وجد "المكتب الوطني للتدقيق" الذي يمثّل هيئة للرقابة على إنفاق المال العام، أن البرنامج الحكومي المسمّى "المساعدة على الشراء" أعطى مليارات الجنيهات من القروض المدعمومة إلى أصحاب منازل أثرياء نسبياً كان بإمكانهم أصلاً شراء عقار من دون الحاجة للمساعدة.
وذكر ذلك المكتب أيضاً أن برنامج "المساعدة..." عزّز أرباح شركات عقاريّة كشركات "ريدروا " و"بيلواي" و"تايلور ويمبي" و"بارات" و"بيرسيمون".
كما وجد "المكتب.." أن ثلث المشتريين اللذين استفادوا من البرنامج كان لديهم مبالغ كافية لشراء العقار الذي يرغبون فيه، في حين ما كان لـ37% منهم أن يمتلك منزلاً من دون الحصول على قرض. وكذلك بلغ الدخل الأسري لـ4% من المستفيدين من تلك القروض أكثر من 100 ألف جنيه إسترليني.
في المقابل، رأت وزارة "الإسكان والحكومات المحليّة والمجتمعات" أن تلك النتيجة مقبولة لأن البرنامج صُمّم أصلاً لتغطية قطاع واسع من المجتمع. وبحسب برنامج "المساعدة على الشراء"، تقدّم الحكومة قروضاً تصل إلى 20% من قيمة العقار و40% داخل لندن، ما يساعد كثيراً من الناس الذين لم يدّخروا أموالاً كافية لتحقيق ذلك الغرض، أن يضعوا أقدامهم على أول درجة في سلم الشراء. كما ذكر المكتب نفسه أن "برنامج المساعدة..." "حجز قدرات مالية كبيرة " كان ممكناً استخدامها في برامج إسكان اخرى.
وحتى شهر ديسمبر ( كانون الثاني) من 2018، بلغ حجم القروض الممنوحة بموجب هذا البرنامج 11.7 مليار جنيه إسترليني، مع إمكانية أن يتضاعف المبلغ ليصل 25 ملياراً بحلول 2023. وكذلك رأى "المكتب..." أن البرنامج نفسه عرّض المال العام إلى مخاطر مالية بارزة في حال هبوط أسعار المنازل.
وعلى الرغم من كل تلك المخاوف والانتقاد الواسع النطاق لـ"برنامج..." بأنّه أدى فعلاً إلى تضخم أسعار العقارات، إلا أن الوزارة لم تقدم تقييماً مفصلاً حول تأثير البرنامج على سوق العقارات بشكل عام.
وذكر رئيس "المكتب..." جاريث دافيس، أنّ "التحدي الأهم أمام الحكومة الآن يتمثّل في القدرة على إجراء عملية فِطام بين البرنامج وسوق العقارات، مع أدنى قدر ممكن من التأثير على طموحها إلى إنشاء 300 ألف مسكن سنوياً بحلول منتصف 2020... وحتى هذه اللحظة لا نستطيع القول بأن البرنامج قد آتى أُكله حتى تتضح آثاره على المدى البعيد على سوق العقارات، ويتبيّن إذا كانت الوزراة قد استعادت استثمارها الأساسي".
في ذلك السياق، ذكر وزير الإسكان في حكومة الظل (يشكّلها "حزب العمال") جون هيلي، أنّ تقريراً للـ"مكتب" أظهر إخفاق "برنامج المساعدة..." في تقديم المساعدة إلى الشريحة المستهدفة، مشيراً إلى أنّ "التقرير بيّن أيضاً العيوب الأساسية للبرنامج التي أخفق الوزراء في إصلاحها... إنّ واحداً من كل خمسة ممن استفادوا من البرنامج لم يكونوا حتى ممن يشترون عقاراً للمرّة الأولى، وثُلثي المستفيدين كان بإمكانِهم الشراء دون الحاجة للمساعدة... إنّ هدف البرنامج كان ضعيفاً، وشكّل تبديداً لأموال دافعي الضرائب. كما أنه لم يستهدف شريحة أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة ممن يشترون عقاراً للمرّة الأولى، كما جاء في محاججات عدّة أطلقها حزب العمال".
في المقلب الآخر من الصورة، قدّم جورج أوزبورن، مستشار سابق في حزب المحافظين، "برنامج المساعدة..." في 2013 وأشاد به بوصفه "أكبر مشاركة من قِبَلْ الحكومة في سوق العقار منذ برنامج "الحق في الشراء" سابقاً".
ومن ناحية اخرى، تلقى البرنامج نقداً لاذعاً من قِبَل خبراء الاقتصاد ومحلّلي سوق العقارات الذين اعتبروا أن البرنامج أحدث فارقاً ضئيلاً في مجال زيادة توفّر المساكن. كذلك ساعد الشركات الضخمة في العقارات على جني أرباح طائلة، إذ استحوذ خَمْسٌ منها على نصف المبيعات التي قدمها البرنامج.
وبحسب تحليلات "المكتب..."، حصدت شركة "ريدرو" على 3.7% من المبيعات، و"بيلواي" 6.7%، و"ويمبلي تايلور" 11.9%، و"بارات" 13.3 %، و"بيرسيمون" 14.8%.
وفي السنة الماضية، قدّم رئيس شركة "بيرسيمون"، وكانعت المستفيد الأكبر من "برنامج المساعدة..." استقالته عقب بعد احتجاجات غاضبة بشأن حصوله على عمولة قُدّرتْ بـ75 مليون جنيه إسترليني حصل عليها من مبيعات تتعلّق بالمال العام. وذكرت تلك الشركة أن عمولة جيف فايربيرن شكلت كارثة.
وتعليقاً على التقرير، أكّد فران بويت الذي يشغل منصب المدير التنفذي في مؤسّسة "بوزيتف موني" المتخصّصة في حملات التمويل، أنّه "بات من الواضح جداً أن البرنامج شكّل دعماً مالياً لفقاعة إسكانيّة سُخّرَتْ لخدمة شركات العقارات ومُلاّك البيوت، بدلاً من تقديم الدعم إلى غير القادرين على شراء عقار".
© The Independent