Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تواجه روسيا شحا في العمالة؟

الشركات المحلية تخسر مئات الآلاف من الأيدي العاملة في الجبهات مع نزف الهجرة

العمالة غير الكافية المشكلة الاقتصادية الكبيرة لروسيا (أ ف ب)

ملخص

أكثر من مليون شخص غادروا روسيا منذ الحرب العام الماضي و35 في المئة من الشركات تعاني أكبر نقص في الموظفين منذ عام 1996

 

غذت الحرب في أوكرانيا أسوأ أزمة عمالية في روسيا منذ عقود بعد فرار مئات الآلاف من العمال من البلاد أو إرسالهم إلى الجبهات الأمامية، مما أضعف أسس الاقتصاد الذي تثقله العقوبات والعزلة الدولية.

أدت موجتا الهجرة الأكبر منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، وتعبئة نحو 300 ألف رجل إلى تفاقم سوق العمل الضيقة التي ابتليت بالتراجع الديموغرافي طويل الأجل، وترك ذلك الشركات الروسية تفتقر إلى الجميع من المبرمجين والمهندسين إلى عمال اللحام وحفاري النفط، والمهن اللازمة لتعزيز الاقتصاد ودعم المجهود الحربي في أوكرانيا.

ولوقف مد الهجرة أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشهر الماضي المسؤولين بوضع تدابير لعكس اتجاه تدفق السكان، بما في ذلك الحوافز المالية والاجتماعية غير المحددة.

وكانت الحكومة عرضت في وقت سابق إعفاءات ضريبية وقروضاً أرخص ورهوناً عقارية تفضيلية لإغراء عمال التكنولوجيا بالبقاء.

من جانبها كشفت وزارة المالية الروسية عن مقترحات لفرض ضرائب على مئات الآلاف من الأشخاص الذين فروا عندما بدأت الحرب، في حين هدد بعض المشرعين الروس بمصادرة ممتلكات الروس الذين غادروا البلاد، على رغم عدم تمرير مثل هذه القوانين. 

في الربع الأول من هذا العام أبلغت الشركات الروسية عن أكبر نقص في الموظفين منذ بدء جمع البيانات في عام 1998، وفقاً لمسح أجراه البنك المركزي الروسي، إذ انخفض عدد الموظفين الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة في روسيا في نهاية العام الماضي بمقدار 1.3 مليون إلى أدنى مستوى له منذ أوائل التسعينيات، وفقاً لتحليل أجرته شركة الاستشارات "فينإيكسبيرتيزا" في مايو (أيار) الماضي، فيما وصل معدل البطالة في روسيا إلى أدنى مستوى له بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. 

خسارة رأس المال البشري كارثة اقتصادية 

وقال المتخصص في الشأن الاقتصادي في معهد فيينا للدراسات الاقتصادية الدولية "فاسيلي أستروف" لصحيفة "وول ستريت جورنال"، "خسارة رأس المال البشري كارثة على الاقتصاد، وذلك إضافة إلى العقوبات"، وأضاف "إن خسارة المتعلمين والقوى العاملة الماهرة ستؤثر في الإمكانات الاقتصادية لسنوات مقبلة". 

وتتقاطع اليوم ندرة العمال مع الاقتصاد الروسي مع اضطرار الشركات التي تتنافس على مجموعة أصغر من الموظفين المتاحين إلى رفع الأجور، مما يضر بأرباح الشركات ويعرض خطط الاستثمار للخطر، في وقت حذر البنك المركزي الروسي من أن ارتفاع الأجور يؤدي بدوره إلى ارتفاع التضخم.

وأضر نقص العمالة الكبير بالاقتصاد العالمي منذ الوباء، مما أدى إلى ارتفاع سريع في الأجور وتضخم يصعب احتواؤه، فيما تبرز مشكلات روسيا في هذا الجانب مدفوعة بعوامل محلية. 

توظيف النساء

وفي منتدى سانت بطرسبورغ الاقتصادي الدولي هذا الأسبوع، المؤتمر الاقتصادي الرائد في روسيا، خصص أكثر من 12 جلسة للمشكلات في سوق العمل.

وقال البنك المركزي إنه وسط ندرة الرجال في سن العمل، تقوم شركات التصنيع بتوظيف النساء والعاملين الأكبر سناً بشكل متزايد. 

وقالت مديرة الموارد البشرية لـشركة توريد مواد البناء والتشطيب "تريد سيستيمز تيكنونيكول" يوليا كوروشكينا، إن الشركة تفتقد موظفين مبتدئين وذوي خبرة، ورداً على ذلك خفضت الشركة متطلبات بعض ملفات تعريف الوظائف، وزادت العمل عن بعد والأتمتة وقدمت مزيداً من البرامج التحفيزية للعاملين.

وأضافت كوروشكينا "نحن نتعلم أن نفعل أقصى ما يمكن باستخدام أقل الموارد".

الاقتصاد الروسي قاوم الركود

ومنذ فرض عقوبات غربية على روسيا إثر شنها حرباً على الجارة أوكرانيا، قاوم الاقتصاد الروسي حتى الآن التوقعات بحدوث ركود عميق، مدعوماً بمكاسب غير متوقعة من مبيعات النفط والغاز، وتحفيز حكومي وافر وقدرته على إيجاد حلول بديلة، لكن الانخفاض الحاد في عائدات الطاقة هذا العام، والتأثير المتزايد للعقوبات التكنولوجية وانزلاق الدولة نحو العزلة الاقتصادية ينذر بمستقبل مضطرب.

في حين يقول المسؤولون الروس إن استنزاف العمال يضر أيضاً بالنمو الاقتصادي. 

قالت محافظ البنك المركزي إلفيرا نابيولينا الجمعة الماضي، "مثل هذا الوضع في سوق العمل يمثل قيداً كبيراً أمام مزيد من التوسع في الإنتاج".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشارت إلى النقص في بناء الآلات والتعدين واستغلال المحاجر، وهي صناعات حيوية لما تحتاج إليه روسيا في ساحة المعركة في أوكرانيا. 

وكان الرئيس بوتين قال خلال جولة في مصنع للطائرات في مدينة أولان أودي بشرق سيبيريا في مارس (آذار) الماضي إن الافتقار إلى المتخصصين المؤهلين تأهيلاً عالياً يعوق الإنتاج العسكري، وأضاف "نحن ندرك أن عديداً من الشركات تعمل الآن عملياً في ثلاث نوبات وهناك نقص في المتخصصين، وبخاصة المتخصصون المؤهلون تأهيلاً عالياً". 

أكثر من مليون غادروا روسيا منذ الحرب 

يقول الاقتصاديون إن أكثر من مليون شخص غادروا روسيا منذ الحرب العام الماضي على رغم عودة بعض هؤلاء، فيما تصنف حركة الناس ضمن أكبر موجات الهجرة في تاريخ البلاد، جنباً إلى جنب مع فترة ما بعد ثورة 1917 وانهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991، كما انتعشت الهجرة بعد أن بدأت ولاية بوتين الثالثة في عام 2012. 

في حين تضيف عمليات المغادرة إلى الاتجاهات الديموغرافية السلبية التي ابتليت بها روسيا منذ فترة طويلة، بما في ذلك انخفاض الخصوبة وشيخوخة السكان وارتفاع معدلات الوفيات، وتقدر الأمم المتحدة أن عدد سكان روسيا البالغ نحو 145 مليون نسمة قد يتقلص بأكثر من الخمس بحلول نهاية هذا القرن. 

وساعدت هجرة العمالة إلى روسيا وبخاصة من الدول المجاورة في آسيا الوسطى جزئياً في سد الفجوات، بينما زاد عدد العمالة الوافدة إلى البلاد العام الماضي، وانخفض عدد المتخصصين الأجانب المؤهلين تأهيلاً عالياً بنسبة 29 في المئة، وفقاً للبنك المركزي. 

وفي الربع الأخير من العام الماضي كان هناك 2.5 فرصة عمل لكل باحث عن عمل، وهي أعلى نسبة منذ عام 2005، وفقاً لشركة "فين إكسبيرتيزا"، التي أبلغت أن نحو 35 في المئة من شركات التصنيع تواجه نقصاً في الموظفين في أبريل (نيسان)، وهي أعلى قيمة منذ عام 1996 في المسوحات الشهرية التي أجراها "معهد غيدار الروسي للسياسة الاقتصادية". 

وقالت مديرة الموارد البشرية مارينا بيتوهوفا للصحيفة إن شركتها العاملة في مجال تصنيع المعدات الكهربائية "إي إف كي" تواجه صعوبة في العثور على المهندسين والمصممين ومديري المنتجات، وقامت الشركة بزيادة التدريب والحوافز للعمال والتعيين في جميع الفئات العمرية، بما في ذلك المتقاعدين.

وأضافت "نقص العمالة يؤثر في القدرة على إطلاق منتجات جديدة للشركة والإنتاجية وجودة المنتج، مما يؤثر في المبيعات والعلامة التجارية للشركة". 

ويعاني اليوم أكثر من نصف الشركات نقصاً في الموظفين في مجال تكنولوجيا المعلومات، في حين تضاعف الوقت الذي يستغرقه العثور على مرشح مناسب تقريباً، وفقاً لدراسة أجرتها في أبريل من قبل شركة الاستشارات "ياكوف" ومقرها موسكو. 

وقالت رئيسة قسم التحليل في" أتش إتشدوت آر يو" ناتالياً دانينا، "أصبح العثور على موظفين ذوي خبرة أكثر صعوبة، بالتالي هذا الوضع يؤدي حتماً إلى انخفاض في إنتاجية الشركة ككل".

اقرأ المزيد