Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معارك افتراضية مفتوحة تصل شرارتها إلى الميدان الحربي في السودان

انقسم رواد مواقع التواصل إلى فريقين فبعضهم يدعو إلى إيقاف المواجهات فيما يحرص آخرون على تأجيجها

الكل يؤكد الاستفادة من الـ "سوشيال ميديا" وتوظيفها في الدعوة إلى التسامح والسلام المجتمعي (رويترز)

ملخص

التحول من تداول الأخبار إلى تجاوزات خطرة مثل بث خطاب الكراهية والتحريض والفتنة وتناقل الإشاعات والمعلومات الكاذبة

بالتوازي مع الحرب الدائرة في العاصمة السودانية الخرطوم بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ الـ 15 من أبريل (نيسان) الماضي، تشهد وسائل التواصل الاجتماعي معارك افتراضية مفتوحة في ساحات المنتديات واشتباكات كلامية من خلال التحشيد والتحشيد المضاد بين طرفي الصراع.

وانقسم رواد مواقع التواصل إلى فريقين، لكل منهما خطاب مختلف، فبعضهم يدعو إلى إيقاف الحرب فيما يحرص آخرون على تأجيجها بإحماء فتيلها وتسريع اشتعالها وانتشار شظاياها على أوسع نطاق يتعدى حدود المنصات إلى الميدان الحربي.

تجاوزات خطرة

رئيس قسم علم الاجتماع في أحد الجامعات السودانية صديق منزول، قال إن "وسائل التواصل الاجتماعي لها دور كبير في تفاقم الحرب في البلاد، بخاصة بعد التحول من تداول الأخبار إلى تجاوزات خطرة مثل بث خطاب الكراهية والتحريض والفتنة، علاوة على العنصرية والجهوية والقبلية، فضلاً عن تناقل الإشاعات والمعلومات الكاذبة وتداول الصور والفيديوهات غير الإنسانية للجثث والجرحى والأطفال والأسرى، وأن هذه الأفعال يمكن أن تسهم في تمدد الحرب نحو أقاليم السودان المختلفة، وكل ما يرد في "فيسبوك" وبدرجة كبيرة "واتساب" غير صحيح، وهو عبارة عن أكاذيب وتلفيق والأخطر من ذلك إثارة النعرات القبلية".

وأضاف أن "غالبية المنصات أصبحت عنصراً هداماً بعد أن قسمت المجتمع إلى فريقين، أحدهما مؤيد للحرب بدافع دعم الجيش بحكم الوطنية، وطرف ثان يدعو لإيقاف الاشتباكات المسلحة لأنها أسهمت في سقوط أكثر من 830 قتيلاً وعشرات الجرحى بحسب لجنة أطباء السودان، إلى جانب تدمير البلاد وتخريب الممتلكات ونهب الأسواق والمنازل وتشريد الآلاف".

وتابع المتخصص في الشأن الاجتماعي، "شخصياً أدعو إلى وقف القتال لأنه لن يحقق نتائج سوى الدمار والخراب، وبالتالي يجب أن يجلس طرفا الصراع إلى طاولة تفاوض لإنهاء هذه الحرب، وطوال تاريخ الحروب لم يشهد السودان حسماً بالسلاح بل كلها انتهت بالتفاوض".

تحريض وكراهية

من جهتها قالت الباحثة الاجتماعية ثريا إبراهيم إن "وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دوراً كبيراً في طول أمد الحرب من خلال بث خطاب الكراهية والتحريض، لأن معظم الآراء مرتبطة بالسياسة وخلافاتها التي لا تنتهي، إضافة إلى المصالح الحزبية والعداوات المستشرية في اختلاف الرؤى، بأن هذا قحاتي وذاك عميل، وهناك فريق يدعم بجهل فاضح بغرض كسب اللايكات وزيادة عدد المتابعين على ’فيسبوك‘ والأمر الأكثر خطورة هو التخوين لكل شخص يدعم إيقاف الحرب، في حين أن كثيرين حريصون على مصلحة السودان وليست لديهم انتماءات حزبية".

وتضيف أن "تقديرات دعاة الحرب خاطئة وغير مبنية على أسس سليمة وكأن من يتقاتلون غير سودانيين، وحتى النقاش في وسائل التواصل الاجتماعي لا يهتم بالقتل والتشريد والنزوح والسرقات والدمار وخلافه، وإنما يمضي في اتجاه واحد وهو التخوين وبث خطاب الكراهية".

انتهاك الخصوصية

وأوضحت إبراهيم أن "المجتمع السوداني متعصب للغاية في كرة القدم والسياسية والاقتصاد ولا يقبل الآخر، وهذه الأزمات إضافة إلى عدم التوافق بين الناس أوصلتنا للحرب الحالية، في تقديري تنبع حرية التعبير من احترام الآخر وعدم تجاوز الحدود وكيفية إدارة الخلاف من دون الوصول إلى مرحلة الاتهامات والإساءات".

وتتابع الباحثة الاجتماعية أن "تداول الصور والفيديوهات في الوسائط يمثل انتهاكاً للخصوصية، خصوصاً أن هناك مواد مفبركة وأخباراً مضللة، وطالما اندلعت المعارك يبقى من الضروري التوثيق بشكل يحفظ الخصوصية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشير إلى أن "هناك فوائد عدة للـ ’سوشيال ميديا‘ ويمكن الاستفادة منها وتوظيفها في الدعوة إلى التسامح والسلام المجتمعي وإيقاف الحروب ونبذ خطاب الكراهية، إضافة إلى تقبل الآخر والمرونة في التعامل والاستعداد لسماع الطرف الثاني، ورفع الوعي والإسهام في التربية الوطنية من أجل تقدم ورفعة البلاد".

أخطر من المعارك

الاختصاصي في علم النفس حسام حامد حمدي قال إن "مصطلح خطاب الكراهية شاع في الآونة الأخيرة بشكل كبير، وتنامت فحواه في المجتمع السوداني وأصبحت تطبيقات ’فيسبوك‘ و ’واتساب‘ وغيرهما بيئة خصبة لهواة الشهرة، لا سيما تلك المنغمسة بالحقد ونبذ الآخر، مستغلين الحرية المطلقة في الفضاء الإلكتروني من دون وجود قوانين رادعة أو ضوابط أخلاقية".

وأضاف، "كل من يملك حساباً في منصات وسائل التواصل يمكنه أن يكتب ما يشاء ولا أحد يضمن عدم التعرض للاغتيال أو الإساءة الجسدية أو النفسية في حال التعبير بصراحة عن رأي قد لا يعجب الآخرين، وهناك جهات ممكن أن تنال معنوياً من أخرى لأجل حفنة إعجابات وبعض الإطراء والمجاملات".

وأوضح حمدي أن "منصات التواصل الاجتماعي كأداة لتوثيق الانتهاكات مسألة بالغة الأهمية، وإن بقيت الصدقية والاجتزاء والفبركة مثار شد وجذب في هذا الصدد، وبالتالي فإن المنصات المذكورة لا تقل خطورة في المعارك عن المدافع والدبابات والطائرات".

تصفية حسابات

ويتابع الاختصاصي النفسي أن "معظم النقاشات التي تتم حالياً تمثل صراعات شخصية وتصفية حسابات، وهناك أخبار مفبركة وغير صحيحة يتم تداولها بناء على جهل مدقع أو ادعاء مفرط، ويحرص آخرون على إعادة تدوير ما يرد من أخبار وما ينشر من تحليلات".

وأشار إلى أن "نعرة العنصرية طاغية بشكل كبير وهو مؤشر خطر يقود إلى حرب أهلية لجهة تأثر المواطنين في الأقاليم المختلفة، لأن نسبة كبيرة من المستخدمين العاديين يجدون أنفسهم أسرى التأثر بما يقرأون أو يشاهدون في أثير حسابات إعلاميين ومثقفين ونخبويين".

ونوه حمدي إلى أن "المواجهات بين المؤيدين للحرب والداعين إلى إيقافها على أثير الـ ’سوشال ميديا‘ وصلت مرحلة أقل ما يمكن أن توصف به هو الاحتدام الشديد والكيد العنيف من واقع التجاوزات الكثيرة التي يتابعها الملايين".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات