Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تهديد جديد للسودان... السلاح يلوح في "شكل مختلف"

المواطنون يتجهون لحماية ممتلكاتهم بأنفسهم ومخاوف من تحول الأمر إلى ظاهرة في ظل غياب الشرطة

رجال قبائل البجا يتجمعون بالقرب من مركبات الجيش لتأمين فندق يستضيف مسؤول أممي في 17 مايو 2023 (أ ف ب)

ملخص

هل يتحول التصدي لعصابات السرقة والنهب إلى ظاهرة مجتمعية تهدد أمن السودانيين؟

تعيش العاصمة السودانية الخرطوم حالة من الترويع بفعل عمليات النهب والسلب للمحال والأسواق التجارية والمنازل والتي يقوم بها أفراد مدنيون وعسكريون، في ظل غياب الأجهزة الأمنية بسبب الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل (نيسان) الماضي.

هذا الوضع الكارثي دفع البعض إلى حمل السلاح لحماية الأحياء والمنازل والممتلكات، خصوصاً بعد ظهور العصابات المنظمة والتحول من النشل إلى التوقيف والتهديد والسرقة بالإكراه تحت تهديد السلاح والقتل أو الأذى الجسيم في حالة مقاومة الضحية.

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر شباباً من مجمع ساريا السكني في الخرطوم وهم يحملون الأسلحة النارية ويستردون المسروقات من اللصوص المارين بالمنطقة ويضعونها في الطريق.

التحول إلى ظاهرة

يخشى كثيرون تحول حمل السلاح للحماية من عصابات النهب إلى ظاهرة مجتمعية في ظل غياب الشرطة، مما يشكل مهدداً خطراً مع إمكانية ارتفاع معدلات الجريمة.

المحامي والمستشار القانوني أحمد موسى قال إن "ما يحدث في البلاد يقع تحت التوصيف الدستوري والقانوني للتمرد الذي اتخذ المدن ميداناً للمعركة بين الجيش وقوات الدعم السريع، الأمر الذي يحيل العاصمة إلى ميدان حرب تضطر معه الشرطة المنوط بها حماية الأمن الداخلي إلى الانزواء، مما يفتح الباب واسعاً لأعلى درجات النهب والتعدي على الأموال والأنفس وتفاقم جرائم السرقة والاغتصاب والإتلاف".

وأضاف موسى "مع غياب الأجهزة العدلية والأمنية يضحى المواطن عرضة لتلك الانتهاكات وخاضعاً لها أو يلوذ بالفرار الذي يفتح الشهية لمزيد من الجرائم ولا يبقى أمام من لا يملك لسبب أو لآخر الفرار إلا مواجهة التجني عليه خضوعاً أو رفضاً من خلال المقاومة الفردية أو الجماعية والتي تبقى ضعيفة مع حالات التفلت المسلح الذي ينتج فوضى مماثلة للدفاع عن النفس والعرض والمال".

وأشار إلى أن "تبعات هذه المعطيات تدفع المواطنين إلى حمل السلاح الناري أو الأبيض للدفاع عن النفس، خصوصاً مع وجود عدد من الجنود السابقين وسهولة الحصول على السلاح بسبب هرب متمردين أو مقتلهم أو جرحهم، فتبقى الجثامين وإلى جوارها السلاح، فيدخل طرف ثالث مدني مسلح في دائرة الصراع ويكون بكل تأكيد عرضة للإصابة القاتلة".

وأوضح موسى أن "الأزمة الحالية تحتاج إلى تدريب قوات شرطية لكيفية حفظ الأمن في ظل المعارك الداخلية عبر التفكير خارج الصندوق لإنتاج خصوصية ممارسة شرطية وعدلية تواكب الحالة الأمنية والعسكرية".

من أجل الحماية

باتت عمليات النهب التي يقوم بها أفراد مدنيون وعسكريون مهدداً وهاجساً حقيقياً لسكان العاصمة الخرطوم.

