Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرائق تونس... نيران الطبيعة برائحة الأمن والسياسة

تزايدت مع انهيار الدولة في 2011 وإدارة حركة "النهضة" للبلاد... ومطالب بتسليح حراس الغابات

التسلسل الزمني والمكاني للحرائق في تونس يثير شبهات (أ ف ب)

ملخص

أسئلة وشكوك أثيرت حول ما إذا كانت حرائق تونس طبيعية أم وراءها أطراف ستستفيد منها بشكل أو بآخر؟

أعلنت السلطات التونسية نجاحها، أمس الأربعاء، في إخماد الحرائق التي اندلعت في مناطق مختلفة من البلاد مخلفة دماراً، لكن أسئلة وشكوكاً أثيرت حول ما إذا كانت طبيعية ناجمة عن موجة الحر الشديدة التي شهدتها تونس أم وراءها أطراف ستستفيد من هذه الحرائق بشكل أو بآخر.

ولم يتردد المتحدث الرسمي باسم الحماية المدنية في تونس معز تريعة، في القول إن التسلسل الزمني والمكاني للحرائق يثير شبهات، وإن التحقيقات التي فتحتها السلطات ستكشف الحقيقة وهو ما فتح الباب بمصراعيه أمام التأويلات في شأن الأسباب الكامنة خلف تواتر الحرائق واتساع نطاقها سنوياً في السنوات التي تلت ثورة يناير (كانون الثاني) 2011.

وأعادت هذه الحرائق التي تتزامن مع سياق سياسي مشحون في تونس بعد انفراد الرئيس قيس سعيد بالحكم وإزاحته حركة النهضة الإسلامية خصمه الرئيس، إلى واجهة النقاشات في الشارع مسألة حراس الغابات الذين وقع استبدال كثير منهم بعد أحداث الثورة رغم أنهم كانوا في تنسيق مع أجهزة أمنية، بحسب ما يقوله مسؤولون تونسيون سابقون.

أسباب متعددة

قبل أن تجتاح النيران عشرات الكيلومترات في تونس، كانت البلاد شهدت انقطاعات متكررة للمياه والكهرباء جراء الحرارة المرتفعة التي بلغت ذروتها، الإثنين الماضي، بـ50 درجة مئوية وهو ما جعل أوساطاً تونسية ترجح أن الأسباب التي قادت إلى الحرائق طبيعية، من دون استبعاد فرضية أن تكون بفعل فاعل خصوصاً أنها باتت متواترة منذ 2011.

وحرائق هذا العام شبيهة بشكل كبير بالحرائق التي عرفتها البلاد في 2022 و2021 من حيث إنها طالت مرافق سياحية ومناطق غابات شاسعة، ولم تنجح السلطات في وقف زحف النيران إلا بمساعدة عناصر عسكرية جزائرية وتدخل إسباني بعد أن طلبت البلاد دعماً أوروبياً.

وزير الفلاحة السابق سعد الصديق، اعتبر أن "الأسباب متعددة مثل ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق خلال الأسبوعين الأخيرين، وعدم الانتباه واللامبالاة من الأشخاص الذين يمرون بجانب الغابات بهدف أي نشاط"، مشيراً إلى أن هناك أسباباً أخرى مثل العمليات المفتعلة ربما لأغراض شخصية، لأن بعض مساحات الغابات في حال احتراقها تصبح مجالاً للاستغلال الزراعي أو البناء أو غيرهما، بخاصة أن القانون التونسي يمنع اقتلاع أو قص الأشجار الخاضعة لنطاق الغابات أو حمايتها.

ولفت الصديق إلى "الحرائق المفتعلة التي شهدتها تونس في 2011 أو 2012 أو التي كانت بفعل فاعل وتم القبض عن مرتكبيها"، مؤكداً أن الوقاية خير من العلاج في مثل هذه المسائل من خلال الحراسة المشددة على الغابات لضمان تفادي هذه المشكلات.

 

 

ونوه الوزير السابق بصعوبة استعادة أي جزء محترق من الغابات، لافتاً إلى أن تونس بها نقص شديد في حراس الغابات لا سيما في ما يتعلق بتقاعد الموظفين العمومين، وكذلك استشراف التدخل المسبق وارتباطه بضعف الإمكانات سواء سيارات أو أعواناً في أبراج المراقبة المنتشرة بكثرة في تونس، مطالباً بتوفير مزيد من الحراس ووضع آلية للإنذار المسبق.

وأشار الصديق إلى أن "تسليح الحراس فكرة تتطلب التفكير ملياً على مستوى إيجابياتها وسلبياتها وتداعياتها، لا سيما أن الأمر يطال غيرهم مثل المنوط بهم مواجهة الصيد الجائر"، مؤكداً أن "غياب التسليح يضع الحراس أمام صعوبات في التدخل للحد من الجور على الأشجار أو الذين يمارسون الصيد العشوائي".

حراس الغابات

الحرائق الأخيرة وحديث السلطات عن إمكانية وجود أطراف خلفها سلطت الضوء مجدداً على معضلة حراسة الغابات التي شهدت بعد ثورة 14 يناير تغييرات كبيرة، كما فجرت اتهامات في وجه حركة "النهضة" التي شاركت في إدارة البلاد بين 2011 و2013، لا سيما إبان فترة تولي القيادي في الحركة، محمد بن سالم وزارة الفلاحة في 2012.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولطالما اتهمت حركة "النهضة" بأنها عمدت إلى تغيير حراس الغابات الذين كانوا في حالة تنسيق كبير مع أجهزة الأمن بآخرين موالين لها، وهي تهم تنفيها الحركة وسبق أن رفعت دعاوى قضائية ضد كل من يوجه لها هذه الاتهامات.

وسبق أن وصف كاتب الدولة للشؤون الأمنية السابق رفيق الشلي، قرار حل جهاز إدارة أمن الدولة الذي كان ركيزة من ركائز الأمن إبان حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي بـ"الإجرامي". وقال في تصريحات سابقة بثتها وسائل إعلام محلية إن "إدارة أمن الدولة كان لها دور وقائي وحقيقي في تأمين الحدود، وذلك من خلال إشراك سكان المناطق الحدودية وحراس الغابات في تقصي المعلومات.

وطالب الشلي بتسليح حراس الغابات لمواجهة التهديدات التي يتلقونها، وذلك بسبب انتشار عناصر إرهابية في السنوات الأخيرة في تونس من بينها عناصر لتنظيم داعش.

غموض أمني

وليست هذه المرة الأولى التي يطرح فيها ملف حراس الغابات في تونس خصوصاً مع تسجيل حوادث قتل غامضة لبعضهم في ولايات مثل جندوبة (شمال غربي تونس) المتميزة بغابات شاسعة، التي شهدت، أخيراً، حرائق واسعة النطاق، حيث طرح الشلي الفكرة في وقت سابق، لكن من دون أن يتم إقرار إجراءات ملموسة لإتمام هذه العملية ما يثير تساؤلات حول إمكان إحيائها، لا سيما مع تركيز مؤسسة تشريعية جديدة في البلاد على طرح عديد من القوانين الجديدة في المرحلة المقبلة.

 

 

من جهة أخرى، قال متخصص التاريخ بالجامعة التونسية والمحلل السياسي محمد ذويب، إنه "تم الحديث منذ تولي محمد بن سالم، القيادي البارز في النهضة لوزارة الفلاحة عن إبعاده لحراس الغابات الذين يلعبون دوراً كبيراً في المحافظة على هذه الثروات الوطنية، لذلك في اعتقادي هذا خطأ تم ارتكابه".

وأوضح ذويب أنه "يجب تفادي هذا الخلل والعمل على أكثر من ذلك من خلال تعزيز التنسيق بين مختلف الوزارات والأجهزة، وكذلك تفعيل لجان الطوارئ من أجل تفادي مثل هذه الكوارث التي تؤثر في ثرواتنا الوطنية".

وشدد ذويب على أن "هناك حراساً موجودين بالفعل في الغابات، لكن على وزارة الفلاحة مضاعفة عددهم بخاصة خلال فترة الصيف باعتماد الانتداب الموسمي، مثل انتداب بعض التلاميذ والطلبة خلال العطلة الصيفية للقيام بأعمال المراقبة وغيرها مما يمكن الدولة من تلافي مصاريف إضافية وتفادي هذه الكوارث، وفي النهاية الحلول والمقترحات موجودة في انتظار الإرادة السياسية".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات