Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحركة الطلابية في إيران: معقل النشاط المعارض في الداخل

الاحتجاجات في الجامعات المناوئة للنظام ما زالت مستمرة

وفاة مهسا أميني أثارت احتجاجات واسعة في إيران (أ ف ب)

ملخص

رغم نهاية العام الدراسي، إلا أن السلطات في إيران تواصل اعتقال واستدعاء الطلاب سعياً منها إلى السيطرة على النقابات الطلابية والعلمية في البلاد. 

تزامناً مع الذكرى الـ24 لهجوم السلطات الأمنية التابعة للنظام الإيراني على الحرم الجامعي في طهران بتاريخ التاسع من يوليو (تموز) 1999، ومنذ بداية الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في البلاد على إثر مقتل مهسا أميني، فإن آلة القمع وعلى رغم تنوع الأساليب التي استخدمها النظام ضد الطلاب المحتجين عملياً فشلت فشلاً ذريعاً. وعلى رغم نهاية العام الدراسي، إلا أن السلطات تواصل اعتقال واستدعاء الطلاب سعياً منها إلى السيطرة على النقابات الطلابية والعلمية في البلاد. 

قبل 24 عاماً، وفي صباح الجمعة الموافق في التاسع من يوليو 1999 وبعد مرور ساعة على الوقفة الاحتجاجية التي نظمها الطلاب في شارع أمير آباد الشمالي في العاصمة الإيرانية احتجاجاً على إيقاف صحيفة "سلام" الإصلاحية، هاجمت القوات الأمنية والخاصة الحي الجامعي في جامعة طهران.  

خلال هذا الهجوم، اعتقل عدد من الطلبة بطريقة عنيفة جداً، فيما أصيب العشرات منهم. كما قتل الطالب عزت إبراهيم نجاد بطلقة نارية على يد القوات الأمنية واختفى سعيد زينالي وفرشته علي زادة ولم يعرف مصيرهما بعد. واللافت في الأمر وعلى رغم مرور 24 عاماً، فإن النظام الإيراني لم يقدم بعد أي تفسير حول مصير هذين الطالبين المفقودين.   

هذه الحادثة أدت إلى احتجاجات واسعة في الحي الجامعي في طهران ومن ثم انتقلت إلى جامعة تبريز، واستمرت لأيام عدة في العاصمة طهران بما في ذلك جامعة طهران وتحولت الشوارع المجاورة لها إلى مركز للتحركات والتحق المواطنون بالطلاب المحتجين. كما امتدت الاعتصامات إلى شارع فاطمي ووصلت إلى وزارة الداخلية.  

بعد خطاب المرشد الأعلى علي خامنئي في الـ14 من يوليو 1999 وموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني (كما ورد في تصريح لرئيس الأركان العامة للقوات المسلحة آنذاك حسين فيروز آبادي)، وبجهود حسن روحاني وموافقة الرئيس الإيراني آنذاك محمد خاتمي، تدخل الحرس الثوري، بخاصة قوات "مقر ثار الله"، لقمع هذه الاحتجاجات وبالفعل قمعت بطريقة عنيفة جداً. 

وبعد هذا الهجوم الذي نفذته القوات الأمنية على السكن الجامعي، رفض خامنئي إقالة قائد شرطة إيران آنذاك هدايت لطفيان وقائد شرطة طهران في حينها علي نظري. ونظراً إلى الأوضاع الملتهبة وللتستر على الهجوم الدموي الذي نفذته القوات التابعة للنظام على الحرم الجامعي، عقدت محاكمة لقائد شرطة طهران وعدد من الضباط والجنود.  

وفي نهاية الأمر، حكمت المحكمة على أحد الجنود من الشرطة بتهمة سرقة "شفرة حلاقة" وسجن لمدة قصيرة، بينما قضت ببراءة جميع القوات والأفراد، بمن فيهم قائد شرطة طهران علي نظري.  

وبعد الهجوم على الحي الجامعي في طهران وفي أعقاب استمرار التحركات الطلابية، لا سيما في الذكرى الأولى والثانية منها، قامت الأجهزة الأمنية للنظام بقمع الحركة الطلابية بشكل ممنهج. وإضافة إلى الاعتقالات الواسعة التي طاولت الطلاب المحتجين، شكل النظام نقابات طلابية موازية للنقابات الطلابية وأتى ذلك في إطار القمع الذي طاول الحركة الطلابية في البلاد.  

وفي الاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية عام 2009، اعتقل عدد من الطلبة الناشطين ومنع عدد كبير منهم من مواصلة الدراسة الجامعية إلا أنهم كانوا من أكثر الطلاب نشاطاً أثناء فترة الانتخابات الرئاسية.   

وبالتزامن مع بدء التحركات التي تلت الانتخابات الرئاسية في 2009، ومساء الإثنين الموافق في الـ15 من يونيو (حزيران) من العام نفسه، هاجمت القوات الخاصة مجدداً الحي الجامعي وعدداً من الأحياء الجامعية الأخرى في العاصمة طهران. 

وأظهرت المشاهد التي نشرت عنفاً شديداً مارسته القوات الأمنية في تعاملها مع الطلاب، بحيث أفاد موقع "نوروز" بأن الطالبة فاطمة براتي قتلت أثناء الهجوم الذي نفذته القوات الأمنية على الحي الجامعي في طهران "وأنها دفنت سراً في مقبرة بهشت زهراء في طهران من دون علم عائلتها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبين عامي 2009 و2017 استطاعت الأجهزة الأمنية أن تخلق منظمات موازية للمنظمات الطلابية مثل قوات "باسيج الطلاب" وغيرها من المنظمات الحكومية، وأتى ذلك في إطار مراحل متواصلة لقمع الطلبة وبالفعل نجح النظام إلى حد كبير. ومع بداية تحركات يناير (كانون الثاني) 2018 نظم الطلاب من جديد وقفة احتجاجية في الحرم الجامعي ورفعوا شعارات مناوئة للنظام. 

وعلى رغم الاعتقالات الواسعة والقمع العنيف الذي تعرض له الطلاب، إلا أنه يمكن القول إن الأجهزة الأمنية ومنذ ذلك التاريخ، فشلت في قمعهم. 
مشاركة الطلاب في التحركات الشعبية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 كانت واسعة جداً، إذ إن القوات الأمنية اعتقلت 40 طالباً في إحدى الوقفات الاحتجاجية التي نظمها طلاب جامعة طهران، كما احتجزت عدداً من طلاب الجامعات الأخرى في البلاد.

وعليه، فإن الحراك الطلابي ومنذ نوفمبر 2019، بدأ يتوسع وباستمرار، ومع بداية الاحتجاجات الشعبية الأخيرة التي عمت البلاد في سبتمبر (أيلول) 2022 على إثر مقتل الشابة الكردية مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق، وبحسب اعتراف الحكومة الإيرانية، فإن افتتاح الجامعات وبدء العام الدراسي شكلا أزمة للأجهزة الأمنية في البلاد. 

ومع إعادة فتح الجامعات في سبتمبر 2022 هتف الطلاب خلال التحركات المتكررة والواسعة وبالتزامن مع الاحتجاجات الشعبية التي عمت البلاد، بشعارات صريحة ضد النظام وشخص المرشد علي خامنئي. 

وهاجمت القوات الأمنية التي يتشكل قوامها من القوات الخاصة وقوات "مقر ثار الله" التابعة للحرس الثوري في الـ10 من أكتوبر 2022، جامعة شريف الصناعية في طهران واعتقلت وقمعت عشرات الطلاب. وطاولت هذه الحملة عدداً من الجامعات الإيرانية ومنها جامعة سنندج في كردستان وجامعة تشمران في الأحواز وجامعة رشت في جيلان وجامعة نوشيرواني في بابل وجامعة مازندران وغيرها من الجامعات في البلاد. 

على رغم القمع الذي تعرضت له نحو 150 جامعة في إيران، إلا أن الشعارات التي هتف بها الطلاب في مسيراتهم الاحتجاجية كانت كالتالي "المرأة... الحياة... الحرية" و"أنت العاهر أيها النظام... أنا امرأة حرة" و"كلا كلا... لنظام الجمهورية الإسلامية" و"الموت للديكتاتور" و"الموت لخامنئي"، وفي الواقع أصبحت الجامعات بؤرة الحراك الشعبي المناوئ للنظام الإيراني.

ووفقاً لموقع "هرانا" (وهو موقع يهتم بقضايا حقوق الإنسان في إيران)، فمنذ ذلك الحين اعتقل في الأقل 750 طالباً متظاهراً داخل عدد من الجامعات، كما استدعت قوات الأمن آلاف الطلاب إلى اللجان التأديبية ومنعت المئات منهم من الدخول إلى الجامعات، وأيضاً حكم على مئات الطلاب بـ "الإيقاف عن التعليم" لمدة عام أو نصف عام، فيما طرد عشرات الطلاب بصورة نهائية من الجامعة.  

وإضافة إلى ما ورد أعلاه، قتل عدد من الطلاب الذين شاركوا في المسيرات الاحتجاجية من بينهم الطالبة دنيا فرهادي التي خطفت وقتلت في الأحواز بعد مشاركتها في مسيرة احتجاجية لمناسبة يوم الطالب، وآيلار حقي الطالبة في الجامعة الحرة للطب في مدينة تبريز، وحميد رضا روحي الطالب في الجامعة الصناعية الحرة في مدينة قدس، ونغين عبد الملكي الطالبة في الجامعة الطبية للتكنولوجيا في مدينة همدان.  

كما عثر على عدد من جثث الطلاب في الحرم الجامعي والشوارع المحيطة بالسكن الجامعي في شيراز وأعلنت السلطات الحكومية في حينها أن حالات الوفاة كانت ناجمة عن السقوط من الارتفاع أو حادثة سير أو سكتة قلبية وما شابه ذلك من الأعذار. 

وعلى رغم شدة القمع الممارس على الطلاب في إيران، فإن الاحتجاجات الطلابية في الجامعات ما زالت مستمرة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، أحبطت الطالبات عملياً وعبر العصيان المدني ورفض ارتداء الحجاب الإلزامي جميع الإجراءات القمعية التي حاول مسؤولو الجامعات والأمن فرضها خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الدراسي الماضي. 

وبالتزامن مع الذكرى الـ24 للهجوم على الحرم الجامعي في طهران، فإن الممارسات القمعية ما زالت مستمرة فاعتقل الأمن خلال الأيام الماضية نازيلا مروفيان واستدعى مطهرة غونه أي، بينما عقدت المحكمة الثورية أولى جلساتها لمحاكمة الطالبة هستي أميري والطالب ضياء نبوي، الإثنين العاشر من يوليو 2023 الجاري.

وفي هذا الإطار، بدأت الأجهزة الأمنية التابعة للنظام الإيراني خلال الأيام الأخيرة جملة من الإجراءات للسيطرة على "المراكز النقابية" و"الجمعيات العلمية" في مختلف الجامعات في البلاد، ومن هذه التدابير رفض صلاحية عدد من المرشحين للانتخابات المتعلقة بالجمعيات العلمية في جامعة طهران. 

وبالتالي، فإن حجم الاحتجاجات الطلابية ونطاقها خلال الأشهر التسعة الماضية، لا سيما بعد مرور 24 عاماً من واقعة الحي الجامعي الدامية في جامعة طهران، أظهرا جلياً أن آلة القمع المتبعة من جانب النظام الإيراني فقدت فاعليتها.  

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير