Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القاهرة تطمئن الأسواق: لا خفض وشيكاً للجنيه

وسط ترشيد فاتورة الاستيراد وزيادة قيمة الصادرات لتعزيز حصيلة العملة الصعبة

الرئيس المصري استبعد إجراء تعويم جديد للجنيه (رويترز)

ملخص

الرئيس المصري أكد أنه لن يقبل بأن يكون تأثير مرونة سعر الصرف على حساب المواطن.

في رسالة إيجابية قوية استبعد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خفض سعر الجنيه في مقابل الدولار، وقال إن "شريحة كبيرة تطالب بمرونة سعر الصرف ونحن مرنون فيه، لكن عندما يتعلق الموضوع بالأمن القومي والشعب المصري فإن ذلك لن يحدث".

تأتي تصريحات الرئيس المصري في وقت تحتاج السوق المحلية إلى رسالة طمأنة، وفيما تشير البيانات والأرقام إلى قدرة مصر على الخروج من الأزمة الحالية، بخاصة وأنها "موقتة"، لكن وكالات التصنيف الائتماني تحاول الضغط على الحكومة والبنك المركزي في مصر لإقرار خفض جديد بقيمة العملة في مقابل الدولار الأميركي.

وتترقب مصر في الوقت الحالي قيام صندوق النقد الدولي بإجراء أول مراجعة لبرنامج التمويل الذي تم الإعلان عنه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بقيمة 3 مليارات دولار، وحصلت مصر بالفعل على الشريحة الأولى.

وفي الوقت نفسه تعمل الحكومة بشكل مكثف على إتمام برنامج الطروحات الحكومية الذي يعد أحد الأدوات الفاعلة في مواجهة أزمة شح الدولار.

وقال السيسي خلال المؤتمر الوطني للشباب بالإسكندرية، "نحن مرنون في سعر الصرف لكن عندما يتعرض الموضوع لأمن مصر القومي، وأن يكون هناك مزيد من الضغوط على الشعب المصري فلن نقبل بذلك، وعندما يكون تأثير سعر الصرف على حياة المصريين فلن يحدث ذلك أبداً حتى لو تعارض مع بعض الآراء".

وأضاف "كنت وجهت بأن يصل الدعم على المشتقات البترولية إلى صفر، لكن تم التراجع عن ذلك في ارتفاع سعر الصرف، وكل سلعة يتم توفيرها من داخل مصر لن تتأثر أسعارها بتغير سعر صرف الدولار".

وأشار إلى أنه "لا بديل عن العمل على تقليل الفجوة الدولارية، وفي سبيل ذلك قمنا بفتح مزيد من الأسواق، وكنا نشتري الدولار حتى نحافظ على احتياط النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، لكن هذا التوجه كان يتسبب في ارتفاع الديون ولذلك توقفنا عن هذه السياسة، وأصبح البديل تقليل فاتورة الاستيراد وزيادة الصادرات".

تخفيف الضغط

في تعليقه، أشاد نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية لشؤون التنمية الاقتصادية أشرف غراب، بتصريحات الرئيس المصري بتدخل الحكومة في سعر الصرف لتثبيت سعر الدولار، موضحاً أن هذا يؤكد عدم وجود تعويم جديد للجنيه ما دام ذلك يصب في مصلحة المواطن.

وأشار غراب خلال حديثه لـ"اندبندنت عربية" إلى أن هذه التصريحات تؤكد انحياز الرئيس للمواطن المصري، لأن التثبيت منع ارتفاعات جديدة في سعر الصرف ومنع ارتفاعات الأسعار من أجل تخفيف أعباء الأزمة الاقتصادية العالمية وتأثيرها في كل دول العالم ومن بينها مصر، مشيراً إلى أن هذا القرار سيعمل على استقرار سعر السلع في الأسواق خلال الفترة المقبلة.

وأوضح أن تصريحات الرئيس جريئة ومفاجئة للجميع، وهي تصب في مصلحة المواطن والمستثمر، لأنها تؤكد عدم حدوث تعويم جديد للجنيه خلال الفترة المقبلة حتى لا يتسبب ذلك في ارتفاع الأسعار وتأثيره بالسلب وزيادة الأعباء على المواطن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكد أن التصريحات ستنعكس بالإيجاب أيضاً على الأنشطة الاقتصادية لأنها كشفت الضبابية في شأن توقعات سعر الصرف أمام المستثمر وطمأنته، وهذا يؤدي إلى مزيد من ضخ الاستثمارات في مصر خلال الفترة المقبلة.

وأشار إلى أن الاحتياط النقدي من العملة الصعبة يزداد كل شهر، ومن المتوقع أن يزيد دخل مصر من الموارد الدولارية خلال العام الحالي نظراً إلى زيادة الصادرات المصرية وزيادة إيرادات قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين بالخارج والسياحة، موضحاً أن مصر تستورد سلعاً ومنتجات من الخارج بما يقدر بـ 90 مليار دولار سنوياً، وهناك اعتماد كبير على الدولار، وأن أي ارتفاع في سعره سيؤثر في رفع الأسعار، متوقعاً بعد تصريحات الرئيس أن تهدأ السوق السوداء للدولار.

وشدد غراب على ضرورة تقليل فجوة الاستيراد والدولار بتقليل فاتورة الاستيراد عبر تشجيعه على تعظيم الصناعة الوطنية والاعتماد عليها في تصنيع المنتجات التي يمكن تصنيعها محلياً، حتى نمتنع من استيرادها من الخارج ولا تستهلك العملة الصعبة، موضحاً أن الدولة أعدت بالفعل قائمة من المنتجات التي يمكن تصنيعها محلياً وتسعى إلى تصنيعها بالتعاون مع القطاع الخاص وتشجيع الصناعة الوطنية.

سعر صرف مرن

في الوقت نفسه اعتبر بنك "غولدمان ساكس" أن المركزي المصري بحاجة إلى 5 مليارات دولار قبل أن ينتقل إلى سعر صرف أكثر مرونة، وأشار في مذكرة بحثية حديثة إلى أنه لن تكون هناك مرونة في سعر الصرف من دون توفر سيولة نقدية مناسبة.

ويرى البنك الأميركي أن هذا المبلغ يخص متطلبات النظام المصرفي وليس كل حاجات العملة الصعبة في مصر، مضيفاً "سمعنا عن تقديرات بين 15 و18 مليار دولار، منها المتأخرات التي تراكمت على السلطات المصرية لمختلف الموردين".

وأوضح أن أكبر هذه المتأخرات تأتي لمصلحة شركات نفط عالمية، إذ انخفضت المدفوعات الحكومية لهذه الشركات، إن لم تكن توقفت، منذ الحرب الروسية -الأوكرانية.

وأكد البنك أن السلطات المصرية تفضل تنفيذ إصلاحات مثل بيع أصول حكومية لها قبل الانتقال إلى سعر صرف مرن، وقد يقود النشاط الحالي إلى بيع بعض الأصول خلال الأسابيع المقبلة، لكنها ستظل متواضعة بالنظر إلى العوائق الهيكلية.

وفي إطار تمويل الفجوة الدولارية تتحرك الحكومة المصرية بقوة في ملف جذب الاستثمار الأجنبي وإتمام برنامج الطروحات الحكومية، ووفق مصادر مطلعة فإن عدداً من الصناديق السيادية الإماراتية والقطرية أعلنت تطلعها للاستحواذ على مشاريع للطاقة في مصر بقيم تصل إلى 3 مليارات دولار.

وتعتزم الحكومة المصرية عرض عدد من أصول محطات الكهرباء والطاقة المتجددة على مستثمرين إستراتيجيين لشراء حصص منها، ومن ضمنها محطة كهرباء بني سويف التي نفذتها شركة "سيمنس" الألمانية، ومجمع محطات طاقة رياح الزعفرانة وجيل الزيت.

وعقدت الحكومة مناقشات طوال الشهرين الماضيين مع عدد من الصناديق السيادية العربية لبحث الاستثمار في عدد من المجالات بمصر، وسبل الاستحواذ على مشاريع حكومية مطروحة، وعلى رأسها الطاقة والسياحة والبتروكيماويات، على أن يتم استكمال المحادثات خلال الشهر الجاري.

وعبر أكثر من إجراء تسعى مصر إلى تعزيز تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال الفترة الحالية، إذ تواجه أزمة نقص عملة، كما تسعى إلى العودة لمسار برنامج صندوق النقد الدولي. وتستهدف الحكومة طرح بعض الأصول الحكومية أمام القطاع الخاص للاستحواذ على نسب منها، وتقدر الحكومة قيمة هذه الأصول بنحو 40 مليار دولار يجري طرحها على مدار أربع سنوات بمتوسط 10 مليارات دولار كل عام.