ملخص
مثل نافذة في تاريخه للفرق المسرحية في المحافظات للتواصل مع الحركة المسرحية في القاهرة
أكثر من ثلاثة عقود منذ انطفأت أضواء "السامر"، ذلك المسرح الذي كان مشيداً على الطراز التقليدي، الذي يخلق نوعاً من التواصل المباشر بين الفنان والجمهور، ويمثل مركزاً رئيساً للفنون الشعبية والتراثية في مصر، ليعود أخيراً للحياة بعد أن قامت وزارة الثقافة بافتتاحه بالتواكب مع عملية شاملة لتجديده بشكل متكامل.
وكانت نيفين كيلاني وزيرة الثقافة المصرية أوضحت خلال حفلة الافتتاح أن الحدث يمثل إعادة لأحد الصروح المسرحية العريقة، ويمثل تطويراً للبنية التحتية للمؤسسات الثقافية، إلى جانب استراتيجيتها لبناء الإنسان وتحقيق العدالة الثقافية، وأشارت إلى أنه جرى إعداد برنامج متخصص للعروض التراثية والشعبية التي تليق بتاريخ المسرح ورواده ومحبيه.
نقطة انطلاق لمبدعي المحافظات
وتأتي قيمة وأهمية مسرح "السامر" تحديداً في الفكرة التي يقوم عليها بارتكازه إلى جانب العروض التي تقدمها فرقة "السامر" المسرحية على فرق الفنون الشعبية والعروض المقبلة من المحافظات، وهي رسالة تم التأكيد عليها في حفلة الافتتاح التي شهدت عرضاً مسرحياً بعنوان "لايك"، وهو نتاج ورشة تخرج متدربي محافظة كفر الشيخ من مشروع "ابدأ حلمك" وهو أحد المشاريع الفنية لوزارة الثقافة، الذي تقيمه هيئة قصور الثقافة بهدف تدريب الشباب الموهوبين بالمحافظات على فنون المسرح وإعداد الممثل الشامل.
ويقع المسرح على مساحة 1800 متر مربع ويتكون من طبقتين، وصالة المسرح على مساحة 600 متر وتتسع لـ350 مشاهداً، وترتبط بالمسرح فرقة مسرحية تحت اسم "فرقة السامر" ظلت مستمرة طوال فترة إغلاقه في تقديم عروضها ولكن على مسارح أخرى، وبالطبع الافتتاح الأخير للمسرح بعد تجديده سيمثل إضافة كبيرة لها بعودة مسرحها للعمل بكفاءة مرة أخرى واستعداده لاستقبال الجماهير.
وعن المسرح يقول الفنان جلال العشري المدير السابق لفرقة "السامر" المسرحية "جاءت فكرة بناء مسرح السامر عام 1970، وفي العام التالي أسست الفرقة وتوالت عروضها حتى حدث حريق كبير في المسرح عام 1975، ليتم تجديده حين افتتحه الرئيس أنور السادات عام 1978، مع بداية التسعينات وتحديداً عام 1992 أغلق المسرح وقتها بسبب أضرار أصابته كنتيجة للزلزال الكبير الذي ضرب مصر في العام نفسه وتوقف من حينها ليمر بتعثرات مختلفة حتى إعادة بنائه وافتتاحه الأخير"، ويضيف العشري "السامر قدم على مدار تاريخه عديداً من العروض ذات الطابع التراثي والشعبي حققت نجاحاً كبيراً مثل سيرة بني هلال، حسن ونعيمة، وشفيقة ومتولي، وعلي الزيبق، وغيرها كثير من الحكايات المرتبطة بالثقافة الشعبية، وفي الوقت ذاته ومع تغير العصر ظهرت فكرة الكوميديا الشعبية المعاصرة، فقدمت فرقة السامر كثيراً من العروض الاجتماعية والكوميدية وكل ألوان المسرح ولم تقتصر على الارتباط بالشكل الفلكلوري، ولكنها قدمته بشكل جديد فالبطل الشعبي موجود في كل عصر ويقدم بأشكال وقوالب مختلفة"، ويتابع الفنان جلال العشري "قيمة هذا المسرح في أنه المسرح الوحيد الذي تمتلكه الثقافة الجماهيرية في العاصمة، فهو ملك الناس ومنهم، ويمثل متنفساً لكثير من الشباب المسرحيين الواعدين في أنحاء مصر، ونأمل في الفترة المقبلة أن تكون هناك خطة وهيكلة للمكان وعروض متوالية، والإعداد جار حالياً لعرض كبير بعنوان: مغامرة "رأس المملوك جابر" للكاتب الكبير سعد الله ونوس.
رؤية المسرحيين
افتتاح أي مسرح جديد أو إعادة تشغيل مسرح كان مغلقاً فترة يمثل قيمة وإضافة للحركة المسرحية والمشهد الثقافي في مصر، والطابع الخاص لمسرح "السامر" أتاح له على مدار سنوات طويلة استكشاف كثير من المواهب والقامات المسرحية الكبيرة التي لمعت في فرقة "السامر"، وفي كثير من الأعمال الدرامية السينمائية والتلفزيونية إلى جانب المسرح على مدار السنوات، ومن هنا فإن كثيراً من المسرحيين والمهتمين بالحركة الثقافية يرون في إعادة افتتاحه إضافة كبيرة للمسرح في مصر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعن أهمية المسرح ودوره يقول الممثل والمخرج سامح بسيوني مدير مسرح الشباب "افتتاح مسرح السامر بعد كل هذا الإغلاق هو خطوة قوية لا بد أن يفخر بها جميع المسرحيين باعتبار أن السامر هو واحد من المسارح ذات التاريخ الطويل، وقدمت عليه عروض كثيرة في السابق لفرقة مسرح السامر، وستمثل إعادة افتتاح المسرح نقطة انطلاق جديدة لها لاستكمال مشوارها في تقديم العروض المسرحية لجمهور المسرح ومحبيه"، ويضيف "في الوقت ذاته يمثل مسرح السامر نقطة انطلاق لكثير من العروض المقبلة من المحافظات المختلفة بإتاحة الفرصة لها لتقديم عروضها لجمهور القاهرة وعلى واحد من مسارحها المتعددة التي تعد دائماً هدفاً وغاية للفرق كافة في الأقاليم المصرية المختلفة"، بينما يشير المخرج مازن الغرباوي رئيس مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي إلى أن "أي مسرح يفتتح يمثل قيمة مضافة للحركة المسرحية في مصر، ومسرح السامر بقيمته التاريخية له أهمية كبرى في أنه خرج منه كثير من الأسماء المؤثرة في تاريخ المسرح المصري مثل الراحل عبدالرحمن الشافعي، وإعادته للحياة شيء إيجابي، ولكنه يحتاج إلى التأكيد على الهوية التي تميز بها دائماً، وفي الوقت ذاته وضع خطة لتقديم عروض منتظمة بشكل يثري الحركة المسرحية"، ويضيف "من أهم الأشياء التي تميز مسرح السامر هو تبعيته لهيئة قصور الثقافة، مما يمكن أن يكون هذا دافعاً لزيادة البرامج والورش التي تقوم بتنظيمها في المحافظات المختلفة لاكتشاف المواهب، هذه البرامج قائمة بالفعل وتم تقديم أحد عروضها في حفلة افتتاح السامر، ولكن وجود مسرح كبير وذي أهمية بالقاهرة سيمثل دافعاً لزيادة هذه البرامج الخاصة بدعم المواهب واكتشافها".
جدل الخيمة و"العلبة" الإيطالية
وعلى رغم الاحتفاء الكبير بعودة مسرح "السامر" وإعادة افتتاحه إلا أن بعضهم تساءل عن عدم إعادة بنائه على الشكل والطراز القديم نفسه لـ"السامر" بطبيعته المنفتحة على الجمهور والمتواصلة معه بشكل أساسي بنمط الفرجة الشعبية المتعارف عليه، وتشير الكاتبة والناقدة عبلة الرويني إلى أن "مسرح السامر تمت إعادة بنائه على الشكل الكلاسيكي لطراز مسرح العلبة الإيطالي بخشبة مسرح مرتفعة وجمهور في الصالة، وهو شكل يختلف تماماً عن الشكل التقليدي لفكرة السامر المبنية على أن يكون الفنان مواجهاً للجمهور ومتواصلاً معه بشكل مباشر بمفهوم المسارح الشعبية، لكن هذا لا ينفي أن افتتاح المسرح هو إضافة كبيرة للحالة الفنية في مصر، ونأمل أن يكون محافظاً على هويته من خلال النصوص والعروض التي ستقدم على المسرح في شكله الجديد"، وتضيف "مسرح السامر بشكل خاص يمثل حالاً فريدة وافتتاحه حدث مهم، باعتباره يمثل نافذة للفرق المسرحية من الأقاليم كافة للتواصل مع الحركة المسرحية في القاهرة، ويتيح الفرصة لجمهور القاهرة للاطلاع على طبيعة ونوعية العروض التي تقدمها مسارح الأقاليم والثقافة الجماهيرية في أرجاء مصر كافة".
ويعلق جلال العشري المدير السابق لـ "السامر" على هذا الأمر قائلاً "بناء المسرح بالشكل الحالي هو الأفضل بالمقاييس كافة، وهو الأنسب لطبيعة العصر، ففكرة الخيمة على رغم تقليديتها وارتباطها بالمسرح في بداياته إلا أن لها عديداً من المشكلات مثل احتياجها للصيانة الدورية وتأثرها بالأحوال الجوية مثل الأمطار، مما قد يؤدي إلى إلغاء عروض في بعض الأيام إضافة للكلفة الكبيرة للصيانة، أما الآن فلدينا مسرح عصري مجهز على أعلى مستوى ويمثل منبراً تنويرياً لكل المصريين".