Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بيار رباط: منصات التواصل الاجتماعي ادخلت المشاهد في اللعبة... ولن تطيح التلفزيون

السوشيل ميديا والشاشة الصغيرة في معركة مفتوحة

الأعلامي بيار رباط مع نانسي عجرم في برنامج "منا وجر" (يوتيوب)

بعدما احتلّت وسائل التواصل حيّزاً كبيراً من حياتنا، هل بات ممكناً الإعلان عن موت التلفزيون؟ قد يبدو السؤال قاسياً لكنّه مشروع أمام حقائق توثّقها دراسات عالمية عن ارتفاع هائل في نسب مستخدمي مواقع التواصل، مقابل تراجع كبير في أعداد متابعي التلفزيون. وقد أثبتت تقارير عالمية ابتعاد فئة الشباب، وخصوصاً بين 17 و24 سنة، عن التلفزيون لمصلحة السوشيل ميديا، التي تجاوزت دورها الأساس كمساحة افتراضية للنقاش واللقاء، كي تصبح بديلة من التلفزيون.

ولأنّ المواقع التواصلية متاحة أمام المتابع أينما كان وفي أي وقت شاء، تمكنت من أن تستحوذ على نسبةٍ أعلى من وقته، مقارنةً بالفترة التي قد يمضيها هذا المتابع أمام التلفزيون. من دون أن ننسى أنّ السرعة في إيصال الخبر والسهولة في الانتقال من محتوى إلى آخر، أسهمتا في اعتماد الشباب على هذه المواقع بصورة أكبر من التلفزيون. 

تواصل ام انقطاع؟ 

ومع أنّ كثيرين يتحدّثون عن حرب راهنة بين وسائل التواصل والتلفزيون، نسمع صوتاً آخر يُرجّح وجود علاقة تواصل وتكامل بين الجهتين. أمّا موقف العالم العربي تجاه هذه العلاقة الإشكالية فما زالت مبهمة. المجتمع منغمس في منظومة السوشيل ميديا، غير أنّ التلفزيون مازال حاضراً بقوة. ولعلّ المتابع العربي قد توصّل إلى تصوّر أقلّ تصلباً مما وصلنا حول صراع تقوده المواقع التواصلية بهدف إزاحة التلفزيون، أو ربما إزالته بطريقة تدريجية. وهذا التصوّر نابع من اهتمام المتابع العربي- أولاً- بالمحتوى التلفزيوني المنقول على السوشيل ميديا. وهذا الأمر أسهم في إخضاع البرامج التلفزيونية لسلطة مواقع التواصل التي تضمن لأي برنامج متابعات مليونية ومشاركات حيّة عبر التعليق أو الإعجاب.

وللتوغّل أكثر في إشكالية العلاقة بين هاتين المنظومتين، التقينا الإعلامي اللبناني بيار رباط، ليس بوصفه مقدّماً تلفزيونياً فقط، وإنما كمنتج منفّذ ومسؤول عن شراء البرامج الأجنبية في قناة "أم تي في"، إضافة إلى أنه صانع محتوى وناشط على السوشيل ميديا. وفي مطلع حوارنا، أكّد بيار ربّاط أنّه يرى الأمر بمنطق تكامل الأضداد بدلاً من صراعها. وهو يرى أنّ النمط الإعلامي السائد يفرض باراديغم تنافسياً- تحاورياً بين الطرفين. وهذا يعني أنّ مواقع التواصل اتخذت شكلاً محورياً في زمننا، في حين أنّ التلفزيون سيبقى ثابتاً أيضاً في حياتنا. ومن ثمّ أضاف في هذا السياق: "وسائل التواصل، على الرغم من رواجها وانتشارها بين الناس، لا يمكن أن تلغي التلفزيون أو أن تُسيطر عليه. جهاز التلفزيون موجود في كل منزل، ولا أحد يستغني عنه لأنّه من الثوابت. ولعلّ محتوى السوشيل ميديا يقوم في كثير من الأحيان على ما تعرضه القنوات التلفزيونية، فتغدو الصفحات الافتراضية بمثابة ساحة تلتقي فيها ردود الأفعال والسجالات حول برنامج هنا أو مسلسل هناك. التكنولوجيا تتغيّر لكنّ نشرات الأخبار والمسلسلات والحوارات والبرامج ستسمرّ".

الاحصاء التلفزيوني

وحول سؤالنا ما إذا باتت وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة لتحديد نجاح برنامج تلفزيوني من عدمه، أجاب ربّاط بالقول: "ربما هذا في لبنان فقط، لأنّ فكرة الإحصاء التلفزيوني مرتبطة حصراً بشركة أو شركتين، في حين أنّ الدول المتطورة تعتمد أجهزة تلفزيونية تعمل بنظام الكابل، ما يجعل من عملية الإحصاء أسهل وأدقّ. فإذا افترضنا أنّ ثمّة ثلاثين مليون شخص يملكون تلفزيوناً بالكابل، فمن البديهي معرفة عدد المشاهدين بطريقة دقيقة وعلمية. أمّا نحن، فالأمر مختلف لدينا، وهناك الكثير من علامات الاستفهام حول صدقية شركات الإحصاء. ولأننا بحاجة إلى رقم محدّد نبني عليه، أصبح التوجّه نحو وسائل التواصل التي يمكن اعتبارها مصدراً ثانياً، لكونها تمنح رؤية معينة عن مدى التفاعل مع هذا البرنامج أو ذاك، فتمنحنا فكرة عن نجاح البرنامج أو إخفاقه".

وردّاً على سؤال حول اهتمامه المبالغ بالتفاعل الإلكتروني وتركيزه على مسألة "التراند" والرقم واحد خلال حلقات برنامجه "منّا وجرّ" (أم تي في)، أجاب بيار رباط قائلاً: "برنامجي هو الوحيد (من فئته) الذي يتم تصويره مباشرةً على الهواء، ولهذا لا أستطيع منع نفسي من الاحتفال بنجاح الحلقة كلّما عرفت أنها تحصد أعلى نسب المشاهدة، خصوصاً أنّني أرغب دائماً في أن أكون بمستوى عالٍ يُرضيني ويُرضي المتابعين الأوفياء لبرنامجي منذ أربعة مواسم. ولا أخفيك أنني قبل كل حلقة أكون متحمساً لاكتشاف حجم المتابعة وردود الأفعال، لذلك أصرّ على معرفة حجم المشاهدات وتعليقات الجمهور بغية تصويب أدائي أو الإبقاء عليه، وهذه لذّة التصوير المباشر الذي يتيح لك الشعور بالتفاعل الحيّ تماماً كممثل مسرحي يشحن طاقته ويرتجل أسلوبه الخاص بناءً على ما يستشعره من الجمهور الحاضر في الصالة". ويُكمل رباط حديثه بالقول: "إنّ وسائل التواصل جعلت من الجمهور جزءاً من اللعبة التلفزيونية. فالمشاهد لم يعد رقماً، وإنما صار شريكاً متفاعلاً يتدخّل في ما يراه، يُعطي رأيه مباشرةً، يُثني وينتقد من دون أن يُكمّم صوته أحد. وعلى هذا الأساس أتعامل مع مشاهدي برنامجي. هم جزء من عائلة "منا وجرّ"، أسمعهم وأهتم بآرائهم وهم بدورهم يعرفون كلّ شخص منا ويلعبون معنا ويُشاركوننا في التسلية والنقاشات أحياناً".

بيار ربّاط من الشخصيات المؤثرة في وسائل التواصل، وتحديداً في إنستغرام، بحيث يتابعه مئات الآلاف على صفحته الرئيسة وصفحته المتخصصة بالطعام "ذا فايمس ريسيبي"، إلا أنّه يحرص دائماً على تغييب صورة النجم التلفزيوني لتحلّ مكانها صورة بيار الزوج والأب ورجل الأعمال. لماذا إذاً الفصل بين الشخصيتين، التلفزيونية والافتراضية؟ عن هذا السؤال، يجيب رباط قائلاً: "أنا لم أستخدم التلفزيون يوماً لكي أسوّق ما أقوم به على إنستغرام. أنا أفصل بين المنصتين، بمعنى أنني أقدّم عملين مستقلين بشخصية واحدة. وأظنّ أن السوشيل ميديا ساعدتني في تقليص المسافة بيني وبين الجمهور الذي وجد أنني شخص واحد على الشاشة وعلى إنستغرام. ومع أنني لا اهتم البتّة بأرقام المتابعين، أجدني مهتماً بتقديم محتوى حقيقي ومفيد. أنا أستخدم إنستغرام كمنصة تسويق لماركات يمكن أن أدعمها بطريقة طبيعية ومقنعة، بعيداً من الكذب والمبالغة". 

وفي ختام حديثنا معه، سألنا بيار رباط عن استعداده للموسم الخامس من برنامجه "منّا وجرّ"، فأجاب أنّ استمرار البرنامج يعني نجاحه وقدرته على جذب المشاهدين على مدار سنوات، مع حرصه الدائم على إدخال عناصر جديدة وفقرات مختلفة قد تنعش البرنامج من دون المساس بروحه.  

المزيد من فنون