Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فرنسا تشرع الباب أمام ترمب جديد

لقطات الفيديو لشرطي فرنسي يطلق النار على شاب يبلغ من العمر 17 سنة من نافذة سيارةٍ ويقتله صدمت البلد بأكمله

هذا جزء من أزمةٍ ماكرونية أعمق (أ ب)

ملخص

ديماغوجية وزير الداخلية الفرنسي دارمانان المعادية للمهاجرين تُلحق بماكرون ضرراً هائلاً.

في عام 1981، كان إلغاء عقوبة الإعدام أولى الإجراءات التي اتخذها الرئيس الاشتراكي المنتخب حديثاً لفرنسا آنذاك فرانسوا ميتران. والسؤال الذي تطرحه فرنسا اليوم هو التالي: هل عادت هذه العقوبة لتكون سياسة تعتمدها الدولة؟

لقد صدمت لقطات فيديو لشرطي فرنسي يطلق النار على مراهق يبلغ من العمر 17 سنة من نافذة السيارة ويرميه قتيلاً جميع أنحاء فرنسا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إثر ذلك الحادث، وقف النواب في الجمعية الوطنية دقيقة صمت حداداً. وقد دَعت والدة الشاب إلى تظاهرة سلمية، لكن الغضب عمَّ من جديد أنحاء فرنسا وترافق مع اعتقال 150 شخصاً الليلة الماضية بينما كابدت الشرطة لاحتواء غضب الجالية الشمال أفريقية في البلاد.

وفي التفاصيل أن الشرطة أوقفت سيارة عند إشارات المرور وقد سجل شريط فيديو انتشر في فرنسا يبين ضابط شرطة يسحب مسدسه ويطلق النار على الشاب الذي سقط ضحية.

في بداية الأمر، نفت الشرطة صحة الخبر قائلةً إن السيارة كانت تسير نحو الشرطة. إلاّ أن لقطات الفيديو أظهرت سيارة مركونة ونوافذها مفتوحة لحظة إطلاق النار.

طبعاً، سارع اليساريون الذين ينددون بصوت عال أمثال زعيم كتلة النواب اليسارية في البرلمان الفرنسي جان لوك ميلانشون، ليصفوا ما فعلته الشرطة بأنه "جريمة قتْل". وعلى غرار ما حدث خلال الاحتجاجات العنيفة التي اندلعت ضد إصلاحات ماكرون للمعاشات، كان رد ميلانشون الوحيد على نيران الاحتجاجات العنيفة هو صبّ المزيد من الزيت اللفظيّ عليها.

لكن ثمة مشكلة أعمق تواجه ماكرون الذي وصل إلى سدّة الرئاسة من دون أي يكون مسلحاً بأي خبرة سياسية، ومن دون أن يُنتَخب فعلياً، بل عيّنته نُخب دافوس الليبرالية في فرنسا مسوّقةً إياه على أنه المخلّص المنتظر الذي سيقوم بإصلاحات اليمين الليبرالي التي يعتقدون أنها ستجدد البلاد.

كانت فرنسا في حاجة إلى إصلاحات (وما زالت تحتاج إليها)، لكن ماكرون يفتقر إلى القدرة على تحسُّس مخاوف ومباعث قلق الكثيرين في البلاد ممن استُبعِدوا من مشروعه.

هذه الحادثة هي ثالث حالة إطلاق نار تحصل هذا العام على يد الشرطة فتقتل مواطن فرنسي من أصل شمال أفريقي. والحال أن ماكرون يبالغ في الاعتماد على وزير داخليته جيرالد دارمانان، الرجل الذي كان سابقاً ربيب الرئيس اليميني سيئ الصيت نيكولا ساركوزي. وقد انتزع ماكرون دارمانان من حزب الجمهوريين المحافظ في فرنسا عندما شكَّل أول حكومة له في عام 2017.

وكان ماكرون – على غرار ريشي سوناك، المصرفي الدولي- قد رُقِّي إلى منصب رفيع على يد الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند. وعلى رغم هذه الخلفية اليسارية، رفض ماكرون عروض اليسار الاشتراكي الديمقراطي المعتدل في فرنسا للعب دور في مشروعه الإصلاحي. وبدلاً من ذلك، تحوّل إلى اليمين وجعل دارمانان أصغر وزير سناً في التاريخ الفرنسي.

يجعل دارمانان نظيرته في المملكة المتحدة سويلا برافرمان تبدو وكأنها فاعلةُ خيرٍ ليبرالية معتدلة، إذ استهدف المسلمين الفرنسيين ساخراً من اللحوم الحلال (والكوشر اليهودي)، وأراد حظر البوركيني الذي ترتديه الفتيات والنساء المسلمات في المسابح العامة.

لدى فرنسا نصيبها من الأيديولوجيين الإسلاميين الذين يحتقرون الديمقراطية الأوروبية ويُصِرّون على أولوية ولاية الذكور الدينية على النساء، فضلاً عن الكراهية المعادية لليهود. والمصدر الرئيسي للهجرة إلى فرنسا هو مستعمراتها السابقة في شمال أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى حيث استخدم الحكام المستبدون الإسلام كوسيلة للحفاظ على سيطرتهم.

إضافة إلى ذلك، حاول دارمانان إغلاق المساجد التي اتهمها بالتحريض لاعتماد الفكر الإسلامي. واتهم رئيسة وزراء إيطاليا اليمينية المتطرفة جورجيا ميلوني بالسماح بدخول عدد كبير جداً من المهاجرين من ليبيا وتونس الذين وصلوا على متن قوارب من إيطاليا إلى فرنسا، وقال إن ميلوني "غير قادرة على التعامل مع أزمة المهاجرين" التي تواجهها دول البحر المتوسط. وألغى وزير الخارجية الإيطالي زيارة إلى باريس احتجاجاً على إهانة الوزير الفرنسي لميلوني.

كما عارض دارمانان أيضاً زواج المثليين ويبدو أنه يستمتع ببروز أي موقف سياسي حديث مناهض للمسلمين والمهاجرين مثل موقف ترمب.

وقد أدخل نفسه في المشكلات في نهائي كأس الاتحاد الأوروبي في باريس عام 2022 عندما اتهم زوراً مشجّعي ليفربول باستخدام تذاكر مزيفة للدخول إلى الملعب المزدحم حيث تعرّضوا للهجوم من قبل مثيري الشغب الفرنسيين. ومع أن البرلمان الفرنسي انتقد أكاذيبه، إلا أنه تجاهل ببساطة توبيخهم واستمر متمتّعاً بدعم ماكرون.

ويشعر الكثيرون أن الشرطة الفرنسية قد استوحت فِعلَها هذا من وزير الداخلية اليميني المتشدد وتخلّت ببساطة عن طاعة القانون عندما يتعلّق الأمر بالمواطنين الفرنسيين غير البيض.

لكن هذا جزء من أزمةٍ ماكرونية أعمق. فقد شهِدت رئاسته للبلاد اختفاء اليسار واليمين المعتدلَين، وها هو بدلاً من ذلك يواجه الجماعات اليسارية واليمينية في الجمعية الوطنية والسياسة ممن يرفضون التسوية والتسامح والحل البرلماني السلميّ للإصلاحات التي تحتاجها فرنسا.

والجدير ذكره أن هذا وضعٌ مثاليٌّ لمارين لوبان التي يعتبرها الكثيرون في فرنسا الآن خليفة لا يمكن إيقافها لإيمانويل ماكرون (الذي لا يستطيع الترشح للرئاسة لولاية ثالثة).

إن العنف الذي أطلقته ديماغوجية دارمانان المعادية للمهاجرين – سواء بفعل ضباط الشرطة الذين يطلقون النار أولاً ويطرحون الأسئلة لاحقاً، أو بالاحتجاجات في الشوارع التي أضرمت النار في فرنسا – يُلحق أضراراً جسيمة بماكرون. وعلى رغم ذلك، لا يبدو أن هذا يقلقه كثيراً، حتى وهو يساعد في تمهيد الطريق لأول رئيسة دولة فاشيّة في أوروبا.

دينيس ماكشين هو وزير أوروبا سابق الذي يكتب عن السياسة الفرنسية ويطلّ بانتظام على شاشات التلفزيون وعبر الإذاعة في فرنسا.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء