Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اليونان تصلي للسياحة وسكان الجزر يبحثون عما تبقى لهم

يخشى السكان أن أشهراً صعبة قد تكون في انتظارهم بعد أن ضربت الحرائق موسم العطلات وهو في ذروته، حسبما أفاد به آندي غريغوري

حرائق الغابات في اليونان (أ ب)

ملخص

"انتهى الموسم السياحي بالنسبة إلينا": يخشى سكان رودس اليونانية أن أشهراً صعبة قد تكون في انتظارهم بعد أن ضربت الحرائق موسم العطلات وهو في ذروته

"وهكذا، بكل بساطة، لم تعد موجودة"، جملة قالتها إلبيدا فوياتزيس البالغة من العمر 75 سنة بصوت خافت وهي واقفة خارج منزلها في كيوتاري، البلدة التي دمرتها حرائق الغابات بعد اندلاعها لمدة 10 أيام متتالية في جزيرة رودس.

ذاك المكان الذي غطته سابقاً مساحات شاسعة من الأشجار والكروم المليئة بالعنب والزيتون والرمان والتين وأمضت فيه إلبيدا وزوجها السنوات العشرين الماضية في رعاية مزرعة سخية، تحول الآن إلى أرض قاحلة لا أشجار فيها.

وفيما توقفت النيران على بعد أمتار قليلة من منزلها والشقق المخصصة لقضاء العطلات، قبعت خلفها بقايا عشرات المنازل المحترقة المطلة على الشاطئ، وهي المحطة الأخيرة في طريق الدمار الذي أحدثته النيران بسرعة مرعبة.

تلك النيران الجهنمية المستعرة التي انتشر لهيبها بسرعة كبيرة أدت إلى إجلاء جماعي للسياح البريطانيين من المنتجعات في جنوب شرقي الجزيرة، مع ورود تقارير عن سياح قطعوا مسافات طويلة على طول الشواطئ في منتصف الليل هرباً من الحرائق، مما دفع منظمي الرحلات السياحية إلى إلغاء رحلات لآلاف الأشخاص هذا الأسبوع.

ولكن بعد أن أصبحت الحرائق الآن تحت السيطرة إلى حد كبير، واقتصر الضرر على عدد قليل من الفنادق، يخشى كثير من السكان أن يتردد السياح من دون سبب وجيه في زيارة الجزيرة، التي يعتمد اقتصادها بالكامل تقريباً على الأعمال المتعلقة بالعطلة الصيفية.

وبالنسبة إلى أولئك الذين كاندوا في القرى القليلة التي التهمتها النيران، مثل كيوتاري، فإن التأثير واضح.

"يا لها من كارثة" قالت إلبيدا، ثم تابعت: "طلبنا من [الزوار الذين كانوا قد حجزوا شقتنا المعدة للإيجار] ألا يأتوا. ما الذي قد يأتون لأجله [ما الفائدة من مجيئهم]؟ أي مناظر طبيعية سيشاهدون بعد الآن؟ سيكون الأمر محبطاً بالنسبة إليهم. أما بالنسبة إلينا، لقد انتهى الموسم السياحي".

وتأمل ابنتها فيدرا، التي هاجرت من كندا مع زوجها إلى اليونان من أجل إدارة المزرعة قبل أشهر فحسب، أن تسمح الممارسات الزراعية التجديدية بإعادة إحياء المزرعة في غضون خمس سنوات، وليس 20 سنة أخرى. والجدير بالذكر أن الحريق أدى أيضاً إلى تدمير مصدر دخلها الآخر، وهو مدرسة أنشأتها في المزرعة من أجل إعطاء السكان المحليين دروساً في اللغة الإنجليزية والتعليم في الهواء الطلق.

نيكول، وهي منظمة حفلات زفاف تبلغ من العمر 44 سنة، كان منزلها من بين تلك المنازل الموجودة في كيوتاري التي حولتها ألسنة النيران إلى ركام وجمر -قالت: "لقد تحولت مصادر رزق الناس حرفياً إلى رماد. إذا كان لديك المال، يمكنك استعادة كل شيء، وإن لم يكن بحوزتك مال، فلا أدري من أين ستبدأ".

وفي إشارة إلى المساعدة المالية الرامية إلى دعم المتضررين من الحريق التي أعلن عنها وزير العمل اليوناني البالغة 534 يورو (460 جنيهاً استرلينياً) على مدى ثلاثة أشهر، قالت نيكول عن المجتمع ككل في كيوتاري: "إذاً ستعيش عائلة مكونة من خمسة أفراد على 1500 يورو".

وأضافت: "نحن ممتنون لأي مساعدة، لكنها لن تكفي لتعويض ما فقده الناس".

وبسبب الإخلاء الجماعي وقرار منظمي الرحلات السياحية إلغاء العطلات هذا الأسبوع، فإن أولئك الذين يعيشون في مناطق لم تمسها النيران [لم تتأثر بالحرائق] يشعرون أيضاً بالضغط ويأملون بفارغ الصبر أن يرتفع عدد الزوار مجدداً وسريعاً.

في الواقع، تجني معظم مؤسسات العمل أرباحها السنوية خلال أشهر الصيف الستة، ويبلغ الموسم ذروته في يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، وأولئك الذين تحدثت معهم صحيفة "اندبندنت" في بلدات في جنوب رودس عبروا من دون استثناء عن خوفهم من أن شتاءً صعباً قد يكون في انتظارهم.

وفي سياق متصل، قال أنطونيس هاتزيميكاليس، طالب ماجستير في كلية لندن الجامعية يبلغ من العمر 21 سنة من بلدة أرخانغيلوس، كان قد تطوع في مركز الإجلاء الذي أنشئ للسياح والسكان المحليين المشردين، "رودس جزيرة ضخمة، لكن الجميع فيها يعتمد على السياحة. إنها أشبه بسلسلة حيث الموردون، والسكان المحليون، والمطاعم، والجميع [بحاجة إلى السياحة]."

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

منذ عام 2002، يمتلك أرغديس وكاتاريني غانوتاكيس، البالغان من العمر 63 و56 سنة على التوالي، فنادق في منطقة بيفكوس المجاورة، ويديران مطعماً في قرية ليندوس الخلابة الواقعة على جانب المنحدر، حيث أجلي السياح البريطانيون الأسبوع الماضي.

أشار أرغديس إلى أن ليندوس لم تمسسها النيران، بيد أن إلغاء طلبات الحجز هذا الأسبوع كلف العائلة "كثيراً"، مضيفاً: "إذا بقي المكان من دون زبائن من خمسة إلى عشرة أيام، قد لا نسرح موظفينا. لكن إذا استمر الأمر لفترة أطول، فستكون هذه مشكلة. ففي حال عدم وجود نزلاء في فنادقنا لأكثر من 10 أيام، لن نتمكن من إبقاء أي موظفين لدينا ... وسنضطر إلى إقفال العمل. وسيكون الجميع خاسراً".

مالكة أحد متاجر الهدايا العديدة في ليندوس قالت إن مبيعاتها تراجعت بنسبة 70 في المئة هذا الأسبوع، في المقابل، أضافت ماريانا نيفيلي، التي تمتلك مطعماً مجاوراً منذ 34 عاماً: "بعد جائحة كورونا توقف عملنا لمدة عامين، والآن يحدث ذلك مرة أخرى".

وصرحت إيريني كوسوليني، صاحبة مطعم في قرية مالوناس التي أنقذت بصعوبة من الحريق، أن "الجميع" قلقون بشأن تضرر السياحة. وأضافت أن الشتاء سيكون صعباً، "لأن كل شيء مكلف للغاية، الحياة ومحلات السوبر ماركت والكهرباء وكل شيء ... يجب أن أعمل هنا 18 ساعة كل يوم".

لكن نائب عمدة رودس، كونستانتينوس تاراسلياس، كان متفائلاً بشأن الآثار المترتبة على أولئك الموجودين في مناطق لم تتضرر بشكل مباشر من الحرائق وإلغاءات طلبات الحجز.

"الخسارة تتركز في هذه المنطقة"، لفظ هذه الجملة بينما كان يرسم دائرة حول المنطقة التي أخليت على خريطة موجودة على مكتبه. وتابع: "كل شيء آخر على ما يرام". وقال إن المناطق الأخرى ستشهد تأثيراً ثانوياً إذا "لم يحجز السياح للمجيء إلى رودس لأنهم يعتقدون أنها [منطقة] منكوبة"، مضيفاً: "بالطبع سيكون ذلك كارثة على الاقتصاد".

وبعد أن لفت إلى أنه من بين 220 ألف سرير فندقي في رودس، هناك 10 آلاف فحسب موجودة في المنطقة المتضررة، أصر على أن بعض الفنادق المتأذية ستعود لتفتح أبوابها في غضون أسبوع أو أسبوعين لا أكثر، على أمل تمديد الموسم السياحي لهذا العام حتى نوفمبر (تشرين الثاني). وشرح قائلاً، "سنخسر سبعة أيام. سبعة أيام ليست مشكلة".

"بالأمس كنت أتحدث مع الوكيل المحلي لشركة الطيران "جت 2" Jet2، وعلمت أنه "بدءاً من الإثنين، سيعود العمل على النحو المعتاد. هذه رسالة جيدة جداً، ومهمة للغاية."

وتابع السيد تاراسلياس أنه إلى جانب تلقي مساعدات بقيمة 534 يورو، فإن أولئك الذين تدمرت ممتلكاتهم وسبل عيشهم في النيران "سيعفون من دفع الضرائب لفترة طويلة"، وستعمل السلطات الإقليمية على إعادة بناء المنطقة المحيطة.

لكن الغضب من الحكومة الإقليمية يتصاعد في رودس، وقد ألقى كثيرون باللوم على الاستجابة الأولية البطيئة للحريق وسوء إدارة الغابات على مدى عقود من الزمن، مما سمح بانتشار الحريق على نطاق واسع.

وإضافة إلى رجال الإطفاء المدربين، يعد أبطال الساعة عبر رودس هم آلاف المدنيين الذين علموا أنفسهم كيف يتغلبون بلا خوف على الحرائق طوال 10 أيام وليال متتالية.

وقد قال ستافروس، وهو مدرس يبلغ من العمر 48 سنة من رودس الشمالية الشرقية، بينما كان يستريح بين الرحلات إلى التلال لإخماد أي اشتعال جديد مع ابنه البالغ من العمر 18سنة في قرية فاتي الموجودة على الخط الأمامي: "لو لم يكن لدينا كل هؤلاء المتطوعين، لكانت الجزيرة احترقت بأكملها، وهذا أمر مؤكد".

 إضافة إلى منازلهم وسبل عيشهم، كان رجال الإطفاء المدنيون في رودس يقاتلون في سبيل حماية الحيوانات التي يتشاركون معها الجزيرة، والتي كان يمكن رؤية جثثها المتفحمة من جانب الطريق في وقت سابق من هذا الأسبوع.

من بين تلك الحيوانات أيل داما-داما، وهو من الأنواع المحمية التي تتميز بها رودس وينظر إليها على أنها رمز للجزيرة. وقد نقل المتطوعون بعضاً منها إلى بر الأمان، وتركوا للحيوانات أوعية الماء والطعام بين التلال المشتعلة.

قاد بانتيليس ساروكوس، وهو رجل إطفاء متطوع، فريق موقع "اندبندنت" عبر التلال القريبة التي كان يحضر إليها قفران النحل الخاصة به كل صيف على مدار السنوات الخمس الماضية، شأنه شأن عدد من النحالين الآخرين، وذلك بسبب وفرة الزعتر هناك، الذي أحرقته النيران الآن بشكل يتعذر تعويضه. قال وهو يحدق في كل ما تبقى من الأعشاب القيمة: "هذا أسوأ مشهد يمكن رؤيته".

بينما كان بانتيليس، البالغ من العمر 45 سنة، قادراً على إنقاذ قفرانه قبل أن تصل النيران إليها، فإن زميله في تربية النحل الذي كان على بعد كيلومترات منه بالقرب من قرية أسكليبيو لم يحالفه الحظ بالقدر نفسه. قال بانتيليس: "لو كنت مكان مربي النحل ذاك، لقررت عدم إحضار النحل خاصتي إلى هنا مجدداً طيلة حياتي"، معرباً عن أسفه لأن الأرض هناك ستستغرق من 25 إلى 30 عاماً حتى تنمو من جديد. وأضاف: "قد يتمكن أحفاده من فعل ذلك."

ثم فكر قليلاً وقال: "كان رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس فخوراً بالقول إن أي روح لم تزهق قبل حادث تحطم طائرة كنداير [الذي تسبب في مقتل طيارين بالقرب من أثينا هذا الأسبوع]. لكنني لا أعرف ما إذا كان أحدهم قد أخبره عن الغزلان والحمير والسلاحف، في الحقيقة، لقد هلكت آلاف الحيوانات".

بانتيليس، الذي امتهن تربية الأسماك، أعرب عن قلقه بشأن التأثير السام لحطام النار في الأسماك والحياة المائية الأخرى حينما يسقط ذاك الحطام في الأنهار والبحر.

ليس وحده الذي يخشى مما ستجلبه أمطار الخريف، لقد حذر سكان محليون كثيرون من أن هطول الأمطار الغزيرة الأولى على الأرض الجافة القاحلة والمحترقة بالنيران يمكن أن تتسبب بفيضانات وانهيارات أرضية [انزلاقات أرضية]، تضرب البلدات والقرى، كما حدث بعد حرائق العام الماضي الضخمة في إيفيا بالقرب من أثينا.

وقال نائب رئيس البلدية إن العمل جار لمنع الفيضانات وذلك من خلال إنشاء قنوات ري توجه مياه الأمطار بعيداً من الأماكن السكنية، مؤكداً أهمية تنظيف المنطقة من الحطام والتخطيط بعناية لإعادة زراعة الغابات.

في إشارة إلى ضرورة إجراء مناقشة في إدارة أفضل للغابات، انتقد السيد تاراسلياس الاعتقاد السائد بين المسؤولين بأن الحفاظ على الطبيعة يعني عدم قطع شجرة واحدة أكثر من اللازم. علق قائلاً: "يجب أن نجد طريقة لتنظيف الغابات"، عوضاً عن السماح بأن تصبح كثيفة ومليئة بإبر الصنوبر القابلة للاشتعال.

لكن بعض سكان الجزيرة، الذين حفزهم الدافع المجتمعي الكبير على مكافحة حرائق الغابات هذا الشهر الذين يخاطرون حالياً بمخالفة القانون من خلال قطع الأشجار لإحداث عوازل للحرائق، حريصون على ضمان عدم تعرض رودس لمثل هذه المأساة مرة أخرى.

وقال بانتيليس وهو يقود سيارته في المساحات الطبيعية المحترقة فيما كانت الجمرات تشتعل ببطء وطائرات مكافحة الحرائق تحلق في السماء: "علينا حماية الغابات على نحو أفضل، من أجل أطفالنا، من أجل مستقبلنا. لا يمكننا أن ننتظر الحكومة. يجب أن نصنع مستقبلنا بأيدينا".

© The Independent

المزيد من تحقيقات ومطولات