Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نقص المياه يهدد أهوار العراق بالتآكل

"فينيسا الشرق" تعاني ومربو الجاموس يغادرون

يعتمد العراق في تغذية أنهاره سنوياً على المياه الآتية من تركيا وإيران (أ ف ب)

ملخص

حذرت الأمم المتحدة من تعرض أهوار العراق وسكانها لأشد موجة حرارة منذ 40 عاماً مصحوبة بنقص مفاجئ للمياه في نهر الفرات

يبدو أن "فينيسيا الشرق" كما يحب أن يسميها المستشرقون الذين زاروا مناطق الأهوار الفريدة من نوعها في منطقة الشرق الأوسط، حيث الجزر المبنية من نبات القصب والبردي وسط المياه مشاهد مهددة بالاندثار بعد شح المياه الذي يعانيه العراق على وجه العموم والأهوار على وجه الخصوص بسبب التغير المناخي وقلة الواردات المائية المقبلة من كل من تركيا وإيران وشح الأمطار.
ويعتمد العراق في تغذية أنهاره سنوياً على المياه الآتية من تركيا وإيران، خصوصاً في فصل الربيع، فضلاً عن الأمطار والثلوج، إلا أن الموسم الحالي شهد انخفاضاً كبيراً وغير مسبوق منذ أعوام، وهو ما بدا واضحاً في انحسار مساحة نهري دجلة والفرات داخل الأراضي العراقية.
وحذرت الأمم المتحدة من تعرض أهوار العراق وسكانها لأشد موجة حرارة منذ 40 عاماً مصحوبة بنقص مفاجئ للمياه في نهر الفرات.

تحذير دولي

وقالت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو" في العراق إنها سجلت في السابع من شهر يوليو (تموز) الجاري تعرض الأهوار ومربي الجاموس في جنوب العراق إلى عواقب خطرة بسبب تغير المناخ وندرة المياه هناك، وأضافت المنظمة في تقرير أن "التقارير الميدانية المقلقة لفريق عمل المشروع الذي تنفذه المنظمة بالتعاون مع وزارة الزراعة وتمويل الاتحاد الأوروبي كشفت عن أن الأهواز تشهد حالياً أشد موجة حرارة منذ 40 عاماً مصحوبة بنقص مفاجئ للمياه في نهر الفرات حيث تظهر الآثار المدمرة في النظام البيئي ومربي الجاموس والمزراعين ومربي الأسماك في الأهوار مما أجبر كثيرين منهم على مغادرة قراهم والنزوح إلى محافظات صلاح الدين والنج، وكربلاء وبابل في وسط العراق ومناطق أخرى، بحثاً عن مياه صالحة للاستعمال وعن الغذاء والأعلاف لمواشيهم وفرص العمل".

تحذير بيئي

وبحسب المنظمة الدولية فإن الوضع الحالي في يوليو 2023 يرسم صورة قاتمة للوضع، ففي السابع من الشهر الجاري وصلت تقارير مقلقة من الفريق الميداني لتنفيذ المشروع.
ووجهت وزارة البيئة العراقية نداء إلى وزارة الموارد المائية بزيادة الإطلاقات إلى الأهوار، وقالت في بيان "نوجه نداءنا إلى وزارة الموارد المائية بزيادة الإطلاقات المائية للأهوار لاسيما هور الحويزة في ميسان"، وأضافت أن "هذا الهور يعاني كارثة بيئية بسبب الجفاف".
والأهوار عبارة عن مسطحات مائية تغطي الأراضي المنخفضة في جنوبي السهل الرسوبي العراقي، وهي أكبر نظام بيئي من نوعه في الشرق الأوسط وغرب آسيا.
وتبلغ مساحة هذا المستنقع المائية قرابة 16 ألف كيلومتر مربع، وهو ممتد بين ثلاث محافظات جنوبية، هي ميسان وذي قار والبصرة.
وبحثاً عن الدفء خلال الشتاء، يلجأ إلى الأهوار كثير من الطيور المهاجرة، وبينها أنوار نادرة ومهددة بالانقراض.
وأدرجت لجنة التراث العالمي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) الأهوار في عام 2017 ضمن لائحة التراث العالمي، قائلة إنها منطقة "فريدة من نوعها، باعتبارها واحدة من أكبر المسطحات المائية الداخلية في العالم في بيئة جافة وشديدة الحرارة".
ويمتد جذورها إلى حضارة السومريين قبل 5 آلاف عام قبل الميلاد، ويعتقد بعضهم أنها الموقع الذي يطلق عليه في العهد القديم اسم "جنات عدن".
ويمتهن سكان الأهوار تربية الجاموس ويعتاشون على صيد الأسماك إلا أن التغيرات المناخية الأخيرة أدت إلى هجرة أعداد ليست بالقليلة من السكان الأصليين، وذلك لعدم توفر المياه الكافية لمناطق الأهوار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


أزمة إنسانية

وشهدت منطقة الأهوار زيادة في أعداد السياح القادمين إلى تلك المستنقعات لاسيما في فصل الشتاء وتضاعفت هذه الأعداد بعد زيارة البابا فرنسيس إلى مدينة أور في الخامس من مارس (آذار) 2021، ضمن زيارته إلى العراق التي استمرت أياماً، كان لها دور كبير في توجيه الأنظار من مختلف أنحاء العالم نحو موطن النبي إبراهيم، وواحدة من أهم الحضارات في العراق والمنطقة. وبحسب إحصاءات شبه رسمية فإنه خلال الأشهر السبعة الأخيرة، دخل العراق مليونين ونصف مليون سائح، وأغلب هذا العدد جاء لزيارة المواقع الدينية والعتبات والمواقع الأثرية وشمال العراق والأهوار.

نفوق الأسماك وموت الجواميس والسلاحف

من جهته لفت مدير بيئة ذي قار محسن عزيز إلى "نفوق أعداد كبيرة من الأسماك والجاموس والسلاحف بسبب زيادة التراكيز الملحية للمياه"، مبيناً أن "الأهوار الوسطى هي الأكثر تضرراً".
وأضاف أن "شح المياه أثر في العراق والتنوع الإحيائي في مناطق الأهوار، إذ إن المياه التي تدخل من دول الجوار في دجلة والفرات قليلة جداً مما انعكس على الأهوار العراقية في جنوب العراق سواء في محافظة ذي قار أو محافظتي ميسان والبصرة"، مشيراً إلى أن "الشح أدى إلى زيادة التراكيز الملحية للأنهر المغذية للأهوار وارتفاع درجات الحرارة، مما أدى إلى زيادة عمليات التبخر، وبالتالي زادت التراكيز الملحية وتغيرت الخصائص الكيمياوية والفيزيائية للمياه، وهو ما تسبب في نفوق أعداد كبيرة من الأسماك من الأهوار العراقية والجواميس في أهوار الجبايش ونزوح مربي الجاموس إلى مناطق أخرى تتوفر فيها المياه".
وتابع أن "الأزمة عالمية ومتزامنة مع التغيرات المناخية والعراق واحد من بين خمس دول تأثراً  بالتغيرات المناخية"، مشدداً على "ضرورة أن يكون هناك إطلاقات من الجارة تركيا في نهري دجلة والفرات للخفض من المعاناة والكوارث البيئية التي تحصل نتيجة شح المياه، فضلاً عن المحافظة على المياه الداخلة للعراق ومعالجة مياه الصرف الصحي قبل رميها بالأنهر للتقليل من نسب التلوث واستخدام تقنيات الرش والتنقيط بالعمليات الزراعية بدل الري السيحي".

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة