Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هموم فلسطين تتسلق أعلى سبع قمم في العالم

مغامرون يرفعون قضايا تمس حياة آلاف المهددين بالترحيل وسحب الهويات والاعتقال الإداري

فريق "فلسطين من أجل القمة" يجمع نشطاء من القدس والضفة الغربية ومن داخل إسرائيل لخوض مغامرات ورحلات حول العالم تجمع بين الرياضة والسياسة- (صفحة فريق فلسطين على القمة)

ملخص

فريق "فلسطين من أجل القمة" يجمع نشطاء من القدس والضفة الغربية ومن داخل إسرائيل دون أي خبرات سابقة لخوض مغامرات ورحلات حول العالم تجمع بين الرياضة والسياسة

انخفاض الضغط الجوي ونقص الأكسجين في الدم عند ارتفاع 5895 متراً فوق سطح البحر، قد يعرض الناشطة الفلسطينية آية عودة لسكتة قلبية أو دماغية، لكن اللاءات الثلاث التي تحملها إلى جانب حقيبتها المليئة بمعدات التسلق والتخييم دفعتها إلى تخطي الخوف والتوتر، واستكمال مسيرتها مع 18 متسلقاً فلسطينياً نحو قمة جبل كيلمينجارو في تنزانيا، أعلى قمة في قارة أفريقيا، دعماً لقضية المحامي المبعد قسراً إلى فرنسا صلاح الحموري، ورفع شعارات (لا للاعتقال الإداري ولا للإبعاد والنفي ولا لسحب الهويات).

وأبعدت السلطات الإسرائيلية الحموري إلى فرنسا في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعد أن اعتقلته إدارياً (من دون تهمة أو محاكمة)، وسحبت إقامته الدائمة من مدينة القدس، للاشتباه بوجود صلات بينه وبين "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" التي تعتبرها إسرائيل والاتحاد الأوروبي "منظمة إرهابية"، وهو واحد من ستة نشطاء فلسطينيين في مجال حقوق الإنسان تم زرع برنامج التجسس في هواتفهم، وفقاً لتحقيق أجرته منظمة العفو الدولية.

رفع الوعي

ويجمع فريق "فلسطين من أجل القمة" نشطاء من القدس والضفة الغربية ومن داخل إسرائيل، دون أي خبرات سابقة، لخوض مغامرات ورحلات حول العالم تجمع بين الرياضة والسياسة، ويسعى في الوقت نفسه إلى تسليط الضوء على قضايا سياسية واجتماعية فلسطينية، منسية ومهمشة لرفع الوعي تجاهها والتحرك من أجلها عالمياً، فبعد نجاح الفريق في الوصول إلى قمة جبل أرارات الأعلى في تركيا العام الماضي، يطمح اليوم إلى المضي في تحقيق أهدافه لتسلق أعلى سبع قمم جبلية في قارات العالم.

يقول مؤسس الفريق خليل غرّة يروي، "بعد أيام قليلة سنرفع علم فلسطين من قمة كليمنجارو لنذكر العالم بما يعيشه الفلسطينيون من قهر وظلم وإبعاد ونفي واعتقالات دون تهم أو محاكمات على يد إسرائيل، والرياضة واحدة من الأدوات التي ستمكننا من نشر هذه القضايا ولفت الانتباه إليها."

ويضيف "إعطاء هذه التجارب طابعاً سياسياً أو اجتماعياً، يشعر المشاركين بأن لديهم هدفاً نبيلاً ورسالة وطنية يريدون إيصالها من الرحلة، وليس فقط من أجل المغامرة والتسلية."

وخضع المشاركون في الفريق الفلسطيني إلى تدريبات مكثفة على مدار أربعة أشهر رفعت من مستوى قدراتهم على التحمل، كالمشي في مسارات طويلة ذات تضاريس صعبة، مع حمل أوزان لا تقل عن 15 كيلوغراماً، إضافة إلى تعديل نظامهم الغذائي والحد من تناولهم السكريات.

 

وبحسب متخصصين فإن اختلاف المسارات المؤدية إلى قمة جبل كيلمينجارو وصعوبتها وتنوع مناخاتها، التي تنتقل من المناطق الزراعية إلى الغابات المطيرة وصولاً إلى صحراء جليدية وقمة ثلجية، كانت تتطلب تدريبات شاقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اختبار وتحد

وحول أهمية التجربة لمن يخوضها لأول مرة، تقول آية عودة الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان "على رغم القلق البالغ من مخاطر التجربة، أتمنى ألا يفشل جسدي في تخطيها وأنجح في الوصول إلى القمة، وسيكون هذا بمثابة اختبار وتحد لي، بما يمكنني تحمله من صعوبات وضغوطات نفسية وجسدية".

وتحكي "قد لا ننجح في إعادة الحموري إلى القدس، لكننا نؤمن بأن هذه الأنشطة لها أثر إيجابي كبير في إعادة تشكيل الوعي الفلسطيني، لذلك أردنا التركيز على قضايا تمس حياة آلاف الشباب وتعني جميع الفلسطينيين، فكلنا مهددون بالترحيل والنفي وسحب الهويات والاعتقال الإداري في القدس والأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية وحتى الضفة الغربية."

يرى مراقبون أن قضية الحموري التي حملها فريق "فلسطين على القمة" تسلط الضوء على الوضع الهش للفلسطينيين الذين يعيشون في القدس الشرقية على مدى عقود، حيث ألغت السلطات الإسرائيلية إقامة مقدسيين استقروا خارج حدودها. ووفقاً لمعطيات مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية سحبت إسرائيل منذ عام 1967 وحتى اليوم، هويات ما يزيد على 15 ألف فلسطيني، وأبعدتهم كلياً من مدينة القدس، بحجة أن مركز حياتهم لم يعد فيها، وأجبرتهم على الرحيل إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، أو دفعتهم للهجرة القسرية إلى دول عربية وأجنبية.

 

 

كما ألغت في السنوات الأخيرة، إقامة فلسطينيين لانتهاكهم "الالتزام الأدنى بالولاء للدولة"، وفقاً لقانون دخول إسرائيل، وخلال فبراير (شباط) الماضي، صادقت الحكومة الإسرائيلية بأغلبية 94 عضواً على قانون سحب "الهوية الإسرائيلية" من منفذي العمليات ضد إسرائيليين، وترحيلهم إلى مناطق السلطة الفلسطينية.

وعلق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على القانون قائلاً "ردنا على الإرهاب هو ضربه بشدة برفض الجنسية وترحيل الإرهابيين". في حين قال رئيس الائتلاف الحكومي في الكنيست أوفير كاتس، وهو أحد المبادرين لمشروع القانون إن "هذه الخطوة فجرت حقبة جديدة، وسيتبعها عديد من الخطوات، الإرهابيون الذين يتلقون أموالاً من السلطة الفلسطينية سيطيرون من هنا إلى غزة ورام الله، حان وقت الردع". بدوره، اعتبر عضو الكنيست زئيف إلكين أنه "لا يوجد قانون أكثر عدلاً من هذا القانون".

"جريمة حرب"

من جانبها، وصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، عبر صفحتها الرسمية، أن "ترحيل أي جزء من سكان الأراضي المحتلة أو نقلهم قسراً يمكن أن يشكل جرائم حرب بموجب نظام روما الأساسي في المحكمة الجنائية الدولية".

وأضافت أن "اتفاقية جنيف الرابعة لا تسمح بإلغاء إقامات الفلسطينيين من القدس الشرقية إلا على أساس مؤقت ولأسباب عسكرية حتمية"، مشيرة إلى أن "القانون الإنساني الدولي يحظر صراحة على سلطة الاحتلال إجبار من هم تحت احتلالها على التعهد بالولاء أو الإخلاص لها".

واعتبرت المنظمة أن إلغاء الإقامات وسحب الهويات هو "جزء من سياسات الحكومة الإسرائيلية المتمثل في الحفاظ على أغلبية يهودية قوية في المدينة والحد من عدد السكان الفلسطينيين."

وأظهر تقرير رسمي إسرائيلي، ارتفاعاً طفيفاً في أعداد الفلسطينيين بمدينة القدس، بشطريها الشرقي والغربية، إذ قالت دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية إن عدد السكان اليهود في المدينة بشطريها بلغ 590 ألف نسمة، أي حوالى 61.2 في المئة من السكان، في حين بلغ عدد السكان الفلسطينيين 375 ألف نسمة أي حوالى 38.8 في المئة.

 

 

منسق الائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينيين في القدس زكريا عودة قال بدوره "رؤية الإسرائيليين للقدس وفق ما حددها مخطط 2020، هي القدس موحدة ذات أغلبية يهودية وعاصمة للدولة اليهودية ومركز اليهود في أنحاء العالم كافة، وذلك يتطلب مضاعفة أعداد المستوطنات والمستوطنين في الجزء الشرقي من القدس، مقابل تقليل أعداد السكان المقدسيين قدر المستطاع من خلال الترحيل والإبعاد والاعتقال وسحب الهويات وهدم المنازل والتضييقات ومنع البناء، كل ذلك للوصول إلى توزيع ديموغرافي يكون فيه اليهود 80 في المئة، مقابل 20 في المئة فقط من الفلسطينيين، بدلاً مما هو قائم اليوم."

ملفات سرية

سحب الهويات والنفي والإبعاد ومعاناة المعتقلين الإداريين التي أخذ فريق المتسلقين الفلسطينيين على عاتقهم تسليط الضوء عليها، والتلويح بها عند ثاني أعلى قمة بركانية بين القمم السبع، جاءت بعد أن لاحظ مؤسسو الفريق أن الفلسطينيين ممن يخضعون للاعتقال الإداري يخاطرون بحياتهم للفت الانتباه إلى محنتهم.

وتحتجز إسرائيل قرابة 500 فلسطيني دون توجيه اتهامات، ومن دون محاكمات أو إدانات، وجميعها تستند إلى معلومات سرية لا يمكن للمعتقلين الوصول إليها ولا حتى الطعن فيها، وهو ما يحرم الأسير ومحاميه من معرفة أسباب الاعتقال، ويؤدي غالباً إلى تجديد أمر الاعتقال الإداري بحقه مرات متتالية.

ويمكن للجيش الإسرائيلي احتجاز المعتقلين لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد والتمديد إلى أجل غير مسمى، قد يمتد لسنوات، في ما تتم المراجعة القضائية، أمام قاض عسكري إسرائيلي. وفي إحصائية هي الأعلى منذ أكثر من 10 سنوات، بحسب نادي الأسير الفلسطيني، أصدرت السلطات الإسرائيلية عام 2022 أكثر من 2400 أمر اعتقال إداري، بحق فلسطينيين من بينهم سبعة أطفال (دون 18 سنة) .

ووفقاً لخبراء في هيئة الأمم المتحدة "يعد الاعتقال الإداري بمثابة احتجاز تعسفي، وهو إجراء محظور تماماً بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، الذي يسمح به فقط في ظروف استثنائية جداً، ولفترات قصيرة فقط". وقال مايكل لينك، المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية "ممارسات إسرائيل تتجاوز كل الحدود القانونية الدولية".

في المقابل، تقول إسرائيل إن الاعتقال الإداري ضروري في إبعاد من تعتبرهم "إرهابيين خطرين" من الشوارع، ويدافع مسؤولون أمنيون إسرائيليون عن هذا الإجراء في سياق الاضطرابات الفلسطينية، موضحين أن إصدار لائحة اتهام في بعض الحالات قد يجبرهم على الكشف عن معلومات أمنية حساسة.

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة