان (13 سنة)، وبجانبها هرولت طفلة صغيرة إلى أمها فاتحة ذراعيها، فيما أطلقت الحجة أمينة دعوات الخير للقائمين والعاملين على المشروع الخيري، وقالت بتأثر "ربي يسقيكم من حوض الجنة".

فرحة أهالي المنطقة لم تكتمل، إذ ارتفعت أسعار المياه المنقولة عبر الصهاريج في مدينة تعز وريفها، ليصل سعر صهريج الماء سعة 4 آلاف لتر إلى 15 دولاراً، مما جعل كثيراً من الأسر تفضل انتظار المياه الخيرية أو قطع مسافات طويلة كخيار بديل للحصول على مياه الشرب، لا سيما مع نضوب الآبار الارتوازية.

تحدث أهالي المنطقة عن مشروع "سقيا المياه الخيري" الذي أعفى عشرات الأسر من عناء البحث عن مصادر مياه صالحة للشرب، إذ قال أحد المنسقين والقائمين على المشروع ويدعى محمود علوان "في الوقت الراهن المشروع يعاني التعثر بسبب توقف مصادر التمويل، لا سيما في ظل الحرب والمواجهات المسلحة المستمرة منذ ثمانية أعوام تقريباً، التي أثرت في مختلف القطاعات وفي مقدمها قطاع المياه والإصحاح البيئي".

وعلق أحد سكان القرية أحمد صادق قائلاً "إن مشاريع سقيا المياه تحتاج إلى خبراء وكوادر متخصصة لإدارتها، ولا بد أن يكون ذلك بالتنسيق مع الجهات الرسمية وبالتعاون مع مؤسسة المياه والبيئة والاستفادة من الخبراء في هذا المجال".

مشاريع تنموية

وفي ضوء هذه الندرة الشديدة تعجز الحكومة اليمنية عن تلبية حاجات السكان من المياه، ولهذا أشار وزير المياه والبيئة اليمني توفيق الشرجبي في مؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2023 إلى أن بلاده "تعتبر من أكثر دول العالم فقراً مائياً، إذ لا يتجاوز نصيب الفرد من المياه المتجددة أكثر من 80 متراً مكعباً سنوياً، وهو ما دون خط الفقر المائي، فيما لا يزال أكثر من 40 في المئة من السكان لا يحصلون على مياه مأمونة عبر الشبكات، لاسيما في المناطق الريفية التي تمثل نحو 65 في المئة من إجمالي مساحة وسكان اليمن".

وعن خطط تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للمياه قال الوزير اليمني إن "الحرب أدت إلى تراجع تنفيذها، وذلك بسبب نقص التمويلات وتركيز أغلب المساعدات على البرامج ذات الطابع الطارئ في إطار خطة الاستجابة الإنسانية وعمليات الإغاثة التي تحولت إلى عملية دائمة بدلاً من مشاريع تنموية في اليمن".

واضطرت الحكومة اليمنية إلى اتخاذ خطوات سريعة للتحول إلى استخدام المياه غير التقليدية بما في ذلك إعادة تدوير المياه العادمة، وكذلك استغلال مياه الأمطار والري السيلي في الأودية والسهول الساحلية للأغراض الزراعية، بحسب قول وزير المياه والبيئة اليمنية، مشيراً إلى أن حكومة اليمن تنفذ القوانين لتنظيم عمليات حفر الآبار واتباع التحصيص الزراعي للقطاعات واستخدام الطاقة المتجددة في إنتاج وضخ المياه".

هجرة إلى الآبار

لم تكن الحرب هي العامل الرئيس في أزمة المياه، إذ أثر تغير المناخ في المجتمعات المحلية اليمنية، وأجبر معظم الشعب اليمني الذين يعيشون في المناطق الريفية على الفرار إلى المناطق الحضرية سعياً إلى تحسين فرص الحصول على مياه آمنة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مسؤول المياه والإصحاح البيئي لدى منظمة "يونيسف" سعد السعدي أشار إلى أن هذا الأمر زاد العبء على إمداد المياه في المناطق الحضرية، بسبب أن معظم المجتمعات الذين يعيشون في المناطق الريفية يعتمدون على نظام جمع مياه الأمطار، وعندما يكون هناك اختلاف في هطولها فإنها لا تعد مصدراً موثوقاً فيه، لافتاً في حديثه إلى "أن توفير إمكان الحصول على مياه نظيفة من شأنه التقليل من تسرب الطلاب من المدارس، لأن النساء والأطفال في اليمن مسؤولون عن جلب المياه النظيفة خصوصاً في المناطق الريفية".

حق المياه

وفي عام 2010 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار "اعتراف بالحق في الحصول على مياه الشرب المأمونة والنظيفة وخدمات الصرف الصحي كحق من حقوق الإنسان الأساسية للتمتع الكامل بالحياة"، وهو ما يعني الحصول على ما يكفيه من المياه للاستخدام الشخصي والمنزلي بكمية تتراوح "ما بين 50 و100 لتر لكل فرد يومياً"، على أن تكون تلك المياه مأمونة وبأثمان معقولة، وألا تزيد كلفة المياه على ثلاثة في المئة من مجمل الدخل الأسري، وأن تكون متاحة بمسافة لا تبعد أكثر من 1000 متر عن المنزل، ولا يستغرق الحصول عليها ما يزيد على 30 دقيقة.

إلا أن المؤشرات العالمية حول حق المياه ما زالت متراجعة، فبحسب إحصاءات الأمم المتحدة لعام 2019 توضح أن أكثر من 2.2 مليار شخص لا يستطيعون الوصول إلى خدمات مياه الشرب المدارة بأمان، فيما يعتمد ما يقرب من ملياري شخص على مرافق الرعاية الصحية من دون خدمات المياه الأساسية، في وقت يموت فيه 297 ألف طفل دون سن الخامسة كل عام، بسبب الأمراض الناتجة من سوء الصرف الصحي والنظافة وكذلك مياه الشرب غير الآمنة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي