Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

درب الحاج المصري قوافل الأيام العشر إلى مكة

رحلات القادمين من الأندلس وشمال أفريقيا تتوج بمحمل كسوة الكعبة في القاهرة

ظلت مصر لسنوات طويلة محطة رئيسة في رحلة الحج إلى مكة كل عام (مواقع التواصل)

ملخص

كانت مصر نقطة رئيسة في طريق قوافل الحجاج القادمين من الأندلس وشمال أفريقيا إلى مكة واهتم الحكام في القاهرة بتوفير جميع سبل الراحة لهم ولا تزال هناك مواقع في سيناء شاهدة على ذلك.

طريق شاق ودرب طويل كان يقطعه المسلمون المتوجهون إلى أداء فريضة الحج في عصور قديمة، حين كانت القوافل تشق الصحراء حاملة المشتاقين لزيارة الكعبة ضمن رحلة تستغرق كثيراً من الوقت وتمر على بلاد عدة حتى تصل إلى مكة ليؤدي الحجاج الشعائر ويعودوا إلى بلدانهم من نفس الطريق الطويل.

بين محطات عدة كانت مصر نقطة رئيسة في طريق الحجاج القادمين من الأندلس وبلدان شمال أفريقيا، إذ كانت القوافل تسير بمحاذاة البحر المتوسط مروراً بليبيا ومن ثم مصر التي كانت معبراً أساسياً للحجاج الذين يمرون بدرب الحاج المصري حتى الوصول إلى البحر الأحمر ومن ثم استكمال الرحلة للوصول إلى مكة، كما كان يصاحب تجمع القوافل محمل كسوة الكعبة الذي كان ينطلق من القاهرة في احتفال مهيب.

ولأهمية هذا الطريق عني حكام مصر به وأولوه كثيراً من الاهتمام، حيث حفروا فيه الآبار وأقاموا الاستراحات ونقاط التزود بالمؤن ووفروا سبل الحماية للحجاج بإقامة القلاع وأبراج المراقبة. وعلى رغم انقضاء زمن طويل على استخدام طريق الحج المصري فإن بعض آثار هذه المرحلة لا تزال قائمة وشاهدة عليه، فبقايا القلاع والآبار والمنشآت بعضها موجود في سيناء ضمن النقاط الرئيسة التي كان يمر منها الحجاج.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن طريق الحاج المصري يقول مؤسس مبادرة المستكشف المصري ياسر مصطفى في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، إن بداية انطلاق قوافل الحج كانت من المغرب وموريتانيا باعتبار أنها الأبعد في المسافة مروراً بالجزائر ومن ثم تونس لاصطحاب قوافلهم للانطلاق إلى ليبيا وملاقاة قافلتها للدخول إلى مصر التي كانت غالباً ما تكون محطة للراحة لبضعة أيام وقضاء بعض الوقت في رحاب مدينة الفسطاط وجامع عمرو بن العاص وزيارة مساجد آل البيت المنتشرة في البلاد.

ويروي مصطفى أن مصر كانت في الوقت نفسه محطة رئيسة في رحلة الحج كل عام، لأن هذه القوافل وقت انطلاقها من الفسطاط كان يصاحبها محمل كسوة الكعبة الشريفة التي كانت تصنع في القاهرة ويصاحبها احتفالات سنوية لخروجها بصحبة القوافل متوجهة إلى مكة.

ويضيف "يتجه تجمع القوافل ومحمل كسوة الكعبة شرقاً عن طريق البر لعبور سيناء حتى الوصول إلى العقبة في الأردن ثم جنوباً في اتجاه مكة المكرمة وكان هذا الطريق الطويل يمر على نقاط عدة شبيهة بالاستراحات وأماكن للتزود بالماء والمؤن كما كان يوجد على طول المسار نقاط للحراسة وأبراج للمراقبة وعلامات لإرشاد القوافل في الصحراء، وكانت قبائل سيناء المختلفة تحمي هذه القوافل وتؤمنها على طول الطريق".

أهم النقاط

مدن ومناطق مصرية متعددة كانت تمثل نقاطاً رئيسة في طريق الحج المصري وعنها يقول مؤسس مبادرة المستكشف المصري "كانت القوافل تنطلق من الفسطاط (القاهرة) مروراً بصحراء الريدانية (حي العباسية حالياً) وبركة الحاج (المرج) ثم عجرود فالسويس والنواطير ووادي القريض وبئر مبعوق وصدر الحيطان (قلعة رأس الجندي) إلى نخل والتمد ودبة البغلة وطابا وأخيراً العقبة التي كانت النقطة الأخيرة قبل الاتجاه جنوباً للدخول إلى الحجاز".

واهتم حكام مصر بطريق الحج لأهميته الكبيرة وحرصوا على توفير كل سبل الراحة والتيسير على القوافل في رحلتها الشاقة، فعملوا على حفر الآبار وإقامة نقاط لمؤن الحجاج وتوفير استراحات للدواب، وتشهد بقايا هذه المواقع التي لا تزال موجودة حتى الآن على ذلك.

ومضى في حديثه "ما زالت آثار الإنشاءات المرتبطة بهذا الطريق بعض منها موجود حتى الآن فهناك بقايا لآبار وقلاع وطوابي يعود استخدامها لفترة استخدام هذا الطريق، وقد كان هناك اهتمام كبير به في عهد سلاطين المماليك وعلى رأسهم السلطان قنصوه الغوري الذي أولى اهتماماً شديداً بتمهيده وتوسعته وتزويده بسبل الراحة للحجاج وحتى الآن من أبرز آثار هذا الطريق الباقية لليوم لوحة أثرية نقشت في منطقة (دبة البغلة) وسط سيناء، وحملت توقيع السلطان الغوري".

الآثار الباقية

لم تكن رحلة الحج مجرد طريق طويل وشاق في الصحراء ولكنها كانت ملتقى وتجمعاً ثقافياً واجتماعياً فخلال الرحلة كان يتم التعارف بين الناس وشراء البضائع التي تتميز بها المدن التي تمر بها القوافل، إضافة إلى التعرف إلى الطابع الحضاري والثقافي والمعماري لهذه البلاد لتنتهي الرحلة بأداء فريضة الحج.

يشير ياسر مصطفى إلى أن "الطريق من مصر وحتى الوصول إلى مكة كان يستغرق 10 أيام ويقسم إلى ثلاث مراحل فمن القاهرة حتى عجرود قرب السويس 150 كيلومتراً، ومن عجرود حتى مدينة نخل 150 كيلومتراً، ومن نخل إلى العقبة 200 كيلومتر، وتعد أهم الآثار الباقية من درب الحج المصري هي قلعة عجرود، وقلعة رأس الجندي بصدر الحيطان، وقلعة نخل، ومنطقة آبار العلاقي، ولوحة قنصوه الغوري التذكارية بمنطقة عرقوب البغلة، وقلعة صلاح الدين بطابا".

ويحكي كذلك "كان هناك قوافل تجارية كبيرة تأتي من الشام في موسم الحج حتى مدينة نخل بسيناء تحمل كل ما يحتاج إليه الحجاج من بضائع ومؤن، حيث كانت (نخل) في هذا الوقت مدينة كبيرة ونقطة رئيسة في طريق قوافل الحج، واستمر استخدام هذا الطريق لفترة طويلة ثم توقف خلال فترة الحروب الصليبية بالشام واستخدم بدلاً منه طريق القاهرة - قوص - عيذاب (ميناء على البحر الأحمر) ثم القاهرة - قوص - القصير، ثم أعيد استخدامه لاحقاً حتى عام 1885".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير