Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما أبرز التعديلات الدستورية الأميركية ولماذا تثير الجدل أحيانا؟

تحذيرات من شلل مؤسسي في الحكم إذا توقفت القدرة على التغيير

قام واضعو الدستور الأميركي بتشكيل طريقة محددة في الوثيقة نفسها من شأنها أن تسمح للهيئات التشريعية في الولايات وأعضاء الكونغرس في المستقبل بإجراء مزيد من التغييرات (أ ف ب/ غيتي)

ملخص

عندما تمت صياغة الدستور الأميركي تم تحديد طريقة الحكومة التي من شأنها أن تسمح بتمثيل الشعب من أجل الشعب لتكوين اتحاد فيدرالي أكثر كمالاً

في ربيع 1787 انتصرت الثورة الأميركية، لكن لم يكن هناك تصور محدد حول كيفية حكم الأمة الناشئة، إذ لم يكن هناك رئيس تنفيذي، ولا اتفاق بشأن الضرائب أو كيفية تحصيلها، بينما كانت البلاد تتأرجح على حافة الفوضى، لكن إقرار الدستور الأميركي كان أشبه بمعجزة لأنه أنقذ الولايات المتحدة بحسب ما يقول المؤرخون، ومع ذلك اضطرت الأجيال التالية إلى إضافة 27 تعديلاً دستورياً، فما سبب هذه التعديلات ولماذا تثير الجدل أحياناً بما في ذلك التعديل 14 الذي أثير قبل أيام لإنقاذ الولايات المتحدة من التخلف عن سداد ديونها؟

الغرض الأصلي من الدستور

عندما تمت صياغة الدستور الأميركي للمرة الأولى عام 1789، حدد طريقة الحكومة التي من شأنها أن تسمح بتمثيل الشعب من أجل الشعب بهدف تكوين اتحاد فيدرالي أكثر كمالاً، لكن في حين أن العديد من العقول العظيمة التي شاركت في وضع الدستور كانت لديها نوايا حسنة، إلا أنها فشلت في التفكير في ما سيحدث إذا وقعت السلطة في الأيدي الخطأ ولم تدوّن الحريات الفردية لكل مواطن بشكل صريح.

غير أنه خلال المؤتمر الدستوري، تحدث ثلاثة أعضاء مشهورين هم جورج ميسون وإلبريدج جيري وإدموند راندولف عن الافتقار إلى الحريات المدنية التي تم تسويتها في الوثيقة، وأصبح من الواضح أن هناك حاجة إلى كتابة إضافية لترسيخ حقوق المواطنين الأفراد.

وللقيام بذلك، قام واضعو الدستور بتشكيل طريقة محددة في الوثيقة نفسها من شأنها أن تسمح للهيئات التشريعية في الولايات وأعضاء الكونغرس في المستقبل بإجراء مزيد من التعديلات أو التغييرات، وكان أول عمل لهم هو وثيقة الحقوق التي أقرت في ديسمبر (كانون الأول) عام 1791، والتي تتضمن التعديلات الدستورية من واحد إلى 10 التي ضمنت العديد من الحقوق الفردية والامتيازات التي يتمتع بها المواطنون الأميركيون اليوم مثل التعديلين الأول والثاني المعروفين جيداً بسبب انتشار النقاش حولهما في وسائل الإعلام اليوم.

ما الغاية من التعديلات؟

كان الآباء المؤسسون للولايات المتحدة حكماء بما يكفي لإدراك أنهم لا يستطيعون التنبؤ أو فهم المشكلات التي ستواجه الأجيال المقبلة، ولكي يكون الدستور دائماً، يجب أن يكون قابلاً للتكيف مع العصر حتى يتمكن المشرعون من وضع قوانين جديدة لمصلحة جميع المواطنين الأميركيين.

ويقول روبرت ناتلسون أستاذ القانون الدستوري والخبير القانوني في مؤسسة "هيرتاج" إن الآباء المؤسسين حددوا أربعة أسباب للتعديلات، أولها تمكين الشعب الأميركي من معالجة الخلل الحكومي وسوء المعاملة، وثانيها تصحيح أوجه القصور في صياغة الدستور الأصلي من خلال التعديلات، وثالثها الاستجابة للتطورات الجديدة، ورابعها حل الاختلافات في تفسير النص الأصلي للدستور، مثلما ألغى التعديل الـ 11 الصادر عام 1795 قراراً للمحكمة العليا بسبب تفسيرها الذي غيّر من فهم الدستور وأعاد التعديل المعنى الأصلي.

كيف تصبح التعديلات جزءاً من الدستور؟

تم الاحتفاظ بإمكانية إضافة تعديل على الدستور كجزء من الوثيقة الأساسية لغرض واضح وهو السماح للقائمين على أفرع الحكم في المستقبل بتعديله بحسب الضرورة، ولهذا تأكدوا من أن العملية يمكن أن تكون بسيطة نسبياً، ولكنها تتطلب تعاوناً وتوافقاً كبيرين من أفرع الحكم الفيدرالية والمحلية في الولايات للتقدم إلى الأمام وتمرير التعديلات، وحتى اليوم، يظل نظام تعديل الدستور الأميركي كما هو حيث يجوز لأعضاء الكونغرس اقتراح تعديل دستوري، لكن يجب الموافقة على الاقتراح بغالبية ثلثي الأصوات في مجلسي النواب والشيوخ، تليها موافقة المجالس التشريعية في ما لا يقل عن ثلاثة أرباع الولايات (أي 38 ولاية من إجمالي 50)، كما يجوز تعديل الدستور إذا طلب ثلثا الولايات ذلك من خلال مؤتمر دستوري تتم الدعوة إليه لهذا الغرض، ويجب بعد ذلك أن يتم التصديق على التعديل من قبل ثلاثة أرباع المجالس التشريعية للولايات.

كما يمكن إلغاء أي تعديل دستوري قائم، ولكن فقط بالتصديق على تعديل آخر، نظراً لأنه يجب اقتراح إلغاء التعديلات والمصادقة عليها من خلال إحدى الطريقتين السابقتين للتعديلات العادية، ولذلك فهي عملية نادرة جداً ولم تحدث سوى مرة واحدة فقط.

ويوجد حالياً 27 تعديلاً دستورياً، العديد منها مهم للغاية، مثل التعديل الـ 13 الذي أنهى العبودية والتعديل الـ 19 الذي أعطى المرأة حق التصويت.

هل الأميركيون عالقون في الدستور؟

ومع ذلك، يرى بعض فقهاء القانون الدستوري أن عملية تعديل الدستور الأميركي هي الأصعب في العالم لأنها تتطلب توافر غالبية عظمى في جميع أنحاء البلاد، وهذا ما يفسر أنه من بين نحو 12000 مقترح تعديل دستوري منذ تأسيس الولايات المتحدة، تم تبني 27 تعديلاً فقط، ما يعني إقرار تعديل واحد كل 13.5 سنة في المتوسط، من دون احتساب وثيقة الحقوق، التي تم تبنيها كصفقة شاملة بعد وقت قصير من التصديق على الدستور الأصلي، ويرى هؤلاء أن الآباء المؤسسين فشلوا في توقع الصعود السريع للأحزاب السياسية الوطنية، الذي تبلور حتى قبل مغادرة الرئيس الأول جورج واشنطن منصبه، ما جعل من الصعب إن لم يكن من المستحيل على الناس أن يجتمعوا لدعم إصلاحات منهجية كبرى.

وبعد نصف قرن من آخر تعديل دستوري، توقف هذا التطور، مع عدم وجود أي احتمال للإصلاح في المستقبل المنظور في ظل الانقسام الواسع بين الجمهوريين والديمقراطيين، في وقت تواجه الأمة سؤالاً مقلقاً وهو: هل أصبح الأميركيون عالقون مع الدستور كما هو الآن؟ وماذا يعني ذلك في المستقبل؟

إغلاق صمام الإصلاح والتكيف

ونتيجة لإغلاق الصمام الرئيس للإصلاح والتكيف المتمثل في التعديلات الدستورية، تحولت المناقشات حول الدستور من الناس، الذين ينبغي أن يقودوها، إلى المحاكم الفيدرالية والمحكمة العليا في المقام الأول، وتشير أستاذة القانون بجامعة "جنوب كاليفورنيا" فرانيتا تولسون إلى أن اعتماد المحاكم أصبح شائعاً للقيام بما لا تستطيع عملية التعديل الدستوري القيام به، وقد لا يبدو هذا كصفقة سيئة عندما كانت المحكمة تحمي الناخبين وترسي المبادئ، لكن من الخطورة دائماً ترك الكثير من الدستور تحت رحمة زمرة صغيرة من القضاة يمارسون سلطتهم مدى الحياة، ويحذر أستاذ القانون في جامعة "كورنيل" عزيز رانا من أنه عندما يمارس عدد قليل جداً من الأشخاص هذه السيطرة الضخمة على شكل واتجاه الدستور، تصبح المعارك حول من سيحصل على هذه الوظيفة صراعاً وحشياً، كما حدث في العقود الأخيرة.

وعلى رغم وجود سبيل آخر للإصلاح منصوص عليه في المادة الخامسة من الدستور، وهو عقد مؤتمر دستوري جديد، يمكن إطلاقه بموافقة ثلثي الولايات بما يسمح بالتصويت المباشر على التعديلات، من دون الحاجة إلى المرور عبر الكونغرس، إلا أن المحاولات العديدة التي بذلت للدعوة إلى مؤتمر دستوري جديد، لم ينجح أي منها حتى الآن.

مخاوف المستقبل

ويحذر خبراء القانون من أنه إذا لم يكن من الممكن تغيير الدستور للتكيف مع الاحتياجات الحديثة وأصبحت المحكمة العليا قوية للغاية ومسيسة للغاية، فإن النظام السياسي يبدأ في الانهيار، ويخشى عزيز رانا أن يدخل نظام الحكم الأميركي حالة من الشلل المؤسسي تفشل في معالجة العديد من المشكلات الاجتماعية الهائلة.

وفي نظام فاعل، يستمع القادة السياسيون إلى آراء الغالبية ويحولون تلك الآراء إلى سياسات فعالة، لكن ما تشهده أميركا الآن هو الشلل والاستياء الشعبي الذي يغذي أنواعاً مختلفة من الحركات السياسية المدمرة، وهناك قصة شائعة تقول إن تدهور الإمبراطوريات العظيمة يبدأ عندما تكون المؤسسات غير قادرة على معالجة المشكلات الاجتماعية الأساسية التي تواجه المجتمع.

أبرز التعديلات الدستورية

ومع ذلك، تظل التعديلات الدستورية التي تم تمريرها منذ تأسيس الولايات المتحدة دليلاً شاهداً على المرونة والتعاون وعمل السياسيين لمصلحة بلدهم، فبعد كتابة دستور الولايات المتحدة في عام 1787 من قبل 55 مندوباً في مؤتمر دستوري، كان الغرض منه مراجعة مواد الكونفيدرالية الأضعف التي جمعت الولايات الـ 13 معاً بعد حصولها على الاستقلال عن بريطانيا، وجادلت الولايات بأن هناك افتقاراً إلى الحقوق والحريات الفردية في الدستور، لذلك صاغ جيمس ماديسون مجموعة من التعديلات لإضافتها إلى دستور الولايات المتحدة، وبحلول يونيو (حزيران) 1789، قدم ماديسون 12 تعديلاً، تم تمرير 10 منها فقط والتصديق عليها في عام 1791 بصفتها وثيقة الحقوق.

ومنذ ذلك الحين، تم تمرير 17 تعديلاً آخر والتصديق عليها من خلال العملية المنصوص عليها في المادة الخامسة من دستور الولايات المتحدة، وتم اقتراح تعديل إما بغالبية ثلثي الأصوات في الكونغرس أو عبر مؤتمر وطني لثلثي الولايات.

وثيقة الحقوق

وتم تصميم التعديلات الـ 10 الأولى لحماية الحرية من خلال منع الانتهاكات الحكومية، غير أن التعديل الأول والثاني يكتسبان الشهرة الأوسع كونهما محل جدل في المجتمع، ويختص التعديل الأول بحماية حرية التعبير ويحدد خمس حريات أساسية، هي حرية الدين، وحرية التعبير، وحرية الصحافة، وحرية التجمع السلمي، وحرية تقديم التماس للحكومة، ولا يجوز للكونغرس أن يضع أي قانون يقيّد أو يحد هذه الحريات، ما يضمن للأفراد التفكير والتحدث والتصرف من دون خوف من التعرض للعقاب لمخالفتهم للحكومة.

ولا يزال التعديل الأول إلى حد كبير في قلب الخطاب السياسي الأميركي اليوم، من التساؤل عما إذا كانت روبوتات "تويتر" تتمتع بحقوق التعديل الأول أم لا، إلى ما إذا كان البيت الأبيض ينتهك الدستور إذا منع مراسل صحافي من المشاركة في حضور الفعاليات الصحافية.

وفي ذروة "كوفيد-19" حاول المسؤولون الحكوميون والمحليون إغلاق دور العبادة الدينية بينما تركوا متاجر الأواني ومحلات بيع الخمور مفتوحة، ولهذا طبقت المحكمة العليا التعديل الأول للدفاع عن الحرية الدينية.

أما التعديل الثاني فيتعلق بالحق في حمل السلاح والاحتفاظ به، كما يسمح بتشكيل الميليشيات المنظمة بشكل جيد، لكونها ضرورية لأمن الولايات، لكن هذا التعديل أصبح أحد أكثر التعديلات تسييساً بخاصة بعد عام 2008، حينما حكمت المحكمة العليا بأن للمواطنين الأميركيين حقاً دستورياً في الاحتفاظ بمسدس في المنزل للدفاع عن النفس، غير أن صياغة الحكم أثارت جدلاً آخر كونها طالبت بعدم التشكيك في المحظورات القائمة على حيازة المجرمين والمصابين بأمراض عقلية الأسلحة النارية، أو القوانين التي تحظر حمل الأسلحة النارية في أماكن حساسة مثل المدارس والمباني الحكومية، أو القوانين التي تفرض شروطاً ومؤهلات على البيع التجاري للأسلحة.

غير أن بقية التعديلات في وثيقة الحقوق لا تثير كثيراً من الجدل الآن على رغم أنها تقيد الحكومة الفيدرالية في كثير من الأمور إذ يحظر التعديل الثالث إجبار المواطنين على توفير سكن للجنود، وينص التعديل الرابع على أنه لا يجوز انتهاك حق الأشخاص في أن يكونوا آمنين في أشخاصهم ومنازلهم وأوراقهم، ضد عمليات التفتيش والمصادرة غير المعقولة من الحكومة، بينما يشير التعديل الخامس إلى أنه لا يجوز تحميل أي شخص مساءلة عن جريمة كبرى، ما لم يتم تقديم لائحة اتهام من هيئة محلفين كبرى، ولا يجوز إجباره في أي قضية جنائية على أن يكون شاهداً ضد نفسه، ولا يُحرم من الحياة أو الحرية أو الممتلكات من دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، في حين يتضمن التعديل السادس الحق في محاكمة سريعة، ويتعامل التعديل السابع مع المحاكمات أمام هيئة محلفين للقضايا المدنية، كما يمنع التعديل الثامن الحكومة من فرض عقوبات قاسية وغير عادية على المتهمين الجنائيين، وينص التعديل التاسع على أن للناس حقوقاً إضافية، حتى لو لم تكن مدرجة في دستور الولايات المتحدة، بينما يساعد التعديل الـ 10 في إبقاء الحكومة الفيدرالية محدودة.

التعديل 11

تم اعتماده في السابع من فبراير (شباط) 1795 وجاءت كتابة هذا التعديل كرد مباشر على قضية نزاع في المحكمة بين شخص وولاية جورجيا بشأن شؤون مالية، وأزال هذا التعديل الولاية القضائية الفيدرالية في الحالات التي يحاول فيها مواطنو ولاية أو دول أجنبية مقاضاة ولاية أخرى.

تعديلات طريقة الانتخاب

تتعلق التعديلات الدستورية 12 و17 و20 و22 و25 و27 بطريقة انتخاب الرؤساء وأعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء الكونغرس، إذ غيّر التعديل الـ 12 الطريقة التي تم بها انتخاب الرئيس ونائب الرئيس، وكان الشخص الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات يصبح رئيساً في نهاية الانتخابات، بينما يصبح الثاني نائباً للرئيس، ونجح هذا المنطق حتى انتخابات عام 1796 عندما تم اختيار المرشح الفيدرالي جون آدامز كرئيس للولايات المتحدة، وأصبح منافسه توماس جيفرسون نائباً للرئيس، ولأن الكونغرس كان يخشى أن يكون هذا النوع مصدر إلهام لانقلابات مستقبلية يثور فيها نائب الرئيس ضد الرئيس ليحل محله، فقد تم تعديل البند، وبدلاً من الإدلاء بصوتين لمنصب الرئيس، أصبح الناخبون يدلون بصوت واحد للرئيس وآخر لنائب الرئيس.

ونص التعديل الـ 17 الذي اعتمد في الثامن من أبريل (نيسان) 1913 على الانتخاب المباشر لأعضاء مجلس الشيوخ عن طريق التصويت الشعبي، وذلك بفضل جهود التقدميين، فقد كان أعضاء مجلس الشيوخ ينتخبون من قبل المجالس التشريعية في ولاياتهم وجادل التقدميون بأن هذا يؤدي إلى فساد تشريعي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واختصر التعديل الـ20 الذي اعتمد في 23 يناير (كانون الثاني) 1933 المدة الزمنية بين يوم الانتخابات وبداية فترات الرئاسة والكونغرس، إذ نص الدستور في الأصل على أربعة أشهر من الوقت بين الانتخابات والخدمة الفعلية، تمتد من انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) وحتى الرابع من مارس (آذار)، وسمح هذا للقادة الجدد بالحصول على وقت كافٍ للاستعداد لتغيير كامل في نمط حياتهم، ومع مرور الوقت، أصبح الوصول إلى وسائل النقل والتكنولوجيا أكثر سهولة، ولم يعد هذا الفاصل الزمني ضرورياً.

لكن التعديل 22 الذي تم اعتماده في 27 فبراير 1951، حدد فترة ولاية الرئيس بدورتين رئاسيتين فقط، خشية أنه إذا تجاوز أي رجل فترتين في المنصب، فسوف يمنحه ذلك الفرصة ليصبح طاغية، وهو واحد من الأشياء التي كانوا يحاولون تجنبها، ولهذا لم يرغبوا في ترك الكثير من السلطة في يد شخص واحد.

وبينما سعى عدد قليل من الرؤساء إلى ولاية ثالثة، ولم ينجحوا مثل يوليسيس غرانت وثيودور روزفلت وودرو ويلسون، لم يكن للولايات المتحدة رئيس خدم ثلاث فترات حتى وصل فرانكلين روزفلت الذي انتخب لدورة رابعة، لكنه توفي في المنصب قبل اكتمالها.

غير أن التعديل الـ25 الذي اعتمد في 10 فبراير 1967، عالج مسألة الخلافة في الرئاسة وفي مكتب نائب الرئيس، وكانت هذه المسألة مطروحة على الطاولة في الكونغرس لبعض الوقت، ومع حدوث المزيد من حالات شغور منصب الرئاسة ونائب الرئيس حتى وصلت إلى 16 مرة بسبب وفاة أو استقالة أي من الرئيس أو نائب الرئيس، أصبحت القضية ذات أولوية أعلى.

أما التعديل الـ 27، الذي يمنع الكونغرس من رفع رواتب أعضائه إلى ما بعد الانتخابات التالية، فقد صاغه جيمس ماديسون وأقره الكونغرس في عام 1789، مع وثيقة الحقوق لكنه فشل في الحصول على تصديق في عدد كافٍ من الولايات، وتم نسيانه ما يقرب من 200 عام، حتى كتب طالب جامعي من تكساس ورقة بحثية أشار فيها إلى أن التعديل لا يحتوي على حد زمني وبالتالي لا يزال من الممكن التصديق عليه، وهو ما حدث أخيراً في عام 1992.

تعديلات إعادة إعمار الحرب الأهلية

يشار إلى هذه المجموعة من التعديلات باسم "تعديلات إعادة الإعمار"، إذ تم تبنيها في أعقاب الحرب الأهلية الأميركية، فقد أنهى التعديل 13 للدستور العبودية في الولايات المتحدة، وعلى رغم أن الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس أبراهام لنكولن عام 1863، حرر العبيد في الولايات الكونفيدرالية أثناء الحرب، إلا أنه لم يذهب إلى حد حظر العبودية والعبودية القسرية تماماً حتى صدور التعديل، ومع ذلك، لم يتم إنهاء قضايا العبودية في الولايات وبخاصة في الجنوب، ما أجبر الكونغرس على إضافة تعديلين آخرين، وهما التعديل الـ 14 الذي اعتمد في التاسع من يوليو (تموز) 1868 واشتمل على بند المواطنة وشرط الإجراءات القانونية وشرط الحماية المتساوية، فقد استمر العديد من الأفراد والمنظمات في جميع أنحاء الولايات المتحدة في معاملة الأميركيين السود كما لو كانوا لا ينتمون للبلاد، واستمر لون بشرتهم في جعلهم أدنى بغض النظر عن حرياتهم الدستورية الجديدة.

وتم سنّ التعديل الـ 14 كاستجابة مباشرة للقضايا الخطيرة التي تواجه الرجال والنساء السود الأحرار إذ لم يكن العبيد محميين بموجب الدستور، ولم يكونوا مواطنين أميركيين، وكانت الإجراءات القانونية الواجبة وشرط الحماية المتساوية يحميان حقوق الحياة والحرية والممتلكات لجميع مواطني الولايات المتحدة، لكن بموجب ما يسمى بالقواعد السوداء، لم يكن لدى الرجال والنساء المحررين حديث أي ضمان بعدم مصادرة ممتلكاتهم أو عدم اعتقالهم على أسس تعسفية، ومنحهم بند الإجراءات القانونية الواجبة الثقة في أنهم أيضاً محميون بموجب الدستور، وضمن بند الحماية المتساوية بموجب القانون.

وكان آخر تعديلات إعادة الإعمار، التعديل الـ 15 الذي تم اعتماده في الثالث من فبراير 1870 ومنح جميع المواطنين الذكور في الولايات المتحدة، بغض النظر عن العرق أو اللون أو الحالة السابقة للعبودية الحق في التصويت.

التعديل 16 و18 و21

أعطى التعديل الـ  16 لدستور الولايات المتحدة الذي تم اعتماده في الثالث من فبراير 1913 الكونغرس الحق في تحصيل ضريبة الدخل من دون استنادها إلى عدد السكان في كل ولاية، وكان هذا التعديل هدفاً لقدر كبير من الانتقادات على مدار الأعوام الـ 100 الماضية، بينما حظر التعديل الـ 18 الذي اعتمد في 16 يناير 1919 صناعة الكحول أو شراء المشروبات الكحولية أو بيعها، من دون أن يمنع شرب الكحول، وجاء التعديل نتيجة جهود منظمات مثل الاتحاد النسائي للاعتدال المسيحي وجماعات مسيحية محافظة أخرى تمكنت من إقناع الحكومة الفيدرالية بفساد بيع الكحول، وربطته بتصاعد العنف الأسري والفساد السياسي، لكن صناعة الكحول لم تتوقف بعد سنّ التعديل في عام 1919 بل ذهبت إلى التجارة السرية بخاصة في مدينة نيويورك وشيكاغو التي أصبحت نقطة ساخنة أخرى لتصنيع وبيع الكحول والتي أشرف عليها رجل العصابات الشهير آل كابوني، ومع خروج الجريمة عن السيطرة، وعدم قدرة الشرطة على ضبط الوضع، اقترح الكونغرس واعتمد التعديل الـ 21 الذي تم اعتماده في الخامس من ديسمبر 1933، وقد ألغى هذا التعديل الـ 18 بحظر الكحول، وأصبح هذا هو التعديل الأول، والوحيد حتى الآن، لإلغاء تعديل سابق.

تعديلات حقوق التصويت

منح التعديل 19 المرأة حق التصويت عام 1920 ضمن حركة حقوق المرأة في أوائل القرن الـ 20 والذي جاء بعد 50 عاماً من منح جميع الذكور في الولايات المتحدة حق التصويت، أما التعديل 23 الذي تم اعتماده في 29 مارس 1961، فقد عالج حقوق التصويت للرئيس ونائبه لمجموعة مختلفة من الناس، وهم سكان العاصمة في مقاطعة كولومبيا المعروفة باسم "واشنطن دي سي" بعدما كان الأشخاص الذين يعيشون في واشنطن العاصمة ممنوعين من التصويت لمصلحة الرئيس أو نائب الرئيس، حيث لم يكن لديهم تمثيل في الناخبين.

ويحمي التعديل الـ 24 الذي تم اعتماده في 23 يناير 1964 أصوات الرجال والنساء الأحرار من خلال منع الكونغرس والولايات من فرض ضريبة الاقتراع على التصويت إذ كانت ضرائب الاستطلاع تستخدم بشكل شائع لمنع الأميركيين السود من التصويت، وتزامن توقيت اعتماد التعديل الـ 24 مع حركة الحقوق المدنية في الستينيات، عندما كان الاهتمام ينصب على المعاملة غير المتساوية للمواطنين الأميركيين السود في العديد من الولايات الجنوبية.

ويختص التعديل 26 بحقوق التصويت والذي تم اعتماده في الأول من يوليو 1971 بالتزامن مع اجتياح حركات الاحتجاج الضخمة ضد حرب فيتنام الكليات والجامعات في البلاد، حيث كان يتم تجنيد الرجال في الخدمة حتى قبل أن يصبح من حقهم التصويت في الانتخابات قبل اعتماد هذا التعديل، وبالتالي، حدد التعديل سنّ التصويت بـ 18 سنة، ما منع الكونغرس أو الولايات من تحديد سن أعلى من ذلك.

المزيد من تحلیل