Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القضاء الأوروبي يضيق الخناق على الفساد في لبنان

ثلاثة سيناريوهات تحدد مصير سلامة... وترقب لطلبات رفع السرية عن حسابات مصرفية خلال المرحلة الجديدة

لبنانيون يتظاهرون احتجاجاً على السياسات النقدية لحاكم مصرف لبنان (أ ف ب)

ملخص

الوفود القضائية الأوروبية أنهت مرحلة الاستماع إلى الشهود في قضايا الفساد وتبييض الأموال في لبنان وترقب لإصدار لوائح اتهام بحق المشتبه فيهم والاستماع لهم في أوروبا

أنهت الوفود القضائية الأوروبية تحقيقات أجرتها في بيروت بعد الاستماع على مدى ثلاث جولات إلى 25 شاهداً ارتبطت أسماؤهم بقضية شركة "فوري" وشملت حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومقربين منه وكبار الموظفين في البنك المركزي.

وتضمنت قائمة الشهود الذين تم الاستماع إليهم أصحاب مصارف تجارية قبل أن تنهي الوفود أعمالها بالاستماع إلى إفادة وزير المال اللبناني يوسف الخليل على مدى ثلاث ساعات.

مصادر قضائية لبنانية واكبت التحقيقات قالت لـ"اندبندنت عربية" إن الوفود الأوروبية ستنتقل إلى مرحلة جديدة، إذ ستخضع محاضر التحقيق وإفادات المستمع إليهم طيلة الأشهر الأربعة الماضية لتقييم دقيق، تتخذ بنتيجته الإجراءات المناسبة، سواء بتحويل بعض الشهود إلى مدعى عليهم أو إمكانية طلب الاستماع إليهم أو لآخرين مجدداً.

لكن المصادر رجحت أن المرحلة المقبلة ستكون حافلة بالادعاءات وطلبات الاستماع إلى بعض الأشخاص أمام المحاكم الأوروبية، إضافة إلى طلبات تتعلق برفع السرية المصرفية والكشف عن تفاصيل مئات حسابات البنوك.

وتقود الوفود القضائية الأوروبية إلى بيروت تحقيقات تحت إشراف قضاة لبنانيين في قضايا فساد مرتبطة بتهريب وتبييض أموال عبر المصارف إلى أوروبا والإثراء غير المشروع.

استعجال فرنسي

الوفود القضائية الأوروبية تضم محققين من سويسرا وفرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ وبلجيكا، بحسب المصادر التي أكدت أن كلاً من تلك الدول لديها أصول محاكمات مختلفة وربما ستتخذ الإجراءات التي تراها مناسبة، إلا أنها تلاحظ تسريع المحققين الفرنسيين من إجراءاتهم مقارنة ببقية الوفود.

وأحد أبرز ملامح الاستعجال الفرنسي بدا من خلال طلب القاضية أود بوريزي التي تقود تحقيقات باريس منذ شهر، فقبل انتهاء مرحلة الاستماع إلى الشهود، طلبت مثول سلامة في الـ16 من مايو (أيار) الجاري أمامها، بحسب المصادر.

ليس هذا فحسب، بل أعلنت القاضية الفرنسية أكثر من مرة أمام القضاة اللبنانيين وبينهم النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات أن التحقيقات باتت متقدمة، مطالبة القضاء اللبناني بالاستمرار في التعاون "المميز" خلال المراحل المقبلة.

لوائح اتهام

المحلل المتخصص في الشأن القضائي يوسف دياب أكد أن الوفود الأوروبية أنهت مهمتها ولم تطلب من القضاء اللبناني التحقيق مع شخصيات إضافية أخرى واكتفت بطلب تزويدها ببعض المستندات  المتعلقة بمن تم الاستماع إلى إفاداتهم.

وأشار إلى أن التحقيقات ستترتب عليها نتائج، إلا أن لبنان لم يتبلغ حتى الآن بماهيتها، لكن في المرحلة المقبلة ستكون هناك مراسلات ما بين الطرفين القضائيين تتبلغ من خلالها بيروت بالقرارات الأوروبية المتخذة للتعامل معها بحكم الأمر الواقع.

واعتبر دياب أن المرحلة المقبلة يسودها الترقب لما يمكن أن يصدر عن القضاء الأوروبي من لوائح اتهام وكيفية التعامل معها سياسياً وقضائياً في لبنان.

ثلاثة سيناريوهات

وبانتظار حسم قرار مثول رياض سلامة أمام أود بوريزي في باريس، أوضح مصدر قضائي لبناني أن الاحتمالات المبدئية التي تمتلكها القاضية الفرنسية لن تخرج عن أحد سيناريوهات ثلاثة، أولها الاستماع إليه وتركه من دون أي ملاحقة، وثانيها الإبقاء على وضعيته الحالية كشاهد أو مستمع إليه في هذا الملف وأخيراً توجيه لائحة الاتهام رسمياً ليصبح بعد ذلك مدعى عليه أمام القضاء الفرنسي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي حال ترجيح السيناريو الثالث تصبح القاضية بوريزي أمام خيار توقيفه وجاهياً وإحالته إلى القضاء الفرنسي لبتّ إمكانية إطلاق سراحه بشكل مشروط، أو تركه على ذمة التحقيق، مع منعه من السفر واحتجاز جواز سفره، كما جرى مع المصرفي مروان خير الدين.

غير أن المرجع القضائي اعتبر أن السيناريو الثالث ستكون له محاذير كبيرة، أولها أن موقع الحاكمية في لبنان يتمتع بحصانة قضائية وهو من المواقع السيادية في البلاد، بالتالي أي إجراء بحقه يتوجب رفع الحصانة عنه داخل البلاد في حال وجود أدلة دامغة ضده، أو اتخاذ قرارات رسمية من الحكومة للدفاع عن أبرز مواقعها الرسمية وصولاً إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بأقصى تقدير.

لجنة تحقيق دولية

وتزامناً مع وجود الوفود القضائية، كان وفد من البرلمان الأوروبي يجول على السياسيين في لبنان، معلناً استعداد القضاء الأوروبي لمساعدة بيروت في مكافحة الفساد وتحقيق العدالة لضحايا تفجير المرفأ.

الوفد طالب بضرورة نشر أسماء الضحايا الأجانب الذين قضوا في تفجير الرابع من أغسطس (آب) 2020 بهدف تحريك الرأي العام الدولي والضغط على الدول الأوروبية لتشكيل لجنة تقصي حقائق.

وفي مؤتمر صحافي أعلن النائب في البرلمان الأوروبي كريستوف غرودلر باسم الوفد اقتراحاً ستتم مناقشته في المرحلة المقبلة حول أهمية متابعة قضية تفجير مرفأ بيروت ومحاربة الفساد المستشري في لبنان.

حينها أوضح غرودلر أهمية التدخل الدولي في قضية المرفأ، إذ برأيه أن إنشاء لجنة تحقيق دولية تمكن القضاء اللبناني من متابعة قضية المرفأ عن طريق تبادل المستندات والتقارير اللازمة بين القضاءين اللبناني والأوروبي.

وشدد كذلك على أهمية معاقبة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمجموعة التي تعاونت معه في عمليات الفساد المالي، معتبراً أنه يتحمل مسؤولية إفقار الشعب.

طرد القاضية عون

وخلال اليوم الأخير من عمل الوفود القضائية الأوروبية، اتخذ المجلس التأديبي في القضاء اللبناني قراراً بطرد مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون، مما أثار اعتراضات واسعة من قبل مؤيديها، لا سيما أنصار التيار الوطني الحر الذين نظموا سلسة تحركات شعبية رفضاً للقرار.

القاضية عون نفسها ناشدت المجتمع الدولي والبرلمان الأوروبي والأمم المتحدة والدول الحرة التي تؤمن بسيادة القانون، "إنقاذ شعب مضطهد، مسروق، ويتعرض لسوء المعاملة من قبل أعضاء مافيا لا ترحم".

وقالت عبر مواقع التواصل الاجتماعي "تم إقصائي من منصبي، لا بسبب مخالفتي لمبادئ القانون، ولا لأسباب تتعلق بالإهمال أو الفساد، ولكن من أجل أسباب تافهة للأسف، كقولي على سبيل المثال في محادثة خاصة على ’واتساب‘، وجهة نظري حول وضع العدالة في البلاد، أو لأنني سألت المتهم، بدلاً من تقديم طلبات لا نهاية لها ضدي للتنحي لإثبات براءته".

وأكدت أن "بالطبع الأسباب الحقيقية لهذا القرار في مكان آخر... اعتقال قاضٍ تجرأ على مهاجمة الأشخاص المحصنين، بما في ذلك على سبيل المثال التنديد بتصرفات رئيس وزراء معين"، متوجهة إلى "أصدقائي الأعزاء في العالم الحر".

وقالت "طردت بالفعل لأنني كنت أؤمن بدوافع المثالية، بالتمكن من مقاضاة بعض الأشخاص الرئيسين في نظام المافيا هذا أو تحالفات معينة لأنني أؤمن بحقوق الإنسان والحق في العدالة، ساعدونا".

سمسرات ورشاوى

مصادر في التيار الوطني الحر قالت بدورها إن القضية لن تمر مرور الكرام، معتبرة أن هناك مجالاً للقضاء لإعادة تصويب قراره الجائر بعدما استأنفت القاضية عون القرار الصادر بحقها.

وتحدثت المصادر عن أن التيار وأصدقاء العدالة في لبنان ينظمون خطة صادمة لمواجهة استمرار "المنظومة" بحماية نفسها عبر إزاحة كل من يعرقل مسارها ويعمل على الكشف عن فسادها.

إلا أنه في المقابل عبرت شريحة من اللبنانيين عن تأييدها قرار طرد عون، موضحين أن القاضية على عكس ما تدعي فهي من أركان المنظومة الحاكمة وانتقدوا أداءها طيلة مرحلة تسلم موقعها.

ويرى هؤلاء أنه في وقت كانت غادة عون تلاحق عدداً من المصارف اللبنانية تغاضت عن "القرض الحسن" الذي يشكل انتهاكاً لقوانين البلاد، مجددين تأكيدهم على شبهات فساد تطاولها، واستندوا في ذلك إلى توقيف مرافق القاضية في وقت سابق وهو عنصر في أمن الدولة، تبين أنه تلقى أموالاً لقاء تسهيل بعض الملفات التي في حوزتها، والأمر نفسه بالنسبة إلى عدد من المحامين المقربين منها.

المزيد من تقارير