Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا ترغب الجزائر في تسريع عملية الانضمام لـ"بريكس"؟

تبون يبرر بالوضع الدولي المضطرب جداً وبعض الضغوط والتعامل بغير الدولار واليورو

الرئيس تبون خلال ندوة صحافية مشتركة مع نظيره الروسي بوتين بموسكو (الإذاعة الجزائرية)

ملخص

هل تهرب الجزائر من الضغوط الغربية التي تلاحقها بالانضمام لمجموعة "بريكس"؟

بعد أن كانت تبدي رغبة في الانضمام إلى مجموعة "بريكس"، أصبحت الجزائر تستعجل العملية، وبينما كان الرئيس عبدالمجيد تبون يرافع محلياً لمصلحة الخطوة، بات يدعو إلى دعمها خارجياً، الأمر الذي أثار استفهامات وطرح تساؤلات حول أسباب العجلة.

دعوة رئاسية

جاءت دعوة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، نظيره الروسي فلاديمير بوتين، خلال الزيارة التي قام بها إلى موسكو، لدعم بلاده بشكل عاجل للانضمام إلى مجموعة "بريكس"، لتكشف عن الأهمية التي توليها الجزائر لوجودها في هذه المنظمة، سواء من أجل ترقية اقتصادها وتعزيز مكانتها أو "فراراً" من الضغوط الغربية التي تلاحقها بسبب تقاربها مع روسيا أو في سياق "الابتزاز" الذي تمارسه الأحادية القطبية بقيادة واشنطن.

وربط الرئيس الجزائري "استعجال" ضم بلاده إلى "بريكس"، بظروف دولية مضطربة بالقول إن "الوضع الدولي مضطرب جداً، ولهذا السبب نريد تعجيل ملف الجزائر في الانضمام إلى مجموعة بريكس"، وكذا ببعض الضغوط من خلال تصريحه "نريد الانضمام في أقرب وقت إلى بريكس لتحرير اقتصادنا من بعض الضغوط"، إلى جانب اعتماد العملات الوطنية في المبادلات التجارية مع روسيا عوض الدولار الأميركي، عبر توضيحه أن الهدف من التعجيل هو "الدخول في تنظيم آخر غير الدولار واليورو".

شروط القبول والواقع

لكن في المقابل، تضع منظمة "بريكس" شروطها لقبول أعضاء جدد، غير تبريرات "العجلة" التي قدمتها الجزائر، ولعلها مضاعفة صادرات البلاد، وهي التي بلغت مع نهاية 2022 نحو 56.5 مليار دولار، منها 49.5 مليار دولار صادرات النفط والغاز، ونحو 7 مليارات دولار صادرات خارج قطاع المحروقات، بحسب السياسة العامة للحكومة، وإذا كانت هذه الأرقام تمثل قفزة مقارنة بعام 2021، بعد أن حققت زيادة بنحو 17 مليار دولار، إلا أنها تعتبر أقل من نصف صادرات جنوب أفريقيا، أصغر اقتصاد في "بريكس"، وقد بلغت أكثر من 121 مليار دولار في 2021.

كما تعتبر زيادة الناتج الداخلي الخام من أهم شروط "بريكس"، وهو الذي يسجل أرقاماً متواضعة في الجزائر، حيث بلغ 163 مليار دولار في 2021، وفق بيانات البنك الدولي، في حين يبلغ الناتج الداخلي الخام لجنوب أفريقيا 419 مليار دولار.

تجاوز الابتزاز

في السياق ذاته، يرى أستاذ الاقتصاد عبدالكريم بو فروة أنه في بعض الأحيان تفرض علينا الظروف الخارجية والتهديدات المختلفة والمخاوف المحتملة أن نختار موقفاً يحقق لنا الكثير من الأمن والاستقرار على المدى المتوسط والبعيد، وهو ما حصل بعد حرب أوكرانيا وتهجم الغرب على روسيا بالعقوبات الاقتصادية القاهرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف بو فروة لـ"اندبندنت عربية" أن هذه العقوبات كانت نقطة مفصلية في تغيير جذري بملامح النظام العالمي، حيث هرولت الدول باتجاه تكتلات تكون بدائل حمائية آمنة، ومنها منظمة "شنغهاي" ومجموعة "بريكس"، ومن بين هذه الدول الجزائر التي عرف عنها منذ استقلالها حيادها والتزامها بمبدأ عدم الانحياز، كما حافظت على توازنات دقيقة في تعاملاتها الاقتصادية والتجارية والعسكرية، على رغم أن الاتجاه كان واضحاً إلى روسيا والصين.

وأشار إلى أن استعجال الجزائر الانضمام لـ"بريكس" يرجع إلى ضغوط غربية بقيادة الولايات المتحدة وفرنسا، بدليل الزيارات المتكررة لمسؤولين أميركيين من الدرجة الأولى توافدوا على الجزائر، وكذا التوتر الذي يسود العلاقات الجزائرية الفرنسية، بالتالي إبداء الرئيس تبون رغبته في تسريع عملية ضم بلاده للمجموعة، يصب في خانة المشاركة في صناعة القرار الدولي وتجاوز "الابتزاز" الغربي.

ضغوط وفوائد

تعليقاً على مسألة الضغوط الغربية، قال رئيس اللجنة البرلمانية للتعاون الجزائري الروسي عبدالسلام باشاغا إن الجزائر لن تسمح لأي طرف بأن يملي عليها كيفية إدارة علاقاتها الدبلوماسية، أو أن يحدد لها من تعادي ومع من تتحالف، مؤكداً أن السياسة الخارجية للجزائر قائمة بالأساس على "تقاليد التفاهم والتقارب مع أي دولة أو كتلة تحترم سيادتها ومصالحها".

وأضاف باشاغا أن "الضغوط سبق واتخذت أشكالاً مختلفة، معلنة وغير معلنة في الاتحاد الأوروبي وفي واشنطن، ويمكن ملاحظة ذلك أيضاً في طبيعة التناول الإعلامي لزيارة الرئيس تبون إلى موسكو، حيث تم ربطها مع الموقف من الأزمة الأوكرانية.

وبالعودة إلى مقومات الاقتصاد الجزائري مقابل ما تمثله دول "بريكس" من محفزات يجعل "العجلة" الجزائرية في الانضمام إلى المجموعة المكونة من البرازيل وروسيا والهند وجوب أفريقيا والصين يندرج في سياق تحقيق فوائد اقتصادية محلية وإقليمية ودولية مهمة، من خلال الإسهام في جلب رؤوس أموال أجنبية للبلاد، والمساعدة على تطوير قطاع الخدمات، إلى جانب تخفيض اعتماد الجزائر على المحروقات كمصدر أساسي للدخل القومي، لا سيما أن "بريكس" تسيطر على 40 في المئة من مساحة العالم، وتشكل 41 في المئة من سكان العالم، و24 في المئة من الاقتصاد العالمي و16 في المئة من التجارة العالمية.

سبب واحد

بحسب الناشط السياسي حليم بن بعيبش فإن استعجال الجزائر الانضمام إلى مجموعة "بريكس" يرجع إلى سبب واحد، وهو ما يعيشه العالم من أزمات ثم بوادر نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، بالتالي فالجزائر تبحث عن دور لها في النظام الجديد من خلال الانضمام إلى هذا التكتل الكبير الذي ينافس مجموعة الـ7 الكبار.

وقال بن بعيبش في تصريح خاص إنها فرصة سانحة للجزائر لأن تكون دولة محورية في إقليمها العربي والأفريقي، متسائلاً: هل الجزائر تستوفي معايير الانضمام؟ ثم جاوب موضحاً أن الإصلاحات التي قامت بها البلاد أخيراً، خصوصاً قانون الاستثمار الجديد، قد يسهم في تسريع الانضمام، إضافة إلى الدور الذي أصبحت تلعبه في سوق الطاقة العالمية.

المزيد من تقارير