أحد المواطنين قال إن "الوضع الحالي جعله أكثر قناعة بأهمية خطوة اقتناء سلاح ناري لحماية أفراد أسرته في ظل غياب الشرطة عن المشهد والمخاوف من اللصوص المسلحين بعد ارتفاع معدلات جرائم السرقات تحت تهديد السلاح".

وأضاف أن "الحرب ساعدت في تردي الأوضاع الأمنية، ولذلك نسعى إلى حماية الحي الذي نقطنه حتى لا نفقد ممتلكاتنا".

وعما إذا كان في السابق يحمل السلاح، لفت إلى أنه يؤمن بأن ظاهرة حمل الأسلحة النارية سلبية على المجتمع، لكنه اضطر إلى ذلك أخيراً لمشاركة أهل الحي حماية المنازل من عصابات السطو.

توجه خطر

في الأثناء، يرى البعض أن وجود السلاح في أيدي المواطنين ربما يقود إلى أخطار مجتمعية يصعب تداركها في القريب العاجل، بخاصة حال تحول الوضع إلى انفلات أمني واسع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الباحثة الاجتماعية فدوى حسن قالت إن "لجوء البعض إلى حمل السلاح من أجل حماية الأحياء أو المنازل والمحال التجارية يمثل توجهاً خطراً، لأنه سيقود إلى قيام كل من بيده البندقية لحسم أمره بواسطتها من دون الخشية من الخطوة".

وأضافت أن "اقتناء السلاح يعطي مالكه إحساساً بالأمان، غير أنه في كثير من الأحيان يستغل بصورة غير مقننة ويؤدي إلى إمكانية ارتكاب جرائم خطرة".

وأشارت حسن إلى أن "حل أزمات السودان الحالية يكمن في إيقاف الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع ووقف إطلاق النار بشكل نهائي حتى لا تتفاقم الأوضاع نحو الأسوأ".

غايات محددة

من جهتها، تدعو الناشطة المجتمعية سارة علي إلى الحد من ظاهرة وجود السلاح الفردي بين المواطنين باستثناء الأشخاص الذين تتطلب طبيعة عملهم التسلح أو لغايات محددة.

وتقول إن "ما يحدث حالياً يمثل منحنى خطراً ربما يتحول إلى ظاهرة ما لم ينتبه الناس لأخطار هذه الخطوة". وأوضحت أن "كل من يحمل سلاحاً يمكنه حسم الأمر، وهو وضع سيفاقم من الأزمات الحالية التي تمر بها البلاد".

ولم تنف الناشطة المجتمعية الإحساس بعدم الأمان المتولد لدى كثيرين، لكنها تحذر من استخدام الأسلحة النارية في الدفاع عن النفس. ولفتت إلى أن حالة السيولة الأمنية الراهنة حفزت العصابات المسلحة لممارسة السلب والنهب.

وترى أن "الصراعات المجتمعية والأهلية التي يغذيها الانتشار غير المشروع للسلاح أدت إلى تبديد الموارد وتعطيل التنمية والهجرة والنزوح واللجوء وسقوط الضحايا".

حلول ناجعة

في غضون ذلك، انتظم شباب الأحياء بالعاصمة الخرطوم في دوريات ليلية تنتشر بمداخل وشوارع المنازل يحملون العصي للحد من ظاهرة السرقات.

يقول المواطن منذر حسن بشير إن "شباب الأحياء تصدوا بأنفسهم للمتفلتين عبر تنفيذ دوريات ليلية لمراقبة كل من يتجول من خارج المنطقة". وأضاف أن "هذه الخطوة أفضل بكثير من حمل السلاح الناري للحماية وهي وسيلة ناجعة للحد من السلب والنهب".

وأشار إلى أن "غياب الشرطة جعل المواطن ينتج آلية يحمي بها نفسه ويحد من الظواهر السالبة، وأن الممارسات التي يقوم بها البعض باستخدام وسائل القوة لمعاقبة المجرمين هو سلوك فطري طبيعي اجتماعي في ظل غياب من ينفذون سلطة القانون".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي