Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أميركا والقنبلة الإيرانية "البحث عن فيل في غرفة مظلمة"

هناك رأي لكل الأطراف ذات المصلحة في أنشطة طهران ويبدو أنها لا تبحث عن إثبات طبيعة وحيثيات المشروع المثير للجدل

 الولايات المتحدة عرضت نماذج صاروخية تمثل تهديدات قبل إلغاء الاتفاق النووي مع طهران (أ ف ب)    

ملخص

من المتوقع أن ترفع العقوبات العسكرية والاقتصادية عن إيران خلال أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، لكن إدارة بايدن خسرت مهندس دبلوماسيتها النووية مع النظام الإيراني روبرت مالي، كما أنها تواجه معارضة من قبل الكونغرس، عدا عن التحرك الأوروبي المستقل للتعامل مع طهران.

التقييم الذي قدمه مكتب مدير المخابرات الوطنية الأميركية عن قدرات النظام الإيراني في صناعة القنبلة النووية جاء بعد يوم واحد من نشر تقرير للمخابرات الألمانية والهولندية والسويدية الذي حذر من أن "النظام الإيراني يواصل العمل لصناعة القنبلة النووية من خلال الالتفاف على العقوبات"، فالتقييم الأميركي حول إعلان الخطر من قبل أوروبا كان تقييماً مزاجياً، وبدا أنه إجراء من أجل إبقاء باب المفاوضات مع إيران مفتوحاً.

وكان رد فعل الولايات المتحدة الأميركية الفوري على الموقف الأوروبي من الأنشطة النووية الإيرانية مثيراً للشك، إذ كان من الأفضل أن تتبنى الصمت لأن هذا الموقف لا يساعد في تسليط الضوء على الأنشطة النووية غير المشروعة لطهران وحسب بل يزيد غموضها، كما أنه أظهر أن هناك خلافاً بين واشنطن وأوروبا حول كيفية التعامل مع الملف النووي الإيراني.  

إن المواقف العدائية الأوروبية الأخيرة تجاه النظام الإيراني تأثرت بصورة أساس من الحرب الأوكرانية نتيجة التعاون العسكري بين طهران وموسكو، عدا عن التغيير الحاصل في الأولويات الأمنية مقارنة ببعض أعضاء الـ "ناتو" بسبب وجودهم في منطقة الصراع، لا سيما الكلفة الهائلة لاستقبالهم نحو 6 ملايين لاجئ أوكراني.

وبعد التحذير الذي أصدرته الدول الأوروبية الثلاث الأحد الماضي، اشتد الخلاف الأميركي - الأوروبي مما وضع إدارة رئيس البيت الأبيض جو بايدن، التي لا تزال تصر على أن المفاوضات مع طهران هي السبيل الأفضل للتعامل مع انتهاكات إيران النووية، في موقف صعب وحرج.

في الثاني من يوليو (تموز) الجاري شوهد تطور أهم بكثير من المواجهة الحالية بين أجهزة المخابرات الأوروبية من جهة ونظيرتها الأميركية من جهة ثانية حول البرنامج النووي الإيراني، ووفقاً لوكالة "رويترز" فإن الدول الأوروبية أعلنت أنها لن تنفذ المرحلة الثانية من بند (Sunset Clauses) في الاتفاق النووي.

ووفقاً لبند قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2231) المتعلق بتنفيذ الاتفاق النووي الإيراني (JCPOA) الذي أعلن رسمياً في الـ 15 من يوليو 2015 كان من المفترض أن ترفع العقوبات النووية العسكرية وغير العسكرية عن طهران على ثلاث مراحل مختلفة، وفي أكتوبر 2020 كان الموعد النهائي للمرحلة الأولى من رفع العقوبات العسكرية المفروضة على إيران، وبعد عامين من خروج الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي قدمت إدارة ترمب اقتراحاً لمجلس الأمن الدولي يطالب بعدم رفع العقوبات العسكرية عن طهران في ذلك الوقت، ونظراً إلى الخلافات التي طرأت بين إدارة البيت الأبيض وأوروبا حول التعريفات التجارية وزيادة المشاركة المالية في تمويل معاهدة الدفاع لحلف الـ "ناتو"، فإن أوروبا امتنعت من دعم المقترح الأميركي الذي فشل حتى من دون استخدام حق النقض (فيتو).

أما الخطوة الأوروبية الجديدة لمعارضة إلغاء المرحلة الثانية من الاتفاق فستكون في الـ 18 من أكتوبر 2023، فهي شبيه بالتحرك الأميركي عام 2020، إلا أن الاختلاف هذه المرة يكمن في أن الإدارة الأميركية بحاجة هذه المرة إلى إذن من الكونغرس لإلغاء العقوبات الاقتصادية، وبسبب عدم وجود غالبية في مجلس النواب والغالبية الهشة في مجلس الشيوخ، فإن فرص تمرير هذا الطلب ضعيفة جداً.

ما تريده أوروبا من المرحلة الثانية هو الإبقاء على العقوبات المتعلقة بتطوير وبيع واستخدام الصواريخ الباليستية، عدا عن قضية الطائرات من دون طيار.

وبالنسبة إلى تفاصيل المرحلة الثانية من الاتفاق والتي ترفع بموجبها العقوبات العسكرية عن إيران فهي كالتالي:

- إلغاء عقوبات الأمم المتحدة في مجال البحث والتطوير وصناعة الصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس حربية نووية.

 - إلغاء الحظر المفروض على استيراد وتصدير تكنولوجيا صناعة الصواريخ مثل "الصواريخ والطائرات من دون طيار بمدى 300 كيلومتر أو أكثر".

 - طلب الإدارة الأميركية من الكونغرس رفع العقوبات عن القطاعات الاقتصادية الإيرانية.

 - إلغاء العقوبات الأميركية المفروضة على الأفراد والمؤسسات المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني.

 - إلغاء ما بقي من العقوبات المفروضة على البرنامج النووي الإيراني من قبل الاتحاد الأوروبي.

وكما هو معلوم فمن المتوقع أن ترفع العقوبات العسكرية والاقتصادية عن إيران خلال أكتوبر المقبل، لكن إدارة بايدن خسرت مهندس دبلوماسيتها النووية مع النظام الإيراني روبرت مالي، كما أنها تواجه معارضة من قبل الكونغرس، عدا عن التحرك الأوروبي المستقل للتعامل مع طهران.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والنقطة الجديرة بالملاحظة في ردود الفعل الأميركية غير المباشرة الأخيرة على الموقف الأوروبي هي الموافقة الضمنية على الانتهاكات النووية للنظام الإيراني، وفي الوقت نفسه استخدام هذا العنوان "إيران لا تعمل على صناعة القنبلة النووية حالياً"، إذ يعد هذا الموقف مضللاً.

والسؤال الذي يطرح نفسه رداً على الادعاء الأميركي هو أنه بما أن النظام الإيراني لم يصنع القنبلة النووية وليس لديه نية لصناعتها، فما الهدف من البرنامج النووي الذي كان يسعى إليه طوال العقود الماضية والذي تسبب في إصدار ست قرارات عقابية وتوبيخية ضده من قبل مجلس الأمن الدولي؟ وما المقصود من العبارة التي ذكرت في خطة العمل الشاملة المشتركة على أن المسافة التي تفصل النظام الإيراني عن القنبلة النووية باتت أكثر من عام؟

القرار السياسي لصناعة القنبلة النووية أو البدء بتجربتها لم يحدد أو أنه لم يتخذ بعد، لكن التأكيد على أن النظام الإيراني لم يعمل حالياً على صناعة القنبلة النووية، فهذا ادعاء مليء بالغموض والشكوك، وفي الوقت نفسه واستناداً إلى الوثائق والوقائع، فيمكن القول إن نظام طهران لم يتوقف أبداً عن غايته وهي الحصول على السلاح النووي، كما يبدو أن النظام الإيراني مستعد أكثر من أي وقت مضى لتحقيق أهدافه تحت مشروع "آماد"، وصناعة خمس قنابل نووية على مدى ستة أشهر في الأقل.

وفي إطار تنفيذ القانون الذي عرف بقانون "إلغاء العقوبات" وأقره مجلس النواب في دورته الـ 11 عام 2019، وبالتنسيق مع كبار المسؤولين بدأ النظام الإيراني إنتاج اليورانيوم بنسبة 60 في المئة ورفع من جودة أجهزة الطرد المركزي، متجاهلاً بذلك جميع الالتزامات التي وردت في الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة)، كما أنشأ مركزاً جديداً تحت الأرض في منشأة "ناطنز" لحماية أجهزة الطرد المركزي من الهجمات العسكرية، وفي الوقت نفسه أيضاً وانتهاكاً لما ورد في قرار مجلس الأمن الدولي برقم (2231)، خصصت طهران موارداً مالية هائلة لإنتاج الصواريخ الباليستية وصناعة طائرات عسكرية من دون طيار.      

وخلال الأعوام الثلاثة الماضية، واستناداً إلى التقارير التي رفعتها الوكالة الدولة للطاقة الذرية في شأن انتهاك النظام الإيراني التزاماته النووية، أتيحت الفرصة للاتحاد الأوروبي وفرنسا والمملكة المتحدة أن تستخدم "آلية الزناد" للضغط على الحكومة الإيرانية، إلا أنه وعلى رغم التهديدات الشفهية بتنفيذ هذا الإجراء، فالاتحاد الأوروبي تجاهل جميع الانتهاكات النووية لطهران.

ونظراً إلى عدم اهتمام الغرب بالبرنامج النووي الإيراني ذات الأبعاد العسكرية، فإن الدول الإسلامية في المنطقة تتجه بسرعة إلى التسلح النووي، كما يبدو أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على وشك الدخول في سباق نووي عسكري.

ويشبه التعامل مع البرنامج النووي الإيراني ما ورد برواية "الفيل في الغرفة المظلمة"، وهي رواية خيالية لها جذور في الأدب البوذي ونقلت في أدب الصوفية وتناولها الشاعران الإيرانيان أبو المجد سنائي وجلال الدين الرومي، والمغزى منها إثبات الأخطاء التي ترافق المعلومات التي ترد عبر اللمس المباشر مقارنة بالواقع، إذ لكل من الأطراف رأي مختلف كل بحسب خياله.

وورد في تلك الرواية أن ستة رجال وضعوا أمام فيل في غرفة مظلمة، وأبدى كل منهم رأيه في ما يتصوره بعد لمس جسم الفيل، فمن وضع يده على رجل الفيل قال إنه عمود، ومن وضع يده على خرطومه تصور أنه مرزاب، ومن لمس ذيله أكد أنه غصن شجرة، ومن تحسس بطن الفيل قال إنه جدار، أما من لمس عاجه فرأى أنه ناي، ومن لمس رأسه قال إنه فخار.

نقلا عن اندبندنت فارسية

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير