Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عرض لرواية "لولابي" لكاتبتها ليلى سليماني: رواية مرعبة جدًا تقشعر لها الأبدان

سُوّقت هذه الرواية على أن مستوى الإثارة النفسية فيها شبيه بمستوى الإثارة النفسية في فيلم "Gone Girl" وعلى أنها ستصل بالقرّاء إلى أعلى مستويات التشويق، هي لن تخيّب ظن القراء أبدًا

ليلى سليماني، كاتبة رواية "لولابي" (رويترز)

إنّ رواية "لولابي" للكاتبة المغربية الفرنسية ليلى سليماني الحائزة جائزة غونكور للأعمال الأدبية المكتوبة باللغة الفرنسية، تقشعرّ لها الأبدان، لأنها ذكرتني بالفيلم القصير "Loin du 16e" الذي كتبه وتولّى إخراجه والتر سالس ودانيلا ثوماس عام 2006 في سلسلة من ثمانية عشر فيلماً قصيراً تنضوي جميعها تحت العمل الشهير "باريس، أحبك"، وتدور أحداثها في أكثر من مقاطعة في المدينة تعبيراً عن حب القائمين على هذه الأفلام للعاصمة الفرنسية.


ظلت أحداث فيلم "Loin du 16e" عالقة في ذهني قبل قراءتي رواية "لولابي"، إلّا أنّ هذه الأحداث باتت مروّعة أكثر عندما سطّرتها الكاتبة ليلى سليماني في هذه الرواية. تبدأ هذه الأحداث عند بزوغ الفجر، إذ تضع امرأة مهاجرة طفلها في سريره بغرفة كبيرة ملأى بأسرّة الأطفال في حضانة واسعة في إحدى ضواحي المدينة، قبل أن تغني له أغنية حتى ينام. بعد ذلك، تستقلّ الأم وسائل النقل العام في رحلة طويلة نحو المقاطعة السادسة عشرة، وهي منطقة يقطنها الأغنياء، إلى أن تبلغ وجهتها النهائية وهي شقة فخمة تسكنها الأسرة التي تعمل لديها هذه المرأة مربيةً لطفلها. نرى هذه المربية تغني لهذا الطفل الأغنية الهادئة نفسها التي تغنيها لابنها قبل إخلاده إلى النوم. وتشكّل هذه الأحداث للوهلة الأولى قصة عاطفية عن الأمومة والفروق الاجتماعية والاقتصادية بين الأشخاص، وهذا ما أبدعت في عرضه أيضًا الكاتبة في روايتها "لولابي".


سُوّقت هذه الرواية على أنّ مستوى الإثارة النفسية فيها شبيه بمستوى الإثارة النفسية  في فيلم "Gone Girl"، وعلى أنّها ستصل بالقرّاء إلى أعلى درجات التشويق، مع العلم أنّها رواية مرعبة جداً وتثير الذعر في قلوب القرّاء بالتأكيد. تنطلق أحداث الرواية بمشهد قتل طفلين، إذ تبدأ الفقرة الافتتاحية بالقول مباشرة إنّ "الطفل مات" وإنّ أخته التي تكبره سنًا قد "قاتلت بشراسة والدم يملأ حنجرتها". وتحمل الفقرة أيضًا في طيّاتها عبارات كهنالك "ثقوب في رئتي الطفلة" و"تحطيم رأسها عند ارتطامها في خزانة الأدراج بعنف". هذا يدل على أن مربية الطفلين أقدمت دون سابق إنذار على قتلهما في منزلهما، وهو أكبر كابوس قد يواجه أي أب أو أم. لكن الكاتبة تسطّر هذا العنف في الصفحة الأولى كي يعرف القرّاء نهاية القصة حتى قبل البدء بقراءتها ومن أجل أن تتمتّع ليلى سليماني بحرية سرد الأحداث على نحو أوسع.


إن تسلسل أحداث هذه الرواية بسيط، إذ تسعى أسرة برجوازية تتكون من أمّ محاميّة وأب يعمل في قطاع الموسيقى وطفليهما إلى العثور على مربية للاعتناء بالطفلين حتى رجوع أمّهما من عملها. وتعرض الرواية كيف أن الأم لا ترفض ترك طفليها مع المربية فهي تشعر أنهما "يستنزفان طاقتها"، خاصة في أيام الشتاء المملّة والملأى بصراخهما وبالأعمال المنزلية الكثيرة. ولكن، نستشعر جدّية الأم والأب في بحثهما عن المربية المناسبة، فهما يحددان معايير دقيقة لاختيار هذه المربية، مثل يجب أن تكون مهاجرة شرعية، وألا تكون كبيرة في السنّ جدًا وألا ترتدي غطاء للرأس، بالإضافة إلى أنها غير مدخنة.


بعد ذلك، يختار الأبوان "لويس" بعدما وقع طفلاهما في حبها حالما رآياها. وتصف الرواية وجهها "مثل البحر الهادئ الذي لا يخيف أحدًا أبداً"، إلا أنّ الأمور ليست كظاهرها. في بادئ الأمر، تحرص "لويس" على إثبات نفسها حتى تقتنع الأسرة بفكرة الاحتفاظ بها حتى عندما تفقد مهارتها، وهناك مقطع مرعب في الرواية لـ "لويس" وكيفية تعاملها مع بقايا الهيكل العظمي للدجاجة ولكن ذلك المثال المخيب لتصرفها جاء بعد فوات الاوان.


وأختم بالقول إني سأشتري رواية "لولابي" كون أسلوب صياغتها كرواية مثيرة ومرعبة، هو الأذكى في نوعه، مع العلم أنّ الرواية مترجمة بمهارة عن الرواية الفرنسية الأصلية لكاتبها سام تايلور. يُذكر أن أحداث هذه الرواية لا تنحصر بما قلته آنفاً فحسب، لأنها أيضًا تعرض لمواقف ترتبط بالطبقات الاجتماعية والتفرقة بين الجنسين بالإضافة إلى تسليطها الضوء على الجانب السياسي وقضايا الأمومة.

رواية" لولابي"  صادرة لدى دار النشر "Faber" وسعر النسخة 12,99 جنيه إسترليني.
 

© The Independent

المزيد من كتب