Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وباء جرائم السكاكين  ينتشر في لندن... والاسباب عند أطفال العاصمة المحرومين

قُتل 135 شخصا في العاصمة في العام الماضي ولا يمكننا التظاهر بأننا لم نتوقع حدوث ذلك

 النائبة العمالية سارة جونز أمام مقر الحكومة 10 داونينغ ستريت خلال تسليمها مع مجموعة عمل من المراهقين مقترح مشروع قرار للتخلص من جرئم السكاكين (أ.ف.ب)  

أصبح العنف في لندن وباءً. ففي العام الماضي، قتل 135 شخصًا في العاصمة، من بينهم 79 ضحية لعمليات طعن. ويعد هذا هو الرقم الأعلى لجرائم القتل في أكثر من عقد من الزمن، وليس من إشارات على أن هذه الوتيرة ستبدأ بالتباطؤ. إذ لم تمضِ ستة أشهر من  عام 2019 حتى قتل 56 واحداً من سكان لندن.

نعلم أن عدد الأطفال المتورطين في أعمال العنف الخطيرة يزداد شيئاً فشيئاً، إذ تشير إحصائيات الشرطة إلى أن الأطفال متورطون حالياً في نصف العدد الإجمالي لجرائم السكاكين في لندن. والنتيجة المأساوية هي أن تسعة مراهقين قد تعرضوا سلفاً للطعن حتى الموت في شوارع عاصمتنا بالفعل هذا العام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

و علمنا أخيراً أن جرائم حيازة السكاكين التي تورطت بها نساء في إنجلترا قد زادت على نحو متسارع منذ عام 2014 ، بنسبة تقارب 10% كل عام، وفقًا لأرقام جديدة كشفت عنها الشرطة لـ "هيئة الإذاعة البريطانية" ( بي بي سي). ففي عام 2018، سُجّلت أكثر من 1500 حادثة حيازة السكاكين من قبل النساء، أي بزيادة قدرها 73% منذ خمس سنوات فقط.

لا يمكننا التظاهر بأننا لم نتوقع حدوث هذا، إذ إننا نعرف جذور مشكلة للعنف، ونعرف سياسة الحكومة منذ عام 2010. كان العنف موجودًا دائماً، لكنه ليس حتميا. إنه نتاج عدد من العوامل الاجتماعية المعقدة التي تفاقم الكثير منها بسبب سياسة التقشف.

هناك اعتراف متزايد بأنه لمواجهة هذا الوباء، يجب أن نتعامل مع جرائم السكاكين بالطريقة التي نتعامل بها مع مرض معدٍ، أي من خلال "نهج للصحة العامة". وهذا يعني الاعتراف بأن العنف يولد العنف، وبالتالي يتعين علينا التصدي للمشكلة في مصدرها. كما يجب الإقرار بأن بعض الأشخاص معرضون بشكل أكبر لخطر التورط في جرائم السكاكين بسبب بيئاتهم الاجتماعية، ومن الضروري أيضاً إيجاد طرق لمنع ذلك من خلال التعليم والدعم في مرحلة الطفولة. ينبغي أن يكون هذا أولوية في كل المجتمعات المحلية ومراكز القرار بالحكومة. ومن المهم للغاية الاستماع لأصوات الشباب في هذا الشأن.

في منطقتي، كرويدون، بجنوب لندن، حقّق مجلس الحماية المحلي في 60 حالة تتعلق بمراهقين معرضين للخطر. كان هؤلاء الأطفال عرضة للاستغلال أو العنف الخطير. وكان أكثر من نصف الفتيات اللاتي خضعن للتحقيق من ضحايا الاستغلال الجنسي في طفولتهن.

كما أن ثلاثة أرباع هؤلاء الأطفال البالغ عددهم 60 طفلًا في كرويدون قد عانوا أيضًا من غياب الأب وربعهم من غياب الأم. في غضون ذلك يتناقص باستمرار تمويل خدمات الدعم التي تساعد في التعرف على هؤلاء  الأطفال الذين يعيشون في ظروف صعبة كهذه وحمايتهم. ويمثل إغلاق مراكز المبادرة الحكومية لحماية الأطفال والمعروفة بـ Sure Start دليلا مقلقاً على تراجع الدعم.

توضح حالات أطفال كرويدون أهمية دور المدارس في التعرف على الشباب المعرضين لخطر الوقوع في جرائم السكاكين ودعمهم. وتجدر الإشارة إلى أن ثلث الأطفال قد استُبعدوا من المدرسة قبل إتمامهم مرحلة التعليم الابتدائي. كما أن جميع الأطفال الذين أدينوا بارتكاب جرائم استُبعدوا في مرحلة ما من حياتهم الدراسية. ولكن خُفّض التمويل الحكومي للمدارس، مما أدى بنصف مدارس لندن تقريباً إلى زيادة أحجام الصفوف المدرسية  وتقليص المناهج الدراسية،  فيما قلّلت 42% من مدارس لندن عدد الاساتذة الذين يعملون لديها. في ضوء هذه العوامل كلها،  يبدو أن الضغط على المدارس لتقديم المتطلبات الأساسية لم يكن يوماً أكبر مما هو عليه اليوم.

وكما أشرت في تقرير جديد حول تحديات لندن في العقد المقبل، بعنوان "أرباح رأس المال،" والذي ستنشره "الجمعية الفابية" في 12 من شهر اغسطس (آب) الحالي، يجب دعم مدارسنا لتوفير التعليم حول العلاقات الصحية والهوية والمهارات الحياتية والتطور الاجتماعي، وهذا يشمل المخاطر المرتبطة بحمل السكاكين والتورط في الجرائم، مهما كانت صغيرة.

من الواضح أن الأداء الجيد في المدرسة أمر بالغ الأهمية لإعطاء الشباب في لندن الفرصة والطموح. وفي عاصمتنا، يكتسي هذا أهمية خاصة بالنسبة للشباب السود والآسيويين وغيرهم من الأقليات العرقية، الذين لا يزال معدل البطالة في صفوفهم مرتفعًا بشكل غير متناسب.

تعد خدمات الشباب وأنشطة الشباب من العناصر الحيوية الأخرى في هذا اللغز، ولكن أُغلق 81 ناديًا  ومشروعا لمجلس الشباب في لندن منذ عام 2011، وذلك نتيجة لخفض ميزانيات خدمات مجالس الشباب في جميع أنحاء لندن بـ39 مليون جنيه استرليني.

ليست هناك حاجة إلى البدء من الصفر في البحث عن حلول للمشكلة. هناك الكثير من الأفكار والمشاريع الواعدة حقيقية ً في منع الشباب من التورط في الجريمة.

تعترف خطط الحد من العنف في اسكتلندا وجميع أنحاء العالم بأن قدرة الشرطة وحدها على حل المشكلة محدودة. ومع ذلك، تأثرت مستويات الجريمة بالتخفيضات المستشرية التي طالت دعم الشرطة. واللافت أن شرطة العاصمة باتت مطالبة بتوفير مليار جنيه إسترليني ، مع حلول عام 2021، وبتقليص عدد أفرادها من 31000 إلى 28215 ، أي إلى أدنى مستوى منذ 15 عامًا.

خصص وزير المالية السابق فيليب هاموند مبلغ 100 مليون جنيه إسترليني كتمويل إضافي للشرطة من أجل للتصدي لجرائم السكاكين. لكن ذلك لم يأتِ إلا بعدما أجبرت الجهود الجبارة للنواب وضباط الشرطة الحكومة على الاعتراف بإسهام التخفيضات في ارتفاع جرائم العنف. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا المبلغ سيوُزع على المستوى الوطني، علماً أنه يشكل عُشر المبلغ فقط الذي خُصم بالفعل من ميزانية شرطة لندن وحدها.

ساهمت زيادة الوعي بنمو الأطفال والمراهقين وأسباب السلوك المسيء في تطوير خدمات أفضل لمواجهة الصدمات النفسية لدى للأطفال والمراهقين واستجابات أكثر ملاءمةً لجرائم الشباب. ونتيجة لذلك، شهدنا انخفاضًا كبيرًا في تجريم الأطفال في السنوات الأخيرة.

واليوم، ها هو هذا التقدم يتعرض للتقويض جرّاء سياسة حكومية قلّصت من التمويل لخدمات الأطفال والمدارس وخدمات الشباب وخدمات الصحة العقلية والرعاية الاجتماعية للكبار.

من أجل رؤية نهاية لعنف السكاكين في لندن يجب التفكير بعمق، وتبني سياسات ناجعة وتخصيص الموارد المناسبة لها على مدى 10 سنوات، لكي يحصل كل شاب وكل أسرة وكل مجتمع محلي على الاهتمام والدعم الذي يحتاجونه.

(سارة جونز هي نائبة عمالية عن دائرة كرويدون سنترال، ورئيسة المجموعة البرلمانية التي تضم جميع الأحزاب والمعنية بجرائم السكاكين. ستُنشر مقترحاتها الخاصة بجرائم السكاكين في لندن في تقرير "الجمعية الفابية"، تحت عنوان:  Capital Gainsيوم الاثنين 12 اغسطس)

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء