Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تسعى لتفعيل انضمامها لمنطقة التبادل الحر الأفريقية

يرى بعضهم أن التجربة لم تولد بعد على رغم أن البلاد تملك كل المقومات لنجاحها

تقدر المبادلات التجارية بين الجزائر وأفريقيا بنحو أربعة في المئة فقط من الحجم الإجمالي لمبادلات البلاد مع بقية العالم (الإذاعة الجزائرية)

ملخص

تستهدف الجزائر مضاعفة حجم التبادل التجاري مع الدول المجاورة بعد تسجيل فائض في المنتجات القابلة للتصدير، إلا أن عقبات وتحديات... فهل تنجح؟

تتجه الجزائر نحو تفعيل انضمامها إلى منطقة التبادل الحر الأفريقية، بعد سنتين من مصادقتها على الاتفاق المؤسس للمنطقة التي أعلنها الاتحاد الأفريقي في يوليو (تموز) 2019، موازاة مع استعدادها لفتح مناطق للتبادل الحر مع دول الجوار والساحل الأفريقي، لتطوير المبادلات التجارية وتصريف منتجاتها القابلة للتصدير.

وتجري الحكومة الجزائرية حالياً مفاوضات مع أمانة منطقة التبادل الحر الأفريقية من أجل الانضمام إلى مبادرة المرحلة الأولى من تجسيد المنطقة، إذ سيزور وفد من أمانة المنطقة الجزائر قريباً، من أجل توضيح هذه المبادرة للمتعاملين الاقتصاديين وأصحاب المؤسسات والمستثمرين.

وينص الاتفاق على استفادة الدول من رفع القيود الجمركية التي يمكن أن تصل إلى صفر في المئة على مدى خمس سنوات بعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ.

وقالت ممثلة وزارة التجارة الجزائرية ليلى مختاري خلال ملتقى حول التوجهات الاستراتيجية وآفاق تجسيد منطقة التبادل الحر الأفريقية نظمه المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أخيراً، إن ثماني دول تشارك حالياً في مبادرة أمانة منطقة التبادل الحر الأفريقية والمتمثلة في بدء "مبادلات تجارية معتبرة" في إطار هذه المنطقة، وهي كل من الكاميرون ومصر وغانا وكينيا ورواندا وجزيرة موريس وتنزانيا وتونس.

فرص الجزائر

وأفادت المتحدثة بأن هذه المبادلات التجارية تخص قائمة أولى من المنتجات لتتوسع لاحقاً، مشيرة إلى استراتيجية أعدها الجانب الجزائري بالتعاون مع اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة من أجل تحديد فرص انضمام الجزائر إلى منطقة التبادل الحر الأفريقية، وأضافت أن "هذه الاستراتيجية استكملت وستناقش مع المتعاملين الاقتصاديين في إطار أيام إعلامية".

واعتماداً على التقرير الأخير الذي قدم خلال الاجتماع الاستثنائي لوزراء التجارة الأفارقة، الذي جرى بنيروبي خلال يونيو (حزيران) الماضي، وقع 54 بلداً على اتفاق منطقة التبادل الحر الأفريقية، وأودعت 46 آلية للتصديق، كما قام رؤساء البلدان بالتحقق والمصادقة على 42 عرضاً تعريفياً لتجارة السلع.

وتطمح منطقة التبادل الحر الأفريقية لاحقاً إلى التوصل إلى سوق قارية مشتركة، التي تعد حالياً 1.3 مليار نسمة ورفع المبادلات البينية الأفريقية إلى أكثر من 50 في المئة من مجموع المبادلات، في مقابل نحو 15 في المئة خلال السنوات الأخيرة.

وتقدر المبادلات التجارية بين الجزائر وأفريقيا حالياً بنحو أربعة في المئة فقط من الحجم الإجمالي لمبادلات البلاد مع بقية العالم.

وكانت الجزائر قررت في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 إنشاء أربع مناطق للتبادل الحر، بكل من محافظتي "تندوف" و"تيمياوين" على حدود موريتانيا، إضافة إلى "تينزواتين" بالحدود المالية، و"طالب العربي" على الحدود الشرقية مع تونس.

وجاء قرار فتح هذه المناطق بعد فتح المعبر البري مع موريتانيا عام 2018، وتجهيز معبر الدبداب الذي سيحتضن منطقة تبادل حر مناصفة بين ليبيا وتونس.

وتستهدف الجزائر مضاعفة حجم التبادل التجاري مع الدول المجاورة، بعد تسجيل فائض في المنتجات القابلة للتصدير مثل المنتجات الكهرومنزلية والإلكترونية ومواد البناء وبعض المنتجات الفلاحية، إلا أن عقبات تقف حائلاً دون تجسيد هذه المناطق ميدانياً.

كل مقومات النجاح

تعليقاً على مدى جاهزية المؤسسات الاقتصادية الجزائرية للانخراط في مناطق التبادل الحر التي تعتزم الجزائر إنشاءها، يرى يوسف ميلي رئيس المنتدى الجزائري للاستثمار وتطوير المؤسسات، أن "التجربة الجزائرية في مجال المناطق الحرة لم تولد بعد على رغم أن البلاد تملك كل المقومات لنجاحها".

ويقول ميلي في تصريح لـ"اندبندنت عربية" إن القطاع الخاص الجزائري معروف بالمرونة والاستجابة الفورية لمتطلبات السوق، إلا أن تجربة إنشاء مناطق التبادل الحر تتطلب التحكم في عملية التصدير والاستيراد، وهي فرصة مناسبة لقياس مدى جاهزية الجزائر للمنافسة في الأسواق الدولية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتوقع المتحدث نجاح التجربة على المستوى التجاري، مع بقاء بعض المعوقات الأساسية على غرار مسألة تحويل العملة الذي تعتبر عائقاً أساسياً في هذا المجال، وهي أساس كل عملية تجارية.

ويشير ميلي إلى أن الجزائر لديها امتداد أفريقي تاريخي وتملك سمعة طيبة لدى الشعوب والحكومات الأفريقية وذات موثوقية، وعليه فإن مستقبلها الاقتصادي يعتمد بالدرجة الأولى على البعد الأفريقي وبخاصة الجوار مثل ليبيا والنيجر ومالي وموريتانيا.

ويرى أن المؤسسات الاقتصادية الجزائرية في حاجة إلى اقتحام الأسواق الأفريقية، والاحتكاك والتنافس مع نظيراتها من المؤسسات الأجنبية، من دون إغفال الأسواق الدولية الأخرى وخصوصاً السوق الصينية التي تفتح أبوابها للمنتجات الجزائرية.

استراتيجية متعددة

من جهته يرى المتخصص في الاقتصاد والجيوبولتيك سيف الدين قداش أن الجزائر تعمل بشكل حيوي على تطوير قدراتها التصديرية من خلال استراتيجية متعددة المحاور وفي شتى الأبعاد ومن ضمنها المناطق الحرة التي تعد ضمن المحددات الرئيسة التي من شأنها تعزيز التجارة الخارجية والرفع من حجم الصادرات مع أفريقيا والعالم، خصوصاً مع دخول اتفاق منطقة التبادل التجاري الحر الأفريقية حيز التنفيذ.

ويشير قداش في حديث لـ"اندبندنت عربية" إلى أن مناطق التبادل الحر من شأنها إتاحة آفاق واسعة أمام الجزائر التي تملك حدوداً مع دول عدة ضمن اقتصاد المعابر، مع إنجاز طريق الوحدة الأفريقي البري، ومنه الوصول إلى 1.2 مليار إنسان أفريقي، في سوق تجارية يبلغ حجمها أكثر من 3400 مليار دولار.

ويضيف أن الجزائر قررت ضمن إطار استراتيجيتها القاضية بدعم الصادرات وتطويرها، التوسع وفق النموذج الاقتصادي الجديد الذي اعتمد مبدأ الدبلوماسية الاقتصادية الهجومية بخاصة مع جوارها الإقليمي من خلال التبادل التجاري مع دول الطوق، مثل موريتانيا والنيجر ومالي وليبيا وتونس، بغية تعزيز مستوى التصدير وترقية الصادرات، من أجل تنويع مصادر الدخل والسعي نحو تنويع وتطوير مستوى الصادرات خارج المحروقات.

وأفاد بأنه من خلال مشروع قانون المناطق الحرة المكرسة بموجب القانون رقم 15-22 المؤرخ في الـ20 من يوليو (تموز) 2022 الذي يحدد القواعد المنظمة للمناطق الحرة، تسعى السلطات الجزائرية إلى تشجيع وتسهيل التبادل التجاري عبر المعابر الحدودية.

عراقيل وتحديات

ويقول قداش إن الجزائر تستكمل الإصلاحات القانونية وتوفر الأطر التنظيمية التي تتكامل مع تطوير المنظومة الاقتصادية وتحديثها التي تكرست على سبيل المثال في القانون النقدي والمصرفي الذي أصبح ممكناً من خلاله إقامة بنوك للجزائر في الخارج، إذ حصل أول بنك على الاعتماد بالسنغال وموريتانيا، وهو ما يفتح الآفاق الواسعة للمعاملات المالية بشكل رسمي.

وبخصوص العراقيل التي تقف أمام تجسيد مناطق التبادل الحر، أوضح قداش بأنها عراقيل قانونية تنظيمية بحكم التحديات المرتبطة بالتصدير وباقتصاد المعابر، بالتالي عمدت الجزائر إلى إعداد نص قانوني منظم، كما تعمل على توفير البيئة الاقتصادية والأمنية لتأمين التجارة الخارجية مع أفريقيا من خلال البنى التحتية من طرق وسكك حديدية ونقل جوي وبحري.

وأشار المتحدث إلى وجوب توفر الظروف الأمنية والتنظيمية المواتية، بخاصة أن منطقة الساحل تعد بؤرة متحركة وبيئة حاضنة للتطرف والإرهاب، فضلاً عن ضعف البنية الأمنية والتهلل الأمني ببعض دول الجوار ومنها ليبيا ومالي، إضافة إلى بعض العراقيل التقنية واللوجيستية والأمنية التي تجري معالجتها وتطويرها وتحسينها، لأنها لم تتوفر في العهد السابق وكان لزاماً توفيرها حالياً لتحقيق التحول الاقتصادي المنشود.