Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انقلاب النيجر يثقل فاتورة الأزمات العربية

تكهنات بموجة لجوء نحو الجزائر وليبيا وموريتانيا والسودان وتزايد خطر الإرهاب على الحدود المشتعلة أصلاً

ملخص

إذا كانت الأنظار اتجهت إلى فرنسا المتضررة الرئيسة من انقلاب النيجر فإن دولاً مثل الجزائر وليبيا وموريتانيا والسودان لن تكون بمنأى من تداعياته.

يضع الانقلاب الذي أطاح رئيس النيجر محمد بازوم، دولاً عربية عدة تحت الضغوط في ظل التكهنات بموجة لجوء جراء الاضطرابات التي سببها هذا التحرك الذي قاده الحرس الرئاسي وأثار إدانات واسعة على الصعيدين العربي والدولي.

وإذا كانت كل الأنظار اتجهت إلى فرنسا المتضررة الرئيسة من سقوط بازوم، فإن دولاً مثل الجزائر وليبيا وموريتانيا والسودان لن تكون بمنأى من تداعيات هذا الانقلاب، بخاصة أن حدودها مشتعلة أصلاً بسبب نشاط الجماعات الإرهابية في مالي وتشاد وبوركينا فاسو.

ولم يتردد قادة هذه الدول، وخصوصاً رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبدالحميد الدبيبة، في إبداء قلقهم حيال الانقلاب، في حين سارعت الجزائر إلى إدانته منذ الوهلة الأولى لاحتجاز الرئيس النيجري في قصره الرئاسي في نيامي.

أزمة إنسانية

للنيجر ثقل مهم على المستوى الأمني من خلال التنسيق والتعاون مع الفرنسيين والأوروبيين، لكن مع تفجر الوضع هناك قد تشهد البلاد أزمة إنسانية تزيد من متاعب الجزائر وليبيا اللتين تستضيفان مهاجرين غير نظاميين من هذا البلد.

يقول المتخصص في الشؤون السياسية البوركيني ألفا الهادي كوانا، إن "النيجر مركز كل الدعم المالي والإنساني الغربي والأممي نحو دول منطقة الساحل، وهي أيضاً مركز عمليات مكافحة الإرهاب من خلال عملية (برخان) الفرنسية، حتى إن هناك تعاوناً مع إيطاليا والولايات المتحدة اللتين تملكان قوات عسكرية فيها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتدفق من النيجر مئات المهاجرين غير النظاميين الذين تكون وجهتهم الجزائر وليبيا في مسعى للعبور إلى الضفة الأخرى من المتوسط، وتقوم السلطات الجزائرية بإعادة هؤلاء إلى بلادهم حيث تجمع بين نيامي والجزائر اتفاقية أمنية في شأن ذلك.

أما ليبيا، التي تشهد فوضى أمنية وسياسية، فتستضيف هي الأخرى مهاجرين ولاجئين من النيجر، وسبق للدبيبة أن دعا إلى "وضع حد فوري لهذه التحركات العسكرية التي تقوض أمن المنطقة واستقرارها، وتشكل مصدر قلق لجميع البلدان المجاورة والمجتمع الدولي ككل".

وتسود المخاوف ليبيا من التأثر بالوضع الجديد في النيجر من نواح عدة، حيث يتحدر بازوم الذي تمت إطاحته من قبيلة أولاد سليمان العربية التي يتمركز معظم المنتمين إليها في مناطق الجنوب والوسط الليبيين، في ما تسمح الفوضى الأمنية في النيجر لأطراف النزاع في ليبيا بتجنيد مرتزقة من هذا البلد في نزاعاتهم التي لا تكاد تنتهي. وقد يسمح الانقلاب على الرئيس بازوم للجماعات الإرهابية بتعزيز مكاسبها على الأرض مما سينعكس على الوضع الأمني على حدود النيجر.

يقول كوانا "بالتأكيد، الأحداث الأخيرة ستخدم مصلحة المتشددين، لكن في الوقت نفسه يمكن قلب المعادلة لصالح النيجر إذ تم إجراء تنسيق مع بوركينا فاسو وتشاد ومالي حول مكافحة الجماعات الإرهابية، وأعتقد أن من المهم التركيز على هذه النقطة".

وضع مقلق لدول الجوار

بصرف النظر عن الأزمة الإنسانية التي قد يقود إليها الانقلاب في النيجر، فإن هواجس الجزائر وليبيا تمتد لتشمل الاتفاقات الخاصة بمشاريع غازية ونفطية ضخمة على غرار الاتفاق الذي وقعته شركة "سوناطراك" الجزائرية المملوكة للدولة عام 2022 من أجل تقاسم الإنتاج في حقل "كفرا" النفطي شمال النيجر، الذي تم اكتشافه في 2018 وتقدر احتياطاته بنحو 400 مليون برميل.

يستبعد المحلل السياسي الجزائري جيلالي كرايس، أن يقوم القادة الجدد للنيجر بإلغاء هذه الاتفاقية أو غيرها، مؤكداً أن "أول بيان من طرف المجلس العسكري تعهد احترام كل التزامات النيجر أمام المجتمع الدولي، لذلك لا يمكن أن يخل بهذه الاتفاق بينما يبحث عن دعم واعتراف دوليين، والجزائر دولة مهمة في المنطقة، ولا يمكن للمجلس العسكري أن يخسر علاقاته معها".

ويضيف كرايس أن "الوضع فعلاً مقلق ويدعو إلى الإدانة، فلا توجد دولة ترحب بانقلاب عسكري على رئيس منتخب"، مشدداً على "عدم نسيان أن النيجر تقع في منقطة شديدة التوتر، فالساحل الأفريقي مصدر قلق ليس لدول الجوار فقط بل للعالم ككل، وكلما زاد التوتر زادت مظاهر الانفلات والعدوى بين دول الساحل الهشة أصلاً، وزاد احتمال التأثير في الأمن بمختلف مستوياته في دول الطوق أو تلك الدول المطلة على منطقة الساحل ومن بينها الجزائر وليبيا وموريتانيا والسودان، وربما تصل التداعيات حتى تونس، التي تعاني أصلاً من أزمة دولية بسبب الهجرة والمهاجرين".

ومن شأن الوضع في النيجر أن يزيد تعقيد الأزمة الليبية خصوصاً أن الأزمة الاقتصادية التي تشهدها الأولى سهلت بشكل كبير على أطراف النزاع في ليبيا تجنيد مرتزقة نيجريين في الصراع الدائر هناك منذ سقوط العقيد معمر القذافي عام 2011.

واعتبر كرايس أن "الوضع الهش في ليبيا يجعلها شديدة الحساسية من أي تغيير سياسي خارج إطار الديمقراطية، بخاصة أن الانقلاب يبدو قريباً من روسيا الداعمة للمشير خليفة حفتر، وهذا ما يزيد قلق طرابلس وحكومة الوحدة الوطنية".

ماذا عن موريتانيا والسودان؟

في المقابل، لا تربط حدود مشتركة بين موريتانيا والنيجر، لكنها محاصرة بأنظمة انقلابية قادها ضباط في الجيش، سواء في النيجر أو تشاد أو بوركينافاسو أو مالي، مما قد يحفز على مجازفات في البلاد التي سبق أن شهدت انقلابات، وتعد كذلك عضواً في مجموعة دول الساحل الخمس.

كما أن موريتانيا تجمعها بالنيجر روابط قبلية ومذهبية، وهو ما قد يؤدي إلى تأثر محتمل بالأحداث في نيامي، علاوة على إمكانية أن تشهد البلاد موجة لجوء جراء الاضطرابات التي أعقبت الانقلاب على بازوم.

وهناك نقاط تشابه تجعل من الهواجس في موريتانيا مشروعة، فآخر انقلاب شهدته نواكشوط كان في 2008 على الرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله، وهو الانقلاب الذي قاده قائد الحرس الرئاسي الجنرال محمد ولد عبدالعزيز. تماماً كما قاد قائد الحرس الرئاسي في النيجر الانقلاب على الرئيس المنتخب ديمقراطياً.

بدورها، لا تشترك السودان في حدود مع النيجر، لكن بين البلدين أيضاً روابط قبلية ومذهبية مثل الطريقة التيجانية الصوفية، وهو ما يفرز تأثيرات خصوصاً في ظل الأزمات التي يعانيها البلدان، فالسودان أيضاً يشهد واحدة من أسوأ أزماته في خضم المواجهة العسكرية بين قوات "الدعم السريع" والجيش.

وتضم قوات "الدعم السريع" عدداً كبيراً من قبيلة "المحاميد" التي لديها روابط قوية مع جنوب النيجر، لا سيما ولاية ديفا التي قدم إليها أفراد هذه القبيلة في ثمانينيات القرن الماضي، كما ينتشر المنقبون عن الذهب السودانيون في شمال النيجر بولايات مثل أغاديز.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير