Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ترسانة قوانين لتمكين العراقيات... فهل أتت أكلها؟

محاولات لتوسعة دورهن في 23 وزارة و29 هيئة مستقلة بالبلاد

الدستور العراقي حدد ما يحفظ تمثيل النساء في الانتخابات بنسبة لا تقل عن الربع (أ ف ب)

ملخص

عراقيات يطالبن بتفعيل حقوقهن السياسية والتعليمية ومنحهن فرص تولي المناصب القيادية والأمنية في البلاد.. فكيف يتحقق ذلك؟

رسمت الأهداف الرئيسة لمشروع تمكين المرأة العراقية مساراً عاماً للدولة يعمل على تعزيز حقوق النساء، وتشخيص التحديات التي تواجههن، ودعمهن سياسياً لعكس رؤية واضحة في مواجهة العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي لضمان حريتهن في الاختيار والتعبير عن رأيهن، وتوسيع مشاركتهن في الانتخابات.

وتولت دائرة تمكين المرأة بالأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي، العمل على وضع وتنفيذ الخطط والسياسات والاستراتيجيات الحكومية المقرة، بواسطة شبكة وطنية فاعلة من أقسام تمكين المرأة في 23 وزارة، و29 هيئة غير مرتبطة بوزارة و15 محافظة، بهدف تعزيز مشاركة النساء وتوفير الحماية لهن، علاوة على تعزيز مكانة البلاد دولياً وتنفيذ الالتزامات والمعاهدات الدولية والأممية والإقليمية.

ولعل أهم هذه الأنشطة والفعاليات، إطلاق الخطة الثانية المرتبطة بالقرار 1325 للأعوام (2021-2024)، وتنفيذ خطة دعم المشاركة السياسية للمرأة في انتخابات مجلس النواب عام 2021، والاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي للأعوام (2018- 2030).

صنع القرار

يسرى العلاق المدير العام لدائرة تمكين المرأة العراقية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء تحدثت إلى "اندبندنت عربية" عن تضمن الخطة الوطنية الثانية للتمكين الاقتصادي للمرأة التي أطلقت عام (2021-2022) ست ركائز أساسية، شملت بناء القدرات حول الموازنة المستجيبة للنوع الاجتماعي، وتطوير المهارات بتطوير مناهج للتدريب المهني من خلال خلق الفرص الاقتصادية والمشاريع الصغيرة في مجال الزراعة أو الصناعة، والشمول المالي، ورفع الوعي بحقوق المرأة للمشاركة في الأنشطة الاقتصادية، ومراجعة التشريعات المتعلقة بالركائز الأساسية لخطة العمل، وإعداد استراتيجية وطنية لتعزيز المشاركة الفاعلة لها وتأثيرها في عمليات السلام، وتمكينها لإثبات وجودها وأهميتها في حل النزاع عبر الشبكة الوطنية لوسيطات السلام.

وتابعت العلاق "خطتنا الوطنية تتبنى تقديم رؤية موحدة حول قضايا المرأة الريفية، وإقرار الخطط والبرامج بما يخدم حاجاتها ومتطلباتها، ومتابعة أوضاع النزيلات في دور الإصلاح بالتعاون مع وزارة العدل وصياغة أو تعديل مدونة السلوك الوظيفي للقوة الإجرائية في دوائر الإصلاح العراقية، وافتتاح مراكز لحماية النساء من العنف القائم على النوع الاجتماعي، والتنسيق والتعاون مع منظمات المجتمع المدني المعني بقضايا المرأة وحقوقها وتنفيذ الفعاليات والأنشطة الفعالة والضاغطة باتجاه تعزيز حقوق المرأة ودعم مشاركتها في مواقع صنع واتخاذ القرارات".

التمكين أولاً

تقول المدير العام لدائرة تمكين المرأة بمجلس الوزراء العراقي، إن المرحلة الحالية سجلت إطلاق الاستراتيجية الوطنية للمرأة العراقية للسنوات (2023-2030)، التي تعزز النهج التشاركي في التخطيط وتحديد الأولويات لتتلاءم مع أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 في تمكين النساء والفتيات، متضمنة خمسة محاور أساسية (المشاركة والتمكين السياسي، والتمكين الاقتصادي، والتمكين الاجتماعي، وحماية المرأة ومواجهة العنف الذي تتعرض له، وتعزيز دور النساء في إدارة مخاطر التغير المناخي).

ونوهت إلى تشكيل اللجنة العليا المعنية بدعم المرأة سياسياً في انتخابات مجالس المحافظات بموجب الأمر الديواني رقم 33 لسنة 2023 بهدف إدامة جهودها في هذا الملف. وأضافت "نعمل حالياً في ضوء النتائج التي تحققت بالانتخابات التشريعية الأخيرة، على إطلاق الخطة التنفيذية لدعم المرأة سياسياً في انتخابات مجالس المحافظات القادمة بهدف تحقيق جملة من الغايات التي تعزز من دعمها وتضمن مشاركتها في الانتخابات المحلية على مستوى المحافظات كافة، وتمكينها من خلال خطط وبرامج تسهم في حماية المرشحات من مختلف أنواع العنف التي يمكن أن يتعرضن له أو يمارس ضدهن وتهيئة وتوفير تدريبات لتأهيل الجهات الساندة والداعمة للمرأة في مشاركتها السياسية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تؤمن يسرى العلاق بأن زيادة مشاركة المرأة في القرارات السياسية أمر مهم لتحقيق المساواة بين الجنسين وتحقيق التنمية المستدامة في المجتمعات، عبر تحسين التعليم والتدريب وتوفير الأنسب للنساء والفتيات لتمكينهن من المشاركة في القرارات والترشح للمناصب السياسية وتسهيل الإجراءات الحكومية لدعمهن، والتنسيق مع المنظمات الحكومية وغير الحكومية في تعزيز الوعي العام بقيمة مشاركتهن، وتنفيذ القوانين والتشريعات التي تحميهن من التمييز، وتحسين الظروف الاجتماعية والنفسية لهن مثل توفير حضانات للأطفال وتطوير الخدمات الاجتماعية.

هنا ترى العلاق أنه يمكن للرجل تبني سلوك معنوي داعم يشجع المرأة على الانخراط في النشاطات السياسية، وتعزيز ثقتها بمهاراتها وقدراتها، فضلا عن العمل على إنشاء شبكات دعم للنشاط السياسي من كلا الجنسين، وتوفير فرص تدريب وتطوير لها وتعزيز مهاراتها وقدراتها، وتوفير الدعم المادي المناسب، كالتمويل اللازم لحملاتها الانتخابية والمشاريع السياسية الأخرى.

المنظمات المحلية والدولية

نوار عاصم الرئيسة التنفيذية لمنظمة حلم للمساعدات الإنسانية اعتبرت أن منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية تلعب دوراً فعالاً في تشكيل أداة ضغط لتنفيذ الرؤى في الاستراتيجية الوطنية للمرأة العراقية 2023-2030 وتذليل العقبات ووضع الحلول للمشكلات، إضافة إلى دعم قانون يحمي المرأة ويحفظ حقها ويوضح واجباتها.

عن أهم التشريعات التي تدعم تمكين المرأة سياسياً في العراق، قالت عاصم "الدستور العراقي حدد ما يحفظ تمثيل النساء في الانتخابات بنسبة لا تقل عن الربع بما سمي (الكوتا)، ويعد عاملاً أساسياً في المشاركة السياسية لهن".

وبالفعل شاركت العراقيات في الحكومات المتتالية، حتى أن العام 2004 كان الأكثر تمثيلاً بواقع ستة وزيرات، لكن اليوم لا يتجاوز الأمر وزيرتين بالحكومة العراقية، وعلى رغم ضمان النظام الانتخابي للمرأة حقها في المشاركة إلا أنه لا ينسجم ودورها الاجتماعي والثقافي والسياسي في البلاد.

وتطرقت رئيسة منظمة حلم إلى أن المشاركة السياسية للمرأة دليل على وعي المجتمع ويعد تمثيلها في مجلس النواب العراقي مقارنة بدول إقليمية هو الأكبر عدداً، وهي سمة إيجابية تتيح لها الفرصة لأن تكون فاعلاً سياسياً حقيقياً، ولكن للأسف حتى الآن لا تزال أسيرة للأفكار المجتمعية وقيود الأحزاب المفروضة، فضلاً عن قيود اقتصادية أخرى.

تطالب نوار بضرورة تشكيل جبهة ضغط نسوية تحت قبة البرلمان العراقي وخارجه من خلال منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية لإقرار قانون يحمي النساء مجتمعياً ويحفظ حقهن سياسياً بالتوازي مع تمكينهن اقتصادياً لئلا تكون مقيدة وتابعة، إذ لا بد من النهوض بواقعها من خلال برنامج وطني تنموي متكامل يضمن المساواة والعدالة.

القيادات العراقيات

زاوية مختلفة تناولتها رئيس قسم تمكين المرأة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية أحلام شهيد الباهلي مشيرة إلى مساعيهم في القسم إلى الحصول على دعم المجتمع الدولي والمنظمات المحلية والعالمية للمساهمة في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالمرأة، وتعزيز مشاركتها في التنمية الاقتصادية من خلال دعم المشاريع الريادية والحاضنات التكنولوجية وتنمية القدرات العلمية لها في التعليم العالي من خلال العمل على تسهيل ودعم مشاركتها بالمؤتمرات المحلية والعالمية وزيادة نسبة القياديات في الوزارة.

وأضافت الباهلي "نسعى إلى تحسين صورة المرأة في الإعلام بجميع أشكاله كتكريم المبدعات والمتميزات في مجال تخصصاتهن من خلال جوائز إبداعية أو عمل أفلام وثائقية عنهن، ودعم الشابات اللاتي ينجزن أبحاثاً مميزة في عمر مبكرة في مرحلة الدكتوراه، وفقاً للجان تخصصية تدعم المميز منها".

ولفتت إلى توجه آخر لمناهضة العنف ضد المرأة بإقامة مزيد من الدورات وإجراء البحوث مع المراكز المتخصصة، ثم العمل على إدماج مفهوم النوع الاجتماعي في خطط وبرامج وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية، وتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات.

يشار إلى أن المناصب الوظيفية التي تشغلها النساء في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية سجلت 46 ألفاً و11 أكاديمية وموظفة يمثلن 41 في المئة، و4582 رئيسة قسم (38 في المئة)، 69 عميدة كلية (13 في المئة)، ورئيسة جامعة واحدة بنسبة (2 في المئة) أي بإجمالي 50 ألفاً و663 سيدة في جميع المواقع.

محو الأمية وإلزامية التعليم

المتخصص في الشؤون السياسية سلمان الأعرجي أعاد التذكير بأن العراقيات يشكلن الأغلبية في المناطق النائية والأرياف والمحافظات بعيداً من العاصمة بغداد، لكنه نبه إلى معانتهن من سطوة الرجال وحرمانهن ومصادرة حقوقهن، سواء في مركز المدينة أو في الريف، مضيفاً "نحن بحاجة إلى إعادة بناء المنظومة الفكرية للطبقات العليا ومن ثم للطبقات الباقية لتكون المرأة عنصراً موازياً وأساسياً في بناء المجتمع".

وتابع "لا بد أن يكون مشروع تمكين المرأة متكامل وأن يبدأ (بمحو الأمية) وتمكين الريفيات من استكمال تعليمهن الثانوي أو على أقل تقدير الابتدائي، وهذه المهمة تقع على عاتق وزارة التربية العراقية التي تعد مشاريعها واستراتيجيتها في هذا المضمار ضعيفة جداً".

وإلى جانب محو الأمية لا بد من اعتماد المحور الثاني (إلزامية التعليم) منذ سن مبكرة حتى مرحلة الثانوية، بحسب الأعرجي، الذي أضاف "يجب إقرار إلزامية التعليم للإناث من عمر ست إلى 18 سنة، لضمان حصولهن على حقوقهن في التعليم وإفساح المجال لهن وتهيئة الظروف كالمدارس أو الكوادر التعليمية، بخاصة إذا علمنا حاجتنا إلى التعامل مع مجتمع ريفي منغلق التفكير والثقافة".

وعن التمكين السياسي، طالب بمنح العراقيات فرص لتولي مناصب مهمة وحساسة، قائلا "لا ضير من أن تتولى المرأة على سبيل المثال لا الحصر وزارة الدفاع أو جهاز الأمن الوطني أو الاستخبارات، وهي قادرة على ذلك وتمتلك كل الأسس العلمية والعملية التي تمكنها من أداء هذا الدور وبجدارة والأمثلة في العالم كثيرة".

ومضى في حديثه "لعل أبرز مثال في العراق ثلاث سفيرات يتحكمن بالعلاقات الدولية والإقليمية في المنطقة مثل سفيرة الأمم المتحدة لدى بغداد وسفيرتي الولايات المتحدة وأستراليا لدينا أيضاً، وهن من أنشط الدبلوماسيات في منطقة الشرق الأوسط".

وأضاف "يجب إفساح المجال للمرأة لأداء دورها بصورة أكثر فاعلية وجدية وما فرضه قانون الانتخابات 2020 من كوتا نسائية للدخول إلى مجلس النواب وتمثيل 25 في المئة من وجهة نظري فقط يعد إجحافاً لحقوقها"، مطالباً بتغيير قانون الانتخابات وزيادة النسبة إلى 35 في المئة أو 40 في المئة باعتباره حق لها في التمثيل الشعبي الذي تشغله المرأة بالمجتمع العراقي، إذ تتجاوز نسبتها  50 في المئة من العراقيين.

مصطلح فضفاض

أما عضو الهيئة الإدارية في مركز حقوق لدعم حرية الرأي والتعبير بالعراق هيام الخزاعي فتمسكت بأن مصطلح تمكين المرأة بعد عام 2003، أي منذ الاحتلال الأميركي والتحول الديمقراطي، كان في بداية "بشرى خير لكن للأسف اتضح بعد التجربة أنه مصطلح فضفاض أوجده الاحتلال واستغل للاستهلاك السياسي، فلا تمكين ولا عمل ولا إنتاج".

وذكرت "على صعيد منظمات المجتمع المدني استغلت قضية المرأة للتربح من خلال مساعدات المنظمات الدولية، وعلى الصعيد السياسي كان التمكين عبارة عن رقم (كوتا) تكملة عدد دون قرار أو تصدى لمكانة المرأة في المجتمع العراقي، ونأمل ونتمنى أن تسعى الحكومة بشكل جاد لتمكيننا وإتاحة الفرصة لنا للتنافس على مواقع العمل المتقدمة في صناعة القرار لبناء دولة متحضرة عمادها المرأة والرجل دون فرق أو شرط".

كان مجلس الأمن قد أقر في رقم 1325 لعام 2000 بشأن المرأة والأمن والسلام، ضرورة توفير ثلاثية الحماية والوقاية والمشاركة للنساء، والذي يعد الأول من نوعه الذي يعترف بدور المرأة القيادي في تحقيق السلام والأمن الدوليين وإسهاماتها في منع النزاعات وحفظ السلام وحل النزاعات وبناء السلام.

المزيد من تقارير