Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يهدد تمرد "فاغنر" النفوذ الروسي في أفريقيا وسوريا؟

ينفي الجيش الليبي باستمرار وجود هذه القوات في البلاد

"قوات "فاغنر" توجد في أربع مناطق رئيسة في البادية السورية واللاذقية وحماة إضافة إلى وجودها في النقاط المشتركة التي تم التفاهم في شأنها بين بوتين وأردوغان" (رويترز)

نجح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في احتواء تمرد مرتزقة "فاغنر"، لكن الجدل في شأن تداعيات الأحداث التي شهدتها روسيا لا يزال مستمراً خصوصاً في ليبيا وسوريا اللتين تسجلان حضوراً لافتاً لجماعة "فاغنر".

فرصة سانحة في ليبيا

ففي ليبيا، تردد، خلال الأشهر الماضية، حديث عن عملية تجهز لها قوات في غرب البلاد بالتنسيق مع قوى غربية لشن هجوم ضد مرتزقة "فاغنر" التي تدعم "الجيش الوطني الليبي" بقيادة المشير خليفة حفتر لا سيما في ظل مخاوف من أن تستعمل روسيا هؤلاء المرتزقة لغلق آبار النفط والضغط على الغرب من خلال ذلك.

وينفي الجيش الليبي باستمرار وجود قوات لـ"فاغنر" في البلاد، لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كشف، في وقت سابق، عن أن "حضور فاغنر في ليبيا يأتي على أساس تجاري، ولا دخل لنا في ذلك" وهو ما شكل إقراراً ضمنياً بوجودها في ليبيا.

وبحسب تقارير أميركية وغربية، فإن عناصر "فاغنر" يوجدون في سرت غربي ليبيا، والجفرة جنوب شرقي العاصمة طرابلس، ويتمركزون كذلك في مناطق حيوية على غرار قاعدة القرضابية الجوية ومينائها البحري وقاعدة الجفرة الجوية.

"الجيش الوطني الليبي"

وفي ظل إنكار "الجيش الوطني الليبي" وجود هذه المجموعة في البلاد، فإنه لا توجد إحصائيات دقيقة حولها، لكن التقارير الغربية تقدر عددها بنحو 2000 عنصر معظمهم من روسيا وشرق أوكرانيا وصربيا، وكذلك عناصر من سوريا جندتهم "فاغنر".

وقال عادل عبدالكافي المستشار العسكري السابق لقائد قوات غرب ليبيا، إن "التمرد الذي قادته قوات فاغنر ضد بوتين أربك حسابات روسيا وأظهر مدى هشاشة هذا التحالف بين هذه القوات والجيش الروسي، ويوجد 50 ألف عنصر موزعون في القارة الأفريقية فقط تقريباً، وهذا التمرد أحدث شرخاً كبيراً بين القوات الروسية، ورأينا انضمام قادة روس إلى مرتزقة فاغنر ما أربك روسيا وحلفاءها، لذلك أعتقد أن هذا التخبط في القيادة الروسية سيدفع بوتين إلى مراجعة حساباته وملاحقة عناصر فاغنر في محاولة للتخلص منهم".

وتابع عبدالكافي أن "هذه فرصة سانحة أمام حكومة الوحدة الوطنية ووزارة الدفاع للقيام بعملية عسكرية ضد مرتزقة فاغنر الذين يحتلون قواعد عسكرية مهمة مثل قاعدة الجفرة ويسيطرون على طائرات ميغ-29 وقاعدة براك الشاطئ وغيرها". وشدد على أنه "كان يجب الاستفادة من مثل هذه الفرصة لتقليم دور مرتزقة فاغنر على الأراضي الليبية خصوصاً أن لهم علاقات مع مرتزقة من تشاد والسودان وغيرهما، وتصنيف الولايات المتحدة المجموعة كإجرامية ووضعها على قائمة الملاحقات يصب في مصلحة الحكومة الليبية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتعددت، في الأشهر الماضية، زيارات المسؤولين الغربيين إلى كل من بنغازي وطرابلس، وكان أبرزها لمدير وكالة الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز، في يناير (كانون الثاني) الماضي، وهي زيارة التقى فيها المشير حفتر ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة.

