ملخص
جددت السعودية تأكيد ملكيتها والكويت لثروات "حقل الدرة" النفطي ولهما وحدهما كامل الحقوق السيادية لاستغلال الثروات في تلك المنطقة
أكدت السعودية والكويت أن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المقسومة، بما فيها حقل الدرة بكامله، مشتركة بينهما فقط.
وجاء في بيان مشتركة لوزارتي خارجية السعودية والكويت، اليوم الخميس، أن الدولتين "تجددان التأكيد أن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المقسومة، بما فيها حقل الدرة بكامله، هي ملكية مشتركة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت فقط، ولهما وحدهما كامل الحقوق السيادية لاستغلال الثروات في تلك المنطقة".
وجددت الدولتان دعواتهما السابقة والمتكررة لطهران "للتفاوض حول الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة مع المملكة العربية السعودية ودولة الكويت كطرف تفاوضي واحد، والجمهورية الإسلامية الإيرانية كطرف آخر، وفقاً لأحكام القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار".
وأجرت إيران والكويت محادثات على مدى سنوات في شأن المنطقة الحدودية البحرية المتنازع عليها الغنية بالغاز الطبيعي، لم تفض إلى أي نتائج تذكر.
وفشلت المحاولات الرامية، أخيراً، لإعادة إحياء المفاوضات بينما ذكر وزير النفط الإيراني جواد أوجي، الأحد، أن طهران قد تواصل عمليات التنقيب في الحقل وإن كان من دون التوصل إلى اتفاق. ونقلت وكالة "شانا" الرسمية عنه قوله، إن "إيران ستحافظ على حقوقها ومصالحها في ما يتعلق باستغلال واستكشاف" الحقل "ما لم تكن هناك رغبة بالتفاهم والتعاون".
والشهر الماضي، دعت الكويت لعقد جولة محادثات جديدة في شأن الحدود البحرية بعدما لفتت طهران إلى استعدادها لبدء عمليات الحفر في الحقل.
وبعد بضعة أسابيع، نقلت قناة "سكاي نيوز عربية" عن وزير النفط الكويتي سعد البراك قوله، إن بلاده ستبدأ أيضاً عمليات الحفر والإنتاج من حقل الغاز من دون انتظار اتفاق ترسيم الحدود مع إيران.
دعوة متكررة ومناورة إيرانية
وكان بيان مشترك، نشرته وكالتا الأنباء الرسميتان السعودية والكويتية 13 أبريل (نيسان) 2022، أوضح "أن البلدين سبق ووجها الدعوات إلى إيران للتفاوض حول تعيين الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة في الخليج، ولم تلب طهران تلك الدعوات"، الأمر الذي أرجعه مراقبون في حديث لـ"اندبندنت عربية" آنذاك، إلى أن إيران سرعان ما تناور في اتفاقاتها الدولية، وغالباً ما تسعى إلى كسب الوقت من دون الوصول إلى نتيجة، واستشهدوا أن ادعاءات طهران النفطية في المنطقة مكررة.
وفي الوقت الذي وقعت الكويت وثيقة مع السعودية لتطوير حقل "الدرة" الذي من المتوقع أن ينتج مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز يومياً و84 ألف برميل يومياً من المكثفات، وفقاً لبيان صدر مطلع أبريل 2022 عن مؤسسة البترول الكويتية، زعمت إيران أن الوثيقة "غير قانونية"، وهو القول الذي ردته وزارة الخارجية السعودية بتأكيد سيادتها ودولة الكويت "وحقهما في استغلال الثروات الطبيعية بهذه المنطقة، وعلى استمرار العمل لإنفاذ ما تم الاتفاق عليه بموجب المحضر الموقع بينهما بتاريخ 21 مارس (آذار) 2022"، بحسب ما نشرت وكالة "واس" السعودية.
وأكد البلدان، وفق ما ورد أيضاً في البيان المشترك آنذاك، "تجديد كل من السعودية والكويت كطرف تفاوضي واحد دعوتهما إيران لعقد هذه المفاوضات".
في السياق كانت مصادر متخصصة أكدت، في تصريحات خاصة، أن اتفاق حقل "الدرة" الذي وقعه وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان ووزير الطاقة الكويتي محمد الفارس في 21 مارس 2022 يقع في المياه الكويتية وجزء منه في المنطقة البحرية المتداخلة بين البلدين.
وأوضحت المصادر أن ادعاءات إيران بوجود جزء من الحقل في مياهها، يعود إلى تأخر الكويت في ترسيم حدودها البحرية معها، مما فتح المجال لطهران في هذه الادعاءات.
وأشارت إلى أن للسعودية والكويت وحدهما من دون غيرهما "حقوقاً سيادية خالصة في التنقيب عن الثروات الهيدروكربونية واستغلالها في حقل الدرة والمنطقة المغمورة المقسومة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أي بنود يتضمنها الاتفاق السعودي- الكويتي؟
الاتفاق السعودي الكويتي الذي تم في مارس 2022 قضى بتطوير حقل "الدرة" وإنتاج مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي يومياً، إضافة إلى إنتاج 84 ألف برميل من المكثفات يومياً، على أن يقسم الإنتاج بالتساوي بين الشريكين استناداً إلى خيار "الفصل البحري"، بحيث يتم فصل حصة كل من الشريكين في البحر، ومن هناك ترسل حصة "شركة أرامكو" لأعمال الخليج من الغاز الطبيعي وسوائل الغاز والمكثفات إلى مرافق الشركة في الخفجي، فيما ترسل حصة الشركة الكويتية لنفط الخليج من الغاز الطبيعي وسوائل الغاز والمكثفات إلى مرافقها في الزور. بحسب بيان مشترك.
وأشار البيان أيضاً إلى أن الادعاءات الإيرانية بحاجة إلى إنهائها من خلال الاتفاقات الدولية التي كانت تتهرب منها، وأن الحديث الكويتي عن اتفاق ثلاثي الذي تم التلاعب فيه من قبل الإيرانيين كان بخصوص مفاوضات الجرف القاري باعتبارها مفاوضات ثلاثية بين الكويت والسعودية وإيران ولا علاقة لها بحقل "الدرة".
وفي تعليقه قال المتخصص في شؤون النفط والطاقة أنس الحجي "لا أحد يعرف تماماً مساحة وحجم حقل "الدرة"، ومن ثم، يجب ترك النتيجة للمفاوضات والقوانين البحرية العالمية وليس لكتاب الرأي ومعلقي الفضائيات".
وأضاف، "مشكلة الحقول المشتركة موجودة في كل أنحاء العالم، وما لم يتم حله بالمفاوضات يتم حله بالتحكيم كما حصل مع قطر والبحرين على سبيل المثال"، وأشار إلى أن "تاريخ صناعة النفط يشير إلى أنه كلما كان حل المشكلات الحدودية سريعاً يسهم ذلك بدوره في سرعة تطوير الحقل واستفادة الشركاء".
تسوية النزاع
المستشار الاقتصادي والرئيس التنفيذي لمركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية، ومقره الرياض، علي بوخمسين، أجمل لنا القول بتعليق جاء فيه، "منطقة الخليج تعتبر أغنى المناطق في النفط والغاز حول العالم، ولكن تعاني وجود عدد من الحقول المشتركة التي تصل إلى نحو 15 حقلاً بين إيران ودول المنطقة تتوزع بين السعودية والكويت وعُمان".
يضيف، "أن اتفاق السعودية والكويت في مارس الماضي على العمل لاستغلال حقل "الدرة" الواقع في المنطقة المغمورة المقسومة يمثل صفحة جديدة من تطوير الحقل الغني بالغاز لما فيه من مصلحة مشتركة للطرفين".
يتابع بوخمسين، "لكن ظهر اعتراض إيران على الاتفاق الكويتي – السعودي" وأشار إلى أن "كلاً من إيران والكويت أجرتا على مدى أعوام محادثات لتسوية النزاع حول منطقة الجرف القاري على الحدود البحرية بين البلدين، إلا أنها لم تؤد إلى نتيجة، وأن تطوير حقل "الدرة" يأتي في إطار محاولة الاستفادة من مواردهما الطبيعية المتاحة، وسط ارتفاع غير مسبوق في أسعار الغاز العالمية، مما يعتبر مطلباً مهماً لإمدادات الطاقة في الأسواق الدولية، ومن المهم المبادرة في تطوير الحقل".
ويعد حقل "الدرة" من أهم مناطق العمليات المشتركة بين السعودية والكويت على الصعيدين الاقتصادي والسياسي باعتباره مخزناً منتظراً لإنتاج الغاز، إذ يعمل على دعم النمو بمختلف القطاعات الحيوية في البلدين اللذين يعتزمان اتخاذ خطوات جادة لتطوير مكامن الغاز به.
يشار إلى أن حقل "الدرة" يقع في منطقة حدودية وعطل إنتاجه منذ تاريخ استكشافه في 1960، ويقدره خبراء بنحو 11 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، إضافة إلى أكثر من 300 مليون برميل من النفط الخام.
ويعود الخلاف على حقل "الدرة" إلى ستينيات القرن الماضي وقت اكتشافه، إذ كان محل تنازع بين إيران والكويت في شأن استغلال ثرواته من النفط والغاز، ومنحت طهران امتياز التنقيب والاستغلال للشركة الإيرانية - البريطانية للنفط، في حين منحت الكويت الامتياز لـ"رويال داتش شل"، وقد تداخل الامتيازان في الجزء الشمالي من الحقل. وفي 2012 أرسلت شركة الخفجي حق التطوير والإنتاج على شركة "شل".