وبرز دور مرتزقة "فاغنر" خلال الحملة العسكرية التي قادها الجيش الليبي بهدف السيطرة على العاصمة طرابلس، عام 2019، وهي حملة باءت بالفشل إذ اتهمت آنذاك حكومة "الوفاق الوطني" برئاسة فايز السراج الجيش وقائده حفتر بالاستعانة بـ"فاغنر"، وهو ما قابلته حكومة الوفاق بالاستنجاد بقوات تركية ومرتزقة سوريين وعرب ما أذكى الصراع هناك.

وقال عبدالكافي، إن "أي تحرك ضد فاغنر قد يجد دعماً قوياً من الولايات المتحدة والأوروبيين".

رسائل في سوريا

وفي سوريا، يبرز دور "فاغنر" أيضاً، ويوجد بضعة آلاف من عناصرها في عديد من القواعد العسكرية. وذكر رئيس "المرصد السوري لحقوق الإنسان" رامي عبدالرحمن أن "قوات فاغنر توجد في أربع مناطق رئيسة ضمن حقول نفط في البادية السورية واللاذقية وحماة إضافة إلى وجودها في النقاط المشتركة التي تم التفاهم في شأنها بين بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ولعبت هذه القوات دوراً رئيساً في تقدم قوات النظام والقوات الروسية بالعمليات السورية إذ اعتمد الروس عليها كقوة برية بينما كان دور الجيش الروسي في الحرب يقتصر على الإشراف والقصف الجوي"، وأوضح عبدالرحمن أن "عناصر فاغنر ليسوا قادرين على القيام بأي شيء في سوريا حالياً ضد الجيش الروسي لأن موازين القوى مختلة، يمكن أن يتم تدمير مقراتهم بأي لحظة في حال أقدم هؤلاء المرتزقة على فعل أي شيء".

ونفذت روسيا، الأحد الماضي، قصفاً جوياً استهدف منطقة جسر الشغور، شمال سوريا، في خطوة لم يتضح مدى ارتباطها بالأحداث التي جرت في روسيا بين "فاغنر" والقوات الروسية، لكن عبدالرحمن رأى أن "هذا القصف الذي استهدف سوقاً للخضراوات في جسر الشغور كأنه رسالة لفاغنر ولكن عبر قتل السوريين وليس الروس"، وأوقع هذا القصف تسعة قتلى و21 جريحاً.

أفريقيا الوسطى ومالي والسودان

ونجحت روسيا من خلال "فاغنر" بتقويض النفوذ الفرنسي في منطقة الساحل الأفريقي وغيرها من المناطق في القارة السمراء التي تتخبط في نزاعاتها الداخلية، فمنذ عام 2018 تسللت مئات العناصر إلى جمهورية أفريقيا الوسطى بحجة تدريب القوات النظامية في هذا البلد، لكن "فاغنر" باتت تؤمن المؤسسات السياسية والاقتصادية وغيرها، وتحرس الرئيس فوستين آرشانج تواديرا من المجموعات المتمردة التي تسيطر على نحو ثلثي مساحة البلاد، كما تنفرد عناصر "فاغنر" بحماية مناجم الذهب والماس مقابل الحصول على نسبة من العائدات.

وفي السودان، باشرت هذه القوات نشاطها، منذ عام 2017، تحت غطاء شركات عدة للتنقيب عن الذهب، بحسب وسائل إعلام سودانية وغربية. وتولت تدريب أفراد من الجيش السوداني وأيضاً "قوات الدعم السريع" في إقليم دارفور.

وفي مالي، نجحت روسيا كذلك في التسلل بعد تصاعد الرفض الشعبي والرسمي للحضور الفرنسي بعد سنوات من وجود القوات الفرنسية التي تتعهد بحماية البلاد من تهديدات الإرهابيين، وبعد صدور قرارات من المجلس العسكري الحاكم في باماكو بإلغاء الاتفاقيات التعاونية في مجال الدفاع مع باريس، وجدت روسيا الفرصة سانحة لترسيخ نفوذها هناك.

ورأى الباحث السياسي التونسي المهتم بالشؤون الأفريقية محمد صالح العبيدي أن "التمرد الأخير بقدر ما يعكس الوضع الصعب الذي تعيشه القيادة الروسية، فإنه ينذر بتراجع نفوذ فاغنر في عديد من المناطق خصوصاً في ظل التشبث بملاحقة قائدهم يفغيني بريغوجين قضائياً على رغم الاتفاق بينه وبين رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو وبوتين".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير